سالم اسماعيل نوركه salim_esmael1967@yahoo.com الحوار المتمدن - العدد: 2640 - 2009 / 5 / 8
4.8 / 5 Rate this article More from same author -->الحربان العالميتان الأولى(1914-1918)والثانية(1939-1945)أتسمتا بأتساع نطاقهما لتشملا مناطق عديدة من العالم بين الجبهتين المتحاربتين في الأولى بين دول الوفاق ودول الوسط وفي الثانية بين دول الحلفاء ودول المحور ترتبت عليهما آثار سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة شملت حتى الدول التي بقيت بمنأى عنهما أيضا ،واعتبرت تلكما الحربان من أهم أحداث التاريخ الإنساني المأساوية حيث خلفت كل منه أضرارا مادية وبشرية لا تطاق ،مثلا في الأولى أشترك زهاء 75 مليون عسكري ،قتل منهم أكثر من عشرة ملايين وجرح وتشوه زهاء 20 مليونا ،هذا فضلا عن زهاء عشرة ملايين ماتوا جوعا مع خسارة تسعة آلاف سفينة تجارية تعرضت للتدمير وغاصت غرقا بأعماق البحار وغير ذلك من الأضرار التي تفوق التصور ،والثانية تميزت عن الأولى باعتبارها شهدت أخطر الأحداث باستخدام السلاح الذري لأول مرة في تاريخ الحروب .الحربان العالميتان سبقتهما أزمات سياسية وتوتر شديد وتحالفات دولية وسباق التسلح وتنافس ومشكلات (منها القومية،والصراع حول المستعمرات وقيام أنظمة جديدة –فاشية ،عسكرية،نازية-وأطماع توسعية كما حصلت قبل الحرب العالمية الثانية بالذات ،ولهذه الصفات أطلق عليها صفة حرب عالمية).وتدور الآن حرب عالمية ولكنها (حرب ضد الإرهاب وتبعاته وهي حرب ذات نطاق واسع كما نرى ومع خسائر جسيمة بالأرواح والأموال وذلك بحرقها الأخضر واليابس وباستهدافها حتى الأبرياء ،وهذه الحرب ذات تحالفات العلنية والخفية وبمأساوية وقائعها ؛هل يمكن لنا أن نطلق عليها حربا عالمية ثالثة؟!كونها حربا دائرة ومستمرة وليست مجرد استعراض للقوة وإنما هي في الواقع حرب من أجل إطاحة بأنظمة قائمة .وأهم ما يميزها عن غيرها من الحروب هو:أن نارها لا تفتح على كل الجبهات في آن واحدقبل أن نجيب على السؤال الذي طرحناه نود أن نقول :في مسائل المتعلقة بالحروب فأن كل شيء يتغير باستمرار حيث ما كان صالحا للعصر السابق قد لا يصلح للعصر اللاحق من حيث نوعية السلاح والخطط وأسلوب إدارة المعارك .ولكن الحرب هي هي وحصادها قتلى وجرحى وأسرى وخسائر مادية وبشرية وهي عبارة عن جبهة فيها طرفان واحد سيهزم وآخر سينتصر وإن كان نصرا أجوف .التاريخ البشري عبارة عن سلسلة من حوادث مستمرة متواصلة الحلقات حيث الحاضر وليد الماضي واستمرار له والمستقبل جنبن الحاضر متصلا به فما يحصل اليوم من أحداث له جذور في الماضي فقنبلة الأمس تنفجر اليوم وقنبلة اليوم ستنفجر غدا ،والأحداث التاريخية تقع بسبب جملة أسباب يكون واحد منها بارزا لسبب من الأسباب .فلا يعقل مثلا تفسير ما يحصل في العراق من أحداث بأنها نتيجة طبيعية لمقاومة يبديها أذناب العهد السابق المستفيدون منه ضد العهد الجديد فحسب بل هناك خيوط خفية وأخرى تمويهية تمتد لتلتقي في الساحة العراقية .من مفارقات هذه الحرب (الحرب ضد الإرهاب وتبعاته)هي إننا لا نستطيع أن نحدد كلا الجبهتين بشكل دقيق لصعوبة الأمر بل إن ما هو أشد صعوبة وأكثر استدعاء للحيرة هو إننا نجد دولة ما تنتمي للجبهتين في آن واحد فهي تحارب الإرهاب في الوقت الذي تمارسه.لنأتي الآن إلى الحرب الباردة بين المعسكرين في الماضي القريب *وعلاقتها بالإرهاب وبالأنظمة الشمولية والاستبدادية (والتي هي إي الحرب الباردة سبب من أسباب الإرهاب) القائمة ،حيث إننا نرى بأن تبعاتها (إي الحرب الباردة) أثقلت كاهل الشعوب الرازحة تحت حكم الأنظمة الاستبدادية والشمولية الديكتاتورية لأنها استغلتها وتعايشت معها ورسخت في ظلها فمارست السلطة بالقوة والحديد والنار فظلمت وتسلطت وبطشت بمعارضيها يوم كانت على دست الحكم .وما تزال الأنظمة الشمولية تحكم بشكل عشوائي وفوضوي وتعالج مشكلاتها الناجمة عن سوء حكمها بمزيد من العنف وقمع الآخر ،بل عمدت باستمرار إلى سحق معارضيها بوسائل وحشية يوم كانت حقوق الإنسان نتيجة للحروب الباردة غائبة عن بال الساسة الكبار (إي القطبين المتضادين) من باب (أنت معي إذن أنت بحمايتي)فأفعل ما بدالك ! والآن يبدو إننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الإجابة على السؤال الذي طرحناه فنقول:لكل حرب تسمية تطلق عليها تصيب في التعبير أو تخيب على سبيل المثال سميت معركة الخندق كذلك لأن حفر الخندق كان أبرز ملامح تلك المعركة من حيث التأثير في نتائجها وسميت الحروب الصليبية بهذه التسمية غير الموفقة لأنها جاءت بعيدة عن روح المسيحية وتعاليمها ونرى أيضا إن تسمية الحرب الحالية كونها ضد الإرهاب تسمية غير موفقة تماما ولهذا يبدو إن الحرب العالمية الثالثة لن تندلع لأنها مندلعة فعلا لكنها تدار بعقلية هذا الزمان وليس ذلك الزمان،وبسلاح اليوم وتحالفاته.وهذه الحرب سوف لا تنتهي بسرعة ولا بعقد الصلح والجلوس على طاولة المفاوضات بل بهزيمة الجبهة الأخرى وهي ستكون حربا طويلة كما قال جورج دبليو بوش بعد أحداث 11 من سبتمبر –أيلول-حيث أسقطت جبهة الطالبان في أفغانستان وجبهة (بطل النصر والسلام)!في العراق وجبهات أخرى مرشحة للسقوط وهي حرب قائمة بين جبهتين ،جبهة الأنظمة المارقة والاستبدادية والشمولية ،وجبهة أمريكا وحلفائها ومع الأسف الشديد!العراق اليوم جبهة رئيسية من جبهات هذه الحرب فأرضه ساحة مفتوحة للحرب الدائرة وهنا تلتقي خيوط بعض الجبهات التي تشعر بأن الغد ليس في صالحها فتتدخل في العراق بشكل خفي لعرقلته ومحاربة أمريكا على ساحته لأنها تعلم إن أرضها ستكون ساحة لهذه الحرب في وقت قادم ،هذه الأنظمة تعاني الإفلاس السياسي بالدرجة الأساس في ظل العولمة وسرعة انتقال المعلومات وهي سوف تخسر المعركة إن دارت عليها لضعفها داخليا لأنها لا تمثل إلا نفسها أولا ،وضعفها أمام الماكينة العسكرية الأمريكية الماحقة وحلفائها ثانيا،والخيوط التي يمدونها بالظلام إلى الجبهة العراقية مكشوفة لابد أن ترصد وتشخص لتقطع ،والديمقراطية قادمة لا محال وعصر الضحك على الذقون انتهى وإلى الأبد وكل أحمق يتربع على كرسي الحكم بالحديد والنار إن لم يقرر الرحيل طوعا بصيغة ما فسوف يزاح بالحديد والنار والحرب مستمرة إلا أنها تسقط جبهة بعد جبهة يا سادة!*أنظر مقالنا المنشور (الحرب الباردة..وأمراض العصر)
4.8 / 5 Rate this article More from same author -->الحربان العالميتان الأولى(1914-1918)والثانية(1939-1945)أتسمتا بأتساع نطاقهما لتشملا مناطق عديدة من العالم بين الجبهتين المتحاربتين في الأولى بين دول الوفاق ودول الوسط وفي الثانية بين دول الحلفاء ودول المحور ترتبت عليهما آثار سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة شملت حتى الدول التي بقيت بمنأى عنهما أيضا ،واعتبرت تلكما الحربان من أهم أحداث التاريخ الإنساني المأساوية حيث خلفت كل منه أضرارا مادية وبشرية لا تطاق ،مثلا في الأولى أشترك زهاء 75 مليون عسكري ،قتل منهم أكثر من عشرة ملايين وجرح وتشوه زهاء 20 مليونا ،هذا فضلا عن زهاء عشرة ملايين ماتوا جوعا مع خسارة تسعة آلاف سفينة تجارية تعرضت للتدمير وغاصت غرقا بأعماق البحار وغير ذلك من الأضرار التي تفوق التصور ،والثانية تميزت عن الأولى باعتبارها شهدت أخطر الأحداث باستخدام السلاح الذري لأول مرة في تاريخ الحروب .الحربان العالميتان سبقتهما أزمات سياسية وتوتر شديد وتحالفات دولية وسباق التسلح وتنافس ومشكلات (منها القومية،والصراع حول المستعمرات وقيام أنظمة جديدة –فاشية ،عسكرية،نازية-وأطماع توسعية كما حصلت قبل الحرب العالمية الثانية بالذات ،ولهذه الصفات أطلق عليها صفة حرب عالمية).وتدور الآن حرب عالمية ولكنها (حرب ضد الإرهاب وتبعاته وهي حرب ذات نطاق واسع كما نرى ومع خسائر جسيمة بالأرواح والأموال وذلك بحرقها الأخضر واليابس وباستهدافها حتى الأبرياء ،وهذه الحرب ذات تحالفات العلنية والخفية وبمأساوية وقائعها ؛هل يمكن لنا أن نطلق عليها حربا عالمية ثالثة؟!كونها حربا دائرة ومستمرة وليست مجرد استعراض للقوة وإنما هي في الواقع حرب من أجل إطاحة بأنظمة قائمة .وأهم ما يميزها عن غيرها من الحروب هو:أن نارها لا تفتح على كل الجبهات في آن واحدقبل أن نجيب على السؤال الذي طرحناه نود أن نقول :في مسائل المتعلقة بالحروب فأن كل شيء يتغير باستمرار حيث ما كان صالحا للعصر السابق قد لا يصلح للعصر اللاحق من حيث نوعية السلاح والخطط وأسلوب إدارة المعارك .ولكن الحرب هي هي وحصادها قتلى وجرحى وأسرى وخسائر مادية وبشرية وهي عبارة عن جبهة فيها طرفان واحد سيهزم وآخر سينتصر وإن كان نصرا أجوف .التاريخ البشري عبارة عن سلسلة من حوادث مستمرة متواصلة الحلقات حيث الحاضر وليد الماضي واستمرار له والمستقبل جنبن الحاضر متصلا به فما يحصل اليوم من أحداث له جذور في الماضي فقنبلة الأمس تنفجر اليوم وقنبلة اليوم ستنفجر غدا ،والأحداث التاريخية تقع بسبب جملة أسباب يكون واحد منها بارزا لسبب من الأسباب .فلا يعقل مثلا تفسير ما يحصل في العراق من أحداث بأنها نتيجة طبيعية لمقاومة يبديها أذناب العهد السابق المستفيدون منه ضد العهد الجديد فحسب بل هناك خيوط خفية وأخرى تمويهية تمتد لتلتقي في الساحة العراقية .من مفارقات هذه الحرب (الحرب ضد الإرهاب وتبعاته)هي إننا لا نستطيع أن نحدد كلا الجبهتين بشكل دقيق لصعوبة الأمر بل إن ما هو أشد صعوبة وأكثر استدعاء للحيرة هو إننا نجد دولة ما تنتمي للجبهتين في آن واحد فهي تحارب الإرهاب في الوقت الذي تمارسه.لنأتي الآن إلى الحرب الباردة بين المعسكرين في الماضي القريب *وعلاقتها بالإرهاب وبالأنظمة الشمولية والاستبدادية (والتي هي إي الحرب الباردة سبب من أسباب الإرهاب) القائمة ،حيث إننا نرى بأن تبعاتها (إي الحرب الباردة) أثقلت كاهل الشعوب الرازحة تحت حكم الأنظمة الاستبدادية والشمولية الديكتاتورية لأنها استغلتها وتعايشت معها ورسخت في ظلها فمارست السلطة بالقوة والحديد والنار فظلمت وتسلطت وبطشت بمعارضيها يوم كانت على دست الحكم .وما تزال الأنظمة الشمولية تحكم بشكل عشوائي وفوضوي وتعالج مشكلاتها الناجمة عن سوء حكمها بمزيد من العنف وقمع الآخر ،بل عمدت باستمرار إلى سحق معارضيها بوسائل وحشية يوم كانت حقوق الإنسان نتيجة للحروب الباردة غائبة عن بال الساسة الكبار (إي القطبين المتضادين) من باب (أنت معي إذن أنت بحمايتي)فأفعل ما بدالك ! والآن يبدو إننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من الإجابة على السؤال الذي طرحناه فنقول:لكل حرب تسمية تطلق عليها تصيب في التعبير أو تخيب على سبيل المثال سميت معركة الخندق كذلك لأن حفر الخندق كان أبرز ملامح تلك المعركة من حيث التأثير في نتائجها وسميت الحروب الصليبية بهذه التسمية غير الموفقة لأنها جاءت بعيدة عن روح المسيحية وتعاليمها ونرى أيضا إن تسمية الحرب الحالية كونها ضد الإرهاب تسمية غير موفقة تماما ولهذا يبدو إن الحرب العالمية الثالثة لن تندلع لأنها مندلعة فعلا لكنها تدار بعقلية هذا الزمان وليس ذلك الزمان،وبسلاح اليوم وتحالفاته.وهذه الحرب سوف لا تنتهي بسرعة ولا بعقد الصلح والجلوس على طاولة المفاوضات بل بهزيمة الجبهة الأخرى وهي ستكون حربا طويلة كما قال جورج دبليو بوش بعد أحداث 11 من سبتمبر –أيلول-حيث أسقطت جبهة الطالبان في أفغانستان وجبهة (بطل النصر والسلام)!في العراق وجبهات أخرى مرشحة للسقوط وهي حرب قائمة بين جبهتين ،جبهة الأنظمة المارقة والاستبدادية والشمولية ،وجبهة أمريكا وحلفائها ومع الأسف الشديد!العراق اليوم جبهة رئيسية من جبهات هذه الحرب فأرضه ساحة مفتوحة للحرب الدائرة وهنا تلتقي خيوط بعض الجبهات التي تشعر بأن الغد ليس في صالحها فتتدخل في العراق بشكل خفي لعرقلته ومحاربة أمريكا على ساحته لأنها تعلم إن أرضها ستكون ساحة لهذه الحرب في وقت قادم ،هذه الأنظمة تعاني الإفلاس السياسي بالدرجة الأساس في ظل العولمة وسرعة انتقال المعلومات وهي سوف تخسر المعركة إن دارت عليها لضعفها داخليا لأنها لا تمثل إلا نفسها أولا ،وضعفها أمام الماكينة العسكرية الأمريكية الماحقة وحلفائها ثانيا،والخيوط التي يمدونها بالظلام إلى الجبهة العراقية مكشوفة لابد أن ترصد وتشخص لتقطع ،والديمقراطية قادمة لا محال وعصر الضحك على الذقون انتهى وإلى الأبد وكل أحمق يتربع على كرسي الحكم بالحديد والنار إن لم يقرر الرحيل طوعا بصيغة ما فسوف يزاح بالحديد والنار والحرب مستمرة إلا أنها تسقط جبهة بعد جبهة يا سادة!*أنظر مقالنا المنشور (الحرب الباردة..وأمراض العصر)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق