الخميس، 18 أغسطس 2011

1958 : الثورة الهنغارية تاريخ ثورة العمال المجريين ضد ديكتاتورية الحزب الشيوعي .

بقلم نيك هيث . ترجمة : مازن كم الماز
2008-10-06

أعلن الإضراب العام و شكلت مجالس العمال على كل امتداد البلد . في المدن سلح العمال أنفسهم و تآخوا مع الجنود لكنهم سحقوا في نهاية الأمر بواسطة الدبابات السوفيتية . إننا لا نحتفي بذكرى الانتفاضة الهنغارية عام 1958 بسبب الحنين للماضي : فقد كانت هنغاريا 56 المثال الرئيسي لنهوض الطبقة العاملة ضد السلطة السائدة . كانت ذات أهمية مضاعفة لأنها جرت في واحدة من "دول العمال" المزيفة . و قد أظهرت للكثيرين عبر العالم بديلا جديدا عن الرأسمالية و الشيوعية السوفيتية – اقرأ رأسمالية الدولة – و حرضت العديد من الحركات في اتجاه سياسة ثورية حقيقية . الفاشيون عندما اندفع الجيش السوفيتي إلى أوروبا الشرقية مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية لم يكن في الواقع يحرر العمال و الفلاحين . لقد استمر النظام القديم نفسه بالوجود , فيم كان ستالين يقدم التراجعات لصالح الحكومات الرجعية . عانى الهنغاريون بين 1919 و نهاية الحرب الباردة من النظام الفاشي للأميرال هورثي , الذي قتل الآلاف و أرسل أكثر من 400,000 يهودي إلى معسكرات الاعتقال . تم "تحرير" البلد عام 1944 من قبل الجيش السوفيتي و جرى تنصيب حكومة هنغارية جديدة يترأسها القائد العام للجيش الهنغاري السابق بيلا ميكلوش – و هو رجل كان يتزين بالصليب المعقوف لآدولف هتلر . دعمت هذه الحكومة الجديدة ثانية هورثي كحاكم لهنغاريا . سرعان ما بدأ الحزب الشيوعي بالتغلغل في الحكومة مستوليا على وزارة الداخلية و على الشرطة السرية الهنغارية آفو AVO التي كانت الطبقة العاملة الهنغارية تخشاها و تكرهها بسبب سجلها في التعذيب و القتل و بسبب وضعها المتميز الذي تمتعت به في المجتمع الهنغاري حيث تحصل على ما بين 3 إلى 12 مرة ما يحصل عليه العمال العاديون . في تلك الأثناء أخذ الجيش السوفيتي معه قدرا هائلا من الأسلاب من هنغاريا و استولى على كميات هائلة من الحبوب و اللحم و الخضار و منتجات الألبان . لقد فرض تعويضات كبيرة على هنغاريا الأمر الذي عنى أنه على الطبقة العاملة الهنغارية أن تدفع هذا الثمن , في شكل شح في الغذاء و أجور منخفضة . انتهى الكرملين إلى إلغاء نصف هذه التعويضات التي كانت ما تزال مستحقة عام 1948 لأنه خشي من قيام انتفاضة . استمرت موسكو باستغلال هنغاريا بطرق أخرى : فقد باعت هنغاريا بأعلى من الأسعار العالمية و اشترت صادراتها بأسعار أقل من الأسعار العالمية . بحلول 1950 كانت هنغاريا قد دمجت بالكامل في المنظومة السياسية و الاقتصادية للاتحاد السوفيتي , مع إتمام جمعنة الزراعة و تأميم الصناعة الذي فرضته الدولة . لكن الاستياء و الغضب استمرا بالتصاعد : استجاب العمال للنظام المفروض حديثا بالإبطاء في العمل و إنتاج منخفض النوعية و التغيب عن العمل . انتشر الاستياء بسرعة و زادت المعارضة داخل الحزب الشيوعي أيضا و بدأت أعمال التطهير . في هنغاريا طرد 480,000 عضوا من الحزب و أعدم المئات . الأمل مات جوزيف ستالين في 6 مارس آذار 1953 . تعاظمت آمال العمال : فقد رأوا أن هناك فرصة لإنهاء الديكتاتورية المفروضة على البروليتاريا . مؤخرا في ذلك العام كانت هناك انتفاضات في تشيكوسلوفاكيا و ألمانيا الشرقية , جرى قمعها بسرعة . بدأت في الاتحاد السوفيتي موجة إضرابات في 20 يونيو حزيران شملت 250,000 عبدا في معسكرات العمل الإلزامي . استجاب الستالينيون بإعدام 120 منهم . أجبر هذا التصاعد في نضال عمال دول الستار الحديدي سادة الأحزاب على أن يتبنوا نهجا أكثر ليونة . في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي في فبراير شباط 1956 بدأ خروتشوف بإدانة ستالين . و تبع ذلك فورا انتفاضة بوزنان في بولندا . و قامت الدبابات البولونية بسحق هذه الثورة . بيتوفي بدأت أحداث مشابهة بالتقدم في هنغاريا . تشكلت حلقة بيتوفي في أبريل نيسان 1956 من قبل الشيوعيين الشبان : و قد سميت على اسم ساندر بيتوفي , الشاعر الوطني المعروف الذي حارب من أجل حرية هنغاريا عام 1848 ضد الإمبراطورية النمساوية و دعمها اتحاد الكتاب . سرعان ما أخذ الآلاف يحضرون اجتماعات الحلقة و بدأت المقالات التي كانوا يكتبوها لمجلتهم الأدبية بالانتشار بين العمال . بحلول يوليو تموز تضاعفت المناقشات عن الظروف في هنغاريا و خاصة عن الشرطة السرية آفو . حتى أن بعض المتحدثين في اجتماعات الحلقة طالبوا باستقالة إيمري ناجي , قائد الحزب . انتقلت هذه الروح النقدية إلى العمال الذين بدؤوا يطالبون بسيطرة أكبر على معاملهم . لقد أرادوا حرية نقابات العمال , و مشاركة العمال و استشارة الإدارة للجنة النقابية فيما يتعلق بالأجور و بقية المنافع . دعمت حلقة بيتوفي هذه المطالب . و قدمت هذه المطالب للحكومة في دعوة لتسليم إدارة المعامل للعمال . بينما كان غيرو السكرتير الأول للحزب الشيوعي الهنغاري يلتقي تيتو في بلغراد قررت حلقة بيتوفي الدعوة لمظاهرة للتضامن مع العمال البولونيين الذين كانوا يحاكمون نتيجة لثورة بوزنان . السلطات التي أرادت تجنب المواجهة سمحت بالمظاهرة . التقت حلقة بيتوفي و مجموعات المناقشة الأخرى إضافة إلى منظمات الطلاب المعارضين بما في ذلك مجموعة شباب الحزب الشيوعي الرسمية و قررت التظاهر في 23 أكتوبر تشرين الأول عند تمثال جوزيف بيرن في بودابست , و هو بولوني قاتل إلى جانب الهنغاريين ضد الملكية النمساوية في ثورة 1848 – 49 . المظاهرات أصيب الحزب الحاكم بالرعب . حظر وزير داخليتهم المظاهرة لكن لأنها كانت تتشكل بالفعل في بعض أجزاء المدينة فقد عادوا و رفعوا هذا الحظر . تألفت المظاهرة على الأغلب من الشباب مع عدد قليل من العمال الذين وضعوا أدواتهم جانبا لينضموا إليهم . طالبوا خارج مباني البرلمان بعودة إيمري ناجي الذي كان قد طرد من الحزب بسبب "تحريفيته" . قام ناجي بتنفيذ كل السياسات الستالينية . لكن عندما جرى استبداله بالستاليني الأصلي راكوشي أخذ يتمتع بتعاطف في غير محله . في هذه الأثناء كان غيرو يذيع عبر الراديو و يدين المتظاهرين كمعادين للثورة . مع حلول المساء تجمع 100,000 شخص . قررت الجماهير أن تسير إلى محطة الراديو لتطلب إذاعة مطالبها , محطمة تمثالا ضخما لستالين في سيرها . كان مبنى الراديو محميا بشدة من قبل الشرطة السرية لكن سمح أخيرا لوفد منهم بدخول المبنى . و مرت ساعتان دون أن يظهر الوفد من جديد . أصبحت الجماهير شديدة القلق و أخذت تطالب بإطلاق سراح الوفد . فجأة تقدم الحشد إلى الأمام . فتح رجال الشرطة السرية النار من رشاشاتهم على الجماهير العزلاء . سقط الكثيرون لكن الجمهور استمر بالتقدم و تغلب على رجال الشرطة و استولى على أسلحتهم و أخذوا يطلقون النار على مبنى الإذاعة . انتشرت أنباء هذه الأحداث في شارع ساندور بسرعة . عاد العمال إلى مصانع الأسلحة حيث يعملون و قام عمال النوبة الليلية بتحميل الأسلحة في الشاحنات . أخذت هذه الأسلحة إلى شارع ساندور حيث جرى توزيعها . بدأ العمال و الطلاب في الشوارع المحيطة بتشكيل مجموعات الشوارع . في تلك الأثناء كانت عدة مناورات تجري داخل الحكومة و الحزب . رتب غيرو ليحل ناجي مكان هيغيدوش الذي لا لون له كرئيس للوزراء . في صباح يوم الأربعاء عند الساعة 8 صباحا جرى الإعلان أن الحكومة قد طلبت من وحدات الجيش الروسي الموجودة في هنغاريا المساعدة "لاستعادة النظام" . بنية المجالس شكل عمال و طلاب بودابست مجلسا ثوريا – الذي لم يشاهد منذ ثورة 1918 – باكرا صباح يوم الأربعاء . دارت معركة حامية حول مبنى الإذاعة , فيم استمرت المناورات داخل الحزب الشيوعي . استبدل غيرو كسكرتير أول بيانوش كادار . جاء كادار من الطبقة العاملة . و كان "تيتويا" ( نسبة لتيتو الزعيم اليوغسلافي – المترجم ) و كان قد سجن و عذب بشكل رهيب . اعتقد البيروقراطيون أن هذه كانت حركة جيدة – طريقة جيدة لتهدئة السخط المتصاعد . تحدث ناجي في الساعة 9 صباحا عبر الراديو مطالبا بإلقاء السلاح و واعدا بدمقرطة واسعة . استجابة لهذا النداء أصدر المجلس الثوري للعمال و الطلاب بيانات تدعو إلى إضراب عام . اندفعت الدبابات الروسية إلى المدينة في نفس اليوم و اندلع قتال ضار . بنيت المتاريس من البراميل . و عززت هذه المتاريس فيما بعد بعربات القطارات و الأسلحة المأخوذة من مخازن البضائع . استخدم العمال و الطلاب قنابل المولوتوف ( قنابل حارقة تستخدم مواد حارقة تمزج و توضع في زجاجات – المترجم ) و الأسلحة التي استولوا عليها و حتى مدفع ميدان صغير استخدموه لقصف الدبابات . الإضراب العام انتشر الإضراب الذي دعا إليه المجلس الثوري للعمال و الطلاب في كل بودابست و إلى بقية المدن الصناعية – ميسكوليتش , غيور , سولنوتش , بيتش , ديبريشين . تشكلت لجان و مجالس ثورية على امتداد هنغاريا . سلح العمال أنفسهم في كل مكان و في بعض البلدان أذاعت محطات الراديو بلاغات ضد الستالينيين , مطالبة الشعب ألا يسمحوا بخداعهم من قبل الحكومة لتسليم أسلحتهم . أصدرت عدة مجالس برامج تدعو للحرية السياسية و المدنية , انسحاب القوات الروسية , إدارة العمال للمصانع و للصناعة , حظر الشرطة السرية , و حرية النقابات و الأحزاب . أرادت بعض هذه البرامج عودة "الديمقراطية البرلمانية" فيما دعمت برامج أخرى ناجي . نظم الفلاحون و عمال المزارع إمدادات الغذاء لعمال المدن . و قاموا بطرد مدراء الكولخوزات ( مزارع الدولة ) . أعادوا توزيع الأرض في بعض المناطق فيم احتفظوا في مناطق أخرى بالتعاونيات تحت إدارتهم . قالت صحيفة الأوبزرفر : "رغم أن الإضراب العام كان مستمرا و لم تكن هناك صناعة منظمة مركزيا , فقد أخذ العمال على عاتقهم استمرار الخدمات الضرورية في سبيل الأهداف التي قرروها و دعموها . قامت مجالس العمال في المناطق الصناعية بتوزيع المواد الضرورية و الغذاء للشعب , لكي تبقي الشعب حيا ... إنها مساعدة ذاتية وسط حالة الفوضى " . القتال يستمر ازدادت شراسة القتال بين المتمردين و الجيش الروسي . ليلة السبت , تم الاستيلاء على سجن بودابست و أطلق سراح كل السجناء السياسيين . سرعان ما استمع الناس لكل القصص عن الأوضاع الرهيبة , عن التعذيب و عن الضرب الذي كان يمارس هناك . استمر راديو بودابست بالدعوة لوقف إطلاق النار واعدا بزيادة فورية في الأجور و بمفاوضات عن المساواة الروسية الهنغارية السياسية و الاقتصادية . حاول ناجي أن يهدئ الوضع . وعد بحظر الشرطة السرية و أنه سيصار لإعادة تنظيم الحكومة . رغم أن عدة مجموعات من المتمردين قد استسلمت بسبب نقص الذخيرة فقد استمر القتال حول ساحة سنزا و ثكنات كيليان . أكد اجتماع مندوبي المجالس مطالبهم لناجي . في صباح يوم الثلاثاء أعلن راديو بودابست انسحاب القوات الروسية . دعى ناجي الشعب للهدوء فيم يجري استكمال هذا الانسحاب و بالعودة إلى العمل . بدأ الجيش الأحمر الانسحاب من بودابست في عصر ذلك اليوم . بقي العمال في بودابست و بقية أجزاء البلد مسلحين و مستعدين . لحسن الحظ أنهم احتفظوا بيقظتهم لأن الروس انسحبوا فقط ليطوقوا العاصمة بحزام من الدبابات . من الشمال الشرقي دخلت التعزيزات الروسية البلاد . أرسلت المجالس المحلية هناك تلك الأخبار و حذرت ناجي أنه ما لم تنسحب وحدات الجيش الأحمر فإن المجالس ستحاول إيقافها . و أن الإضراب في الصناعة لن يتوقف حتى تنسحب هذه القوات . بحلول الثالث من نوفمبر تشرين الثاني كانت وحدات الجيش الأحمر قد احتلت معظم النقاط الإستراتيجية في البلد ما عدا المدن التي كانت خاضعة لسيطرة المتمردين . أكد أعضاء في حكومة ناجي للشعب أن روسيا لن تهاجم ثانية . لم تصدق الطبقة العاملة تأكيداتهم هذه – لسبب وجيه . فقد فتح الروس النار من الدبابات و المدفعية على كل المدن الرئيسية في صباح اليوم التالي . اندفعت الدبابات الروسية إلى بودابست مطلقة القذائف التقليدية و الحارقة . شكل يانوش كادار الذي كان عضوا في حكومة ناجي الآن "حكومة عمال و فلاحين" . طلب ناجي اللجوء في السفارة اليوغسلافية مع 15 مسؤولا آخرا و عوائلهم . طلبت الحكومة الجديدة من الحكومة السوفيتية مساعدتها في تصفية قوى "الثورة المضادة" . استمر القتال لأسبوع . عبر الراديو أعلنت موسكو السحق الكامل "للثورة المضادة" بحلول منتصف يوم 4 نوفمبر تشرين الثاني . لكن المقاومة المنظمة للطبقة العاملة الهنغارية حتى الرابع عشر من نوفمبر تشرين الثاني . النهاية ما أن انتهى القتال حتى خرجت الشرطة السرية من جحورها التي اختبأت فيها . و بدأت بشنق المتمردين في مجموعات على الجسور فوق نهر الدانوب و في الشوارع . استمر القتال في مناطق الريف حتى عام 1957 لكنه كان متقطعا و معزولا . عمل كادار على إضعاف سلطة مجالس العمال . أمر باعتقال عدة أعضاء في لجان عمل المجالس . لكن هذا فشل في إخافتهم . عندها وعد بإلغاء الشرطة السرية و سحب القوات الروسية و تطهير الحزب من الستالينيين . صدق بعض العمال هذا و عادوا إلى العمل . لكن الإضراب استمر في مناطق عدة و في صناعات عدة . في 16 نوفمبر تشرين الثاني أجبر كادار على بدء محادثات مع مفوضين من المجالس . الذين طالبوا بإقامة مجلس وطني للعمال , الأمر الذي رفضه كادار قائلا أنه هناك "حكومة عمال" قائمة بالفعل . لكنه أجبر على الاتفاق على الاعتراف بمجالس فردية و تشكيل ميليشيا في المصانع . قال كادار أنه إذا عاد الناس إلى العمل فإنه سيتفاوض على سحب القوات الروسية . طلب منه المندوبون كتابة ما قاله لكنه رفض . جرب كادرا وسائل أخرى . فاستخدم الجيش الأحمر ليوقف إمدادات الغذاء للمدن من قبل الفلاحين . لكن الإضراب استمر . كان صبر كادار و سادته الروس ينفذ . كان الاستياء ينتشر داخل الجيش الأحمر . انضم قلة منهم إلى الأنصار , فيم توجب نزع سلاح الكثيرين منهم و إعادتهم إلى الوطن لأنهم رفضوا تنفيذ الأوامر . استجابة لهذا جربت الحكومة الهنغارية تكتيكا آخر . و بدأت اعتقال مندوبي العمال . سجن الكثير من مندوبي المجالس و كذلك الكثير من مندوبي هيئات الطلاب . و جاء الكثيرون ليحلوا مكانهم . عندما أدركت الدولة هذا شرعت بسجن القواعد كذلك . استمرت المقاومة في الشهور التالية ضد هجوم "حكومة العمال" . استمرت المظاهرات الجماهيرية و قاوم العمال الشرطة السرية و الجنود عند محاولتهم اعتقال مندوبيهم . أعضاء المجالس الذين لم يعتقلوا أخذوا يستقيلون , و جرى القضاء على أخر المجالس في 17 نوفمبر تشرين الثاني من ذلك العام . لا توجد أرقام رسمية عن عدد الناس الذين قتلوا في هنغاريا في 1956 – 57 . يقدر أن بين 20 و 50 ألف هنغاري و ما بين 3 و 7 آلاف روسي قد قتلوا . أما أرقام المصابين فهي أعلى بكثير و فر 100,000 شخص عبر الحدود . استمرت المظاهرات و الإضرابات حتى عام 1959 و استمر النضال في سبيل سلطة العمال حتى يومنا هذا . مأخوذ من ملحق خاص للعامل الأناركي , نوفمبر تشرين الثاني 1976 : هنغاريا 56 بقلم نيك هيث . ترجمة : مازن كم الماز نقلا عن //libcom.org/library/hungry-56-nick-heath

بيان أممي شيوعي أناركي عن الوضع في غزة إسرائيل

مازن كم الماز
2009 / 1 / 21

مجزرة غزة : أيدي أوروبا ملطخة بالدماء أيضا
مئات القتلى و آلاف الجرحى , جرت التضحية بهم على مذبح التوسعية و الأصولية الصهيونية . في أوروبا يتحدث وزراء الخارجية في كل بلدان الاتحاد الأوروبي عن رد فعل "مبالغ فيه" رغم أنه "شرعي" من جانب إسرائيل , عاكسين بذلك حقيقة الوضع في عملية ستجعل من أكثر المخادعين سخرية يشعر بالفخر بجعل المعتدي , دولة إسرائيل , يبدو على أنه الضحية .

يستمرون بالتظاهر أنهم لا يتذكرون أن غزة – و هي واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان مع حوالي 1,5 مليون ساكن , نصفهم تقريبا من الأطفال – كانت عرضة لحصار كامل لسنوات , حصار شمل الأدوية و المواد الأساسية الضرورية و الذي دعمه كل العالم "المتحضر" الغربي , حصار فرضته إسرائيل و معها الغرب نتيجة لانتصار حماس في الانتخابات , بفضل نظام انتخابي مختلط للأغلبية و التمثيل النسبي . تماما كما يتظاهرون بنسيان أن حماس كانت تمول ذات يوم من دولة إسرائيل كطريقة لضرب منظمة التحرير الفلسطينية .

رغم 6 شهور من الهدنة لم يتم تخفيف الحصار و لو بعض الشيء و لم تقترح أي من القوى الأوروبية حتى تخفيفه بشكل جبان . عادت إسرائيل إلى إستراتيجيتها في السيطرة العسكرية على غزة و الضفة الغربية . كل أوروبا , ما عدا البيانات المنافقة عن الرغبة في السلام , تنسى بشكل منهجي أن تقول أنه لستين عاما كانت إسرائيل تنتهك عدد لا يحصى من قرارات الأمم المتحدة و تواصل احتلال المناطق عسكريا , و أن المستوطنات الإسرائيلية تنتشر في كل الأرض الفلسطينية يوما بعد يوم , و أنها تبني الجدران التي تعزل قرى بأكملها و تمنع ملايين اللاجئين من العودة إلى أراضيهم مقتلعة بساتين الزيتون من جذورها و قاتلة المواشي , يوما بعد يوم و هي تذل كل من يحاول عبور جدران الفصل ليذهبوا إلى عملهم , إلى المستشفى أو إلى المدرسة .

و ليس هذا فقط : لقد أخفوا حقيقة أن الهدنة قد جرى انتهاكها من قبل دولة إسرائيل في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني 2008 عندما قتل جيشها مقاتلا من حماس يبلغ 22 سنة .

لكن ما عدا البيانات المنافقة المزيفة إلى التهدئة , ما هو سبب هذا الدعم غير المشروط لدولة عدوانية مثيرة للحروب من قبل كل قوة أوروبية رئيسية ؟

فيما يتعلق بالولايات المتحدة لا يوجد شك , إلى جانب التحالف الإستراتيجي و الإقليمي الهام الذي تمثله إسرائيل للإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط , يتعين عليها أيضا أن تتعامل مع اللوبي الأمريكي المناصر لإسرائيل , القوي بما فيه الكفاية ليمارس تأثيرا قويا على السياسة الأمريكية الخارجية , و ما يحدث اليوم يأتي كتحذير واضح للرئيس المنتخب , أوباما .

استعادت أوروبا جزئيا وحدتها في مجال السياسة الخارجية و هي ربما تلعب ورقة الدبلوماسية النشطة لكي تقوي دورها في المتوسط و تحذر الولايات المتحدة أنها لا يمكنها أن تعمل منفردة في منطقة بحرنا ( 1 ) . لكن يجب على المرء ألا ينسى مبيعات الأسلحة , منطقة فيها الدول مستعدة لإخفاء الحقيقة تحت ستار من "أسرار الدولة" و تقوم بدعم الطلبات من الشركات التي تنتج الأسلحة و تدعم الأنظمة . و هذه الشركات لا تداور أبدا . إنها سعيدة جدا ببيعها السلاح للأطراف المتصارعة , طالما كانوا يدفعون في مقابلها . إيطاليا على سبيل المثال واحدة من أكبر موردات السلاح لإيران و لبنان , لكنها تصدر تكنولوجيا السلاح أيضا للجيش الإسرائيلي من خلال شركات مثل أوتو – ميلار , بريتا , بورليتي , و سيلينا . و تفعل بقية دول الاتحاد الأوروبي نفس الشيء .

تستخدم فلسطين بشكل ساخر كأرض لتجربة التكنولوجيات الجديدة القاتلة المتخصصة بشكل متزايد في "حرب المدن" و التي تهتم كل شركة سلاح بها : من الشركات الأمريكية و الإسرائيلية إلى الانكليزية , الفرنسية , الألمانية , الإيطالية , و هكذا .

هكذا في الأرض المعذبة حيث تسحق ألعاب حرب الأقوياء الرجال , النساء و الأطفال , لا يبدو أمامها أي مستقبل , أسلحة جديدة تختبر , من القنابل العنقودية إلى قذائف اليورانيوم المنضب , فعالية الطائرات دون طيار – القادرة على إطلاق صواريخ موجهة عن بعد – تدرس , دبابات أشتزاريت القادرة على تحمل الألغام الأرضية تجرب , عربات نمر المدرعة بمحركات كونتيننتال موتورز ( الولايات المتحدة ) أو م يو ت ( ألمانيا ) تختبر , و أيضا فعالية الأجهزة المتطورة مثل أنظمة الحماية الإضافية الإيطالية و الأبراج الموجهة عن بعد المحمولة على عربات بوما المدرعة , و أجهزة الحرب المستقبلية الآلية لألينيا مثل سكاي – إكس , أول منظومة في العالم قادرة على إعادة تزويد الطائرات من دون طيار بالوقود أثناء الطيران .

كل هذا على أكتاف شعب استخدم دوما في الصراعات بين دول و أخرى , و بشكل يبعث على السخرية حتى في النزاعات السياسية بين الفرقاء الداخليين لدولة واحدة , كما في حالة المكائد السياسية المرتبطة بالنزاع الانتخابي سواء داخل الائتلاف الحاكم بين هاوكيش كاديما , المسؤول عن بعض أكثر الأفعال تطرفا مثل إخلاء القطاع الذي اقترحه عضو الكنيست يسرائيل هاسون – من جهة و حمائم حزب العمل , الذين يفضلون مقاربة محسوبة أكثر , من الجهة الأخرى , و بين كاديما و صقور الليكود المتشددين , الذين يتوجهون أكثر فأكثر نحو مواقف متصلبة جدا .

إننا لا نتوقع أي شيء من الدول العربية و - أو الإسلامية بالتأكيد , فهي مقسمة كما هي و منهمكة في تقوية هيبتها و نفوذها في المنطقة , و لو كان ذك على حساب الشعب الفلسطيني , مثل حالة إيران , التي تستخدم المأساة الفلسطينية لتعلن نفسها السد الوحيد في وجه الإمبريالية الأمريكية المكروهة و تنصب نفسها القوة الصاعدة في المنطقة .

لكن خلف هذا التخمين السياسي العالمي , يبدو وضع السكان الفلسطينيين اليوم قاسيا , مع القليل فقط من احتمالات التوصل إلى حل يمكن أن يعطيهم فرصة ليعيشوا حتى بالحد الأدنى من الكرامة , سواء من زاوية الأمان الاجتماعي و من زاوية ضمان احترام الحقوق الأدنى للبقاء .

اليوم قد تكون الضمانة الوحيدة ليجد الشعب الفلسطيني ربما , و بأسرع ما يمكن , حتى درجة دنيا من الراحة و السلام هي في أن يتوصل القتلة من كل الأشكال و كل الأحجام – الذين يتزاحمون على حدودهم , أو ينخرطون في مضاربات سياسية داخلها – إلى توازن جديد غير مستقر .

الفرصة الوحيدة الممكنة للانعتاق التي يمكننا أن نلمحها في المستقبل القريب هي في نمو و انتشار نوع من التنظيم الذاتي الذي يمكن أن تمارسه القرى الفلسطينية , بتشجيع من التضامن بين اللجان الشعبية الفلسطينية و مبادرات مثل أناركيون ضد الجدار , التي تشمل الأممين من كل العالم و الإسرائيليين المعادين للصهيونية , الذين يحاربون غطرسة المستوطنين الإسرائيليين و الجيش الذين يدعمهم باستخدام مقاومة سلمية أساسا . و ليس من المصادفة أنه في هذه القرى قد اختير طريق آخر و ليست عسكرة حماس .

كأناركيين و تحرريين يؤمنون بالصراع الطبقي سنستمر بإدانة الاستيطان الصهيوني كما سندين كل أشكال الإمبريالية و الأصولية التي تقمع حرية و كرامة كل شعب , سنستمر بإدانة حقيقة أن الضربات الكبرى لمعاناة البروليتاريا العالمية تحت الاضطهاد و البؤس التي تنتج عن النزاعات داخل الإمبريالية و الألعاب السياسية البائسة للأوليغاركيات المحلية القوية التي تستخدم بدورها , عن علم أو لا , كمخالب لرقعة الشطرنج العالمية للنزاعات الإمبريالية , ملطخة بدماء البروليتاريا .

سنستمر بدعم النضالات و أعمال التضامن مع الشعب الفلسطيني , داعمين كل تلك المظاهر الجنينية لتقرير المصير التي ترمز إليها نضالات قرى بأكملها في فلسطين , مقتنعين أنهم فقط إذا تمكنوا من تحرير أنفسهم من التأثيرات الشريرة لكل الأوليغاركيات الدولتية أو نظيرتها يمكن عندها لرجال و نساء الشغيلة أن يأملوا بحياة أكثر كرامة .

2 يناير كانون الثاني 2009

الفيدرالية الشيوعية الأناركية ( إيطاليا )
جبهة زابالازا الأناركية الشيوعية ( جنوب أفريقيا )
القضية المشتركة ( أونتاريو , كندا )
أعضاء أناركيون ض الجدار ( إسرائيل )
البديل التحرري ( فرنسا )

( 1 ) حرفيا "بحرنا" , التي استخدمها الرومان في عهد الإمبراطورية عند الإشارة إلى البحر المتوسط . الاقتراح هو أن القوى الأوروبية المعاصرة تريد السيطرة على المتوسط كما فعل الرومان قبل 2000 سنة .

نقلا عن http://www.anarkismo.net/11133

ما هي الأناركية الشيوعية ؟ لالكسندر بيركمان

مازن كم الماز
mazen2190@gmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2592 - 2009 / 3 / 21

ترجمة مازن كم الماز
لكنك أنت نفسك تعرف جيدا ما الذي تريده , و كذلك يعرف جارك . أنت تريد أن تكون بخير , بصحة جيدة , تريد أن تكون حرا , ألا تخدم أي سيد , ألا تنحني أو تذل نفسك أمام أي إنسان , تريد أن تحصل على السعادة لنفسك , و لأسرتك , و لأولئك القريبين و الأعزاء عليك . و ألا يزعجك الخوف من الغد أو يقلقك .
قد تشعر بثقة أن كل شخص آخر يرغب بنفس الشيء . لذا يبدو أن كل الأمر هو على الشكل الآتي :
أنت تريد الصحة , الحرية و السعادة .
و كل شخص يماثلك في هذا الشيء .
لذا نحن جميعا نسعى وراء ذات الأشياء في الحياة .
إذن لماذا لا نسعى لها جميعنا معا , بجهودنا المشتركة , لماذا لا نساعد بضعنا البعض في هذا السعي ؟
لماذا يجب علينا أن نغش و نسرق , أن نقتل و نغتال بعضنا البعض , إذا كنا جميعا نسعى وراء نفس الشيء ؟ ألست أنت جديرا بهذه الأشياء التي تريدها كما هو الرجل الذي إلى جانبك ؟
أو أنه يمكننا أن نؤمن صحتنا و حريتنا و سعادتنا بشكل أفضل من خلال قتال و ذبح أحدنا للآخر ؟
أو لأنه لا يوجد هناك طريق آخر ؟ دعنا ننظر في هذا الأمر .
هل يمكن للعقل ألا يرى أنه ما دمنا جميعا نريد ذات الأشياء في الحياة , إذا كانت لنا نفس الأهداف , فإن "مصالحنا" يجب أن تكون هي أيضا ذاتها ؟ في هذه الحالة يجب علينا أن نعيش كالإخوة , في سلام و صداقة , يجب أن نكون جيدين مع بعضنا البعض , و أن نساعد بعضنا البعض بأقصى ما يمكننا .
لكنك تعرف أن الأمور لا تسير أبدا بهذا الشكل في الحياة . أنت تعرف أننا لا نعيش كالإخوة . و تعرف أن العالم ممتلئ بالكفاح و الحروب , بالبؤس , و الظلم , بالخطأ , و الجريمة , و الفقر , و الاضطهاد .
لماذا هو إذن على هذا الشكل ؟
لأنه , على الرغم من أننا جميعا لنا نفس الأهداف في الحياة , فإن "مصالحنا" مختلفة . هذا هو ما يخلق كل المشاكل في العالم .
فكر بذلك أنت نفسك .
افترض أنك تريد أن تحصل على زوج من الأحذية أو على قبعة . ستذهب إلى الدكان و ستحاول شراء ما تحتاجه بأرخص ما يمكنك . هذه هي "مصلحتك" . لكن مصلحة صاحب الدكان هو أن يبيعك ذلك الشيء بأغلى ما يمكنه , لأن "ربحه" سيكون عندها أكبر . هذا لأن كل شيء في الحياة التي نعيشها يقوم على جلب ربح ما , بطريقة أو أخرى . إننا نعيش في "منظومة صنع الأرباح" .
من الواضح الآن أنه إذا كان علينا أن نحقق ربحا من بعضنا البعض , عندها فإن مصالحنا لا يمكن أن تكون ذاتها . يجب أن تكون مختلفة و متعارضة غالبا مع بعضها البعض .

ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن http://www.spunk.org/library/misc/sp000181.txt

المميزات العامة للنضال في العصر الراهن

في هدا النص وبدون شرح تفصيلي لكافة جوانب النضال ، نحاول بصورة مختصرة عرض المميزات العامة للنضال العمالي في العصر الراهن .على الرغم أن هده التعبيرات العامة لا تصبح قانونا عاما وثابتا للتقييم لكل ألأمكنة وللأزمنة الخاصة للنضال ، ولكن بالنسبة لنا لها أهميتها الخاصة باعتبارها كركائز أساسية في طريق وضع منهج أممي محدد أمام نشاط ومهام أقليات المنظمة الطليعية للنضال البروليتاري الحاضر.
* * *
ألأساليب العامة والمتكررة في تحويل مجرى النضال الطبقي
إن الصيغة العامة للتنظيم البورجوازي التي عن طريقها تفرض نفسها،هي النفي المستمر لكل انتظام البروليتاريا كطبقة لإلغاء الرأسمال والدولة مع لك،أن ما يتهم هبه اليوم البورجوازية أكثر،ليس إنكار المصالح العمال بصورة علنية،كما كانت تفعل في بداية تطورها،إنما غايتها ألأساسية وجهودها الحثيثة هي من أجل تشويه وتدمير محتواها،لتجعلهم أصحاب مصالح كمواطنين وبائعي سلع عاديين .لا شك أن ها في نفسه هو نفي مصالح البروليتاريا ،ولكن في حلة خداعة بشكل أخر،نستطيع أن نقول بأن أحسن وأكثر الصيغ لياقة التي يستطيع الرأسمال بواسطتها قطع الطريق عن عدوه التاريخي في انتظامها كطبقة(1) ،عبارة عن تدمير محتوى البرنامج التاريخي للبروليتاريا وخلطها مع حروب مصالح الرأسمال نفسها.أي بعيدا عن كل طابع طبقي، تفكيك البروليتاريا على شكل وحدات اقتصادية في مؤسساته وجعلهم مواطنين وبائعين عاديين لقوة العمل ليس إلا (2) أن النقابية والانتخابية هما أكثر التيارات والظواهر رقيا في نفي البروليتاريا كطبقة.
وأضح أن ها النفي المستمر الي يعبر عن نفسه يوميا في سيادة السلم ألاجتماعي،منطقيا وتاريخيا يتجسد مرتبته ويرتكز قاعدته على ألإرهاب والقمع العام الي يجري تنظيمه من قبل الدولة(سلطة منظمة للرأسمالية العالمية).

هنا لا نرجع إلى مسألة دور النقابية والانتخابية المضادة للثورة،لأن موقفنا معلوم وواضح بها الصدد بالنسبة للين يتابعون نشرات فصيلتنا (3) إنما نوجه نقدنا أكثر ومرة أخرى ضد التيارات التي تتخ تسميات "عمالية"لنفسها.

ليس هناك شك بان الرأسمال حاول دائما أن يوجه هجومه ضد العمال عن طريق تقسيمهم ومحاربة بعضهم يبعضهم ألآخر. وها تكتيك تاريخي وعام للرأسمال من أن وجه النطاق فان النقابات والمؤسسات المعينة الأخرى لضبط وتفكك العمال،عن طريق حصر النضال في حدود "إضرابات"و"تظاهرات"فقط،استطاعت المحافظة على السلم ألاجتماعي وتعزيزه.ها النوع من "النضال"ليس فقط لم يستطيع مواجهة السلم ألاجتماعي وحسب،بل وإنما الحزب التاريخي للثورة المضادة(ألاشتراكية الديمقراطية بجميع أشكالها)يستخدم ألإضرابات والمظاهرات السلمية كسلاح فعال في تحريف وتفكك كل قوة وطاقة البروليتاريا.

ليس القصد هنا فقط تلك ألإضرابات المحلية والوقتية التي جرى تحديد مدتها مسبقا والتي يزداد بتا رضي أصحاب العمل فقط،وإنما نقصد تلك"ألإضرابات (4) التي تنظم من قبل النقابات والتي تستخدم فيها أفعال وتعبيرات راديكالية(حتى في حدة صراعاتهم كثيرا ما تحتسب كعمل النقابات "المنافسة")،فان هه "ألإضرابات" ولكونها تعبر عن جوانب محددة ومصالح ضيقة للعمال،بسبب طغيان الطابع ألإقليمي والمحلي عليها،بمواجهتها مع ها القانون أو اك الصاحب المعمل،أو اك الحزب وتلك السلطة بمعزل عن العلاقة ألاجتماعية البورجوازية كاملة، أي بسبب كونها لم تستطع بصورة عامة مقاطعة المصالح السلمية للمجتمع، لا تستطيع أيضا في ها ألاتجاه أن تكون أرضية لتنظيم النضال في طبقة ضد الطبقة الرأسمالية . وبصورة عامة يجري التعبير عن ها كشيء يجب تعزيزه من قبل "جميع العمال" عندما لا يسمحون لأي عامل آخر من خارج عملهم للمشاركة في إضرابهم (لكل رزقه ومعيشته!). بمعنى آخر أن لك النضال لكونه يعبر عن نفسه على أرضية الصراع بين البورجوازيين وعزلها عن الحياة كشمولية ،لا تستطيع أن تكون نضالا ضد الرأسمال،وإنها النقابة التي تستطيع فقط إدارة لك "النضال" ،كما يحلو للبورجوازيين ، التي لا تتخطى حدود مصالح ألإدارة الرأسمالية للإنتاج .وبالرغم من كل لك هنالك جهود حثيثة لحصر النضال البروليتاري في حدود مطالبي ليس إلا ،حدودا تطمأن لها البورجوازية بأن كل ما يجري داخلها لا تشكل خطرا لمعدل ألاستغلال . (بالنظر "مصلحة ومتطلبات ألاقتصاد الوطني " فإن البورجوازيين مهتمون وبمسؤولية بأحوال العمال) فإنهم بهه الطريقة يرسموا الحدود بين عمال ها القطاع واك القسم بوجه ألأقسام ألأخرى . لا شك في المناطق التي تنشط فيها المنشطة البورجوازية على أساس النضال ألاستقلالي أو القومي والعنصري ، فإن تلك التيارات ،أي تقديس العملية والحرفية والإقليمية ...لها دور فعال في تقسيم وتشتيت النروليتاريا .

بنفس الصورة فإن المظاهرات تتخ المجرى نفسه أي ولو يسمح بين الحين والأخر بأن تحوي تعبيرات راديكالية ،ولكن في جوهرها لم تتخطى حرمة السلم بين الطبقات،وثلما تم كبحها جيدا بمطالب المضادة للثورة وإنها بصورة عامة تنظم تماما بمساعدة الأمن،فإن قصدهم الوحيد أيضا هو حصر إمكانية وطاقة العمال الرافضة ونقمتهم المتصاعدة بوجه ها العالم في حدود الفردية والإقليمية ....ليس إلا (5) ومع وتيرة تقدم الرأسمال،أصبحت هه الطبقيات من القوة بحيث اتخت من قبل مؤسسات الرأسمال العليا كهوية المواطن الحقيقية .

إا كانت النقابة وأجهزة الدولة الأخرى على نفس الشاكلة (التي تتباين قوتها وسيادتها كثيرا من بلد لأخرى)تكونت من البداية جنبا بجنب مع انبثاق البروليتارياوالجمعيات العمالية ،أكان عن طريق استحوا تلك الجمعيات العمالية أو أتت مباشرة كمؤسسة بورجوازية ،فإنها أتت فقط ولتتخ على عاتقها بالتحديد تحريف النضال "العمالي" إلى أهداف والمرمى هي مضادة لتلك الغاية التي انبثقت من أجلها تلك الننضالات فمع الزمن تم احتواء جميع التشكيلات العمالية الواسعة المتتالية وتحويلها إلى اتجاهات مرتبطة مباشرة بأجهزة سيادة الدولة . وهكا يكشف للعيان بشكل واضح بأن مصالح البروليتاريا والمصالح الرأسمالية لا تستطيع أن تتوافق وأن تعيش جنبا إلى جنب مسالمة أبدا .

بعكس مواقف وأراء جميع النقابيين والاشتراكيين الديمقراطيين (الماويون،التروتسكيون،الغفار يون...)اللين يقولون :"ولو أن النقابات لا تناضل من أجل مصالح البروليتاريا التاريخية ،لكنها تدافع عن المصالح الآنية واليومية للعمال" ! في الواقع فحتى المصالح اليومية للبروليتاريا لا يمكن دفاع عنها بغير مواجهة الرأسمال والدولة ككل .(6)

بينما تقوم النقابات جنبا إلى جنب مع الجيش والشرطة بتوسيع ميادين عملها من أجل تدمير وإلغاء نضال العمال ،فان تلك الاتجاهات والمحاولات التي هي محرك وشريان تلك التنظيمات ،أي تشكيل جمعيات المتنوعة ،إيقاف العمل جزئيا ووقتيا ،"الإضرابات"المحصورة، المظاهرات السلمية ... كانت دائما سلاحا وتدابير حتمية وضرورية لاستمرارية النظام والدستور البورجوازي.

ما هي نتائج هه العملية من منظور البروليتاريا والبورجوازية ؟

هل من منظور الرأسمال هناك شيء أكثر بداهة من ها ؟ كلا، لأن هه العملية نفسها هي التي تعطي الرأسمال القدرة على أن يقدم نفسه كوجود أبدي وأن تستطيع السيطرة على جميع قوى والتنظيمات وأشكال النضال ،وكل ما كان يحاربه بالأمس وجعلها تحت رحمة أوامره ويستخدمها من أجل الإدامة ببقائه .

ومن منظور طبقة البروليتاريا ؟ في الماضي ،وفقط عند سماع كلمة الإضراب كان قسم واسع من البروليتاريا ترى نفسها معنية ومسألة تجاهها .ففي أي مدينة،أو منطقة،أو مصنع،عندما كانت تجتمع مجموعة بروليتارية حول النضال،فإنها كانت تلقي المساندة الطبقية في نطاقها الاجتماعي،لأن الحياة نفسها كانت جماعية الطبقة نفسها ،أي في العصور السابقة القريبة إا كان الكلام حول الاستغلال ومصاعب الإنسان مواضيع مستمرة للمستغلين في معركتهم للحياة،فإنهم في كل مكان وبمستويات مختلفة من الوعي الطبقي كانوا يعبرون عن إرهابية ها المجتمع وضرورة ضرب وتدمير الرأسمالية والدولة وبناء مجتمع خالي من الاستغلال و.....الخ،وليس هناك شك في السنوات القريبة الماضية لم نعد نرى ونسمع بمثل هه الأشياء .

البروليتاريا نفسها وباتها تظهر على مستوى العالم وكأنها لم يبقى لها وجود (8)إن ما يلاحظ اليوم في الحياة اليومية كمواضيع والحركات السائدة عموما،تتكون من أفراد،فقراء أغنياء،موصفون،إرهابيون،مواطنون،فلاحون،المدافعون عن حقوق المرأة،طلبة،ناخبون،بيئيون.

العلماء والمثقفون وخدم الطبقة السائدة،الين منهمكون بإبعاث ونشر الإيديولوجية البورجوازية الباطلة والقديمة التي تقول أن البروليتاريا لم يبقى لها وجود وبات خيالا،لا يكبون فقط لإسعاد البورجوازية العالمية،بل يعبرون أيضا عن جانب من الحقيقة التي نحن البروليتاريا مكبلين بها . فاليوم العمال أنفسهم لا يحسون بأنهم بروليتاريون! فها اللاوعي هو في أنهم حتى لا يحسبون أنفسهم بأنهم جزء من نفس الطبقة.فالبعض لأنهم يرتدون قوط ويعملون في إحدى البنوك يحسبون أنفسهم مختلفين وأكثر اقتدارا من باقية البروليتاريا !وهناك من يعتقد بأنه يترتب عليه أن يكون فلاحا ،وأن يبقى فقيرا،أو عاطلا عن العمل ،وعليه أن يبقى كلك. كما يقال "قسمة ونصيب" وهناك من يعتقد بأن أهمية حياته ووجوده تمكن في أن يناضل من أجل حقوق المرأة ،وهنالك الكثيرون الين يساهمون بمستويات مختلفة في نضالات رأسمالية ،في العنصرية ،أو في مناهضة العنصرية ،في الحركات القومية،أو ضد ألامبريالية ....وأخيرا وبعد كل ها،حتى أنهم لا يجتمعون ولا لمرة واحدة لمداولة بسيطة عن الحياة لحوار عن هه الدنيا كبروليتاري. في المقاهي والنوادي ليس فقط الموضوع من الخاسر أو الرابح في المباريات والحروب ...بل حتى قسم كبير من البروليتاريا تركوا ارتياد هه الأماكن بالمرة،بصورة عامة فإن وجودهم كإنسان تلاشى تماما.وفي الوقت الي يبقى لهم بعد ساعات من عملهم العبودي يأتوا وبأمانة تماما بكل ما سمعوه من الإاعات والشاشة إلى مائدة الطعام وطاولة الشرب.

فإن البورجوازية لا تتركهم وشانهم بعد استحوا كل وقت عملهم،بل يجب عليهم أيضا أن يرددوا لغتها مثل ببغاء تماما.

فإن فرق التلفزيون والإاعات يقومون بمهمة تاريخية كبيرة للدولة ،بتقسيم البروليتاريا على أفراد وعائلات و....

أي أنهم ليسو عبيدا متساويين في الثمانية ساعات من عملهم فقط ،بل وحتى في وقت إستراحتهم مكبلين بالتساوي بحياة تجديد قوة عملهم للرجوع إلى عملهم.

إن الرأسمال يحلم في عملية إنتاج نفسه بأن يشيد مجتمعا بحيث لا يواجه فيه من قبل عدوه التاريخي أبدا،مجتمع جميع أفراده يتكونون من مجموعة من المواطنين صالحين ومنتجين فقط.رسم أمامه الصورة الخالية لمجتمع جميع أفراده يقومون بإنتاج مجتمعه بدون أي سؤال ولا يبتون شفة صامتين راضين فيها .إن كل فروع النشاطات الاقتصادية والأبحاث العلمية والدراسات ليس إلا من أجل تحقيق هه الأهداف والأحلام الخالية لا غير. في المصانع والدوائر،إن الأجهزة والآلات كل يوم تقوم أكثر فأكثر بمقام العامل . من كل عقلهم أن المعلوماتية ومباحث الإنسان الإلية يقودهم إلى عالم فيه الآلة بدلا من الإنسان يخلق الحياة أيضا،الأبحاث البيولوجية ،علم الوراثة ، علم التعشير كلها من أجل نفس الهدف، التي هي :صنع "مخلوق" لا يكون أحدا، "كائن" مبرمج لخدمة ها المجتمع،أي الرأسمال، لا غير. قنوات التلفزة والألعاب الكومبيوتر والعقاقير المنومة والمخدرات والانتخابات ...كل هه هي منتجات لحاجة الرأسمال،لكي يستطيع عن طريقها إضعاف وتخدير واستئصال كافة الخلايا الثورية في كينونة المستغلين. لأن كل ما يملكون من العلم والمختبرات عاجز تماما عن إنتاج كائن يستطيع "خلق القيمة لهم بدون أي اعتراض "(8)، فإن الرأسمال لديه ألكثير من المصحات النفسية والسجون والحروب والفيروسات ومخيمات اللاجئين والكوارث النووية للين يقومون بمعادته .

ويظهر أن كل هه اللاانسانية تجاه الإنسان لا يشفي غليلهم فعندهم المزيد، حيث يعدون بأنهم سينتجون قريبا بعض الألعاب بحيث يكون بمقدورك "قضاء أوقات سعيدة جدا" (9) ومع "رفيق مجازي" بدون أن تتحرك ساكنا "تتجول بين بلدان العالم" أو تتقاتل مع مخلوق من كوكب آخر وجها لوجه" ...كل ها وبدون أن تتجاوز عتبة دارك.

صحيح حقا أن نباهة وإنتصارات عدونا جديرا بالكر، وعدم استقلالية وانحدار طبقتنا جلي وشنيع، الانحراف بات ظاهرة عامة ، العوق البدني والعقلي يظهرا للعيان أكثر فأكثر من السابق ، ومع كل لك فإن البروليتاريا لا تجوز من حفر قبر ها المجتمع.

ليس هنالك أدنى شك اليوم بأن البروليتاريا لا تعبر عن نفسها كما كانت تفعل سابقا . في الأزمنة الماضية ليس أياما لم تكن فيه ألمئات من التجمعات المشكلة الطويلة ألأمد ،العلاقات الوحدوية ،الفصائل الأممية ونشرات عمالية لتقوية الوحدة البروليتارية في كل مكان ....، لكنها اليوم غالبا تعبيراتها عابرة عن مباشرة وعنف عمومي الجوانب.

هكا وحيث الإضرابات التي تنظم من قبل النقابات لا تلقي الدعم، مثلما كانت في الماضي ،وحيث نظام السياسة الوطنية والمباريات الانتخابية لا تلفت النظر كما كانت في الماضي ،تلك الفترات التي كان الناس باعتقادهم أن الأحزاب البرلمانية والحكومات باستطاعتها تغيير الوضع القائم إلى حالة أحسن ،وحيث المظاهرات السلمية والمسيرات لتحقيق مطلب معين ليس لها نفس الثقل كما كانت في الماضي ،والمراكز القديمة للدولة فقدت قدرتها بان تتخ كقلاع ....فان البروليتاريا التي كما يدعون فقدت دورها وأصبحت محض خيال ،بدون قبولها لأي وساطة ،وبدون أن يقدروا قطع الطريق أمامها بأي إضراب محلي أو مسيرة سلمية أو أي وعود انتخابية ، تخطوا أكثر فأكثر نحو انفجار أكبر فأكبر...

كلما تصاعد صياح البورجوازيين بأن التنظيمات البروليتارية ليست لها أي دور وفقدت أهميتها ،وكلما زادوا من مدح "قدرتهم الإلهية " وأكدوا على عدم بقاء أي وجود للبروليتاريا ، فإنهم يصدمون أكثر فأكثر ويصابون بالحيرة عندما تندلع انتفاضة عامة وبكل عنف ثوري في عدد من المدن ، أو في مجموعة من بلدان . في ها السياق يكفي هنا أن نكر بعض هه الانتفاضات في ها العصر : فنزويلا ، المغرب ،الجزائر ، رومانيا ، أرجنتين ، لوس أنجلس ....

لا شك أن لهه ألأمثلة أعلاه تباينات كبيرة من جهة محتواها واستمراريتها من حيث مقاومتها لأوامر البورجوازية .في نشراتنا قمنا بتسليط الضوء على هه التباينات ،لا لا نراها ضروريا هنا الدخول في مواضيع ومقارنات تلك الاختلافات مرة أخرى . بل بالعكس نحاول تحديد وشرح المواقف والممارسات المشتركة بينها فمثلا ،عدم إدراج العراق في تلك القائمة ،ليس لأننا لم نستطيع تأكيد تلك الجوانب القوية التي نستطيع أن نراها في أكثرية الانتفاضات البروليتارية اليوم ،بل لأن خلال العشر سنوات الماضية نستطيع أن نرى باستمرار العديد من التشكيلات الحق بروليتارية ونشاطات فصائل شيوعية وشعارات بروليتارية في لك البلد .وهه الاستمرارية في تلك المنطقة هي حالة خاصة ،في أنها بعكس التيار السائد للعصر الراهن أنتجت حالة من النضال الطبقي بحيث تتخطى الإطار الي نحاول تحديده هنا . ومع أننا لا نستطيع التنبؤ ومعرفة إلى أي حد هه الحالة في العراق تستطيع تحديد اتجاه عام وعالمي لمستوى النضال الطبقي الحالي، لكننا نستطيع الإعلان بأن ترتيبات تلك الصيرورة تحتاج بعض الشروط الأساسية والخاصة . الشرط الأساسي هو أن في البرليتاريا العالمية إلى أي حد مهيأة للتعرف على مصالحها الطبقية في المصارعات التي مؤهلة لأن توسع وتطور الحرب الطبقية الأساسية . في ها المستوى نستطيع تحديد نقاط ضعف كثيرة للبروليتاريا بحيث أصبحت عقبة كبيرة في طريق إعلان نضالها لغرض توجيه أجزاء طبقتها الأخرى في العالم للانتفاضة ضد ها الوضع . هه العقبات خاصة لها مكانتها المؤثرة ، في نشاطاتنا ،في نضال البروليتايا ألأممية ، الرامية إلى مركزية الفعل ألأممي المباشر في ها ألاتجاه (10).

طابع الانتفاضات البروليتارية تحت تأثير الوضع الحالي
قوة البروليتاريا
في الماضي، كانت البروليتاريا يوميا تعلن عن نفسها وعن محاربتها للنظام الرأسمالي .اليوم باستثناء وجود بعض الأقليات الثورية البروليتارية المستمرة (مثل فصيلتنا ) ــ التي وجودها كنتاج وصيرورة تاريخ البروليتاريا نفسها ضد التيار السائد في ها العصر هي التأكيد على المواقف والتعبيرات الطبقية للبروليتاريا . البروليتاريا تعلن عن نفسها وتكب موتها المزعوم فقط عن طريق تلك الإنفجارات الاجتماعية الواسعة التي هي ظاهرة سنوات الثمانيات وبداية التسعينات (11) .
هنا نحاول تحديد الجوانب التي بالنسبة لنا هي شروط أساسية للانتفاضات

تلك الانفجارات بكونها تحتل الشوارع وتواجه بغضب شديد أجهزة الدولة ، تحمل علامات العنف وعملية التأكيد على الأهداف البروليتارية . من غفلة تمتلئ الشوارع وفجأة تتوسع . الاحتلال المباشر للشوارع تسير باتجاه أن البروليتاريا تقاطع نفسها بالعنف عن جميع الإطارات التي رسمها الرأسمال بهدف تجزئتها ، أي أنها تكسر حدود المعامل والمصانع والدوائر الضيقة ،كل ما يسمى بالبطالة والشغل المنزلي (ربات البيوت ) الأطفال والشيوخ...يتحدون في الفعل المباشر.

هه الانتفاضات بصورة عامة تبدأ بدون أي هدف واضح ومعين، وقلما تقترح أفعال إيجابية .غالبا شعاراتها عبارة عن شيء عام :"يكفي! لا نتحمل أكثر من لك " ،التي في نفس الوقت تحوي كل الجوانب الاجتماعية في نفسها، "لا نقبل أكثر من ها تسلط وسيطرة الشرطة " ،أو "كلا،ها الارتفاع في الأسعار جاوز الحد"،"ضد الإرادة المطلقة للشرطة والحزب الحاكم"،"جوعانين، لا نستطيع التضور أكثر من أجل رغيف" ،"نحن نرفض غلاء هه أو تلك الحاجة" ...بصورة عامة هي تلك القوة التي تكون الفعل الوحدوي البروليتاري .

أن ما كر ليست طابع خاص لنضال ها العصر فقط، بل في كل تاريخ طبقتنا كان هناك بإستمرار انتفاضات عامة وأعمال عنف لمواجهة ها أو اك الإجراء الرأسمالي .إن الحقيقة التي نستطيع اتخاها للدلالة على نضال ها العصر هي انه لا يوجد أي تقدم نوعي ملموس قبل ألإنفجارات. أي قبل أن يصل نقمة البروليتاريين إلى الشفة وينفجر ليس هناك سلسلة من النضالات الكبيرة من جانبهم ، بل بالعكس تماما إن الدلائل الحالية تكشف عن البروليتاريا بشكل جد خفي بحيث نحس بأن خارج هه الإنفجارات البروليتاريا راضية . ومستعدة لكل شيء ، والرأسمال بنفسه يندهش من غياب أي مقاومة يكر في وجه قراره المجحف المتدهور للوضع ألمعاشي للعمال (12)

بسبب غياب أي مقاومة يومية مستمرة ، خلت الساحة للرأسمال يمرح فيها واستطاع أن يشل البروليتاريا أكثر في حالة يأس . لم تواجه البروليتاريا العالمية أبدا تدهور أكثر قسوة مما تواجهها اليوم ،وضع ليس بالإمكان تحمله أكثر... لم تواجه البروليتاريا مثل هه الدر أما من قبل أبدا . وهه أيضا علامة مهمة أخرى لنضال ها العصر التي تكشف عن انفجار حقيقي مشبع حقدا وغضبا ولك لأن البروليتاريا وقع في وضع جد اليأس ومشلول حقيقة ...

كما يقول ماركس :إن الاقتصاد جعل من الإنسان ضحيته الأبدية . لكن لم تداس من قبل حاجات الوجود الإنساني بهه الوقاحة تحت اسم مصلحة السوق والمنافسة الوطنية دون خوفا كما تجري اليوم أبدا. لم يحدث في التاريخ أبدا أن تكون المقاومة ضد السيطرة الواسعة والعميقة للدولة بها الضعف كما اليوم . لم يحدث في التاريخ أبدا أن يكون الاحتجاج والاستنكار بها الضعف ضد اللانسانية الفاضحة لها المجتمع كما هي عليه اليوم . إن نفس المنطق الي يقودنا إلى وضع انفجاري حاليا هي أن البروليتاريا تحملت أكثر بكثير مما كنا نفكر هبه ، فكيفما كانت الأكايب والروايات التي يحبكوها لتشويشنا وتنويمنا لا محال ها الوضع يصل حدا بحيث موضوعيا لا نستطيع السير أكثر ....أخيرا لا بد أن ينفجر الوضع ضرورة .

في كون نضال البروليتاريا تتخ شكل انفجار فريد تحدد عنصرا مهما لقوتها ، التي هي عبارة عن : انبثاق غيرمنتظر . وها يصيب العدو بالشلل بحيث لا تدرك كيف ترد مباشرة وتتخ قرارا(13 )

ليس للاصلاحيين والاشتراكي ديمقراطيين أي فعالية في السيطرة على الاحتجاجات الواسعة للبروليتاريا المؤسسات الإقليمية المختلفة ، أو المجالس المحلية ، الخدمات الاجتماعية وجميع مراكز الدولة غارقون تماما في المشاكل والصعوبات المختلفة .في الأماكن التي فيها المطالب ليست خاصة ولا محددة المهمات الإصلاحية وكنس الحركة أصبح أكثر صعوبة للبورجوازية ، بشكل إا ما قاموا بإعلان محاربتهم لحركة البروليتارية بشكل علني سيجدون أنفسهم تحت أقدام البروليتاريا .تنوع المطالب واتحاد البروليتاريا كطبقة ،وليست كمجموعة أو مجموعات متعددة ، هي عناصر قوة البروليتاريا . محاربة جميع مقترحات و"مساعدات "الدولة،نفي جميع إنجازات ومنتجات لك الوجود الاستغلالي الحاكم (اليسار من وجوده حارب طبيعة و طابع الحركة هه ) في الحقيقة تؤكد على الثورة الشيوعية.

قوى المعارضة من جانبها تحاول الاستفادة من هه النتيجة المفاجئة .لكن بعكس لك ، من جهة البروليتاريا ، الفردية والعزلة وغياب العلاقات الواسعة وحياة "كل واحدة لنفسه "، التي كانت السائدة في زمن السلم الاجتماعي تخيم على حياة أغلبيتهم ، كلها تتعرض مباشرة لهجوم الثورة الكاسح (حتى ولو كان لك من قبل أقلية بروليتارية أو كان في النضال الشامل) .جميع المنخرطون في الحركة يتعرفون على جماعية للنضال ،يمارسون حياة لا مكان للأنانية في متاريسها . يديرون جماعية الكل فيها يقاتل مؤازرة مع الجميع من أجل نفس الحياة ، من كان في ألأمس مجرد شريك لعب أو جار أو ها واك بالنسبة لهم ، ألان رفيق نضال ومساندتهم درع ضد هجمات عدوهم .

كل مرة مراكز،ومقرات الأحزاب ، النقابات ومؤسسات الدولة ألأخرى (المخازن،ألإدارات المحلية ،المحاكم...) تهاجم وتحرق . الفعل المباشر يستخدم ضد مسئولي الحكومة ، والكثير من المدافعين عن بقاء العدو يتم تصفيتهم . وفي بعض ألأحيان يشمل حملات السجون ويطلق سراح المساجين ، بدون أي اعتبار لمستوى وعيهم الطبقي ...

بالرغم من عدم نضج الوعي الطبقي للمناضلين ، فإن هه العملية ليست فقط إشارة واضحة إلى تشكيل طبقتنا ثانية ، بل هي أيضا إعلان عن تناقض شديد وكلي بين البوريتاريا والدولة البورجوازية في كامل وجودها .

العنصر القوي ألآخر للانتفاضات التي تنظم من قبل الفصائل الطليعية قليلا كان أو كثيرا،هو القيام باحتلال ممتلكات البورجوازيين بلا استثناء .عن طريق طرح كل الأفكار والأخلاقيات السائدة أرضا ،ومواجهة إرهابية الدولة مباشرة (14)، يحاول البروليتاريون الحصول على احتياجاتهم الحياتية بالقوة ، إلغاء جميع الوسائط التي فرض عليهم من قبل الرأسمال :النقود، العمل ...الخ .

تلك الفترات هي الأيام التي فيها لأول مرة المناضلون باستطاعتهم الحصول على كل ما كانوا يشتهون من زمن بعيد وطالما كانوا يحلمون هبه أي يحققوا أمنياتهم بدون أن يدفعوا ثمنه، شاشة تلفزة قات حريري مدفئة ،لحاف ريش ... هي الأيام التي يحتفلون فيها لأول مرة ، يشربون بنشوة ( لا يدفع ثمنه وبصحبة رفاقه لا يبالي وإن غدا عليه أن يهب للعمل) يغني ويرقص!

في نفس الوقت التي تفرض مصالح البروليتاريا الأساسية نفسها ضد الملكية البورجوازية وتؤكد نفسها كحاجة دكتاتورية البروليتاريا لتثبيت نفسها ضد ها المجتمع ، التي هي الحرب باته، العمل،التي جرد الإنسان من كل شيء،تتجلى بداية الصعوبات التنظيمية في الخنادق والمتاريس،في المناطق التي لا تجرؤ الشرطة دخولها، هيئات إدارة الفعل المباشر وتنظيم الفعاليات تنظم نفسها(15) وتفتح المجال للمناقشة بصورة ملتزمة :مركز للعماليات،مركز لتوزيع وإدارة النشاطات ، لاستخدام العنف،لتحديد الأماكن التي يجب السيطرة عليها،استخدام أساليب المقاومة...

هه المواجهات،أعمال السلب والنهب، النضال...مع جميع المشاكل التي تجلبها مع نفسها والتي تعرقل طريقها، جميعها تعبر عن طليعة اتجاه حقيقي من اجل احتواء الحرب الأهلية التي يصلي الرأسمال نيرانها.وكثيرا ما يحدث أن يعصي قسم كبير من هؤلاء، الشرطة والجنود الين يساقون عنوة لها الطريق الدموي والمهلك من أجل تصفية البروليتاريا وإرجاع الوضع "الطبيعي"لإرهاب الرأسمال،الأوامر ويتحولون إلى صفوف المتمردين ويديرون أسلحتهم بوجه"أسيادهم"

رد البرجوازية:عصا،جزر وتغفيل
طبعا ها الاحتمال لا يحدث في كل مرة. ووحدات الرأسمال العسكرية خاصة التي دربت خصيصا لكي تقتل وتفتك فقط ، لا تتواني أبدا من إغراق النضال في برك الدماء.مع زوال خوف البرجوازية من هجمات الانتفاضات وعنفها ،تبدأ مباشرة هجومها المضاد،التي هي وكالعادة عبارة عن :عزل الجماهير البروليتارية من مصالحها ومن وجودها الطليعي. وها التقسيم يستند على ومرتبط بالحدود الفعلية للحركة نفسها،يستند على لك الانقسام الفعلي الي رسخ في قلب البروليتاريا بين الين يشاركون مباشرة في النضال والين يقاومونها ،قوة الإيديولوجية البرجوازية من القوة بحيث حتى في حالات احتدام الصراعات قسم صغير فقط من البروليتاريا يشارك في الفعل المباشر .هناك مجموعات بروليتارية أخرى أكثر رضوخا للنقابات والأحزاب السياسية ،ليس فقط لا يبالون لمصالحهم الطبقية ،بل يواجهون هه العمليات ومستعدين أكثر أن يبقوا مطيعين وينشروا الأخبار الرسمية للأحداث (أو يرتمون في أحضان المعارضة البرلمانية ،التي تمارس نفس مهام النقابة والأحزاب السياسية بالضبط عندما يتعلق الأمر بضرب البروليتاريا )
بنفس الصيغة هه، جميع أجهزة اختلاق وجب الرأي العام ،بعد تلفيق مجموعة أكايب وأقاويل للأحداث:

ينشرون فقط التي يتلاءم مع غايات الشرطة (16).وجميع الأعمال التي تعبر صراحة عن البروليتاريا ،تتهم مباشرة بانتمائها لـ"يد أجنبية"،بأنها تحوي "عناصر لفصائل إرهابية" ،بأنها "مجموعة من الشباب الفوضوي" ..

كلما كان بمقدور برجوازية منطقة ما الاعتماد على تقسيماتها مثل القومية والوطن والإيديولوجيات ...الخ،كلما كان المجال أوسع لأجهزة الأعلام للتلاعب بالأحداث أكثر فأكثر ."الأجانب انتهكوا السلم والأمن " ، "الصراع صراع بين السود والكوريين" ،"إنهم الهمج ،الآتون من الأحياء الفقيرة"،"إنهم الأكراد"،"المتعصبون الدينيون" الخ. كل هه طرق مختلفة لكي يقولوا ليس هناك بروليتاريا. طبعا كل ها الهجوم ضد طبقتنا هن طريق كثير من أجهزة اتصالاتهم العالمية أصبح أقوى وأمتن وواسع. هدفهم الأساسي والأهم هنا،هو أن يقطعوا الطريق أمام البروليتاريا بأي وسيلة كانت وبأي ثمن لكي لا تدرك الأسباب العامة والأساسية والعالمية للأحداث أبدا . يصيحون بوجه بروليتاريا العالم بأن عليكم أن لا تحسبوا أبدا بأن بروليتاريا في الأجزاء الأخرى من العالم انتفضت كبروليتاريا ، لا يجوز أن تعتبر مشكلة البروليتاريا في منطقة ما جزءا منكم ، بالنسبة للإعلام (الي مؤسس خصيصا لمراقبتنا )الانتفاضة البروليتارية ليست لها وجود بتاتا ،بل أنهم "المهبون" ،"الالفلسطينيون" ،"الضد دكتاتوريات" ،"إنها انتفاضة اللاجئين والمشردين"،"المعدومين" ،"العرب"،"خاص بالعالم الثالث"...

إن الهجوم المضاد للبرجوازية تتمركز على تنظيم تفرقة "المواطنين المعتدلين الصاحين" من" الغوغاء والفوضويين "،بين"المواطنين"و"الأجانب" ،بين "العمال المنضبطين والمجتهدين "و"الين يتكاسلون" ،بين "موظفين ملتزمين" و"الين لا يحسوا بالمسؤولية "بها الشكل الخبز للمجموعة الأولى والعصا للثانية .

أخيرا يأتي يوم الوعود والاستسلام :يعزل الوزير الفلاني ويطرد المسئول الفلاني ، يجري بعض التغييرات ويعلن عن بعض القرارات الخيرية ضد المجاعة ، ترتفع الأصوات :انخفض الغلاء الي تسبب في الأزمة المعيشية وأدى إلى تمرد العمال وتلاشى ،ليس هناك نقص بعد في المواد الأساسية والأسواق الحكومية تزخر بالبضائع ...

وفي نفس الوقت تقوم وحدات خاصة بمهاجمة الأقسام الواعية من البروليتاريا تعيينا . في الحقيقة جميع القوانين المضادة للانتفاضات يحرص على القمع موجه ضد المتهمين ، ويكررون بأنه يجب "قطع الطريق أمام مشاعر السكان التضامنية للثورين" ، "أن يوجه الضربات مباشرة ضد الين لهم يد في الحركة ،وليس واجهة الكل عامة التي قد يؤدي إلى خطر أن تشمل الأبرياء أيضا ".

إن العمل الواسع لمؤسسات الدولة الرسمية وحدها لا يكفي لتحطيم الأقسام المتشكلة من البروليتاريا المناضلة،للك يجبرون لتحريك عدد من التشكيلات الأخرى "الغير رسمية " قبل اندلاع الانتفاضات،مثل (المرتزقة والمأجورين المسلحين،نقابات المافيا ،وفصائل إجرامية خاصة التي غالبا ما تتكون من النقابيين...). الكب والتشويش ينشر في كل مكان :ما يجري في الواقع في مواقع العمل والشوارع والأزقة لا يكر أبدا ، على شاشات "البربرية"، يختلط صورة العمال وهم يستحوون من جديد على حاجاتهم، بآلاف الصور المختلفة للحرائق والدماء،الأنقاض والدمار وكلها تمزج مع روايات وخطب السياسيين الأكياء لشرح وتحديد"أسباب وسر الإنفجارات" ،وطمأنتنا على النظام والأمن من قبل الدولة ،بعد لك ولكي يطمئنوا تماما من كل أكايبهم رسخت تماما وستر الحقيقة كليتا ورياء الناس المطيعة تتردد بوجه المنتفضين ،يجعلون من افتتاحيات صحفهم ،نشرات الأخبار الإاعية، تقارير التلفزيونات كلها تتكلم عن أن شخصا كان كل ما يملك من هه الدنيا محله البائس ، أثناء الأحداث نهب وأحرق،لأن عائلته في حالة عوز ويرثى لها(17).

بعد الأحداث، يبدأ تدريجيا وبكاء تام عملية حصر كل ما يحدث في الشوارع في الزوايا المنسية وقصفنا بالثرثارات السياسية المخادعة ويصبون في أاننا بأن الوضع يسير نحو الإخماد والسلم مستبد من جديد. الوزير الفلاني مستقيل وهناك انتخابات جديدة على الأبواب وسوف تتخ قوانين جديدة . في مقالاتهم و وعودهم، بدموعهم وبعبرتهم المحبة يقولون لنا:صحيح أن ها الوضع لا يحتمل، المعيشة صعبة والسلع غير متوفرة ..

لكن ها ليس مبررا لنهب المحلات وإحراق السيارات...الخ،ويبلغوننا بأن مسئولية هدم الحركة وتسييرها نحوى الفوضى يرجع إلى عمل بعض الشباب الطائش والمشاغب ...الخ. كما يحدث في كل مرة عندما يحتد علاقات القوة وتتصاعد الصراعات وتتقرر في الجبهتين المختلفتين ضد بعضها،جميع قوى الدولة (الصحافة، النقابيون ،الكاهنة علماء المجتمع ،البيئيون ، الشرطة،الأحزاب يسارية كانت أو يمينية ...) كلها تتحد من أجل تدبير حل سياسي للأزمة

ما هي نقاط ضعف طبقتنا ؟
باختصار،أمام جميع الانتفاضات البروليتارية تصاب البرجوازية بعر شديد وتتراجع.وفي بعض الأحيان استطعنا أن نلقيهم درسا إرهابيا لم يشاهدوا مثيلا له من قبل!ومثلما اتخنا أيام انتفاضاتنا كفرصة سانحة للحصول على بعض إنجازاتنا الحياتية الوقتية،وبنفس الشكل 'استطعنا لأول مرة في حياتنا أن نقيم احتفالاتنا في الأحياء السكنية،وفي بعض الأحيان في إرجاء مختلفة من المدن !
لكن دعنا لا نتغافل من أن تلك الأيام لا تداوم .فالرأسمال خلال أيام قليلة يسحقنا ثانية بإرهابيته الشرسة حتى إا لم يكن في جميع الأحوال ،فإن المابح تكون واسعة جدا ،جثث القتلى والجرحى تفوق العدد . رفاقنا في الطبقة ،إ لم يقتلوا ،يسجنون وتسجل أسمائهم .إرهابية الدولة لا ترى الإنسان .مثلا ،بعد أيام قليلة من احتلال بعض الأسواق في فنزويلا والجزائر أو في لوس اندجلس ،بعدها تعرضت البروليتاريا لاندحار شديد. ونحن نعرف أن ها يتخ سنين حتى تستطيع أن تقف على قدميها من جديد بوجه عدوها.

للك التغاضي عن هه الحقيقة ومدح تلك الانتفاضات ، والتعبير عنها كأنها "أرقى أساليب النضال الثورية"(18)

modernistيعتبر جريمة.وإن كان ليس بمقدورنا قطع الطريق عن تلك الاتجاهات التجديدية

والآنية لمدح تلك الحركات،فإن واجبنا، واجب المناضلين ،هو النقد الثوري لتلك الفعاليات لطبقتنا.

في الحقيقة إن الأمر يدعو لانتقاد الات لكونا مكتوفي الأيدي أمام المابح التي ينصبوها لرفاقنا ،أو عندما نرى كيف قوى طبقتنا تنقلب خلال ليلة وضحاها من محاولتها للإجهاز على العدو إلى شتات مشلولة في زوايا عزلتها السابقة (19).

جميع الانتفاضات في الزمن الحالي مثلما تنبثق فورا براديكالية في مكان ما ،وبنفس الشكل تختفي أمام عيوننا خلال لمحة بصر .هكا بعد كل اندحار تتراص المصائب والمحن واحد بعد الأخر.تساق مجموعة من رفاقنا إلى المعتقلات ،وبعيد إخلاء الشوارع من المناضلين وإرجاع "كل إلى بيته!"تصبح الفردية والأنانية والمواطنين

"البهاء" أبطالا ونقطة مركزية للمسرح التاريخي. والأسوأ من لك ، نضرا لسيادة وهيمنة التاريخ الرسمي في تحويل وطمر حقيقة الأحداث ،وبسبب قلة وهشاشة كرياتنا وعدم فصلها من فرزها من التاريخ الرسمي ،فأن العدو ينكر جوهر وحقيقة ملاحم أيام الانتفاضات كلها ويطمرها بأكايبه .

إن ما يميز الوضع العالمي الحالي أكثر من أي شيء آخر هو عدم وجود هيئة دائمة،مركز تجمع،إصدارات بروليتارية واسعة الانتشار،منضمة بروليتارية أممية قوية،بحيث تحضن النواتات الطليعية التي تنبثق من خضم النضال هنا وهناك، ها بنفسه نتيجة لعدم وجود إتحاد دائمي للبروليتاريا .للك نفهم اليوم جيدا أهمية نشاطات النضال المستمر والفعل الشيوعي ألأممي المباشر في ظل برنامج ثوري:التنظيم،ممارسة نهج ثوري ،كما نطوره في فصيلتنا الصغيرة هه،بالرغم من جميع نقاط الضعف الموجودة فيها.

عدم وجود تلك الإطارات العامة للتنظيم ،في وقت تفتقر إليها الحركة أكثر من أي شيء آخر في تلك الحقب،تتجلى في الإفقار الشديد إلى كل ما يسمى بالتشكيلات التنظيمية ،في عدم وجود أي قرار موجه واضح ومحدد،حيث لم يحدد برنامج ولا طريقة للتوجيه. فإا كانت الغريزة الطبقية وحدها كافية لتحديد الأماكن التي يجب السيطرة عليها، بتشخيص الأعداء لمواجهتهم (التي تشمل الشرطة والأجهزة القمعية الأخرى بصورة عامة)، لكن عند أي خطوة تخطوها نحو مستوى أعلى للنضال، وعندما تنخرط زمرة من المعارضة البرجوازية في الأحداث هدف تفريغها من كل محتواها الطبقي،وعندما تفلح البرجوازية استظهار ملامحها الكية الخداعة...عند إ يتغير النضال ضد الرأسمال إلى نضال سياسي خاص:نضال ضد الدكتاتورية،ضد هه أوتلك الحكومة،ضد ها أو اك الوزير،ضد ها أو اك القانون المحسوب بالأبشع من قبل الجميع،بل أسوء من لك بتحويلها إلى نضال من أجل الديمقراطية،من أجل الاستقلال الوطني أو من أجل أهداف ألإسلام ....

لكن كل ها،حتى في الأوقات التي فيها النضال في أشده،هي نتيجة لها الواقع بأن أكايب والطرق المسرحية البرجوازية غارسة في عمق تاريخ طبقتنا.القومية،الحركة الإسلامية ،النضال ضد ها أو اك الدكتاتور...كل ها ليس مجرد خطابات برجوازية فقط،بل لأن ألكثير من العمال يتبعون تلك الإيديولوجيات وموجهون لتقويتها .

أصبحوا قوة مادية في داخل وضد تنظيم نضالنا .

العنصرية وما يسمى بضد العنصرية ،الجماهيرية، تجديد الماهب والأديان ... كلها كحركة سياسية ليس فقط في فترات السلم الاجتماعي بل حقب الغليان الثوري العالمي، تثقل كاهلنا بشدة ولها تأثير قوي في هدم التنظيم الطبقي للبروليتاريا .كثيرا ما تنجح البرجوازية في تحقيق أهدافها ،في تغيير مجرى الحركات البروليتارية إلى أهداف أخرى ،غالبا ما تحث قسما من البروليتاريا إلى مهاجمة قسم آخر منها،وها بلا شك مرحلة لتحويل الحرب الاجتماعية إلى حرب أمبرليالية في بلد ما (20). بدون الحاجة هنا إلى الدخول في موضوع الوضع الحالي في يوغسلافيا ،حيث نتيجة لضعف النضال البروليتاري فسح المجال أمام قتل البروليتاريون لآخاهم وزادت بتا مصلحة البرجوازية قوة (التي تخطت صيغ انتصارات ها أو اك الفصل القومي ،بل تتجلى فيها بوضوح انتصار تام للرأسمال العالمي ).في أكثر الأحيان قصدهم وغالبا حقوقه،هو كيفية محاربة فصل بروليتاري بفصل بروليتاري آخر ،كما حدث في الأرجنتين بيت المشاركين في أعمال النهب،وكما في لوس أنجلس حاولوا حثيثا لتغيير الجوهر البروليتاري للأحداث إلى مشكلة الاختلاف عنصري (وإن لم يجنوا الكثير من لك ).باختصار

نستطيع اليوم الإعتراف بأن تاريخ طبقتنا لم يشهد من قبل قطيعة بها الشكل بين فعالية النشاطات الثورية وغياب الوعي البروليتاري بالك .بين الممارسة الطبقية ضد الرأسمال والدولة مع وجود عدم إدراك عام بأهداف تلك الممارسات ،بين التشابه في الوضع المعيشي للعمال ونضالهم في كل مكان مع عدم ملاحظة العلاقة الأممية

للنضال ووحدة أهدافه ،بأننا جميعا أعضاء لنفس الطبقة ونناضل لنفس الهدف.لم يحدث أبدا من قبل أبدا مثلما

يحدث اليوم بأن تكون الحركة التي تلغي الملكي الخاصة ممارسة أن تكون غافلة عن البرنامج الاجتماعي للشيوعية .

بتدقيق إن عدم وجود تنظيمات بروليتارية دائمة وواسعة مع غياب قوة حازمة وعازمة ، جعل من الصراعات والتناقضات تتخ أن تكون أكثر ا طابع أعمال عنف . الي هو طابع الممارسة النضالية في العصر الراهن، مع كل ضعف وقوة فيها . يتجلى الضعف عندما يسهل الأمر أمام الرأسمال أن يحول نضالنا إلى منافسات البرجوازيين أنفسهم ، التي تكون في أعلى مراحلها عبارة عن مقاومة المشروع "العفوي" لنضال البروليتاريا ـ الثورة الشيوعيةـ عن طريق فرض المشاريع الخاصة بالرأسمال نفسه: الحرب الإمبريالية (أي تجديد المجتمع البرجوازي بدورة جديدة من الحرب والأعمار ...التوسع من جديد).

مستلزمات وإمكانيات النضال ضد نقاط ضعفنا
لا يستطع الرأسمال أن يعطي شيء آخر غير المزيد من البؤس والبطالة، المزيد من التشرد والحروب، المزيد الآلام والنكبات. ضد وبعكس جميع الأطراف المضاد للثورة ، أن السلم الاجتماعي ، كمنتج أساسي لهه الدنيا الغارقة في العنف، لا تقدر من التخلص من ضربات الانتفاضات البروليتارية التي تهز بين الحين والآخر مستنقعه الراكد إطلاقا .
إن مؤامرات الرأسمال وأجهزة دولته ليس بمقدورها أبدا قطع الطريق أمام هه الانتفاضات كميا وكيفيا.المنظمات العالمية،القوى المناهضة للانتفاضات والمؤسسات القمعية،جميع العلوم المستقبلية منهمكة جميعا في ضرب البروليتاريا والانقضاض عليها قبل قيامها.النقابيين،السياسيين،المهبيين،الخدمات الاجتماعية تجهز نفسها باستمرار لضرب البروليتاريا بصورة أعنف،وجميع جهودهم اليوم تتركز في كيفية قطع الطريق عن انبثاق تلك الانتفاضات،ويعرفون بأن عملهم في الغد هو تصفية الانتفاضات.فإن الأمر لا يدعو للدهشة أبدا،إن العدو يعد العدة ويجهز نفسه.

وماا فعلنا نحن في سياق أعداد الات؟ لا يتعدى أعداد أصابع يد واحدة!

إن ها الواقع المؤلم والمرير لا يمكن تغييره بالنية والإرادة الثورية،أو وعي ها أو اك الفيصل فحسب،في وقت القسم الآخر لطبقتنا أمام هه الحياة التعيسة والمليئة بالصعوبات،ساكت ومعتاد عليها.منظمة صغيرة لعدد من الشيوعيين،كيفما كان منظورهم وأفعالهم،مهما كانت إراداتهم وتأثيرهم قويا،لا تستطيع أبدا ملئ الفراغ الي ينتج من غياب الاستعداد الجماعي في حركتنا.تشتت وضعف انتظامنا الطبقي،عدم وجود مؤسسات دائمة للنشر والتداول والمبادلة وعقد اتصالات ولتنظيم....لا تملئها أبدا نشاط بعض الفصائل الصغيرة.

للك وحتى فترة أخرى ستستمر هه الانتفاضات القصيرة أو الطويلة لحركتنا،رغم كل قوة أو ضعف فيها. نحن لا نستطيع قطع الطريق أمام الانفجار اللاحق بأن لا تعود بماسي ونكبات كبيرة على حياة طبقتنا. تحديد سر ها الأمر لبسيط جدا: وهو بسبب عدم وجود إتحاد أممي وندرة التشكيلات البروليتارية التي تقوم بنشر أخبار الحركة على المستوى العالمي، أي عدم انتظام البروليتاريا كطبقة ، مع حقيقة أن البروليتاريا لا تستطيع حتى الاعتماد على تلك الفصائل التي بمقدورها أن ترد على الإرهابية الدولة بمستوى ضعيف من الإرهاب الثوري.

إن ها الأمر ليس فقط يفسح المجال أمام العدو لكي يتغلغل في نشاطاتنا، بل يمنحه الإمكانية لأن يوجه التشتت والاختلال الي ولده في صفوفنا بقوة ضدنا،فبعد كل انتفاضة يقوم بانتقامه بكل وحشية بالقبض على الخلايا الطليعية للبروليتاريا وعزلها وإبادتها.

الأسوأ أن البورجوازية وعلى حساب ضعف البروليتاريا، امتلكت القدرة على تحويل مجرى الانتفاضات المقبلة أيضا، بإمكانها توجيه بدائلها المجهزة لتقود الانتفاضات، وبها تقدر من جديد ولفترة زمنية أخرى أن تحجب جريا طبيعة وطابع الغليان الطبقي. مثل ما لهم مستمع كثير، فالطريق سالك لهم أيضا لكي يملئ نشراتهم من أولها إلى أخرها بأن تلك الانتفاضات تعود إلى بعض الأسباب الخاصة ولا علاقة لها بالبروليتاريا ، الانتفاضات "إسلامية" أو احتجاجات بوجه ها "الدكتاتور" أو اك"الشرير" .

كما كان في الماضي، فإن هه الأكايب والإدعاءات تصبح جزءا من الواقع(كقول فيلسوف قديم ":الخطأ لحظة من الحقيقة")، والرأسمال من أجل تحويل الصراع الطبقي إلى منافسة البرجوازيين فيما بينهم،بين الامبرياليات أنفسهم، يحاول جاهدا بأن تظهر التناقضات بأن هنالك حقيقة واحدة وتاريخ واحد فقط:الرأسمال نفسه ليس غير.

لكن لا يمكن لها الوضع أن يستمر إلى الأبد، ولك بسبب استمرار شكل المعمم للرأسمال من جهة، الي يصبح عقبة في طريق جهوده لإخفاء تطابق وضع وشروط النضال البروليتاري في كل مكان، ومن جهة أخرى بسبب تكرار تلك الانفجاريات الثورية وسحقها مرارا، إن التجارب تتراكم حتميا وتفرض شعور للوعي.

ففي الأزمة توحد الوضع العام لتطور الرأسمال. ليست المجاعة،والبطالة،والأمراض،والفقر تزداد فقط...يوم بعد يوم فحسب، وليس فقط لأن الرأسمال في جوهره له نفس المضمون،وإن مشاكله هي نفسها من أن وجد وتبقى كلك،بل جنبا إلى جنب كل اك سياسة الحكومات في العالم وتكرر نفس السياسة يوم بعد يوم. ومع أن مجال حركتهم تضيق أكثر فأكثر فإنهم يرددون نفس الخطابات والوعود.والكل يتقبل ما يسمى ب"الأمر الواقع"و"حكم الضرورة"والي لا يعني غير ألاعتراف بأنهم مكبلون بالتناقضات الاقتصاد .الجديد هنا ليس لك النوع من الخضوع السائد،كان ها دائما هكا، بل أنها تأكيد عام وإصرار على لك الابتلاء.إا كانت منشورات وخطب اليسار واليمين،الامبريالية و"الضد الامبريالية"،الوطنيين والإسلاميين تعبر أكثر فأكثر عن غاية ومصلحة واحدة وتتشابه أكثر فأكثر،ليس لأن هه الفصائل أصبحت أكثر رأسمالية اليوم ،وليس بسبب فشل أسلوب الإدارة الرأسمالية الي كان يسمى ب"الشيوعي"،بل لأن الرأسمال في فترة ازدهارها يستطيع أن يطرح الأشكال المختلفة للإدارة،بعكس فترات أزمتها التي تمارس فيها عالميا اتجاه دكتاتوري واحد فقط:التقشف! لكن في بعض الفترات وعلى أساس إبقاء مستوى الأجر الحقيقي المرتفع،يستطيع الرأسمال بطريقة عمومية تشغيل قوة العمل وفي نفس الوقت إخفاء الارتفاع المستمر في مستوى ألاستغلال(الي يتبع نوع آخر من السياسة ألاقتصادية،كالجماهيرية

وبمستويات متباينة محافظة ودولا نية و....). في فترة ألازمة،خاصة كالأزمة العميقة الراهنة، إن قانون القيمة من أجل الحفاظ على نفسها والاستمرار في عملية إعادة إنتاج نفسه يفرض نفسه بالقوة ويجبر جميع الفصائل البرجوازية على الحرب ضد عمالهم بالات وضد الين ينافسونه من داخله(21).إن النمو "الطبيعي" والرسوخ لمستوى الاستغلال لا يعطي نتائج مرضية،للك فإن قمع البروليتاريا أمرا ضروريا (بل إن هه الحقيقة تتكرر في كل وقت) عن طريق تخفيض الأجر الحقيقي.

إن حتمية تطور وتقوية نفس الاقتصاد السياسي عالميا ضد نفس الطبقة الاجتماعية(البروليتاريا)، وتكرار نفس اللغة والادعاءات على المستوى العالمي قاطبة لتبرير هه السياسة("لا بد من التضحية"،"يجب أن نزيد الإنتاج وبطريقة أكثر ربحا"، "فلنحافظ على القدرة التنافسية للبلد"...) تتجه كلها نحو توحيد وتشابه وعود وعمل وفعالية هجمات العدو. ولك بالرغم من كل الجهود الإيديولوجية لقطع الطريق عن تلك الوحدة، قبل كل شيء تلك الإيديولوجيات بنفسها بمستوى ما من الوعي وأوتوماتيكيا هي نتيجة حتمية لوحدة ردود فعل العدو نفسه في زمان ومكان محددين. إن استمرار وانبثاق الثورة البروليتارية في زمان ومكان مختلفين بلا شك يصعب مهمة تلك الإيديولوجيات والصحافة (مهمة إخفاء تلك الحقيقة إن سبب الانتفاضات هي نفس السبب دائما) ، وها بدوره يفتح الطريق واسعا أمام عملية توجيه توحيد القوى في طبقة(البروليتاريا) وضد عدو واحد (البرجوازية).

من جانب آخر، تزايد قوة الانتفاضات كميا ونوعيا، وتكرار انهزام البروليتاريا، تفتح اكرة ووعي وأان وعيون تلك الطبقة بحيث تقدر على تقييم تجاربها،تراقب وضع الأجزاء المحيطة الأخرى بتا، تربط حالتها وحاجاتها الآنية بماضيها ومستقبلها. كما كان دائما هكا، في البداية الين يمارسون هه العملية مجموعة قليلة فقط. لكن بشكل من الأشكال أي واحد مننا كمناضل هو نتاج نوعا ما من تلك الانتفاضات والحركات، من تلك التوعية والتحليلات التي تظهر قبل الانفجار، نتاج تجاوز لتلك الإطارات التي حصر وهزم هبه الانتفاضات السابقة، نتاج للمراجعات والدروس التي تلقيناها من موجات نضال لم توصل إلى أهداف كنا ننتظرها جميعا. الثوريون الين يقودوا فعليا النضال الين في كل فترات الحركة يطورون ويقدمون المصالح العامة الأممية والتاريخية للشيوعية...، لا تنتج عن طريق الكتب والنصوص،بل هم نتيجة لعملية طويلة معقدة وشائكة للنضال الطبقي، تتكون من المحاولات التي تجري من أجل تعميم دروس النضال،تلك الجهود النضالية التي تبل للتعبير عن حاجات حركتهم في مستوى عال، تلك الجهود التي تجري من أجل ممارسة بعض النتائج الأولية الأساسية للنضال، التي تنتج فقط في ضوء خبرات ومفاهيم والنتائج التي تم إعداد الأرضية لها في الأزمنة السابقة من قبل المناضلين السابقين.على هه الأرضية ومن ها المنظور تعطي نتائج وكتابات المناضلين معنى وغاية مهمة لنفسها. هم الين يقومون بمسؤولية بنشر دروس وأخبار جميع جوانب طبقتهم، يكروننا بملامح طبقتنا التاريخية،

يحددون نقاط ضعف الانتفاضات ويعلنون أسباب الهزائم لباقي البروليتاريا، لكي يصبحوا قوة للانتصار في تنظيم أعمالنا وتطور البرنامج الشيوعي وتحقيقه. إن هه العملية لصعبة جدّا وتتطلب المزيد...وليس هناك طريق آخر ولا بد أن تكون هكا!

بعكس المنظور اللينيني والاشتراكي_ديمقراطي لحزب أكاديمي برجوازي اللين يعرفون كل شيء ويمارسون

دور النبي مع الجماهير الضيقة الأفق والبله الغير مدركة،الحقيقة الاجتماعية مختلفة جدا وتقول شيء آخر تماما.

البروليتاريا تخلق الفصائل والهيئات التي بمقدورها أن تجمع وتنظم جميع التجارب التاريخية وتعمل بتا في اتجاه واحد، وها هو الطريق الوحيد لتجنب تكرار أغلاطنا في الأماكن الأخرى، ولقطيعة عن التيارات الإصلاحية وجميع الين المرتبطين بالظواهر الضيقة والآنية.

لكن الفصائل الشيوعية اليوم التي المشتقة والمنعزلة بعضهم عن البعض أكثر من أي وقت آخر ليس باستطاعتهم أن تضطلع بمهامهم بصورة مكثفة ومتماسكة من ناحية التوجيه الثوري لحركتهم، إا لم تجر في النضال الآتي قسم أكبر من البروليتاريا إحدى بعد آخر نحو القطيعة والتخلص من الإيديولوجيات التي تمسك بأعناقها، أي عندما تستطيع الأقليات الثورية أن تحدد مواقعها بوضوح، عندما يضعون أهدافهم الأساسية في أولوية مهامهم، أي الهدف الدائم لكل الشيوعيين: الثورة، النضال ضد الرأسمال تحت ظل أي جناح كان.

تلك الأوقات التي يحلق عدونا في سماء أحلامه، هي الأوقات التي يحلم فيها بفناء الشيوعية. هي الأوقات التي فيها الرأي السائد هو أن البروليتاريا ليس لها وجود. الأوقات التي لا يسمعون فيها ولو كأنين خافت لتحيى الثورة الاجتماعية... لكن فجأة يقضهم رعبهم الأكبر من غفوتهم، الي من أن وجدوا أفنوا الملايين حتى من صفوفهم من أجل قطع الطريق عنه، ويستيقظون مرعوبون مجفلون من حلمهم الأسطوري الي أنتجه لهم وأخضعهم ها المجتمع الي هم أنفسهم يديرونه، عندا إ:

يسقطون سقطة لا نهوض فيها !

"إن الحركة الشيوعية، بصفتها كائنا واع وباعتبارها حزبا، تميزت في نضالها الطويل التاريخي عن جميع قوى وأيديولوجيات الثورة المضادة ، ولك عبر تأكيدها بشكل واضح على الوحدة التي لا تنفصم بين دكتاتورية البروليتاريا وإلغاء العمل المأجور. إن تدمير علاقات الإنتاج الرأسمالية هو بالضرورة ممارسة استبدادية (استبدادية الحاجات الإنسانية ضد قانون القيمة) للقوة المنظمة والممركزة للبروليتاريا بغرض فرض هيمنتها الطبقية:الدولة البروليتارية العالمية،التي ليست بدولة شعبية ولا باتحاد لمختلف الطبقات...الخ بل هي حصرا دولة البروليتاريا المنظمة في حزبها . فهي لا تقام على أساس مصلحة الحرية، إنما على أساس ضرورة قمع جميع قوى الرجعية عبر الإرهاب الثوري.

وإن مختلف التيارات باسم معاداة التسلط بشكل عام، تنكر كل ضرورة للدولة العمالية أو تزعم إمكانية جعل هه الدولة المؤقتة دولة"حرة" و"شعبية" و"ديمقراطية"، أو دولة تساهم فيها قوى غير بروليتارية، إن مختلف هه التيارات إن لا تساهم فقط في بث التشويش بين البروليتاريين إنما تخدم الثورة المضادة عمليا".

"إا فالثورة البروليتارية لا علاقة لها قطعا باحتلال قيادة الدولة بهدف انجاز "إصلاحات اجتماعية". فما تهدف له الثورة البروليتارية بالمقابل من وجهة نظرها الاجتماعية، ومن جهة الضرورة الاجتماعية لتدمير السلطة بشكل كامل وكلي(عسكرية واقتصادية وإيديولوجية وسياسية ...الخ) هو إقامة المجتمع الشيوعي :إنها تنطلق من فصل الإنسان الفعلي عن كيانه الاجتماعي هادفة إلى إقامة جماعية حقيقية للإنسان :الكائن الإنساني. ومن البديهي أن الثورة الاجتماعية، وبالقدر الي تحقق قلب السلطة القائمة وتضع تدميرها وحلها كضرورة لها، تتضمن النضال السياسي. لكن وحيثما تبدأ نشاطها الاجتماعي التنظيمي، وحيثما ينبثق الهدف والمضمون الخاصين بتا ، فإن الشيوعية تتخلص من غلافها السياسي.

لها السبب أيضا، فإن الثورة البروليتارية ليست ممكنة التقليص إلى مجرد قضية اقتصادية لإدارة الإنتاج وللرقابة العمالية ...الخ . فمن أجل أن تحقق الأنشطة التنظيمية للمجتمع حتى الشيوعية، فإن الثورة البروليتارية تتطلب على العكس التدمير العنيف لكل المؤسسات والأجهزة الخاصة بالثورة المضادة التي تؤمن وتضمن ديمومة دكتاتورية القيمة ضد الحاجات الإنسانية .

(أطروحات التوجيه البرنامجي، أطروحة44)



--------------------------------------------------------------------------------

1. كما هو موضح في كثير من نشراتنا، فإن الديمقراطية ليست شكل أو صيغة الحكم باك البساطة كما يعبر عنها غالبا بل هي علاقات وجوهر المجتمع الرأسمالي.إنها طبيعة وشريان هه الحياة تماما التي تشيد مجتمع التبادل عليه.في السوق لا يوجد طبقات اجتماعية:الكل حر في أن يبيع أو يشتري! "ضد أسطورة الحقوق والحريات الديمقراطية "، هي إحدى مقالنا المكثفة بها الخصوص ومنشورة في كل من"الشيوعية"و"كوموني زم"العدد ألأول

2. هنا لغرض التوضيح فقط ها التقسيم،إنما بالنسبة لنا هما وجهان لنفس الصيرورة الي يجري فيها نفي وجود البروليتاريا كطبقة.

3. أنظر أعداد "الشيوعية" مع "أطروحات التوجيه البرنامجي"باللغة العربية. ومقالة"مواطنة الحياة و...الخ في سنوات 1984،85،87، 89،...أسوء مما كان يتوقع،في " الكمونيزم" العدد 27، ومقالة "ضد إرهابية كل الدول " في كمونيزم لعدد

الخامس.

4. هنا نضع "الإضراب"بين قوسين لأنه بالنسبة لنا الإضراب البروليتاري هي تلك الإضرابات التي نقطة انطلاقها لصالح البروليتاريا،أي تصعيد التناقضات ضد مصالح الرأسمال. تلك الإضرابات التي بألف طريقة وطريقة، شكليا وجوهريا،تعبر عن هه الحقيقة:الخروج عن المطالب الخاصة لمجموعة من العمال، كسر النطاق الضيق لمصالح عمال هه المصنع أو تلك الدائرة،ها العنصر أو تلك المنطقة، ومواجهة كل محاولة لتحديد مدة الإضراب، إيقاف الإنتاج وتدميره، تقوية وتعزيز النضال بوجه كاسري الإضراب، وان يكون دور المناضلين فيها واضحا... لكن هنا بالعكس، المسألة هي مهام النقابات(إحدى أجهزة الدولة الرأسمالية) في احتواء واستحوا وإنهاك كل طاقة بروليتارية داخل الإضرابات.

5. إن تقسيم المهام بين أجهزة الدولة (مثلا بين النقابة والشرطة) يسمح أحيانا باستخدام نوع من العنف، ولكن بحيث أنه لا يشكل أي خطر للسلطة البرجوازية بالتأكيد. إن ما يهم أن تكون زمام الأمر بيدها بلا منازع، فأغلبية المتظاهرون بملء فمهم مثل الخرفان تحت شبح لافتات النقابات.ويحدث أحيانا أن تقوم مجموعة دعائية،(كشبة عصابة ) كجهاز ضد جهاز آخر(الشرطة)، وبشكل جد راديكالي بتحويل طابع المظاهرة وحث البعض الآخر إلى مهاجمة الشرطة التي تم إعدادها خصيصا لهه المعركة وتنتظرها يأتم الاستعداد . إن البرجوازيين لا يعتبرون هه الأشياء خطرا على حياتهم وملكيتهم فحسب، بل يستغلون هه المناسبات للقبض على بعض العناصر البروليتارية الراديكالية وتسجيل أسمائهم، وتسهيل أعمال الشرطة الآتية في المستقبل. هناك تلاحظ بوضوح وجود كل قوى الدولة في معاداة البروليتاريا: واحد بهراوة، وآخر بآلة تصوير،والآخر بإدارة المظاهرة (وها كله لا يعني أن النقابة لا تقوم بالأعمال القمعية). إا بهه الطريقة، ولأن البروليتاريا في تنظيم وتوجيه قواها في مصلحة طبقتها،تتخبط في ضعفها وتقوم باستخدام العنف بشكل متقطع ومحلي ضد ها الجانب وتلك من قوى عدوها الطبقي، فإن البرجوازية استطاعت الاستفادة من ها الضعف وتوجيه نقمة البروليتاريا وغضبها،بترقيع بعض الفجوات وتضميد البعض من مشاكلها، أي إدامة عبودية البروليتاريا وإطالتها، لأن المشاكل الطبقية لا تنتهي إلا بانتهاء الرأسمالية نفسها

6. ضد التيارات الوهمية المنحطة (التي من منظورها يمر الرأسمال بمرحلتين :مرحلة الازدهار والتطور، التي فيها كما يدعون الرأسمال في تطوره حقق البعض من أهداف العمال، ومرحلة الانهيار، التي تبدأ بعد الحرب العالمية الأولى، التي فيها الرأسمال كما يزعمون تتهاوى نحو التعفن والانهيار، وفئة أصحاب نظرية "أمبريالية هي أعلى مراحل تطور الرأسمالية"مثال جيدا لها التيار)، التي تزعم بـأن النقابة كانت خدمة ومصلحة البروليتاريا حتى سنوات 1914 هنا نغتنم هه الفرصة لتكيبهم بأن النقابة ومن أن وجدت،خاصة بامتداد سنوات القرن التاسع عشر، لم تختلف عن النقابات في ها العصر إطلاقا :كانت منهمكة باستمرار في تجزئة البروليتاريا وتجاهد من أجل حصر كفاح العمال اليومي للحياة في الحدود الضيقة للمصالح اليومية وحسب...كالنقابة التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية ضد النضال البروليتارية في سنة 1890 .

7. إن شاهد وسند عدم ظهور البروليتاريا هو في عاقبة ها العصر نفسه،في أن المجتمع البرجوازي غرس جور ازدهار وإعادة إنتاج نفسه عميقا في البروليتاريا. لكن حقيقة أن وجود البروليتاريا كطبقة، كقوة، كسلطة، وكهيئة عضوية متماسكة أمام وضد الرأسمال ليس جليا. وعند الممارسة فقط بالإمكان تقويم ومناقشة ه الحقيقة جيدا. إ ليس ا شان أن نردد فقط بأن "البروليتاريا موجودة". البروليتاريا لنفسها تستطيع أن توجد كليتا عندما تنظم نفسها كقوة اجتماعية ضد القانون والسلطة البرجوازية . لكي نوضح ها لا بد علينا أن نقول أيضا بأن إمكانية وضرورة انتظام البروليتاريا وتشكيل نفسها كطبقة وحزب تعتمد فعليا وماديا على الاستمرار في محاربة ها المجتمع، محاربة بحيث البرجوازية بكل سلطتها لا تستطيع الإفلات منها والسيطرة عليها تماما قطعيا. فهنالك المئات من الانتفاضات البروليتاريا منبثقا الإقليمية والقصيرة الأمد والمتقطعة، والتي نحاول في هه الدراسة كر وتحدد قوتها ومواقفها الطبقية، التي تحمل في جوهرها تقدم وتوجه الحركة نحو الوحدة وتنظيم البروليتاريا في طبقتها وحزبها.

8. إن حقيقة ها الأمر هي، لكون مصدر إنتاج القيمة هو قوة عمل الإنسان نفسها، بالمثل لا يمكن إنتاج القيمة بالاعتماد على "مكر بالإنسان:روبرت" أو آلة على هيئة الإنسان. عموما أن ها الحد الطبيعي للرأسمال نفسه، مثلما هو نتاج للرأسمال نفسه، بنفس الطريقة هو حد فناء نفسه أيضا. قبل كل شيء فالرأسمال لا يدير ها العالم بصورته العمومية وحسب، بل هو صراع الحياة والموت بين أقسامه أيضا. صرعا بحيث كل القسم فيها تحصل على حصة من فائض القيمة. للك يكون من الطبيعي أن لجميعهم مصلحة في تطوير قوة الإنتاج بهدف إنتاج كائن ينتج القيمة لهم كما يرغبون وبدون إبداء أي اعتراض ! الاعتقاد بأن الرأسمال يستطيع إيقاف فناءه والقضاء على حفار قبره "الرأسمالية أبدية"، أو من الممكن الوصول إلى المجتمع الإنساني عن طريق تطوير عالم الحضارة،"العلم والتطور في خدمة الإنسان !"، هو الاعتقاد بتلاشي البروليتاريا ووجود طريق آخر لتشييد المجتمع الإنساني".

9. لا نعتقد بأن وضع كلمة"السعادة" بين قوسين يستوجب الشرح.

10. حول ها الموضوع هنالك مقالة بعنوان" الفعل المباشر الأممية" في العدد الثامن من كومونزم

11. لا شك أن ها ا النوع من الانفجار الي يحدث أحيانا في حي واحد فقط من المدينة وأحيانا أخرى تتخطى حتى حدود مدينة أو مدينتين أو حتى أحيانا حدود البلد، ليس الطابع الوحيد لنضال ها العصر. بل بروليتاريا تكشف عن وجودها ومعاداتها لها المجتمع أيضا عندما تترك ميادين الحرب البرجوازية وتحجم عن الانخراط في صفوف جيش عدوها، لكن من الأسف، لو استثنينا حالة كالعراق، فإن هه الظواهر لقليلة جدا. بالإمكان الإشارة إلى "الإضرابات النقابية" التي تنكسر حدودها من قبل العمال والين ستطيعون الإفلات من إطار المصانع والانتقال بالنضال إلى مستويات أخرى، لكن هه الحالة بالمقارنة مع الأيام الماضية من الندرة بحيث لها أهمية جد قليلة لا يمكن الإشارة بتا تحديدا، خاصة في ثنايا هه المقالة التي تعني أكثر بالجوانب العامة لنضال ها العصر.

12. إن علماء وأخصائيي البنوك وخزينة الرأسمال العالمي في قمة نشوتهم،بأن الناس راضية عنهم والاحتجاجات قليلة ضد لحسابات والمقاييس التي يقرونها، يهنئن بعضهم البعض مدعومون للضغط على الحكومات والأحزاب للعمل حسب المقاييس التي أقروها.

13. هنا نقصد دورالجماهيرالبرجوازية وأجهزة الدولة الكلاسيكية. لا شك أن الدولة كانت لها دائما فصائل خاصة ( مباشرة كانت أو من الناحية الإيديولوجية) للسيطرة وتحوير الأخبار، وفقط بهدف إنكار وجود البروليتاريا ...

هنالك إشارة بها الموضوع في هه المقالة.

14. إا كان واضحا بالنسبة لنا بأن الملكية هي التي أوجدت الدولة وليس العكس ـ لأن الدولة ليست شيئا آخر سوى ملكية قوية ومنظمة بهدف إعادة إنتاج نفسها ـ يكون واضحا بالنسبة لنا أيضا بأن ما جعل الإنسان أن يحترم الملكية الخاصة إلى درجة أن يضحي بحياته من أجلها، هو: أن الإنسان جرد من كل حاجاته (الافتقار من كل شيء) من جانب، ومن جانب آخر حاجاته تتعفن متكدسة في المخازن(الإنتاج يفيض). ولأن الإنسان بهده الطريقة قرن بعد قرن، عانى تحت إرهابية الدولة، عانى من التعب ومبتلي بطاعون الإيديولوجية التي تقول:"مالك ملك لك، الملكية يجب احترامها" التي أشرعها ها الإرهاب بوجه الإنسان من أجل إعادة إنتاج نفسه من جديد.

15. غالبا بعد الإنفجارات القوية المفاجئة،أصحاب الملكيات ومن أجل المحافظة على ممتلكاتهم يباشرون رأسا بتوظيف لجان مساحة المرتزقة، التي تقوم البروليتاريا بمواجهتها رغم كل مستويات تنظيمها وتسليحها البدائية.

16. إا حاولنا أن نبرهن فقط بأن الصحافة هي في خدمة الدولة، يعني أننا لم نفهمها وننتظر منها أن تتغير لأحسن. في الحقيقة، الصحافة هي إحدى مكونات الدولة، وتدعمها مباشرة في إعداد سياستها.ونقع في الغلط أيضا إا رأينا أن إحدى أجهزة الدولة هي التي تقود الأجهزة الأخرى للدولة. إن ها المنظور الي أصبح تقليد لبعض المجددين واليساريين القدم، ليس إلا تفسير مثالي لبيان "المجتمع ألمشهدي"(الي يتطرق إلى الكثير من القضايا لكنه يغفل ركائز وأعمدة الرأسمال. *(إا استطاعت الصحافة في بعض الحالات الخاصة أن "تقود" الجيش والشرطة والحكومة، لأن هي نفسها موجة من قبل الجيش والشرطة والحكومة، ولا نستطيع غظ النظر عن أنها في الأساس، المحرك والمصدر الرئيسي لها الجزء المتشكل هي القيمة اتها في عملية زيادة قيمة نفسها، وكل جزء من الدولة هي تحت سيطرة حدود وقوة مركزية للدولة اتها: إعادة إنتاج الرأسمال، إعادة إنتاج سلطة البرجوازية، إعادة إنتاج المستغل كما هو مستغل . التبرير للرؤية التي تقول بأن الصحافة هي التي توجه وتقود العالم، ليس إلا استسلام مشهدي للمجتمع المشهد نفسه.

*المجتمع المشهدي" بيان مشهور نشر في سنوات1978 باللغة الفرنسية من قبل عضو معروف ومؤسس لفصيلة "الوضع العالمي" ها البلاغ وكتابات أخرى لهه الفصيلة لها أهمية وتأثير راديكالي نسبة إلى إدراكهم الجيد للمجتمع الرأسمالي كمجتمع غير صحيح ومشهدي، من حيث كلما تطور يبتعد عن جوهر وحاجة الإنسان الاجتماعية نحو عالم الاغتراب الفعلي أمام كل الحياة. ها التيار في أطروحاته يعتمد على الدراسات والتحليلات التي يتعمق ماركس فيها في "الرأسمال" حول إنتاج السلعة، خاصة حول" صنميه السلعة". والأهمية الأخرى لها البيان هو أنه نقد عميق ضد جميع التيارات الإيديولوجية والسياسية في الحركة الشيوعية. لكن ها التيار بنظر لطبيعة أعمالهم التي تنتقد بصورة أحادية الجانب سيادة الرأسمال، "المشهدي"، ومثلما كانوا مدركين تماما هبه ، أصبحوا يوم بعد يوم جزءا من مشهد الرأسمال، وها بابتعادهم عن البروليتاريا كناقد الفعلي للرأسمال.

17. بلا شك في كل هه الانتفاضات تحدث الأعمال الأستلاء غير الحق وغير الصحيحة، الأعمال الفردية القرة للك المتكبر أو تلك محسوب نفسه كقائد، مثل ما تحدث تقوم مجموعة متجهة بتخريب داخل الحركة بقصد بابتعادها عن أهدافها، ولكن بعكس روايات البوليس والصحافة، هه الأفعال لا تشكل مضمون الحركة على الإطلاق .

18. في سنوات 17_21 كان ها الموقف استند على المجالس والسوفيتات التي كانت الإطار الضروري والفعلي للتنظيمات البروليتارية،بصورة كانت هه التشكيلات تظهر كالضمانة المطلقة للثورة. لكن ليس بوسع أي شكل التنظيمي أن يضمن جوهر الثورية علي الإطلاق، بل أن المجالس والسوفيتات ( كما حدث في ألمانيا وروسيا) في انهزام الحركة تصبح إطار الحماية بقاء الرأسمال. إن التيارات التي كانت تمدح" المجالس" أصبحت الحليف البارز للدولة الرأسمالية في تمام حاجتها لتنظيم نفسها من جديد.

19. لا شك أن الحركة تنتج بعض الاتصالات والعلاقات التي باستمرار تقدم الحركة فعليا إلى الأمام في نضالها التحضيري الجديد. لكن بعد الإطلاع على الوضع العام العالمي نستطيع أن نقول بأن هه الظاهرات من الندرة بحيث لا يسعنا أن نعرّف هبه ها العصر.

20. أحسن مثال وأوضحه من ها القبيل للقضاء على النضال البروليتاري هي سنوات 1930 الإسبانية، التي استطاع الرأسمال العالمي فيها أن يقلب النضال البروليتاري ضد الرأسمال والدولة إلى حرب بين البرجوازيات، أن تحولها إلى حرب امبريالية بين الفاشية والغير فاشية. وبعدها استطاع أن يخطو بثقة نحو ما يسمى بالحرب العالمية الثانية.

21. حول كيفية حتمية تطور حرب للبروليتاريا ضد الحرب بين البرجوازيين أنفسهم إلى الأعنف والأكثر دموية، هنالك موضوع تحت عنوان " كارثة الرأسمالية" في العدد التاسع من "كمونيزم" .

والفوضى المنظمة

من تأليف Errico Malatesta (1897)

المنظمة التي هي قبل كل شيء ، إلا ممارسة للتعاون والتضامن ، هو طبيعي وشرط ضروري للحياة الاجتماعية ، بل هو الحقيقة التي لا مفر منها والتي القوات نفسها على الجميع ، بنفس القدر على المجتمع البشري بصورة عامة وعلى أي مجموعة من الناس الذين ويعمل نحو هدف مشترك. وبما أن أيا منهما لا يرغب في الإنسانية ، كما لا يمكن أن تعيش في عزلة من المحتم ان يكون هؤلاء الناس الذين لا تملك الوسائل ، ولا تطور بما فيه الكفاية الاجتماعية والضمير والسماح لهم في حرية تكوين الجمعيات مع وجود مثل هذه واعتبارها ذات المصالح المشتركة ، التي يتعرض لها المنظمة من قبل الآخرين ، عموما تشكل في الطبقة الحاكمة أو بوصفها مجموعة ، وذلك بهدف استغلال العمال الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية. وagelong القمع للجماهير ، من جانب مجموعة صغيرة متميزة على الدوام نتيجة لعدم قدرة المظلوم حتى يتفقوا فيما بينهم لتنظيم مع آخرين لإنتاج ، لوالتمتع بها ، وممكن لاحتياجات الدفاع ضد كل من قد ترغب في استغلال و قهر لهم. الفوضى موجودة لمعالجة هذا الوضع...
الآن ، يبدو لنا أن منظمة ، أي أن تكوين الجمعيات لغرض محدد ومع هيكل والوسائل اللازمة لبلوغ ذلك ، هو ضروري من جوانب الحياة الاجتماعية. ألف إنسان في عزلة لا يمكن حتى يعيش حياة وحشا ، لانهم لن يتمكنوا من الحصول على الغذاء لأنفسهم ، ما عدا ربما في المناطق المدارية أو عند السكان بصورة استثنائية نادرة ، وأنها ستكون ، من دون استثناء ، غير قادر على ارتفاع كبير فوق مستوى الحيوان. وبعد ذلك تنضم إلى غيرها من البشر ، أو على نحو أدق ، وجدوا أنفسهم المتحدة لهم نتيجة للتطور السوابق من الأنواع ، يجب أن يقدم إلى إرادة الآخرين (يكون استرقاق) أو غيرها لموضوع رغبته / رغبتها (يكون في السلطة) أو العيش مع الآخرين في الشقيق اتفاق في المصالح من أعظم جيدة للجميع (يكون منتسبا). لا يمكن أن يفلت من هذه الضرورة.
واعترف هذا احتمال ممكن وجود مجتمع دون سلطة المنظمة ، التي هي دون إكراه -- الفوضويين ويجب أن أعترف إمكانية ، أو الفوضى لن يكون لها أي معنى -- دعونا نقل لمناقشة تنظيم للحركة فوضوية.
وفي هذه الحالة أيضا ، ويبدو أن تنظيم مفيدة وضرورية. وإذا حركة وسائل بأسره -- أفرادا ومع الهدف المشترك الذي تبذل لتحقيق أنفسهم -- فمن الطبيعي أنه ينبغي أن يتفقوا فيما بينهم ، والانضمام إلى القوات ، لتقاسم المهام واتخاذ كل تلك الخطوات التي يعتقدون أنها ستؤدي إلى تحقيق تلك الأهداف. لتظل معزولة ، أو يتصرف كل فرد يسعى إلى العمل بنفسها دون تنسيق ، ودون إعداد ، دون بذل جهود متواضعة لفريق قوي ، يعني إدانة لعجز النفس ، وإضاعة الجهود oneís الصغيرة غير فعالة في العمل ، وتفقد الثقة في وقت قريب جدا oneís أهداف وربما يجري تخفيض لاستكمال الخمول.
ألف عالم الرياضيات ، والكيمياء ، أو طبيب نفساني أو أحد علم الاجتماع قد تقول انها لا تملك برنامج أو هي المعنية فقط مع إثبات الحقيقة. وتسعى هذه المعارف ، فهي لا تسعى إلى فعل شيء. ولكن الفوضى والاشتراكية ، لا العلوم ، وهي المقترحات والمشاريع ، أن الفوضويين والاشتراكيين تسعى إلى تحقيق والتي ، ولذلك هناك ضرورة لصياغة برامج محددة حسب.
وإذا كان صحيحا أن يخلق قادة منظمة ؛ : هل صحيح ان الفوضويين غير قادرة على تأتي معا والتوصل الى اتفاق من دون تقديم أنفسهم للسلطة ، وهذا يعني أنها ليست حتى الآن جيدة جدا الفوضويين ، وقبل التفكير في إنشاء فوضوية المجتمع داخل العالم يجب أن نفكر في جعل أنفسهم قادرين على العيش anarchistiaclly. العلاج لا يكمن في إلغاء للمنظمة ولكن في تزايد وعي كل فرد عضو. في صغيرة أو كبيرة من المجتمعات ، بغض النظر عن القوة الغاشمة ، التي لا يمكن أن يكون السؤال الذي يفرض نفسه علينا ، والأصل مبرر للسلطة يكمن في اختلال الاجتماعية.
عندما احتياجات المجتمع وأعضائها لا يعرفون كيفية تنظيم تلقائية لتوفر لهم ، ويأتي شخص ما إلى الأمام ، وان السلطة التي تلبي تلك الاحتياجات من خلال الاستفادة من جميع الخدمات وتوجيههم برضاهم. وإذا كانت الطرق غير مأمونة والناس لا تعرف ما هي التدابير التي تتخذ ، قوة الشرطة التي تبرز في مقابل ما تتوقع الخدمات التي تقدمها لدعم ودفعت ، فضلا عن فرض نفسها والقاء ثقلها في جميع أنحاء ؛ وإذا كان بعض هذه المادة هناك حاجة ، ومجتمع لا يعرف كيف يرتب مع البعيد لمنتجي العرض في لتبادل السلع المنتجة محليا ، التاجر الذي سيظهر سوف الربح عن طريق التعامل مع الاحتياجات من قسم واحد لبيع وأخرى للشراء ، و فرض بلده الأسعار على حد سواء على المنتج والمستهلك. هذا هو ما حدث بيننا ؛ أقل المنظمة كنا ، نحن أكثر عرضة لتفرض على من جانب عدد قليل من الأفراد. وهذا أمر مفهوم. لدرجة أن المنظمة ، بدلا من أن تخلق سلطة ، هو العلاج الوحيد لأنها الوسيلة الوحيدة وفيها كل واحد منا سوف تعتاد على القيام بدور فاعل واعية للمشاركة في العمل الجماعي ، ويتم وقف اطلاق السلبي أدوات في أيدي القادة.
ولكن منظمة ، وثمة من يقول ، تفترض التزاما لتنسيق oneís الخاصة بها مع أنشطة الآخرين ؛ وبالتالي انتهاكا لحرية المبادرة والأغلال. وكما نرى ، ما يأخذ حقا بعيدا والحرية والمبادرة يجعل من المستحيل هو العزلة التي يجعلها عاجزة. الحرية ليست مجرد حق ولكن إمكانية العمل ؛ هذا صحيح فيما بيننا وكذلك المجتمع ككل. ومن جانب التعاون مع إخواننا من بني البشر أن نجد وسيلة للتعبير عن نشاطنا وجهدنا للمبادرة.
وثمة تنظيم فوضوية يجب أن تسمح لاستكمال الحكم الذاتي ، والاستقلال ، وبالتالي المسؤولية الكاملة ، إلى الأفراد والجماعات ؛ اتفاق حر بين الذين يعتقدون أنه من المفيد أن تأتي معا للعمل التعاوني ، لأهداف مشتركة ؛ واجب أخلاقي لانجاز التعهدات ولoneís عدم اتخاذ أي إجراء وهو ما يتعارض مع برنامج المقبولة. وفي مثل هذه القواعد واحدة ثم يدخل العملية من أشكال وأدوات مناسبة لإعطاء الحياة الحقيقية لهذه المنظمة. وهكذا فإن المجموعات ، واتحاد الجماعات ، من الاتحادات والاتحادات ، اجتماعات ، مؤتمرات ، والمراسلات واللجان وغير ذلك. ولكن هذا أيضا يجب القيام به بحرية ، في مثل هذه على نحو لا لتقييد الفكر والمبادرة الفردية للأعضاء ، ولكن فقط لإعطاء مزيد من نطاق الجهود التي تبذلها لفي العزلة التي سيكون من المستحيل أو غير فعالة. وهكذا لمنظمة المؤتمر فوضوية ، على الرغم من كل العيوب التي يعانون منها كما الهيئات التمثيلية ، خالية من الاستبداد في أي صورة أو شكل لأنهم لا تشريع ولا تفرض على الآخرين مداولاتها. أنها تعمل على مواصلة وزيادة الاتصالات الشخصية بين أنشط الرفاق ، لتلخيص وتشجيع الدراسات البرنامجية على السبل والوسائل للعمل ؛ لتعريف الجميع مع الوضع في المناطق وهذا النوع من العمل أكثر حاجة ماسة ؛ تلخيص مختلف تيارات فوضوية من الآراء في ذلك الوقت ، وإعداد بعض من ذلك النوع من الاحصاءات. وقراراتهم ليست ملزمة ، بل مجرد اقتراحات ، وتقديم المشورة والمقترحات لتقدم إلى جميع الأطراف المعنية ، وأنها لا تصبح ملزمة والتنفيذية فيما عدا أولئك الذين لهم قبول ولطالما أنها تقبل منهم. الهيئات الإدارية التي يرشح -- المراسلات اللجان ، وما إلى ذلك -- أي توجيهات القوى ، لا تأخذ المبادرات إلا لأولئك الذين على وجه التحديد والموافقة على طلب منهم ، وليس لها أي سلطة لفرض وجهات نظرهم الخاصة ، التي يمكن بالتأكيد وعقد كما نشر مجموعات من الرفاق ، ولكن الذي لا يمكن عرض وجهة النظر الرسمية للمنظمة. وهي تنشر القرارات الصادرة عن مؤتمرات وآراء ومقترحات إبلاغها بها من قبل الجماعات والأفراد ؛ وأنها تعمل لأولئك الذين يريدون الاستفادة منها ، لتسهيل العلاقات بين الجماعات ، والتعاون بين أولئك الذين هم في الاتفاق على مختلف المبادرات ؛ كل حر في لتتطابق مع كل من له / لها يحب مباشرة ، أو الاستفادة من اللجان الأخرى الذين رشحتهم المجموعات المحددة.
في منظمة فوضوية فردية يمكن للأعضاء التعبير عن أي رأي واستخدام كل التكتيك الذي لا يتنافى مع المبادئ المقبولة ولا تتعارض مع أنشطة الآخرين. وفي كل حالة خاصة منظمة الماضي ما دامت الأسباب التي تعلو على الاتحاد هذه لفتنة ؛ والا الجنوبي ويجعل الطريق لغيرها ، أكثر تجانسا من المجموعات. ومن المؤكد أن الحياة والدوام للمنظمة هي شرط للنجاح في الكفاح الطويل الذي ينتظرنا ، وإلى جانب ذلك ، فمن الطبيعي أن كل مؤسسة يجب أن الفطرة تهدف دائم غير مسمى. ولكن مدة من منظمة التحررية يجب أن يكون نتيجة للالروحية من أعضائها وللتكيف من دستورها إلى الظروف المتغيرة باستمرار. عندما لم يعد يمكن أن يخدم غرضا مفيدا أنه من الأفضل أن يموت.
ونحن بالتأكيد لن يكون سعيدا لو تمكنا من الحصول على كافة على طول جيدا معا وتوحد جميع القوى من الفوضى في حركة قوية ولكن نحن لا نعتقد في صلابة من المنظمات التي تقوم على التنازلات والافتراضات والتي لا يوجد اتفاق حقيقي والتعاطف بين أفراد. أفضل متفرقين من سيئة المتحدة. ولكننا نود أن لكل فرد انضم إلى أصدقائهم وأنه ينبغي ألا يكون هناك عزل القوات ، أو فقدت القوات.
ويبقى لنا الحديث عن تنظيم العمل والمضطهدين الجماهير للمقاومة ضد كل من الحكومة وأرباب العمل. العمال لن تكون قادرة على تحرير نفسها طالما أنها لا تجد في الاتحاد الأخلاقية والاقتصادية والقوة البدنية أن هناك حاجة إلى إخضاع قد نظمت من المعتدين.
وكانت هناك الفوضويين ، وأنه ما زالت توجد بعض ، والذين مع التسليم بالحاجة إلى اليوم لتنظيم الدعاية والعمل ، هي معادية لجميع المنظمات التي لا تملك الفوضى حيث الهدف أو التي لا تتبع أساليب فوضوية من النضال. هؤلاء الرفاق لأنه يبدو أن جميع القوات النظامية لهدف أقل من ثورة جذرية ، وكانت قوات الثورة التي كان من المحرومين ويجري. ويبدو لنا بدلا من ذلك ، وبالتأكيد أن التجربة أكدت بالفعل ونحن نرى أن النهج من شأنه أن ندين حركة فوضوية لحالة عقم دائم. لجعل الدعاية يجب أن نكون بين الناس ، وأنه في workersí الجمعيات أن تجد زملائهم العمال وخاصة أولئك الذين هم أكثر التخلص منها لفهم وقبول أفكارنا. ولكن حتى عندما يكون من الممكن القيام بنفس القدر ونحن ترغب في الدعاية خارج الجمعيات ، وهذا لا يمكن أن يكون لها تأثير ملحوظ على الجماهير العاملة. وبصرف النظر عن عدد صغير من الأفراد الأكثر تعليما وقادرة على خلاصة الفكر والنظرية حماسة ، عامل لا يمكن التوصل إلى الفوضى في قفزة واحدة. لأصبح على اقتناع فوضوية ، وليس في الاسم فقط ، فإنها يجب أن تبدأ لنرى التضامن الذي ينضم لهم لرفاقهم ، والتعلم للتعاون مع الآخرين في الدفاع عن المصالح المشتركة ، وأنه يناضل ضد من جانب القيمين على وضد الحكومة أن تؤيد لهم ، وينبغي أن ندرك أن الرؤساء والحكومات هي عديمة الفائدة والطفيليات أن العمال يمكن أن إدارة الاقتصاد المحلي عن طريق جهودهم الخاصة. وعندما يكون العامل قد يفهم هذا ، هو أو هي فوضويا حتى لو كانت لا تشير إلى أنفسهم على هذا النحو.
وعلاوة على ذلك ، لتشجيع المنظمات الشعبية من جميع الأنواع هو النتيجة المنطقية من الأفكار الأساسية ، ولذلك ينبغي أن يكون جزءا لا يتجزأ من برنامجنا. الطرف السلطوي ، الذي يهدف إلى الاستيلاء على السلطة لفرض أفكارها ، له مصلحة في ما تبقى من الناس وهو غير متبلور كتلة ، غير قادرة على التصرف لأنفسهم والتي يهيمن عليها بسهولة ولذلك دائما. ويلي ذلك ، منطقيا ، أنه لا يستطيع أن رغبة أكثر من أن الكثير منظمة ، وأنها من النوع الذي يحتاج إلى بلوغ السلطة : المنظمات الانتخابية اذا كانت تأمل في تحقيق ذلك عن طريق الوسائل القانونية ؛ تنظيم عسكري اذا تعتمد على أعمال العنف. ولكن الفوضويين نحن لا نريد تحرير الناس ؛ نريد تحرير الناس لأنفسهم. ونحن لا نعتقد في حسن أن يأتي من فوق ، وفرضت بالقوة ؛ نريد طريقة جديدة للحياة على الخروج من جسد الشعب وتستجيب لدولة من شركائها في التنمية والنهوض بها لأنها تقدم. ومن الأمور لنا ذلك أن جميع المصالح والآراء وينبغي أن تجد في التعبير اعية ومنظمة لا بد أن تؤثر في الحياة المجتمعية بما يتناسب مع أهميتها.
لقد قمنا بمهمة من القائمة التي تكافح ضد التنظيم الاجتماعي ، والتغلب على العقبات التي تحول دون ظهور مجتمع جديد في الذي حرية ورفاه وأكد على أن الجميع. لتحقيق هذا الهدف ونحن ننظم أنفسنا وتسعى إلى أن تصبح على النحو عديدة وقوية ممكن. ولكن لو كان لنا إلا أن المجموعات الفوضوية ونظمت وإذا كان العمال لتظل معزولة مثل هذا العدد الكبير من الوحدات غير مبال عن بعضها البعض وفقط ترتبط به سلسلة مشتركة ؛ إذا كنا نحن أنفسنا إلى جانب تنظيم الفوضويين في الاتحاد ، لم تكن العاملين في المنظمة مع العاملين الآخرين ، فإننا يمكن أن تحقق شيئا على الإطلاق ، أو على أقصى تقدير ، قد نتمكن من فرض أنفسنا... وبعد ذلك لن يكون انتصار الفوضى ، لكن للانتصار. ويمكن بعد ذلك الذهاب ونحن على أنفسنا يدعو الفوضويين ، ولكن في الواقع يجب علينا ببساطة أن يكون الحكام ، وعاجزا جميع الحكام حيث الصالح العام هو المعنية.

الحق في الثورة (على هامش انتفاضة سيدي بوزيد)


أيوب أيوب
الحوار المتمدن - العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية


الحق الوحيد الذي نطالب به هو حقنا في الثورة. وطالما ليس هناك دولة مستعدة لإعطائنا هذا الحق فاننا نجد أنفسنا مضطرين لإفتكاكه بالقوة. اي بالثورة نفسها. ومادام ليس هناك قانون يمكن له أن يسمح لنا بخرقه قانونيا فاننا نجد أنفسنا مضطرين لتشريع قانون خاص بنا يقضي بحقنا في خرق القوانين. واذا كان من حق أهل القانون أن يحاسبونا بقوانينهم فانه سيكون من حقنا أن نحاسبهم أيضا طبقا لقانوننا الخاص. ففي قوانينهم من حق بعض البشر ان يستعبد الآخرين فقط لأنهم يملكون رأس المال، بينما في قانوننا فرأس المال الذي يملكونه هو ثمرة عملنا الحاضر وعمل آبائنا واجدادنا الذين كدحوا مثلما نكدح نحن الآن، لذلك نجد أنه من الطبيعي جدا والقانوني تماما أن نستولي على ما هو في الحقيقة يعود لنا، وقانوننا هذا طبيعي وشرعي أيضا بما أننا لن نحرم أحدا من الملكية بل سنضع الملكية نفسها للعموم. وهكذا سننهي والى الأبد موضوع الحق نفسه. كذلك ففي قوانينهم فان من حق اي كان أن يعمل أو ان يرفض العمل كما من حق صاحب العمل أن يشغل عمالا او أن يرفض ذلك. وهذا طبعا هو قمة الحرية حسب قوانينهم. اما في قانوننا الخاص فمادام العامل الذي يرفض العمل سيكون مصيره الجوع بينما صاحب العمل الذي يرفض تشغيل العامل سوف يتخلص من عبئ ثقيل عليه ليستمتع بأرباح أكثر، لذلك سنحرم الجميع من حقهم في العمل وسنحوله الى واجب اجتماعي. وهكذا سنفض المشكل من أساسه بحيث يتمتع الجميع بالعمل ويستمتعون بانتاجهم. وهذا قانون أكثر عدلا ببساطة لأنه سوف لن يحرم أحدا من العمل كما لن يحرم أحدا من الاستمتاع. وفي قوانينهم من حق الناس أن يعبروا عن آراءهم لكن ليس من حقهم تغيير شيئ. وهذا يعني أنه من حق فرد او جماعة ان تصرخ من الصباح الى المساء مطالبة بحقها في العيش، تماما مثلما من حق الدولة أن لا تسمع هذا الصراخ. أما في قانوننا فالأمر أبسط من هذا بكثير حيث سيكون من حق الناس تغيير كل شيئ وسيكون طبعا من حق الدولة ان تصرخ كما تشاء شرط أن تلتزم بأن لا تغير شيئا. وبما أن قوانينهم تنص صراحة على أن الدولة من حقها استعمال القوة اذا أراد الناس تغيير شيئ، فان قانوننا ينص أيضا وبصراحة ان الناس من حقهم أن يستعملوا القوة اذا تجاوزت الدولة حدود الصراخ البحت. وهذا أمر نراه عادلا تماما، بما أن الدولة تدعي أنها تمثل الناس جميعا فما عليها سوى ترك الناس تفعل ما تريد. وأما قوانينهم فمتناقضة تماما، فهي من جهة تنص مثلا على حق الفرد في أن لا يعمل، لكنها تعاقبه ان هو رفض العمل. وهي تعطيه حق الملكية لكنها تعاقبه ان هو طالب بحقه في الامتلاك. وتعطيه حق التعبير لكنها تعاقبه ان قال شيئا ضد القانون. وهي تعاقب كل من يعتدي على الحرمة الجسدية لغيره، لكنها لا تعاقب الدولة على اعتداءها على حرمة أغلبية المجتمع بتركهم للبؤس والفقر والجوع، أفليس هذا اعتداء على الحرمة الجسدية للبشر؟ لذلك فاننا ابتدعنا قانوننا الخاص هذا والذي ينص على حقنا في معاقبة الدولة، وهذا يعني حقنا في الثورة عليها. وهذا نجده أمرا طبيعيا، بما ان الدولة نفسها اثبتت بنفسها افلاسها النهائي، ووجدنا أننا بأنفسنا بمقدورنا ادارة شؤوننا ولا حاجة لنا لهذه الدولة. وسنكون عادلين ازاءها، لأننا لن نحرم أحدا من السيادة، بما أننا سنلغي السيادة نفسها وهكذا سيكون من حق كل واحد أن يكون سيد نفسه. وبهذا نغلق ملف السيادة نهائيا ونغلق معه ملف العبودية أيضا. فنحن سلميون تماما بهذا الصدد، ذلك اننا سوف لن نقيم سيادتنا بدل سيادة الدولة بل سنكون جميعا سواسية. لا سيد ولا عبد. وهكذا سوف لن نغضب أحدا. لكن اذا كانت قوانينكم لا تعطينا حقوقنا وتجدون أن قانوننا هذا الذي ابتدعناه لا يكفل لكم حقوقكم فما العمل؟ انتم ترون أن قوانينكم هي قوانين طبيعية، بينما نجد نحن أن طبيعتنا تتناقض مع قوانينكم. أنتم تريدوننا أن نحترم قوانينكم، ونحن نتفهم رغبتكم هذه. لكنكم أنتم لا تتفهمون رغبتنا في أن تحترموا قانوننا الخاص. أنتم ترفعون السلاح في وجوهنا، بينما تحرمنا قوانينكم من حقنا في مواجهتكم بالسلاح. ولهذا ولكي نكون عادلين فان قانوننا سينص على حق الجميع في الدفاع عن حقه بالسلاح. فهل من الشهامة ان نواجهكم نحن بأجسادنا بينما تواجهوننا أنتم بالبنادق. وهل من الشهامة ان ندافع نحن عن قانوننا وجها لوجه بينما تختبئون أنتم وراء الرشاشات والدبابات والعربات المدرعة وتدفعون مرتزقتكم ليعبثوا فيها خرابا وقتلا باسم الحفاظ على قوانينيكم، بينما حين نواجه نحن رصاصكم بصدورنا العارية تسمون ذلك خرقا للقانون واحداث شغب وفوضى رعاع. انكم لستم عادلين حقا أيها السادة أصحاب القانون. لكن رغم ذلك سوف لن نواجهكم بغير العدل. سوف لن نكون حقودين مثلكم وسوف لن ننتقم من أحد. فقط سندافع عن حقنا في رفض قوانينكم وفرضنا لقانوننا. وبما أنكم ترفضون حتى مجرد التفاوض في حقنا هذا فاننا سنضطر لفرضه بالقوة...أي بالثورة

في تونس... أشباح الثورة تعود من جديد

أيوب أيوب
الحوار المتمدن - العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية

في صيف 2008 أرسل إرهاب الدولة مرتزقته إلى منطقة الحوض المنجمي الثائرة. فقاموا بكل الجرائم من قتل وتشريد واعتقال وتكسير المحلات ليعلنوا انتصار الرجعية على الحوض المنجمي. وعاد الأثرياء والحكام إلى قصورهم معتقدين أن سحابة صيف قد مرت في سماء سلمهم الاجتماعي وأنهم بكتمهم لصوت الحوض المنجمي قد كتموا صوت الفقراء نهائيا والى الأبد.
في نهاية سنة 2010 عادت أشباح الحوض المنجمي للظهور تبث الهلع والرعب في صفوف القتلة والمستكرشين. لكن مسرح الأحداث لم يعد الحوض المنجمي فقط بل إن الانتفاضة المجيدة قد أعلنت بنفسها أن مسرحها الطبيعي هو البلاد كلها. فبعد انطلاق الشرارة الأولى في سيدي بوزيد نشهد اليوم انتقال الحركة الاحتجاجية إلى عديد المناطق الأخرى خاصة في الشمال الغربي من البلاد حيث شهدت بلدة تالة خاصة مصادمات عنيفة قام خلالها المحتجون بإحراق العديد من رموز النظام (مقرات الحزب الحاكم، مقرات الشرطة والمعتمدية والنصب التذكارية..الخ) ولقد اضطرت قوات القمع إلى الانسحاب إلى خارج البلدة لتحل محلها قوات الجيش. كما شهدت مدينة مكثر إحراق بعض مقرات السيادة والقباضة المالية وفرع أحد البنوك. وعرفت مدينة القصرين مصادمات عنيفة سقط على إثرها العديد من القتلى والجرحى. وفي نفس الوقت عرفت معظم المعاهد والجامعات في مختلف المناطق سلسلة من التحركات المتنوعة من الإضرابات إلى المسيرات والمصادمات مع البوليس. وما فتئت هذه الحركة تجد المزيد من التضامن سواء عبر الجهات أو ضمن قطاعات شعبية جديدة حيث تسربت عدوى الاحتجاجات إلى قطاع المحاماة والأساتذة والمعلمين.
في صيف 2008 صاحت الرجعية: يحيا النظام
في شتاء 2010 صاحت الجماهير: يحيا الحوض المنجمي
لكن وان كانت الانتفاضة الحالية لا تمثل سوى صدى وتتمة لانتفاضة الحوض المنجمي، فإنها في الواقع قد تجاوزتها بكثير. فإذا كانت انتفاضة 2008 قد تميزت بخجلها في طرح مطالبها والروح السلمية التي غلبت عليها، فان انتفاضة 2010 تبدو أكثر جرأة وصراحة.
فهذه الأخيرة قد تجاوزت فعلا المطالب المباشرة (حق الشغل..) نحو وضع النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي نفسه موضع السؤال. حيث كانت غالبية الشعارات التي رفعها المحتجون متوجهة مباشرة وبلا مواربة ضد الحكم وأصحاب الثروة. فكانت شعارات (التشغيل استحقاق يا عصابة السراق) و (لا لا للاستبداد يا حكومة الفساد) و(يسقط حزب الدستور. يسقط جلاد الشعب)، والتي برغم غموضها من حيث قدرة المعارضة السياسية على استغلالها لصالح مشاريعها الإصلاحية، فإنها كانت بمثابة كلمة السر التي وحّّّّدت كل التحركات وجمّعتها في مضمون واحد هو وضع التفاوت الطبقي وحيازة أقلية متنفذة للحصة الأعظم من الإنتاج الاجتماعي موضع الاتهام.
وفيما اتسمت انتفاضة 2008 بطابعها المحلي وغياب التضامن الشعبي معها في بقية المناطق، حيث بقيت هذه الانتفاضة لأكثر من ستة أشهر بدون أن يرافقها أي تحرك مساند ذو قيمة يفك عنها العزلة ويدفعها إلى الأمام، فان انتفاضة 2010 قد لاقت تجاوبا منقطع النظير، بل إن مركز الأحداث قد أصبح متنقلا ومتحولا من جهة إلى أخرى. وفيما كانت الانتفاضة الأولى ميّالة إلى التفاوض والروح الدفاعية فان الانتفاضة الحالية قد جنحت إلى الهجوم، وبرغم الوعود والتضليلات ومحاولات السياسيين لوقف عنفوانها عند عتبة الإصلاحات السياسية أو المطالب الفضفاضة من نوع (الحق في تنمية عادلة) و(التنمية الجهوية)..الخ (وكأن هناك تنمية رأسمالية عادلة ومتوازنة، فالتراكم الرأسمالي هو بطبيعته غير عادل وغير متوازن ويقود حتما إلى الإختلالات والأزمات ورمي جزء متعاظم من القوة الإنتاجية خارج دائرة الإنتاج) فإن هذه الانتفاضة تزداد تجذرا وعمقا ورفضا لكل مساومة. فإذا كان أطراف المعركة في السابق يغلفون حقيقة أهدافهم، فإنهم هذه المرة يقفون وجها لوجه بلا أقنعة. حيث فيما يقف الأغنياء صراحة إلى جانب حكومتهم وجهازهم القمعي، إذ هرع الأعراف إلى إطلاق الوعود بانتداب العاطلين وتنفيذ مشاريع كبيرة في المدن الداخلية، فان الفقراء قد أعلنوا صراحة ليس تمردهم على هذا الوجه أو ذاك من الظلم، ليس على هذا الشكل أو ذاك من القمع والاستبداد، ليس على هذا النموذج الاقتصادي أو ذاك، كما وليس على هذا الإجراء أو ذاك، بل إنهم قد تمرّدوا على طبيعة النظام نفسه. وفيما وقف الأسياد صراحة في صف الدولة راعية سيادتهم، فان العبيد المعاصرين من الكادحين بكل شرائحهم قد أعلنوا هم أيضا وبصراحة وقوفهم ليس ضد الدولة فقط، بما هي راعية السيادة والأسياد ومصالح الأسياد، بل ضد نظام السيادة نفسه. ضد نظام اقتصادي لا يجلب لهم سوى البؤس والفقر والبطالة والغبن. فهاهي المعجزة الاقتصادية التونسية تكشف عن جنتها الموعودة: آلاف مؤلفة من المتحصلين على شهائد بعد سنوات من العذاب يجدون أنفسهم خارج دائرة اهتمام رأس المال واستثماراته. عمال يعيشون كل يوم على وقع انهيار مقدرتهم الشرائية بمفعول التضخم والغلاء الفظيع في الأسعار. موظفون وأساتذة ومعلمين يجدون أنفسهم يغرقون في الديون وينحدر وضعهم الاجتماعي شيئا فشيئا إلى قاع الخصاصة والفقر إضافة لوطأة اشتداد وتيرة العمل والمشاريع الحكومية التي تستهدف بعض المكاسب القليلة التي حصلوا عليها في السابق. فبعد الانقضاض على مجانية الصحة والتعليم ها أن الحكومة تعدّ مشروعا للانقضاض على التقاعد وتغلق باب الزيادة الفعلية في الأجور حيث تكتفي، بمساندة ومشاركة النقابة، بزيادات شكلية كل ثلاث سنوات يتم الاتفاق حولها بطريقة فوقية لا تستجيب لأبسط متطلبات الحياة المتزايدة. وفي المقابل أصبح الناس يتناقلون أخبار الثروات التي يديرها أصحاب السلطة، ويرون بأم أعينهم مظاهر الثراء الفاحش والفساد والمحسوبية. ولقد بيّنت الدولة بنفسها أنها لا تعدو أن تكون أداة بيد الأغنياء لإدارة شؤونهم. وأنها لا تعني للفقراء سوى أداة لقمعهم وإدامة عبوديتهم. وفيما يقوم المنتجون الحقيقيون بإنتاج الثروة فان حشرات الدولة الطفيليين يستمتعون بهذه الثروة بدون أن يبذلوا أي جهد، إذ يكفيهم أخذ موقع في هرم الدولة البيروقراطي حتى يكون ذلك بابا لتكديس المليارات بأرقام خيالية. وفيما المجتمع يكدح ويشقى لكي لا يجني سوى مزيد البؤس، فان فئة قليلة تستأثر بخيرات هذا المجتمع لترضي نهمها البورجوازي المتعفن. هذه هي حقيقة المعجزة التونسية التي كشفتها الانتفاضة الحالية. فهذه الأخيرة لم تتجه مثلما يفعل السياسيين عادة إلى ما يسمى بالحريات السياسية والمطالبة بالديمقراطية وانتخابات "نزيهة" و"شفافة"، أي إلى المظهر الخارجي للاستبداد، بل إنها قد حفرت إلى أعمق الجذور، إلى حيث يقبع أصل الشر والظلم: طبيعة النظام الاقتصادي القائم. فإذا كانت حفنة من الطفيليين تستبد وتقمع وتمنع الناس من التعبير وتقيم ديكتاتوريتها السياسية فذلك لأنها تستبد بالسلطة الاقتصادية. فهي تسود سياسيا فقط لأنها تسود اقتصاديا، بل إن سيادتها السياسية هي في الواقع سيادة اقتصادية بأتم معنى الكلمة.
والدولة إذ تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين العزل فإنها إنما تطلق النار على شرعيتها أولا وتقضي ثانيا على كل وهم بتغيير هذا النظام بالطرق السلمية. فإذا كانت الدولة لا تملك إلا الرصاص في مواجهة مطالب الانتفاضة فإنها إنما تدفع الانتفاضة نفسها إلى الميدان الذي لم تعرفه إلى الآن: ألا وهو ميدان المواجهة المسلحة. فهذه الجماهير التي تقدم صدورها عارية أمام المرتزقة المدججين بالسلاح ستجد حتما نفسها مدفوعة إلى إعادة ترتيب نضالها والتفكير في تطوير أشكاله وكسر احتكار الدولة لأدوات العنف الاجتماعي. فهذه الانتفاضة وبغض النظر عن مآلاتها ونتائجها الوقتية فإنها قد طرحت وبجدية أسئلة حول طرق التصدي لإرهاب الدولة وعدم الاكتفاء بالمواجهات غير المتوازنة القوى. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الأشكال التاريخية التي ابتدعتها الشغيلة في انتفاضاتها السابقة، فهذا لن يكون إلا بإنشاء ميليشيات شعبية يمكنها إدارة المعارك بأساليب جديدة تجبر العدو على قراءة ألف حساب قبل الإقدام على إطلاق رصاصه الغادر وقنص المنتفضين. وحتى إن لم تقدر الانتفاضة في لحظتها الراهنة على الوصول إلى هذه النتيجة المحتمة فإنها تكون قد مهدت الطريق إليه، وجعلته مهمة ملحة وضرورية لتطوير أساليب نضالها الشعبي.
كما وأن هذه الانتفاضة قد طرحت على نفسها السؤال حول الأساليب والطريقة المناسبة لتطوير نفسها والارتقاء إلى أطوار جديدة من النضال. فالمصادمات والمظاهرات وحرق رموز النظام ورفع أكثر الشعارات راديكالية أثبت أكثر من مرة أنه لا يمكن له أن يحوّل هذه الانتفاضة إلى ثورة حقيقية. فالخطوة الفعلية التي يمكن لها أن تحقق قفزة نوعية في طبيعة هذه الانتفاضة إنما هي مرورها من موقع الدفاع ضد الدولة إلى موقع الهجوم عليها. وهذا لا يمكن أن يعني سوى المرور إلى إعادة تنظيم المجتمع وإدارته بشكل جماعي وتقديم النموذج الواقعي لهذا التحويل. أي الاستعاضة عن الدولة وإدارتها البيروقراطية بإدارة اجتماعية مشتركة لجميع الأهالي. وهذا يبدأ أساسا بالمرور من طابع رد الفعل إلى إدارة حقيقية للمعارك وضبط أساليبها وتوفير أساسات ديمومتها وتواصلها والتدرب على كيفية تنظيم المؤونة وتنظيم الاستيلاء على مخازن الأغذية والملابس..الخ والاستعداد لإمكانية التجاء الدولة إلى أسلوب التجويع والمحاصرة. كذلك تشكيل لجان للإعلام والدعاية والتحريض يكون هدفها الأساسي التعريف بالنضالات وحث القطاعات الاجتماعية التي لم تنخرط في الانتفاضة إلى الالتحاق بها ولعل وسائل الاتصال الحديثة توفر إمكانيات عظيمة لتنظيم التواصل وتنسيق الجهود وكسر الاحتكار الإعلامي للدولة. وهذه الحركة التنظيمية الذاتية للانتفاضة بمقدورها أن تتطور وتتوسع لتشمل إدارة الإنتاج والتوزيع وشل القدرة الاقتصادية للدولة، هذه القدرة التي توفر لها هامشا كبيرا من المناورة ودعم أجهزتها القمعية. ولعل نجاح الانتفاضة، مثلما تثبته التجربة التاريخية، مرتهن ليس فقط بالطاقة النضالية العظيمة للمنتفضين على مواجهة قوات إرهاب الدولة بل خاصة بضرب قواعدها اللوجستية من خلال الإضرابات في القطاعات الحساسة مثل النقل والطاقة..الخ بما يحرمها من مصادر التمويل والإسناد المادي لقواتها، كذلك تعطيل حركة هذه القوات بقطع الطرق وتشتيت جهودها في جبهات متعددة ومتفرعة.
إن اتجاه الانتفاضة إلى الإدارة الجماعية لشؤونها سوف لن يحرم الدولة من قاعدتها الاجتماعية فحسب، بل سيقدم آفاقا جديدة للتغيير الاجتماعي. فهذا التحويل الاجتماعي هو وحده القادر على تحويل الانتفاضة من طابع رد الفعل الذي يمكن للدولة الالتفاف عليه إلى طابع ثوري يتجه صوب الجذر الأساسي للفقر والبطالة والتفاوت الطبقي والديكتاتورية السياسية، أي أسلوب الإنتاج والتوزيع نفسه، وهذا من شأنه أيضا سد الطريق أمام الساسة بمختلف مشاربهم الذين يتحينون الفرصة لاستثمار نضالات الجماهير لتحقيق أهدافهم السياسية الخاصة. فموضوع الانتفاضة لم يكن أبدا تغيير هذا الحزب بذاك ولا هذا الرئيس بذاك، أي أن موضوعها الحقيقي ليس استبدال سيادة بسيادة أخرى بل القضاء على السيادة نفسها. والأحزاب التي لم يكن لها أي دور في هذه الانتفاضة، بل إنها تسعى لإيجاد حلول لأزمة النظام ببعض الإصلاحات الديمقراطية التي تتفاوت درجة راديكاليّتها من حزب لآخر لكنها تلتقي جميعها في ما يسمى "الخروج من الأزمة"، بل إن كثيرا من قواعدها من المناضلين قد تجاوزوها وانصهروا في خضم الانتفاضة تاركين قياداتهم تلاحق الأحداث وتكتفي بإصدار البيانات والخطب الرنانة، هذه الأحزاب في الواقع تمثل خطرا حقيقيا على الانتفاضة من خلال زرع بذور الانقسام وأمراض السياسيين ومنافساتهم، وبث الأوهام الاصلاحية داخلها. ولعل الكفيل بسد الباب أمامهم هو المرور نحو إنشاء أشكال التنظيم الاجتماعي التي لا تعتمد الانتماء السياسي أو الإيديولوجي بل الانتماء الطبقي ودرجة المساهمة في تطوير النضالات وليس خلق الزعماء والأبطال المخلصين. فالكادحين أثبتوا من خلال هذه الانتفاضة أنهم قادرون على أخذ مصائرهم بأيديهم وابتكار الوسائل الكفيلة بتنظيم حركتهم وما على الفرق والتيارات بمختلف مشاربها إلا إثبات جدارتها في النضال ودفعه إلى الأمام والانصهار فيه وليس تقديم أهدافهم الخاصة وفرضها على الجماهير، وهذا سوف لن يعني سوى خلق أسياد جدد، وبيروقراطيين جدد، وفي النهاية ديكتاتوريين جدد سواء باسم الشعب أو باسم الوطن أو حتى باسم العمال والكادحين أنفسهم.
لكننا إذا انطلقنا من الدروس التاريخية لثورات الكادحين في العالم فان بناء قاعدة تنظيمية ذاتية للانتفاضة يستوجب شروطا موضوعية لا بد من توفرها ونقصد أساسا:
- الانخراط الواسع للقطاعات العمالية في الانتفاضة وذلك أولا بالقيام بالإضرابات، وفي مرحلة لاحقة بتنظيم الاستيلاءات على المصانع والشركات والأراضي التي يستثمر فيها كبار البورجوازيين وإنشاء المجالس العمالية لإدارتها. هذه العملية هي وحدها الكفيلة بخلق منعرج نوعي للانتفاضة وتحويلها إلى ثورة اجتماعية لا تستهدف السلطة السياسية فحسب بل النظام الاقتصادي والاجتماعي برمته. وهذا أيضا هو الكفيل بالانتقال من مستوى الدفاع وطرح المطالب التي لن تستجيب لها البورجوازية، أو ربما تستجيب لبعضها في إطار تقديم بعض التنازلات المؤقتة لوقف الانتفاضة، إلى مستوى التغيير الاجتماعي الفعلي الذي وحده قادر على تحقيق فعلي للمساواة والكرامة والحرية والقضاء على أصل الفساد والمحسوبية واستغلال النفوذ وغيره من مظاهر النظام الرأسمالي القائم.
- التفكك التدريجي لأجهزة البوليس والجيش من خلال موجة من الانسحابات ورفض الخدمة ورفض إطلاق النار على الجماهير المنتفضة. وهذا الأمر مرتبط أساسا بمستوى تطور الانتفاضة نفسها وشعور قطاعات واسعة من الجنود والبوليس الذين يقبعون في أسفل هرم هذه الأجهزة بتقدّم الثورة وإمكانية نجاحها. كذلك يرتبط الأمر بدرجة حسن إدارة المعارك من طرف المنتفضين أنفسهم وذلك سواء بحسن إدارة التحريض والدعاية في صفوف الجنود خاصة أو من خلال بث حالة من عدم الطمأنينة الشخصية لمن يشارك منهم في حملة القمع بما يخلق حالة من الإرباك في هذا الجهاز القمعي.
- دخول الفلاحين الفقراء في الانتفاضة ورفضهم البقاء كاحتياطي للرجعية. فخلق حالة من التضامن بين العمال في المدينة والعمال والفلاحين في الريف هو السبيل إلى خلق استقطاب طبقي واضح يمكنه أن يقلب موازين القوى لصالح الثورة. لكن هذا مرتبط هو نفسه بدرجة نضج وتطور الصراعات الاجتماعية في المدن وقدرة العمال وعموم الكادحين على التقدم في بناء نموذجهم التنظيمي للمجتمع وهو ما سيبعث برسائل ثورية للريف ويوقظه من بلاهة حياته الرتيبة.
- درجة التضامن الذي ستجده هذه الانتفاضة من بقية العمال والكادحين في بقية الدول. ذلك أن قوة البورجوازية العالمية تكمن في قدرتها على عزل الانتفاضات الشعبية التي تندلع هنا أو هناك وتقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي للحكومات التي تواجه مثل هذه الانتفاضات. فليس غريبا أن يتم اكتشاف نوعية من قنابل الغاز الذي تستخدمه الدولة التونسية هو من أصل إسرائيلي. كما ليس مستغربا أن تهرع الدول الكبرى وصندوق النقد الدولي لإسناد بعض الدول التي تختنق بمفعول الأزمة ولا تجد هامشا للمناورة في مواجهة الانتفاضات العمالية مثلما حدث في اليونان وأيسلندا والأرجنتين..الخ. ففي مواجهة التضامن العالمي بين البورجوازية لا مفر من انبثاق تضامن أممي نقيض بين العمال وعموم الفقراء. ولعل تزامن الانتفاضة في تونس وفي الجزائر الآن كما تزامنت في السابق انتفاضة الحوض المنجمي مع انتفاضة سيدي افني في المغرب يمثل إشارات واضحة لبداية تبلور هذا التضامن الفعلي وتجسيد الروح الأممية بين الكادحين.
من الطبيعي أننا لا نستطيع مسبقا التنبؤ بمدى قدرة هذه الانتفاضة على الوصول إلى الطور الذي يسمح لها بالتحول إلى ثورة اجتماعية. لكن المهم هو أن هذه الانتفاضة قد دفعت بكل هذه الأسئلة على بساط البحث التاريخي وأبرزتها كضرورات ملحة وعملية وليس كقضايا نظرية تناقشها قلة من المثقفين. وبالنسبة لهذه الانتفاضة فالمهم ليس مكاسبها الآنية ونتائجها ومآلاتها الحالية بل المهم هو ما تدفعه من دروس يجب استخلاصها وما تراكمه من تجربة ثورية ستكون حتما السلاح الأمضى في قادم الجولات. فالثورة لا تقع مرة واحدة بل مرات ومرات، لتهز في كل مرة أركان النظام القائم وتصلب عود القائمين بها وترسي تقاليد جديدة مكان التقاليد القديمة البالية وتبعث آمالا جديدة لأجيال الشباب وتدفعهم إلى حلبة الصراع الطبقي.
مات الحوض المنجمي، هكذا صرخت أبواق الرجعية
عاش الحوض المنجمي، هكذا تصرخ الانتفاضة