الأحد، 19 أبريل 2015

كارل ماركس دستور الجمهورية الفرنسية الذى أقر فى 4 نوفمبر 1848

تتصدر الدستور مقدمة بلاغية, ومايستحق الانتباه فيه المقاطع التالية:
1 ـ تعلن فرنسا انها جمهورية. 2 ـ الجمهورية الفرنسية ديموقراطية, واحدة وغير منقسمة.3 ومبادؤها هى حرية، مساواة، اخاء، واسسها هى العائلة، العمل, الملكية، النظام العام.5 وهى تحترم استقلال الامم الاخرى، وتعمل من اجل احترام استقلالها ايضا. وهى لن تشن حروبا عدوانية، ولن تستخدم ابدا قوتها ضد حرية اى شعب. (روما! 409 )
قبل انتفاضة يونيو، خطَّت الجمعية الوطنية دستورا تضمن من بين حقوق وواجبات اخرى اعترف بها للانسان، المواد التالية.
مادة 6 الحق فى التعليم حق مكفول لكل المواطنين بما يضمن لهم التطور الكامل لقدراتهم البدنية والاخلاقية والذهنية، وذلك بواسطة تعليم مجانى تكفله الدولة.
مادة 7 الحق فى العمل هو حق كل مواطن فى المجتمع فى ان يعيش من عمله. وعلى ذلك فان واجب المجتمع هو ان يزود القادرين ممن لايجدونه على ايجاده.
مادة 9 الحق فى الاعانة هو حق اليتيم، والعاجز والمسن فى ان ترعاه الدولة.
بعد ان منحت انتصارات 1848 الشجاعة للطبقة الوسطى، محيت هذه المواد من الدستور، وتبدو الان فيه على النحو التالى :-
م 1. (1) تكمن السلطة العليا فى جماع المواطنين الفرنسيين. وهى ابدية غير قابلة للتنازل عنها. وليس لفرد او جزء من الشعب ممارستها.”
م2. (2) حقوق يضمنها الدستور :- لايمكن ان يقبض على احد او ان يتم سجنه الا بالطريقة التى يحددها القانون.”
“3.لمسكن كل من يقيم على الارض الفرنسية حرمة لايجوز انتهاكها- ولايجوز دخوله الا وفقا للطرق التى يحددها القانون.”
نلاحظ هنا وفى كل مكان ان الدستور الفرنسى يضمن الحرية، ولكن دائما مايرفقها بجملة من الاحكام الاستثنائية يحددها القانون، او التى سيحددها القانون! وكل الاستثناءات التى شرعها الامبراطور نابليون، وعهد عودة الملكية، و لويس فيليب لم تجر استعادتها فقط، وانما، تكاثرت بما لاحد له. وهكذا، على سبيل المثال، فان قانون التاسع من اغسطس 1849،الذى يتعلق بحالة الاحكام العرفية يُمَّكن الرئيس اثناء عدم انعقاد الجمعية من اعماله فى غيابها، وهو القانون الذى يخول السلطات العسكرية حق تقديم كل المتهمين السياسيين امام المحاكم العرفية. اضف الى ذلك فهو يمنحها حق دخول وتفتيش اى مسكن نهارا او ليلا، ان تصادر الاسلحة, ان تبعد كل الاشخاص الذين ليس لهم موطن معلوم فى المكان الذى اعلن خضوعه للاحكام العرفية.
اما بالنسبة للاجانب، فان “الحق” الوحيد الذى يتمتعون به على التراب الفرنسى،هو حق الاعتقال، والابعاد وذلك بقدر ماتعتقد سلطات البوليس ان هذا هو الامر الملائم.
اما بالنسبة للفرنسيين، فيمكن اعتقال اى مواطن فرنسى اذا مااصدر موظف رسمى واحد امرا رسميا بهذا المعنى!
“4. لايمكن لاحد ان يحاكم من اى كان سوى قاضيه الطبيعى. ولايمكن تشكيل محكم استثنائية تحت اى مسمى او اية ذريعة.
لقد رأينا آنفا انه فى ظل” الأحكام العرفية” فان المحاكم العسكرية تلغى المحاكم الاخرى. اضف الى ذلك فان المجلس قد اسس “محكمة استثنائية”، اسميت المحكمة العليا “, فى 1848 لقسم من المعتقلين السياسيين، وبعد الانتفاضة فى يونيو نفوا 15000 منتفض بدون محاكمة على الاطلاق!!
“5 تلغى عقوبة الاعدام فى الجرائم السياسية “.. لكنهم يُنفوا الى مستوطنات موبوءة بالحمى، حيث يقضى عليهم,غاية مافى الامر ان هذا يحدث بطريقة اشد بطئا، وبشكل مؤلم لحد بعيد.
“8 للمواطنين حق تشكيل الجمعيات، والاجتماع سلميا غير مسلحين، وتقديم العرائض، والتعبير عن اراءهم من خلال الصحافة او غيرها. وليس للتمتع بهذه الحقوق حد سوى الحقوق المتساوية للاخرين، والسلامة العامة.”
حقيقة ان الحد الذى تضعه “السلامة العامة” يسلب التمتع بهذه الحقوق تماما تدلل عليه بوضوح تام الوقائع التالية :-
1 حرية الصحافة.— وفقا لقوانين 11 اغسطس 1848 ويوليو 1849 ليس فقط اعادوا طلب تأمينات لاصدار الصحف، ولكن اعيد تجديد كل انواع الحظر التى وضعها الامبراطور نابليون، من وقتها، وجعلت اكثر صرامة.
يزيد قانون23 يوليو 1850 قيمة التامين! ويمد نطاق التشريع لكل الصحف الاسبوعية، والمجلات، والدوريات، الخ (410 ). اضف الى ذلك فانه يستلزم ان يوقع كل مقال باسم كاتبه، ويعيد استخدام الاختام فى الصحف. ولايكتفى بذلك، فيفرض خاتما على روايات التسالى، وعلى الكراسات الادبية المحضة ايضا، ويفرض ذلك تحت طائلة عقوبة غرامات مالية ضخمة! بعد سن القانون الذى نوهنا عنه آنفا،اختفت الصحافة الثورية تماما. وهى لطالما قاتلت ضد الاضطهاد : اسبوعا بعد اسبوع، صحيفة بعد صحيفة وكراسا عقب كراس كانت تتهم، وتغرم، وتقمع. لقد جلست الطبقة الوسطى فى مقاعد المحلفين، وسحقت صحافة الطبقة العاملة.
لقد بلغ النظام الذروة بقانون 30 يوليو 1850، الذى اعاد الرقابة على الدراما. وهكذا فان حرية الراى قد استؤصلت من ملاذها الأدبى الاخير.
2. حق تشكيل الجمعيات والاجتماعات العامة. – خضعت النوادى طبقا للمرسومين الصادرين فى 28 يوليو و2 اغسطس 1848، لجملة من لوائح البوليس، انكرت عليها اى حرية تقريبا. وعلى سبيل المثال، ليس مصرحا لها اصدار قرارات فى شكل تشريعى، الخ. وطبقا لنفس القانون، فان كل الحلقات غير السياسية والاتحادات الخاصة قد وضعت تماما تحت اشراف ونزوة البوليس.
ووفقا لقانون 19-22 يونيو 1849 فان الحكومة مخولة، بان تغلق وتمنع لمدة عام واحد كل النوادى والاجتماعات التى لاتقرها. وطبقا لقانون 6-12 يونيو 1850، فان هذه السلطة قد منحت للحكومة لمدة عام اخر، وجرى توسيع نطاقها فعليا لتشمل لقاءات جمع الشمل والاجتماعات التى تتعلق بانتخاب المندوبين، التى قد لاترضى عنها الحكومة! والنتيجة هى انه من الناحية الفعلية، ومنذ يوليو 1848، فقد توقفت النوادى والاجتماعات العامة،باستثناء الحلقات الملكية والبونابرتية.
وطبقا لقانون 29 نوفمبر 1849،يتعرض لعقوبة السجن لمدة لاتتجاوز ثلاثة شهور، وغرامة لاتتجاوز 3000 فرنك كل من اتحد من العمال وتضامن من اجل طلب زيادة فى الاجر، واستنادا الى نفس القانون، فان هؤلاء العمال يخضعون لمراقبة البوليس لمدة خمس سنوات (الامر الذى يعنى التسول, الخراب والاضطهاد ) بعد ان يستكملوا تنفيذ العقوبة.
هذا يكفى بالنسبة لحق تشكيل الجمعيات وعقد الاجتماعات العامة.
“9. حق التعليم مجانى. وتمارس حرية التعليم وفق الشروط التى يحددها القانون، وتحت رقابة الدولة.”
هنا تتكرر المزحة القديمة. “التعليم مجانى ” ولكن “وفق شروط يحددها القانون ” وهذه الشروط تحديدا هى التى تنتزع حرية التعليم كلية.
وفى ظل قانون 15 مارس 1850، فان نظام التعليم بكامله قد وضع تحت اشراف الكهنوت.
يقف على رأس هذا الفرع من الحكومة المجلس الاعلى للتوجيه العام،يترأسه أربع أساقفة فرنسيون. وهو يخضع كل المدرسين، رغم انهم مختارين من المجالس العامة او المجالس الرعوية، لهيمنة القسس. وقد وضع المدرسين فى وضع يشبه الخضوع والانضباط العسكريين، تحت القسس، العمد، الكهنة، وحرية التعليم تتضمن وفقا للقانون الذى اقتبسناه انفا، مايلى : لايحق لاحد ان يعلم بدون اذن السلطات المدنية والكهنوتية.
“11. لايجوز انتهاك حقوق الملكية.”
“14. الدين القومى مضمون.”
“15. تفرض الضرائب من اجل الخدمات العامة فقط. ويسهم فيها كل مواطن حسب ملكيته وقدرته.”
الباب الثالث – حول تفويض المنصب
يؤكد هذا القسم على ان
“1. تستمد السلطة العامة من الشعب، ولايمكن جعلها وراثية.”
“2. تقسيم السلطات هو الشرط الاولى لاى حكومة حرة.”
هنا لدينا الحماقة الدستورية القديمة. ان شرط” الحكومة الحرة ” ليس تقسيم السلطة بل وحدتها. لايمكن لالية الحكومة ان تكون بسيطة للغاية.انها دائما حرفة المخادعين ان يجعلوها معقدة وغامضة.
الباب الرابع – حول السلطة التشريعية
ان السلطة التشريعية موكولة لمجلس واحد يضم 750 نائبا، بمن فيهم من يمثلون الجزائر والمستعمرات. ولايجوز لاية مجالس تدعى لتعديل الدستور ان يقل عدد اعضائها عن 900 شخص. يستند النظام الانتخابى على عدد السكان. يلى ذلك اربع مقاطع،سوف يتعين علينا ان نوردها كاملة
“24
حق الانتخاب عام ومباشر، وشكل التصويت سرى.”
“25
كل الفرنسيين ممن بلغوا الواحد والعشرين من العمر، متمتعين بحقوقهم السياسية والمدنية لهم حق الانتخاب دون الرجوع الى اى جدول انتخابى.”
“26 كل الناخبين ممن بلغوا الخامسة والعشرين من العمر، لهم الحق فى ان ينتخبوا كنواب، بدون قيود تتعلق بالموطن.”
“27 سوف يحدد قانون الانتخاب الاسباب التى يمكن على اساسها حرمان المواطن الفرنسى من حق ان ينتخب او ان ينتخب.”
تعبر المواد السابقة عن نفس الروح تماما، مثلها فى ذلك مثل بقية الدستور.” كل الفرنسيين ناخبون،ماداموا يتمتعون بحقوقهم السياسية ” – ولكن”قانون الانتخاب ” يحدد مَن مِن الفرنسيين لن يتمتع بحقوقه السياسية!
ان قانون الانتخاب الصادر فى 15 مارس 1849، ادخل تحت هذه الفئة كل المجرمين، ولكن ليس مرتكبى الجرائم السياسية. غير ان قانون الانتخاب الصادر فى 31 مايو 1850 اضاف ليس فقط مرتكبى الجرائم السياسية، اى كل هؤلاء الذين قد ادينوا ب ” انتهاك الآراء القديمة المقررة”، وانما من ناهضوا القوانين التى تنظم الصحافة، كما انه وضع بالفعل قيودا تتعلق بالموطن، حتى ان ثلثى الشعب الفرنسى لايتمكن من التصويت!
هذا هو مايعنيه “حق الانتخاب العام و المباشر “فى فرنسا.
“28 لايمكن لموظف عام يتقاضى اجره من الدولة ان يكون نائبا للشعب. ولايمكن لنائب ان يشغل وظيفة يتقاضى عليها اجرا تعتمد على الدستور خلال مدة قيام الجمعية التشريعية.”
لقد تم تقييد هذه الشروط بالقرارات اللاحقة، وهى قد الغيت من الناحية الفعلية.
“30 تجرى الانتخابات فى الاقسام، فى المكان الرئيسى للمقاطعة، وبواسطة التذاكر الانتخابية
“31 تنتخب الجمعية الوطنية لمدة ثلاث سنوات، يعقبها اجراء انتخابات جديدة
“32
الانعقاد فيها دائم، غير أن لها سلطة التأجيل، وفى هذه الحالة عليها ان تعين لجنة بوصفها ممثلة لها لايقل عدد اعضائها عن 25 مندوبا، واعضاء مكتب الجمعية. ولهذه اللجنة سلطة دعوة الجمعية فى حالات الطوارئ “.
33-38 يجوز إعادة إنتخاب النواب. وهم لايرتبطون باى تعليمات ثابتة، ولديهم حصانة، ولايمكن معاقبتهم او ادانتهم على الآراء التى يبدونها فى الجمعية، وهم يتلقون اجرا لايجوز لهم رفضه.
اما بالنسبة ل “حصانة النائب” و”حريته فى التعبير عن آراءه”، فان الاغلبية قد اصدرت قاعدة جديدة بعد الثالث عشر من يونيو تعطى السلطة لرئيس الجمعية الوطنية فى ان يقرر لوم النائب، وتغريمه، وحرمانه من اجره، وطرده بشكل مؤقت — وهكذا تستأصل “حرية الرأى ” تماما. اصدرت الجمعية فى 1850 قانونا يعرض النواب للقبض عليهم بسبب الديون حتى فى خلال دورة انعقاد الجمعية، واذا لم يدفعوافى خلال وقت معين، يفقدون وظيفتهم كنواب.
وهكذا فلا توجد لا حرية النقاش او حصانة النواب فى فرنسا – ولكن حصانة رجال الائتمان فقط.
& 39-42 سوف تكون جلسات الجمعية عامة. غير انه يجوز للجمعية ان تشكل نفسها فى لجان خاصة بناء على طلب العدد المقرر من النواب. وحتى يصدر القانون صحيحا، يتعين ان ينال اصوات اكثر من نصف النواب زائدا واحد. وفى غيرحالات الاستعجال لايمكن اصدار قانون دون ان يقرأ ثلاث مرات، مع وجود فترة فاصلة تقدر بخمسة ايام بين كل قراءة واخرى.
لاتراعى هذه الصيغة التى جرت استعارتها من “الدستور” الانجليزى، فى فرنسا فى اى من المناسبات الهامة — وبالفعل، فى تلك المناسبات التى كانت اشد ماتقتضى ذلك.على سبيل المثال،فقد جرى اصدار القانون الانتخابى المؤرخ فى 31 مايو عقب قراءة واحدة.
الباب الخامس – حول السلطة التنفيذية
&43-44 توكل السلطة التنفيذية الى الرئيس. على ان يكون من اصل فرنسى، بالغا من العمر 30 عاما على الاقل، والايكون قد فقد أبدا صفته كمواطن فرنسى.
الرئيس الاول للجمهورية الفرنسية، لويس بونابرت لم يفقد فقط صفته كمواطن فرنسى,ولم يكن فقط شرطيا خاصا انجليزيا (411 ), ولكنه كان متجنسا سويسريا.
&45- 70 ينتخب رئيس الجمهورية لمدة اربع سنوات، ولايجوز اعادة انتخابه قبل مضى اربع سنوات على انتهاء شغله للمنصب. وينطبق نفس القيد ضمنا على اقاربه حتى الدرجة السادسة. وتجرى الانتخابات يوم الاحد الثانى من شهر مايو، فى السنة الرابعة بعد انتخابه. وينتخب بالتصو يت السرى، وبالاغلبية المطلقة. فاذا لم يحصل اى مرشح على اكثر من نصف الاصوات المسجلة، مليونين على الاقل، يجوز للجمعية ان تنتخب رئيسا من بين المرشحين الخمسة ممن حصل على اعلى الاصوات. ويقسم الرئيس على احترام الدستور، وله ان يتقدم باقتراحات للجمعية، من خلال وزراءه، وله ان ينظم الجيش، دون ان يترأسه شخصيا،وليس له ان يتنازل عن اى جزء من التراب الفرنسى، ولا ان يحل او يعطل
الجمعية، كما لايحق له تعطيل سلطة الدستور. وله ان يتفاوض ويصدق على المعاهدات، والتى لاتصبح ملزمة قطعيا الا بعد مصادقة الجمعية عليها. ولا يجوز له ان يعلن حربا دون اقرار الجمعية – وله ان يمارس حق العفو،ولكن ليس له ان يمنح عفوا عاما. اما عن هؤلاء الذين ادانتهم المحكمة العليا فلا يمكن ان يعفى عنهم الامن قبل الجمعية الوطنية. وللرئيس ان يؤجل نشر قانون، ويطلب ان تتداوله الجمعية مرة اخرى. وبذلك تصبح المداولة نهائية. وهو يعين السفراء والوزراء، وله ان يوقف، خلال ثلاثة شهور، العمد، والمجالس المحلية، والحرس الوطنى، الخ التى انتخبها المواطنون انفسهم. ويتعين ان تمهر كل مراسيمه بتوقيع مزدوج من الوزير المختص، ولاينطبق ذلك على اقالة الوزراء انفسهم. الرئيس، والوزراء، والموظفون العامون مسئولون فرادى كل فى مجال اختصاصه عن اعمال الحكومة. يعتبر كل عمل يحاول به الرئيس ان يؤثر، او يؤخر، او يمنع المجلس من ممارسة وظائفه المعتادة عملا من اعمال الخيانة العظمى. ويعد الرئيس بهذا العمل فاقدا لسلطاته على الفور—ويتعين على كل مواطن فى هذة الحالة رفض اطاعة اوامره وتنتقل سلطاته فورا الى الجمعية، وعلى قضاة محكمة العدالة العليا ان تجتمع حالا، وان تستدعى المحلفين الى مكان معين لمحاكمة الرئيس وشركاءه.
للرئيس ان يستخدم مقرا رسميا، وله ان يتقاضى اجرا سنويا قدره 600000 فرنك فرنسى او 24000 جنيه استرلينى {يتقاضى الان 2160000 فرنك او 86400 جنيه استرلينى } وللوزراء مقعد بحكم المنصب فى الجمعية الوطنية ولهم الحق فى مخاطبة الجمعية حين يشاءون. وللجمعية الوطنية ان تنتخب نائبا لرئيس الجمهورية من ثلاثة يرشحهم الرئيس خلال شهر من تاريخ انتخابه. ويقسم نائب الرئيس نفس القسم الذى يقسمه الرئيس،على الا يكون من ذوى قرابة الرئيس، وهو يحل محل الرئيس اذا مامنعه عارض من اداء عمله، ويقوم بمهمة رئيس مجلس الدولة. اذا خلا منصب الرئيس بسبب الوفاة، او لاى سبب اخر، تجرى الانتخابات خلال حد اقصاه شهر واحد.
الباب السادس – مجلس الدولة
&71 -75. مجلس الدولة هو مجلس استشارى فحسب، يقوم المقترحات المقدمة اليه من الوزراء – او التى تقدم اليه من المجلس.
الباب السابع – الادارة الداخلية
يتناول هذا الفصل الكهنوت، الحكام الرئيسيون،المجالس العامة ومجالس المقاطعات. ان المادة الوحيدة ذات الشان، والتى وظفت الى اقصى حد ممكن هى الاتية :
& 80. يجوز للرئيس وبمصادقة مجلس الدولة، ان يحل المجالس العامة، ومجالس الولايات، والمجالس العمومية.
الباب الثامن – حول السلطة القضائية
اذا ماتحدثنا بصفة عامة، يعيد هذا الفصل انتاج تشريعات الامبراطور نابليون. وتستحق الاضافات الاتية بعض الملاحظة على اى حال :
& 81 تمارس العدالة مجانا،باسم الشعب الفرنسى.
على ضآلة هذا الامر، فان المرء لاتقطع راسه من اجل لاشئ!
& 91- 100 تتناول محكمة العدالة العليا،التى لها وحدها سلطة محاكمة الرئيس، والتى يمكن ان يستدعى امامها الوزراء،وكل المجرمين السياسيين التى تعتقد الجمعية الوطنية ان من الملائم احالتهم الى هذه المحكمة.
تتالف هذه “المحكمة العليا” من خمس قضاة تختارهم محكمة النقض ( وهى اعلى محكمة فى فرنسا ) من بين اعضاءها، ومن ستة وثلاثين محلفا يختارون من المجالس العامة للاقسام، بواسطة هيئة ارستقراطية تماما. الوحيدون الذين حوكموا امام هذه المحكمة،هم المتهمون فى 15, مايو 1848— (هنا تظهر اسماء باربى وبلانكى امام هذا القضاء!) والمندوبين الذين اجريت تسوية معهم فى 13 يونيو، 1849.
طبقا لقانون 7 اغسطس، 1848، شطبت اسماء كل من يجهلون القراءة والكتابة من جداول المحلفين، وعلى ذلك استبعدوا ثلثى السكان الراشدين!
الباب التاسع – القوات المسلحة
استبقى كامل القانون العسكرى القديم كما هو. ولاتدخل جرائم الجنود فى اختصاص المحاكم المدنية. ويكشف المقطع التالى روح هذا الدستور.
&” 102 يلزم كل مواطن فرنسى باداء الخدمة العسكرية، وان يخدم فى الحرس الوطنى باستثناء الحالات التى يحددها القانون.”
ويمكن لكل من يملك نقودا ان يستعفى من الالتزام باداء الخدمة العسكرية.
الطبقات العاملة مستبعدة كلية حاليا من مراتب الحرس الوطنى، فى القانون المنظور الان، الذى تمت قراءته للمرة الثانية! اضف الى ذلك
فان للرئيس الحق فى ان يوقف لمدة عام الحرس الوطنى لكل ابرشية – وبالفعل، فقد جرى حل الحرس الوطنى فى نصف فرنسا باجمعها!
الباب العاشر – تشريعات خاصة
“& 110. توكل الجمعية الوطنية الدستور ليقظة ووطنية الشعب بكامله.”
وتوكل “اليقظة ” و “الوطنية” للمرحمات الرقيقة المنبثقة عن المحكمة العليا! 13 يونيو!
الباب الحادى عشر – حول تنقيح الدستور
& 111. اذا ماعبرت الجمعية،عند اختتام دورتها، عن رغبتها فى اجراء تغيير فى الدستور، فيجرى التنقيح بالطريقة التالية :- لايمكن للرغبة التى ابدتها الجمعية ان تصبح قانونا الا عقب ثلاث مناقشات متتالية، و يتعين ان تجرى كل منها عقب شهر يفصل بين كل منها، على ان يتم ذلك بثلاث ارباع الاصوات، على الايقل عدد المصوتين عن 500. والجمعية التى دعيت بغرض التنقيح تنتخب لمدة ثلاث شهور فقط ولايحق لها، فى غير حالات الاستعجال ان تتعرض لأى مسألة اخرى
هذا هو “دستور الجمهورية الفرنسية ” وهذه هى الطريقة التى جرى توظيفه بها. سوف يلاحظ القارئ ان الدستور من بدايته حتى نهايته هو عبارة عن جملة من الكلمات الانيقة، تخفى اشد التصاميم غدرا. ومن بداية صياغاته، يتضح انه من المستحيل انتهاكه، لان كل مادة من مواده تحتوى على نقيضها — فهى تلغى نفسها تماما بمعنى الكلمة. وعلى سبيل المثال :– “التصويت عام و مباشر “, — “ويستثنى من ذلك الحالات التى يحددها القانون “.
وعلى ذلك لايمكن ان يقال ان القانون الصادر فى 31 مايو،1850 ( الذى يحرم ثلثى الشعب من حق الانتخاب ) ينتهك الدستور على الاطلاق.
يكرر الدستور دائما صيغة ان تنظيم وحد حقوق وحريات الشعب ( على سبيل المثال حق تشكيل الجمعيات، حق الانتخاب، حرية الصحافة،الحق فى التعليم.. الخ ) سوف يحددها قانون عضوى لاحق –، وهذه ” القوانين العضوية ” “تحددالحرية الموعودة وذلك بتدميرها. ان خدعة منح الحرية كاملة هذه، ووضع اجمل المبادئ، ثم ترك تطبيقها اللاحق، التفاصيل، تتقرر من خلال القوانين اللاحقة، هذه الخدعة استعارتها الطبقة الوسطى النمساوية والبروسية من انماطها الاصلية الفرنسية، وقد حدث نفس الشئ فى الدستور الفرنسى لعام 1830وفى تلك التى جرى انفاذها قبلا.
ايها الشعب! عليك ان تعقد العزم بشان التفاصيل {413}, كما هو الحال مع المبادئ، قبل ان تصل الى السلطة. وهكذا فان الصراع قد دار فى البرلمان الانجليزى حول هذه المسألة تحديدا!
ان المواد الوحيدة التى تتخذ طابعا ايجابيا وقاطعا هى تلك المواد التى تتعلق بانتخاب الرئيس ( & 45 ) وتنقيح الدستور ( &111). فهى المواد الوحيدة التى يمكن انتهاكها، لانها وحدها التى لاتحمل تناقضاتها الخاصة داخلها.
لقد استهدفت الجمعية التاسيسية بها بونابرت فى عام 1848 – الذى ازعجت مكائده الرئاسية المندوبين.
ان التناقضات الأبدية لدستور النصب هذا، تظهر بما يكفى من الوضوح، ان الطبقة الوسطى يمكن ان تكون ديمو قراطية بالكلمات، ولكنها لن تكون كذلك بالافعال – سوف يعترفون بحقيقة المبدأ، لكنهم لن يضعوه موضع التنفيذ أبدااما الدستور الحقيقى لفرنسا فيمكن ان تجده ليس فى الوثيقة التى سجلناها، وانما فى القوانين العضوية التى سنت على اساسه، والتى اعطينا القارئ موجزا عنها. لقد كانت المبادئ هناك – وتركت التفاصيل للمستقبل، وفى تلك التفاصيل جرى سن تشريعات طغيانية فاجرة.
وسوف يتجلى الامعان فى الاستبداد الذى تم بلوغه فى فرنسا بتبيان تلك النظم التى سنت للطبقة العاملة.
تزود الشرطة كل عامل بسجل – تحتوى الصفحة الاولى منه على اسمه، وعمره، ومحل ميلاده و تجارته او حرفته، ووصفا لشخصه. وهو ملزم من ثم بان يدخل اسم صاحب عمله الذى يعمل لديه، والاسباب التى دعته لتركه. لكن ليس هذا هو كل شئ على الاطلاق : ويوجد السجل لدى صاحب العمل، ويودع بواسطته فى مكتب البوليس مع وصف يقدمه صاحب العمل لشخصية العامل. وحين يترك العامل وظيفته، عليه ان يذهب الى مكتب البوليس لاخذه ولايحق له ان يحصل على عمل جديد بدون ابرازه. وهكذا فان عيش العامل يعتمد كلية على البوليس. ولكن ليس هذا بعد كل شئ : يخدم هذا السجل بوصفه جواز سفر. فاذا كان عرضة لذلك يكتب البوليس فيهصالح للعودة” ويلزم العامل بالعودة الى ابرشيته! لانحتاج الى التعليق على هذا الكشف الرائع! دع القارئ يتصور بنفسه
مداه الكامل، وان يتتبعه حتى نتائجه الفعلية. فلا يوجد مايشابهه لا فى قنانة اقطاع القرون الوسطى – ولا فى نظام المنبوذين فى الهند. لاعجب ان تطلع الشعب الفرنسى الى لحظة الانتفاضة. ولاعجب ايضا ان اتخذت نقمته شكل عاصفة. لقد كانوا رحيمين فى 1830، كما كانوا رحيمين فى 1848 ولكن منذ هذا الوقت قويض على حريتهم، وسالت دماءهم بغزارة، وكل سجن فى فرنسا ملئ بالاسرى المحكوم عليهم لمدى الحياة – لقد نقل15000الف اسيرا جملة واحدة وينيخ عليهم الان الاستبداد المروع الذى وصفناه انفا. لم التعجب من ان تخشى الطبقة الوسطى الشعب، وان تبذل كل مافى وسعها حتى تبقى لحظة الثأر مرجأة. ولكنها منقسمة على نفسها. فلديها مطامح تمعن فى التنازع بين بعضها البعض، والرئيسى يتوقف على ماهو محتمل.
لعبة نابليون
السؤال الآن هو هل سيطول أمد السلطات الرئاسية، وهل سيجرى تنقيح الدستور. لايمكن إعادة انتخاب نابليون، بدون انتهاك فاضح للدستور، لانه اولا لايمكن اعادة انتخابه الا بعد مضى اربع سنوات من انتهاء مدته فى منصبه، وثانيا، لايمكن تنقيح الدستور الا باغلبية الثلثين. ولاتوجد اغلبية تناصر هذه المسألة، ومن ثم فان اعادة انتخاب موافقة للدستور غير ممكنة.
ومن ثم فان البديل الوحيد امام بونابرت هو ان يتحدى الدستور ويشهر السلاح ويحاربه او ان يسلم سلطاته بشكل شرعى فى الزمن المحدد. سيصبح كافينياك رئيسا فى الحالة الاخيرة, وسوف تكتمل جمهورية الطبقة الوسطى. فى الحالة الاولى ستصبح الامور اكثر تعقيدا.
ان لعبة نابليون الان من ثم هو ان يلعب على سخط الشعب. ان الطبقة الوسطى عدو نابليون – ان الشعب يعرف ذلك، ومامن رابطة تعاطف بينهما. وان كان،على اى حال، يتشاطر عار القمع مع الطبقة الوسطى فان رغبته فى ان يطرح ذلك من على اكتافه ملقيا اياه بكامله على اكتافها، قد يعنى ان عقبة كبرى قد ازيحت.
وهذا هو ما يسعى اليه – كما اثبت ذلك خطابه الراهن فى ديجون، حيث يقول :
كل قانون ردئ كانت الجمعية هى التى سنته، وكل قانون جيد اقترحته اما رفض او استبعد من قبل هذه الهيئة. لقد احبطونى عند كل محاولة لتحسين اوضاعكم، واثاروا العقبات الوهمية التى لاوجود لها ضد التحسينات المقترحة.”(414)
من ثم فهو يسعى لان يقود التنوير من رأسه وصولا لرأس الجمعية. وفى نفس الوقت فان الجيش معه اكثر مما هو مع الجمعية الاخيرة—وهذا هو بؤس الشعب. إن اى تغيير تقريبا سوف يكون الى الافضل فى تقدير الاغلبية, بيد ان المستنيرين ليسوا سوى الاقلية.
ومن ثم، بافتراض ان الطبقة الوسطى سوف تخاطر بالصراع فى ظل كافينياك، وباكتشاف ان بونابرت ماضى العزم، فان الشعب سوف يقاتلهما بالضرورة – وسوف يقاتل بونابرت مع الشعب. وهما معا سوف يثبتان انهما اقوياء للغاية قياسا بالجمعية. بعد ذلك سوف يأتى الوقت الحرج، وهو ان تجد الجمعية الجماهير على وشك الانتصار, انئذ سوف تفضل اهون الشرين. سوف تفضل امبراطورية او دكتاتورية نابليون، على جمهورية ديموقراطية او اجتماعية وسوف تتوصل الى تسوية مع الرئيس. واذ الاخيرمروع بقدرماهم مروعون فيمكن للقوى الديموقراطية ان تقبل مساعدتهم. سوف يكون الجيش، او قسما منه على الاقل، اكثر ارتباطا بنابليون بسبب الاثارة، والخطر و”مجد” الكفاح، وسوف يتخذ الصراع حينئذ مظهرا جديدا، مظهر الجيش والبورجوازية ضد الشعب. تعتمد القضايا المطروحة على الشجاعة، والحس، وعلى وحدة الاخيرين. ان لعبة نابليون هى ان يحرض الشعب على الطبقة الوسطى. ثم ان يحرض الطبقة الوسطى على الشعب ثم يستخدم الجيش ضدهما معا.
يحمل المستقبل احداثا كبرى، وحاضر فرنسا هو من اشد الدراسات التى يمكن ان يطرحها التاريخ إثارة.
هوامش
409
يشير ماركس الى التدخل ضد الجمهورية الرومانية الذى قامت به الحكومة الفرنسية فى 1849.
410
الاشارة لقانون الصحافة الفرنسى الذى اقر فى 9،18، 19 يونيو، وفى ظل هذا القانون فان قيمة الضمان التى يتعين ان تدفعها مختلف الدوريات يعتمد على دورية، ومكان الاصدار.
وفى ظل قانون 23 يوليو،1850، فان المعدلات المرتفعة السابقة قد امتدت لتشمل الاصدارات المطبوعة فى منطقتى ليون والرون. (اقر هذا القانون بصفة اصلية فى 16 يوليو، 1850، ولكنه ظهر فى الصحافة، وقد فقدت منه 22 مادة، الامر الذى ادى بالجمعية الوطنية الى ان تتبنى قرارا باعادة طباعته مرة اخرى. وقد جرى ذلك فى جريدة لومونيتور يونيفرسال عدد 205،24 يوليو،1850 )
411 فى 1832 حصل بونابرت على الجنسية السويسرية فى مقاطعة تورجاو، وخلال اقامته فى انجلترا فى 1848 تطوع بوصفه شرطيا خاصا “كونستابلا” ( وقد كانت قوة الشرطة هذه بمثابة احتياطى شرطى مدنى ) وبالتعاون مع البوليس، قام هؤلاء الكونستابلات بتفريق مظاهرة العمال التى نظمها الشارتيون فى 10 ابريل 1848.
413 عنى الشارتيون الثوريون الانجليز بالتفاصيل فى تحريضهم، النقطتين 2 – 6 من ميثاق الشعب : انتخابات سنوية للبرلمان، اجور لاعضاء البرلمان، تصويت سرى، دوائر انتخابية متساوية، والغاء شرط نصاب الملكية للمرشحين. لقد اعتقدوا ان تلبية هذه الطلبات تضمن تطبيق حق الاقتراع العام، الذى كان النقطة الاولى فى الميثاق.
414 استبعد هذا المقطع من الطبعة الرسمية للخطاب الذى القاه لويس بونابرت فى ديجون فى اول يونيو، 1851 ( لومونيتور يونيفرسال عدد 154، 3 يونيو،1851 كما اشير لذلك فى جريدة لوناسيونال فى عدد 3 يونيو. وقد جرى تضمينه فى استجواب موجه لوزير الداخلية فى الجمعية الوطنية ( لومونيتور يونيفرسال عدد155،4 يونيو, 1851 ) وظهر النص الكامل للخطاب فى لوناسيونال فى 4 يونيو, وقد اقتبست الصحف الانجليزية، والالمانية هذ المقاطع بشكل مباشر، او غير مباشر. ومن غير المعلوم حتى الان اى مصدر استخدمه ماركس.
________________  
. كارل ماركس
المصدر : الأعمال الكاملة، ماركس، انجلز، المجلد العاشر، ص  567 – 582، دار التقدم، موسكو، 1978.

ترجمة: سعيد العليمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق