الخميس، 9 يونيو 2011

أطروحات

تقديم

تمثل ألأطروحات البرنامجية التي ننشرها هنا، وثيقة عملت فصيلتنا على إنجازها لسنوات عدة، تمتد إلى قبل الولادة "الرسمية" للفصلي الشيوعي العالمي (في حزيران 1989). فهي أحد مستويات الجهد المتواصل لتعميق وبلورة النقاشات الأممية والنقد بين المناضلين الثوريين بهدف الوصول إلى تحديدات أكثر فأكثر دقة للأطروحات البرنامجية لحركتنا، أي للشيوعية. (1)

وحول هه المسألة، كما حول كافة المسائل الأخرى، فإننا نرفض تماما كلا من الإيديولوجية (الأرثوكسية) والإيديولوجيات (التجديدية) التحريفية. مواجهين إياها، كما تشير أطروحاتنا، بالعميق المستمر والتحديد المتصاعد الدقة للمستلزمات الجوهرية التي تمثل عنصرا ثابتا في البرنامج الشيوعي.

إن، هه الأطروحات ليست صياغة جديدة لنص مقدس. كما أنها ليست خواطر قابلة للتغير، كليا أو جزئيا، بمجرد توفر الإرادة بلك لدى ها الفريق أو اك من المناضلين(حتى إا كانت هه الإرادة إرادة الأغلبية). إنما هي أكبر من لك بكثير، إنها"لقطة" للحظة محددة من عمل جماعي متواصل في حقل التحديد البرنامجي الي سبق له أن عرف صياغات قبلها وسيعرف صياغات مستقبلية متتابعة، لكنها موضوعة جميعا، في ات المسعى الثابت الهادف إلى التعبير نظريا عن الممارسة الشيوعية المتطلعة إلى تحقيق قطيعتها مع كامل المجتمع الرأسمالي.

وحول ها الجهد النظري، العملي كليا، فإن نشاط المجموعات الشيوعية هو اته دائما: أنه الإدراك والتعبير المنافي لكل الإيديولوجيات، الأمر الي يعني في الواقع المباشر، الإعلان عن الصيرورة التاريخية التي تعمل ضمن الرأسمالية وضدها، كنفيها الي يبشر بالشيوعية أنه الحصيلة النظرية المستنبطة من التجربة المتراكمة حول تطور الثورة والثورة المضادة. حصيلة لا يمكن للممارسة الشيوعية الاستغناء عنها، ليس فقط بالقدر الي تشكل المجموعات بموجبها جزءا وتعبيراً عضوياً متماسكاً لحركة تدمير المجتمع القائم، إنما أيضا بالقدر الي تقوم البروليتاريا عبرها بتكثيف تجاربها وتحويلها إلى تعليمات استرشاد تقود ممارستها القامة، وهكا بالتالي تنجب البروليتاريا قيادتها التاريخية (2)

إن، فالمسألة بالنسبة لنا لا تعني ابتكار "نظريات جديدة" ( والي غالباً ما يعني إضفاء مصطلحات على الأخطاء اتها)، كما لا يعني سعياً لاكتشاف "موضوعات تاريخية جديدة" أو ترويج "ممارسات مستحدثة". إنما وعلى العكس من كل لك، تعني الاستمرار بشكل يزداد وضوحا على الدوام، بالعمل على إبراز المستلزمات الثابتة الخاصة بالتناقض بين الرأسمالية والشيوعية والموجود من أن قام الرأسمال بالاستحوا على الإنتاج واحتواء الإنسانية في كيانه

إن المزية التي تتوفر في ها النوع من الوثائق، هي قيامه بطرح كافة المواقف الأساسية التي تقود نشاطاتنا بصورة إجمالية واستنباطية، تجعل من الممكن استعماله كمرجع مباشر للإطار البرنامجي الي يتطور فيه نضالنا. لكنه ينطوي، بالمقابل، على نقطة ضعف (يستغلها عبيد الشكلية بإفراط) تتمثل في قابليته للتحويل إلى التوراة للنظرية الثورية، حيث وحال الانتهاء من صياغته، ثمة من سيزعم بأنه يقدم أجوبة على كافة المشاكل التي تواجه الحركة الشيوعية، التي هي بدون شك جنينية ومبعثرة اليوم. أما من جهتنا، فإننا نعتبر هه الأطروحات بمثابة أرضية متينة جاءت نتيجة لسنوات عديدة من الجهد النضالي، ويمكنها بالتالي أن تخدم في توجيه وتحديد سمات نضالنا القادمة.

ليست أطروحات الشيوعيين ولم تكن مطلقاً "وصفات نظرية" لكيفية إصلاح العالم، كما أنها لم تكن أبداً محض بدع وألاعيب أيديولوجية عابثة . إنما هي، على العكس، تعبير نظري عن الحركة الفعلية لتدمير النظام القائم، ("حركة تجري أمام أعيننا"). وبصفتها هه، فإنها تستنبط القرارات الفعلية والعملية للبروليتاريا باعتبارها حاملة الحركة الهدامة. كما تمثل في ات الوقت عنصراً حاسماً وجوهرياً لهه الحركة التي تناضل من أجل أن تهيئ نفسها قيادة ثورية والتحول لإلى قوة تاريخية عالمية.ً

لقد تطورت أطروحات الشيوعيين عبر مجمل تاريخ الحزب الشيوعي وتعززت واكتسبت الكثير من الدقة بموازاة التطور الاتي للحركة الثورية ودروسها (بما في لك دروس الإخفاقات المتعاقبة). لكن ها لا يعني أنه بالإمكان أن نترك للرغبات مهمة الصياغات المتتالية للأطروحات أو جعل هه الأخيرة معرضة لشتى البدع المثيرة. فإن هه المساهمات، بصفتها تعبيراً نظرياً عن التضاد الثابت بين الرأسمالية والشيوعية، هي مساهمات غير متكاملة وغير منجزة بالضرورة:بدون خشية من ارتكاب خطأ، نستطيع التأكيد بأن جميع البيانات والبلاغات التكوينية المنتجة عبر تاريخ الحزب تتضمن وستتضمن مواقف خاطئة بل وحتى بعيدة عن مصالح البروليتاريا، وسيستمر ها الحال حتى الانتصار الكامل للثورة الشيوعية.

لكن كل واحدة من هه الصياغات المتتالية تؤكد بمستويات متفاوتة من التجريد الأسس الثابتة للحركة ما دامت تمثل تجريد حقيقي للقيادة الشيوعية لهه الحركة. ولها السبب لا يتحتم على كل جيل من الثوريين أن ينطلق من نقطة الصفر، بل على العكس: أن نشاطه العملي يستند إلى الأسس الثابتة التي لا يتوجب تبديلها، إنما فقط تطويرها إلى حدودها القصوى.

لمواجهة هه الممارسة الثورية، تفعل الثورة المضادة النقيض تماما (صيما الاشتراكية الديمقراطية التي تمثل الاستمرارية ً الشكلية التحريفية البرنامجية الفعلية). فهه، وحتى إا جاهرت بالانتماء إلى القادة البروليتاريين في الماضي، لا تأخ منهم سوى بعض الجمل المبتورة من سياقها الأصلي،والمعزولة عن الظرف الخاص الي قيلت فيه .وهكا وباسم الأرثوكسية الشكلية تقوم دائما بمهاجمة أسس التضاد الثابت. فالجهد ألتحريفي بمجمله يعتمد دائما على إعادة تأويلات عامة للرأسمالية، زعما حصول تغير في طبيعتها وحتى في طبيعة نضال البروليتاريا، تمهيدا للقيام بعدئ مباشرة بوضع تحديدات برنامجه المضاد للثورة على الدوام.

لجعل قراءة هه الأطروحات يسيراً لا بد لنا أن نقدم أمثلة على كل ما تقدم.

إن الأطروحة التي تقر ب"إن البروليتاريا بلا وطن" هي أطروحة مركزية وثابتة لحزبنا طوال تاريخه الي يحدد ويتضمن مجموعة من التوجهات العملية الأساسية. لكن ما هو أصل ها القرار وما هي تطبيقاته ؟على عكس مزاعم كافة الماركسيين البرجوازيين،فإن هه الأطروحة الحاسمة لم تتمخض عن خيال أي منظر عبقري، إنما هي في الحقيقة تعبير عن واقع حياة البروليتاريا اتها.

ففي الصيغة الأولى لـ "بيان الحزب الشيوعي" (وهو حقاً اسم على مسمى وفقاً لمضمونه التاريخي)، يؤكد ماركس وأنجلز عبر هه الجملة واقعاً سابقاً في وجوده على ها البيان، واقع لم يكف منئ عن أن يكون احد المستلزمات التي تحكم الحركة الشيوعية وللك فإن جميع الصياغات اللاحقة للبرنامج ستتبناه بغض النظر عن اختلاف أشكالها.

إا إن حقيقة كون البروليتاريا بلا وطن ليست أمراً طارئاً ولا عارضاً ولا رهناً بزمان أو مكان معينين، كما أنها لم تنبع من الصياغة النظرية الأولى لبيان الحزب الشيوعي. بل هي على العكس، حقيقةجوهرية ودائمة للبروليتاريا تفرض عليها الدخول في تضاد مع كل نظام برجوازي باعتبارها نقيضاً له، وتتضمن أصلاً تحديدات حاسمة لمجتمع المستقبل ـ إلغاء كافة الجنسيات وكافة الحدود... الخ ـ . بعبارة أخرى، إن ها الشعار الثابت للحركة الشيوعية كان واقعاً قائماً أصلاً وحتى قبل قيام ماركس وأنجلز بصياغته هكا:فالبروليتاريا لم ولن تمتلك وطناً أبداً، وإن وجودها الخاص يتضمن باته نفياً لكل جنسية(3)

للك يجب أن لا نندهش، إا جرت صياغة ها الجانب المركزي من البرنامج بتعبيرات أخرى أقل أو أكثر وضوحاً في مختلف أنحاء العالم سواء قبل أو بعد ها البيان أو من قبل مناضلين شيوعيين آخرين ممن لم يعلموا حتى بوجود ماركس وأنجلز، لأن ها الجانب هو إحدى التدفقات التي تزخر بتا حياة وممارسة طبقتنا.

غير أن التثبيت النظري لهه الأطروحة الواضحة جداً في البيان، سجل تقدماً حاسماً لا رجعة فيه للحزب نفسه، نظراً لأنها ستصبح الأرضية اللازمة لكافة الصياغات اللاحقة، أرضية لا يمكن التنكر لها بعد أن أطلقت كصرخة قتالية من قبل البروليتاريا المشتبكة في النضال.

إن المجال لا يسمح هنا بكر تفاصيل الصيرورة التي قادت مناضلين كماركس وأنجلز إلى طرح ها التأكيد. لكن من الضروري أن نشير إلى أن ها التأكيد هو ليس مجرد نفي للوطن على صعيد الشكل، بل على صعيد المضمون أيضاً، نظراً لأن الحركة الفعلية للبروليتاريا هي اتها نفي لكل وطن. وها الأمر جوهري جداً في فهم منهج الأطروحات المقدمة هنا.

فالمنهج العام لها العرض يقوم على مبدأ التضاد بين الشيوعية والرأسمالية وعلى اعتبار الشيوعية النقيض الفعلي للرأسمالية. فهي تستند إلى كون جميع التحديدات البرنامجية الإيجابية ضمن رأس المال نفسه لكن كنقيض له (بما في لك تجارب الثورات المضادة). وبعبارة أخرى أن الشيوعي، حركة ثورية والنقيض الدائم في المرحلة الواقعية من سيادة الرأسمال.

من غير الممكن هنا باستعراض مجموع الأطروحات المرتبطة بشكل لا ينفصم بتلك التي تؤكد"أن البروليتاريا بلا وطن"، ولا كافة الاستنتاجات التي استخلصها ماركس وأنجلز حول لك. لكن من المهم بالمقابل أن نشير إلى أن ها التأكيد مسجل بمستوى محدد في تلمس حقيقة رأس المال كواقع عالمي والشيوعية كحركة كونية والأممية كعنصر حاسم في الممارسة العملية للبروليتاريا. فبدون هه الأصول الدائمة لكان نداء "يا عمال العالم اتحدوا!" ومفهوم أممية الحزب والبرنامج (بيان الحزب الشيوعي اته بلا وطن !!!) مجرد مفردات ميتة أو جمل جوفاء. في حين أن الأساسي في الخط التاريخي للحزب هو هه الاستمرارية المصانة جيلاً بعد جيل من قبل الثوريين، ومن هنا فإن الأمر لا يتعلق بإبداع أو مراجعة تعديلية لأي شيء، أنما هو بالتحديد القيام، وفي خضم الممارسة الثورية، بتطوير المستلزمات المتضمنة في الحركة التدميرية الفعلية الموجودة.

إن ما تفعله التحريفية هو ضد هه تماماً، سواء استندت على مقتطفات من مقولات ماركس وأنجلز أو أي مناضل ثوري آخر، أم لم يستند. إا إن سمتها الثابتة هي التشكيك دائماً بات الأسس الخاصة بالمستلزمات العملية للبروليتاريا. ولتحقيق هه فإننا نجدها وفي كل مرة تبدأ بالتأكيد على أن المجتمع في تغير وان الرأسمالية لم تعد على ما كانت عليه وإن نضال العمال نفسه قد تغير أيضاً... فهه التأكيدات تسمح لها باستنتاج أرضية الدفاع عن أي شيء بما في لك الوطن. وتهب إلى حد التنظير حول هه القضية كما فعله برنشتاين حيث يقول:

"لكن هل للاشتراكية الديمقراطية، كحزب للطبقة العاملة والسلام، مصلحة في الإبقاء على البروليتاريا مدافعة عن الأمة؟ إن هناك أسباباً مختلفة تدفع إلى الجواب بالنفي، صيما إا أخت تأكيد البيان الشيوعي القائل بـ " إن البروليتاريا بلا وطن" كنقطة انطلاق. وها التأكيد يمكن أن يكون صالحاً في أحسن الأحوال، لعمال في سنوات الأربعينيات (4) ممن كانوا محرومين من الحقوق السياسية والمشاركة في الحياة العامة. أما الآن فإنه فقد أصلاً جزءاً كبيراً من مصداقيته التي سيواصل فقدانها أكثر فأكثر كلما فقد العامل صفته كبروليتاري واكتسب صفة المواطن.

إن العامل الي أصبح في الدولة أو في البلديات، ناخباً يتمتع بنفس الحقوق ويشارك في الثورات العامة للأمة، العامل الي يتولى المجتمع تربيته وتعليم أبنائه وحماية صحته وتوفير الضمانات له ضد البؤس... ها العامل سيكون له وطن على الدوام ولك بفضل كونه مواطناً عالمياً تماماً، كما أن الأمم تتقارب فيها بينها أكثر فأكثر دون أن تفقد الشخصية الفردية الخاصة بكل منها...

إن أحاديث كثيرة تدور حالياً حول أخ السلطة من قبل الاشتراكية الديمقراطية، ومهما كانت الأحوال، فإننا إا نظرنا إلى القوة التي وصلت لها في ألمانيا لا نجد من المستحيل أن تحصل سلسلة من الأحاديث السياسية تجعلها لا تمانع في وقت وجيز أن تتولى دوراً حاسماً في ها البلد. وأمام احتمال كها بالتحديد وآخين بنظر الاعتبار المسافة التي تفصل الشعوب المجاورة عن ها الهدف، فإن على الاشتراكية الديمقراطية أن تعتمد طابعا قومياً... فها شرط لا بد من توفيره للمحافظة على سلطتها. إ أن عليها أن تثبت جدارتها كحزب قيادي وكطبقة قيادية بالارتفاع إلى مستوى مهمة إنقا مصالح الأمة في نفس الوقت"

( برنشتاين "المقدمات الاجتماعية ومهمات الاشتراكية"

فصل الرابع:نصوص وإمكانيات الاشتراكية الديمقراطية).

لكن وإا كانت المنهجية التحريفية والمرتبات السياسية المتمخضة عنها، تبدو واضحة بما فيه الكفاية في الحالة أعلاه فإن القضية بشكل عام أكثر تعقيداً بكثير. إ بالفعل، إن ماركس وأنجلز لم يتطرقا إلى جميع المرتبات الناتجة عن هه الأطروحة الأساسية في البرنامج الشيوعي.وهي حالة نجد ما يناظرها، مثلاً، في كون جيل الثوريين في 1917 لم يستطع استيعاب مرتبات أطروحات مركزية أخرى في البرنامج ك " تدمير الدولة البرجوازية" و "إلغاء العمل المأجور" وألخ. وعلى أساس التعبير الغير كامل عن واقعية " البروليتاريا بلا وطن" ، فإن ماركس وأنجلز ظلا متببين حول كل ما يتعلق بالمسألة القومية، وقد هب يهما الأمر أحيانا إلى حد الدفاع عن مواقف متضاربة أو، في بعض المناسبات ، المتضادة بشكل صريح مع الأممية البروليتارية. وإن عدم وضوح ماركس وأنجلز حول موضوع الاشتراكية الديمقراطية (التي قامت أصلاً قاعدة هي اتها متضادة مع هه الأطروحة ـلاحظ حزبهم القومي للدفاع عن الديمقراطية!!) هو أمر ليس بمعزل عن لك الفهم المكتسب المنقوص، وكلك ليس بمعزل عنهم قام أنجلز بإعادة النظر بشكل كامل بما يسمى بالأطروحة التي تدعو إلى الدفاع القومي الألماني والمشاركة في الحرب الإمبريالية وقتها. وبالفعل فإن ما بين الأطروحة التي تؤكد ب "إن البروليتاريا بلا وطن" والنتيجة المباشرة التي تترتب عنها ـ أممية ومنظمة مباشرة عالمية بروليتارية ومعارضة للنزعة القومية لبرجوازيتـ "ها" وجميع النتائج المسجلة في الحياة اتها للبروليتاريا المناضلة ضد مستغليها المباشرين مطورة بلك ممارسة أممية سلفاً،للبروليتاريا المناضلة ضد لموقف القومي والبرجوازي والإمبريالي لأنجلز في 1891 عندما اندلعت الحرب بين الدولة الألمانية من جهة والدولتين الروسية والفرنسية من جهة أخرى، يبدو بشكل صارخ إا إن هناك هوة ما بين الموقفين وقطيعة برنامجية عميقة، وتحريف نظرة كلية فيه.

فلنتكر هنا أن إنجلز دافع عن فكرة أنه إا وهجمت ألمانيا " أن جميع وسائل الدفاع مشروعة، وينبغي مجابهة الروس وحلفائهم أيا كانوا". وإنه لمح لإمكانية أن يكون الاشتراكيون الديمقراطيون هم " الحزب الوحيد الي يدعو فعلاً للحرب وبتصميم" (5)وكما نعلم فإن ما تقدم هو بالتحديد الموقف المؤيد للإمبريالية الي طورته الاشتراكية الديمقراطية لاحقاً.

ويثبت لنا ها بوضوح لماا استطاعت وتستطيع الثورة المضادة التحريفية أن تلعبا غالبا لعبة الأرثوكسية (التي هي ممارسة سائدة لدي الجناح الماركسي في الاشتراكية ـ الديمقراطية الي كان كاوتسكي مؤدلجةالبارز) ولك إما لأن ماركس وأنجلز لم يطورا إلا بشكل نصفي الإبعاد المترتبة عن هه الأطروحة ، وإما لأن أنجاز، بريعة الشروط الخاصة للرأسمالية، كما هو الحال دائماً، أقدم على إعادة نظر كلية بهه الأطروحة.

إنا بوجه ها نطرح الموقف التاريخي للشيوعيين. إا إن الأمر لا يعني لدينا تغير هه الأطروحة المركزية أو تغير بعض الجمل غير الدقيقة التي ترافقها ـ كالقول على سبيل المثال أن النضال البروليتاري سيكون أميا بمضمونه فقط وليس بشكله ـ (6) ولا إتباع ماركس وأنجلز في جميع تراجعاتهما الجزئية أو الكلية، أنما يعني بالنسبة لنا تطوير جميع النتائج الخاصة بهه الأطروحة. لكن ها لن يكون تطويراً إبداعيا أو أيديولوجيا. فالقضية ليست قضية الجلوس إلى مكتب أو منضدة في مقهى أو محاولة ابتكار توضيحات تكميلية. كلا. إنه بالنسبة لنا هو النضال اته، والتعارض الكبير بين الثورة والثورة المضادة هو الي سيرسم الحدود بوضوح بين المشاركة في حروب التحرير الوطني، الامبريالية من جهة والانهزامية الثورية من جهة أخرى. فها سمح على الدوام بإدراك نظري التوريط الآخر الي لم يقم ماركس وأنجلز بالتصدي له. وعندئ فإن الانهزامية الثورية والأممية هما القاعدة الفعلية ونقطة الانطلاق الأولية لأجيال الثوريين المتتالية. بهه الطريقة، وعبر استعادة متعاقبة للبرنامج تتطور وتتأكد مجموع أطروحات الشيوعيين!

فها يسمح بتوضيح التناقض الفعلي بين البرنامج الحي الثابت وأطروحات الشيوعيين النظرية المعرضة للتطوير على الدوام،تناقض ينتصب أمام كافة الشكليين (ثبات البرنامج النظري لماركس وأنجلز)وكلك جميع المبتدعين والتعديلات من كل المشارب.

إن البروليتاريا بلا وطن، ولم يكن لها وطن أبدا. وهي تتمسك بها وتؤكده عبر النضال ضد الاستغلال، وضد برجوازيتـ "ها ودولتـ"ها" الخاصة. فهه الممارسة تصب في الوحدة الحقيقية للنضال الاممي والنضال من أجل الأممية التي تحاول الطليعة الشيوعية مركزتها فعلياً : ها هو المحور المركزي للشيوعية وها كان حاله دائما.

إن ماركس لم يخترع البرنامج الشيوعي إنما عبر فقط عن مستوى ما من استيعابه .كما ـن اليسار الشيوعي في كل مكان من العالم في مطلع القرن الحالي لم يخترع شيئاً في نضاله ضد الحرب الامبريالية، إنما استنتج نظريا أطروحات وشعارات وتوجيهات محددة من واقع الحركة الشيوعية.

ومهمتنا هي اتها بالضبط، إ أن هه الأطروحات (7) تمثل خطوة أخرى ضمن ها الجهد الجماعي، الاممي ولا شخصي، من أجل البرنامج الشيوعي الي لا يكف عن التجسد والتبلور جيلا بعد جيل.

فهه الأطروحات التي قادت وستقود النشاط الواعي والمنظم لفصيلتنا الصغيرة، ليست ملكاً خاصاً بنا (ولا ندعي لك )

إنما تعبير استنتاجي ونظري عن التجارب المتراكمة عبر تاريخ مسيرة طبقتنا وحزبنا وهي بالتالي لا تعود إلا لها.

وهناك عدد من النصوص المنشورة في صحافتنا المركزية والفرعية(بالإسبانية والفرنسية والعربية والإنجليزية والبرتغالية) يفسر ويبرهن على هه الأطروحات ويشكل ركيزة لعملية استيعابها التاريخي لا ننشرها لا حقا لهه الأطروحات ،وهي موجز موضح للنصوص المنشورة باللغة الفرنسية حتى الوقت الحاضر. وبها الاتجاه فمن المهم أن نلاحظ حول عدد كبير من المسائل أنه إا كانت هه النصوص أكثر تفصيلا من الأسطر القليلة الخاصة بالأطروحة المكرسة لها، فلك لأن الأمر بدون شك يتعلق بنواة عمل غير مكتمل، ويظل ناقص الجوانب (فها العمل الثوري لن يمكنه الاكتمال إلا بإنجاز الثورة الإجتماعية اتها). ونكرر القول هنا بأن هه الأطروحات ليست " غاية خيالية" إنما هي أطروحتنا للعمل وتوليفة نظرية لممارستنا التي يتواصل عملنا على أساسها. تاركين للمصابين بحمى الهنية السياسية توهم أن نصاً ما يمكن أن يكون ضمانة ضد الانحرافات والخيانات والانشقاقات ... فالضمان الوحيد هو في شمولية اضطلاعنا، وفي انتمائنا، ليس إلى مجموعة أو حزب أو قائد... بل هي الشيوعية، إلى الحركة الفعلية من أجل تدمير كل ما يفصلنا عن اتنا. لكن هه الحركة لا توجد، جدلياً، إلا عندما تتمركز وتنتظم وتقود نفسها، وبكلمة أخرى عندما تتحول إلى حزب.

فالتنظيم والتحضير والبناء الاتي وقيادة الحزب، هي الحصيلة ألا شخصية للأجزاء والمجموعات والمناضلين المضطلعين على الدوام بمجهود تشكيل الكيان الاممي للعنصر الثوري وتهيئة القيادة العالمية للثورة الشيوعية.

إن شاغلنا المركزي، من تشكيل" الوحدة الشيوعية العالمية" وبالتوافق مع قوانا المحددة وواقع الحركة هو الاضطلاع بكافة مهام ومقتضيات الحركة الشيوعية. فما يميز الشيوعيين عمليا هو عدم الإضطلاع "حسب المرحلة" بهه المهمة أو تلك كالمهام "النظرية" و" الدعائية" و"العسكرية" على أساس أنها المهمة الوحيدة الممكنة التحقيق. ولو كان الحال كلك لما اختلف الشيوعيون عن باقي البروليتاريا إلا عبر تحديدات ثانوية كلياً ومتحملين بلك عددا آخر من المهمات الصغيرة مقارنة مع باقي قطاعات الحركة البروليتارية.

بيد أن جوهر الممارسة الثورية هو، على العكس، الإضطلاع بجميع مهمات ومقتضيات الحركة بشكل واضح آخين بنظر الإعتبار علاقات القوة والأولويات التي تحددها. إن جميع هه المهام ينبغي التكفل بتا عبر وضع المصلحة التاريخية والعالمية للحركة دائما قبل أي شيء آخر ، ومتموضعين ليس وفقاً للأحوال الطارئة أو الآنية، إنما بالمقارنة دائما، مع الشمولية ومع الشيوعية. فها وحده هو الخط التاريخي لبناء الحزب.

فإا كانت تعبيرات الحياة المدونة، ولغة النضال، قد تعرضتا دائماً إلى انتقادات المناضلين (تعبيراً منطقياً عن حيوية الحياة التي تميزها على الأشياء الخامدة) فمن الجدير بالكر أيضاً أن الأداة اللغوية تشكل بحد اتها أداة إنتاج هيمنة رأس المال التي يتعر القيام عبرها بتمرير مضامين تفلت من هه الهيمنة. فالتناقض يظل قائماً عندما نعبر عن حركة ما بواسطة اللغة التي لا تقبل إلا المفردات الخامدة.

وعلى نفس المسار، إن مفهوماً ما يمكن أن يعبر عن نفسه عبر لغات مختلفة بمضامين مختلفة حسب التجارب المختلفة المعاشة مكن قبل البروليتاريا.

لتجنب هه الإشكالية، ولتقليص نقاط الضعف المكورة، والتي نعرف أنها قائمة حتماً، فإننا حاولنا طرح هه الأطروحات بأربعة لغات مختلفة بهدف توحيد العبارات الواقع الي نريد إبلاغه.

لقد جاءت النتيجة بلغة ثقيلة وغير "نقية" إلى حد ما، مما يعكس واقع أن المضمون ات المعنى الي يمتلكه بالنسبة للمواطن، ولا حتى بالنسبة لهؤلاء الأكثر" سياسيا" منهم. فعلى سبيل المثال أن تعبيرات كـ"الحزب" و"البروليتاريا"و"الطبقة" و"الديمقراطية" و"رأس المال" تتطلب أن تؤخ كمرجع، لمختلف المساهمات التي قمنا بإصدارها حول العديد من هه المواضيع.

إن ترجمة المساهمات الرئيسية المنجزة بشتى اللغات،ً تعكس ها السعي لمركزة وانسجام مجلتنا المركزية. وللتأكيد على هه النزعة الهادفة لتحقيق الانسجام، ولأننا نعتبره أكثر ملائمة، فقد قررنا ابتداء من الآن جعل كافة مجلاتنا المركزية تعتمد نفس العنوان: "الشيوعية" ( وهكا فالمجلة المركزية بالفرنسية "الشيوعي" ستسمى من الآن فصاعدا "الشيوعية"). أما احتراما للنهج (النضال الشيوعي)، فإننا نكتفي هنا بالتكير ببورديغا الي قال في

1953 :" من أجل متابعة الاستمرارية في منجزات عملنا، على القراء أن لا يتوقفوا أمام التغييرات في عناوين دورياتنا التي تفرضها أحداث متمخضة عن مستويات أدنى . إا من اليسير التعرف على مساهمتنا عبر عضويتها اللآمتجزئة .فإا كان خاصاً بالبرجوازية أن تضع علامة إنتاج على كل بضاعة وتلحق كل فكرة باسم مؤلفها أو تحدد هوية كل حزب من خلال زعيمه... ففي معسكر البروليتاريا ، من الواضح أنه، عندما يتهم شكل العرض بالعلاقات الموضوعية للواقع، لا يمكن أن يقتصر ها أبداً على الآراء الشخصية للمتنافسين الحمقى أو على المدائح أو الشتائم أو على المنافسات اللامتكافئة وغير المجربة بين عمالقة وأقزام. ففي هه الأحوال، لا يتحدد الحكم على أساس المضمون إنما على أساس حسن أو سوء نوايا من يقوم بالعرض. أن عملنا شاق ومضني، إلا أنه لن يبلغ أهدافه إلا عبر الاضطلاع باته كما هو عليه وليس عبر الاستعانة بحيل التقنية الدعائية البرجوازية والنزوع السيئ للتمثل في مداهنة الأفراد ".( خيط الزمن 1953)

لا "فأطروحات التوجيه البرنامجي " هه، ليست برنامجاً سياسياً بالمعنى الضيق، أو برنامجاً توفيقياً، تستعمله فرق مختلفة لطرح نفسها مركزاً للعالم. إ البرنامج الشيوعي ليس نصاً مقدساً سيؤمن لنا طهارة أو عرية عبر وقايتنا من كافة المزالق القائمة. فها الإعتقاد نتركه للثورة المضادة التي تضفي دائماً هالة دينية على مفردة "البرنامج السياسي"، محاولة تمريرها كبديل للبرنامج الشيوعي (كما لو أن ها الأخير يمكن أن يختزل إلى مجرد نص مهما كان!)، وزاعمة أن ها البرنامج السياسي لن يكون ضمانة قاطعة للمستقبل فقط بل تهب أبعد من لك، فتدعي أنه يضمن أجوبة على كافة الأسئلة المنبثقة عن النضال العمالي. والحال أنه وضد عبادة البرامج السياسية وأية برنامج آخر، كان ماركس قد قال من أكثر من قرن مضى بأن خطوة في حركة فعلية إلى الأمام تعادل أكثر من اثنا عشر من البرامج.

invariants du formalisme وهكا، فلكل مقدسي البرامج السياسية والأحزاب المثالية، ولكل دعاة الجمود ( العقائدي) ومن على شاكلتهم المعتقدين بأنهم بعيدين عن الإنحراف فقط ولك لأنهم يردون عن ظهر قلب برامج سياسية أو جمل من ها القائد البروليتاري أو اك، نكتفي بتكير هؤلاء بالسهولة التي يغيرون بها برامجهم وصفهم مثلما يشتمون من كانوا رفاقهم بالأمس ... لهؤلاء الين يخفون بؤس فرديتهم ، وعصبيتهم، وإقليميتهم خلف خطابات رنانة حول "الحزب" المثالي أو حول كمال "الكوادر الثورية"،متعكزين على مقتطفات من أقوال قادة الماضي، يكفينا أن نرد عليهم بما أوردناه في مجلتنا المركزية بالفرنسية:

"بالنسبة لنا، نحن الشيوعيين، إن ما يهم هو ليس هه المقولة أو تلك من مقولات ماركس أو لينين أو بورديغا ، ولا حتى ها الموقف أو اك المتخ في لحظة معينة، إنما المهم وفيما وراء التعبيرات الواضحة إلى ها الحد أو اك، هو إدراك المضمون الثابت، والخيط الأحمر الي يربط الكفاح الشيوعي المتواصل، والوقوف إلى جانب النضال العمالي ضد جميع العقبات الرأسمالية. فوراء المقولات الشكلية ووراء الوعي المعبر عن نفسه عبر الرايات أو النصوص العمالية فإن النضال الحقيقي المباشر للطبقة العاملة ضد الإستغلال هو دائماً ـ بالأمس واليوم وغداً ـ ضد التحالفات وضد الديمقراطية وضد القومية ".

( تقديم لمجلة الشيوعي ـ عدد7 )

إن عدونا كان دائما هو نفسه ، هو العلاقة الإجتماعية الرأسمالية المشخصة من قبل البرجوازية. للك فإن ضروراتنا ومطالبنا ستكون نفسها دائماً هي الأخرى، وهي النضال ضد الإستغلال وضد تشديد وتوسيع العمل ... وكلك فإن نهج نضالنا كانت دائماً نفسها: النزاع المباشر (العنف والإرهاب الثوري) والتنظيم خارج وضد كافة أنظمة الدولة البرجوازية، والانتفاضة المسلحة والدكتاتورية العالمية للبروليتاريا لإلغاء العمل المأجور. وبهه الديمومة الحقيقية وبهه الاستمرارية الفعلية العضوية بين الفصائل الشيوعية القائمة وبالأمس واليوم نسعى أن نساهم عبر "أطروحات النضال" هه.

الفصيلة الشيوعية العالمية

1989


مــــلاحــــظــــات

1ـ ينبغي أن نشير هنا، بأننا نطبق ها التأكيد العام على أنفسنا قبل أي شيء آخر، وعلى عملية كتابة هه الأطروحات. وهكا، فها العمل الجماعي ألأممي الشاق الي سنواصله، سمح لمجموعتنا الصغيرة،بتحقيق مركزة أممية للمجادلة ولتبلور مجموعة من الخلافات الحاسمة عدة مرات رافقتها استقالات وإجراءات فصل... الخ. لكن ورغم حدة الجدل أحياناً وحدة الصراعات الداخلية/العلنية حول بعض المواقف،فإن مركزة هه المشكلة عبر مجموعة من الهياكل الأممية الداخلية، لم تسمح فقط بتحقيق تقدم برنامجي لمجموعتنا، وإنما سمحت أيضا بوضع حدود أكثر وضوحا مع ورثة اليسار الاشتراكي ــ الديمقراطي. بها الاتجاه، ورغم بل طاقات نضالية اقتضاها ها الجدل، فإننا نعتبره ضروريا ومفيدا ليس فقط لتشكيليتنا من المناضلين، إنما لسعي نحو تحقيق تحديدات أكثر دقة على الدوام لحركتنا بمواجهة جميع الأحزاب والإيديولوجيات البرجوازية المضادة للبروليتاريا.

2ــ مع جميع الصعوبات التي تثيرها اللغة المنطقية ــ الشكلية البرجوازية ــ فإننا نحاول هنا، بأقصى ما نستطيعه من الدقة الشكلية، أن نعبر عن موضوع الثورة ومفهومنا للشيوعية في نفس الوقت. فبالنسبة لنا ليست المسألة مسألة مثال للتطبيق، إنما هي بالتحديد مسألة حركة تدمير المجتمع الرأسمالي وإقامة المجتمع الي سينتج عن ها النفي العملي فعلى العكس ما تصوره المثالية، إن الموضوع الحقيقي للثورة هو ليس الفرد العبقري المدهش بوعيه وبإدراكه، كما هو ليس لك الفصل من المناضلين حتى إا كان نشاطهم حاسماً بصفتهم قيادة تاريخية، كما أنه ليس مجموعة من البروليتاريا منظوراً لها كأكوام من العمال. بل أن المسألة الحقيقية للثورة هو فقط البروليتاريا بإعتبارها قوة مبنية على شكل حزب، وعلى بنية مركزية عضوية شيوعية تقوم بتدمير النظام القائم. فلا يمكن لقيادة البروليتاريا تحويلها من "نقابية" إلى قوة ثورية كما تعتقد الإشتراكية الديمقراطية، إنما على العكس: إن البوريتاريا كقوة ثورية( ليس من وجهة نظر مباشرة وطارئة ومحلية، إنما من وجهة نظر تاريخية وعامة وعالمية) هي التي تقرر إنشاء قيادة ثورية لها. وأخيراً، وعلى الضد من الإيديولوجية المهيمنة وحتى إا أبداً ها جارحاً وإا وضعنا مكاننا في مستوى أعلى من التجريد، إننا نؤكد بأن لا الشيوعيون ولا حتى البروليتاريا هم من يجعل الحركة الإجتماعية حركة شيوعية. إنما على العكس من لك، إن الشيوعية بإعتبارها حركة تاريخية هي التي ولأول مرة في التاريخ تجد في البروليتاريا طبقة ثورية فعلاً وقادرة أن تفرض نفسها كنقيض فعلي. فالشيوعية هي التي تكي العناصر التي هي أكثر تصميماً تاريخياً في الطبقة، هؤلاء الين يضمون أمامهم على الدوام مصالح مجموع البروليتاريا لكي تنبثق قيادة الحزب والثورة الحاسمة.

3ــ "وأخيرا"، وبينما حافظت برجوازيات كل الأمم لحد الآن على المصالح القومية الخاصة، الصناعة الكبيرة تخلق طبقة تكون مصالحها هي اتها في جميع الأمم وتكون الجنسية ملغية أصلاً بالنسبة لها" (ماركس ــ إنجلز "الإيديولوجية الألمانية")

4ــ لاحظ المحرف الشهير برنشتاين، يفضل أن يقول أن المجتمع هو الي تغير وليس ماركس الي أخطأ، وهكا كلما أستطاع أن يدعمه ببرهان.

5ــ الأعمال الكاملة ــ الجزء 38،الصحفات176ــ188 (باللغة الفرنسية)

6ــ هناك عدد من المنضمات الماركسية اللينينية تمارس إعادة النظر عبر إبراز هه الجمل كما لو أنها الأكثر أساسية. فها يسمح لها بتزوير النظرية إلى حد القيام بتبرير النزعات القومية.

7ــ من الممكن تطبيق الطراز اته على التطوير كل واحدة من الأطروحات المركزية في البرنامج الشيوعي ــ نفي الدولة البرجوازية والديمقراطية والقيمة، والنزعة المجابهة... عبر وضع التعارض بين موقف الشيوعيين وأطروحاتهم المتلاحقة وبين التحريفية الوقحة الموجهة ضدها أصلاً.ً

الأطــروحـــات

1 ــ المشاكل الضخمة التي تجابه البشرية اليوم ــ من الإستغلال والبؤس والحروب والمجاعات والعمل المستلب والبطالة الجماعية... ليست سوى المنتجات اللازمة والضرورية لتقدم وبربرية الرأسماليين. ومن غير الممكن مواجهتها فعلياً (أو فهمها) إلا بالتصدي لها، لا كحقائق أو عوامل معزولة، بل في إطار النشاط الجماعي، أي في إطار النظام الرأسمالي باعتباره آخر مجتمع طبقي في التاريخ، باعتباره مجتمع وقتي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الصيرورة التاريخية من المجتمع البدائي حتى الشيوعية، وهي الصيرورة التي تنجب الشروط المادية لقيام المجتمع الشيوعي العالمي. إن الشيوعية لا تعني التاريخ البشري، بل بالعكس تماماً، هي توحيد البشرية في مجتمع كوني واحد وجنين التاريخ الإنساني فعلاً الناتج عن إلغاء الملكية الخاصة والطبقات الإجتماعية والدولة...الخ.

*

2ــ أنهار المجتمع البدائي بسبب محدوديته الخاصة. فقيام الإنسان بإنتاج الشروط الخاصة ببقائه (إعادة إنتاج موسعة) طور حاجاته وقاد إلى تفجير الإطار الضيق للك المجتمع البدائي. وحلت التبادل بين المجتمعات (انهارت المشاعة حين بدأ تبادل البضاعة)، شيئاً فشيئا إلى احتواء وتثور حياتها الداخلية (منجزا بلك الانفصال بين فائدة المواد في إشباع الحاجات المباشرةـ القيمة ألاستعمال ـ وفائدتها كمواد تخدم في الحصول على غيرها عبر المقايضة ـ أساس القيمة التبادلية) لغاية الوصول إلى أحداث إنفصالهما التاريخي وبداية دورة القيمة.

*

3ــ إا فحصنا النتيجة الأولى لهه السيرورة ، نجد أن العالم ظل منقسما إلى عدد لا يحصى من المجتمعات المختلفة ، يملك كل منها نمطا متميزا من الإنتاج المباشر:رقيّ، آسيوي، جرماني وغير لك. بالمقابل وإا اعتبرنا هه السيرورة من وجهة نظر نتاجها الأرقىـ تطور النقد وتحوله إلى رأس مال عالمي، وهو التطور الضروري لقيام الشيوعيةـ نكتشف أن محاور العالم القديم (ما قبل الرأسمال، أي بالمعنى الدقيق قبل وجود الرأسمالية)، عرفت بشكل مبكر جدا وجود التجارة المتجولة ورأس المال ألربوي اللين يتضمنا أصلا جميع مقدمات الرأسمال العالمين وها الأخير حمل في أحشائه جميع الأنماط المباشرة للإنتاج بشكل سابق على وجودها.

*

4ــ في كافة التشكيلات الإجتماعية ما قبل الرأسمالية، ورغم الطابع المغلق للتحديدات السياسية، القومية والدينية وغيرها، يقدم الإنسان نفسه دائما كهدف للإنتاج: التبادل فيها لم يكن أكثر من واسطة. بالمقابل ففي الإنتاج التجاري المعمم، إن الثراء هو الي ينتصب كهدف أسمى والنقد يصبح هو الهدف الوحيد. إ أن تراكمه يصبح التحديد الي يقابل جميع التحديدات الأخرى(النقد باعتباره واسطة مبادلة، واسطة الدوران...) وبها يتمكن النقد إثر سيرورة واسعة من أن يفرض نفسه باعتباره الكيان المشترك الوحيد بين البشر وبمثابة الرابطة الطوباوية التي توحدهم. فتطور التبادل أجبر الرأسمال على الاستحوا على الإنتاج، جاعلا من ها الاستحوا هدفا للإنسان، ومن الثراء هدفا للإنتاج.

*

5ــ إن هه السيرورة التاريخية لتحول النقد إلى رأسمال هي في آن واحد سيرورة تراكم وتمركز دولي لرأس مال وسيرورة انفصال المنتج عن الشروط الموضوعية للإنتاج، أي بعبارة أفضل، سيرورة نزع ملكية عنيفة تعرض لها إجراء عبيد( إنتاج العامل الحر بفضل إرهابية الدولة). وباستيعابها جميع أنماط الإنتاج السابقة عالميا، وبتطويرها الشروط المادية لدمارها الخاص، تصبح الرأسمالية النظام الي ليس سوى شكل من أشكال الانتقال نحو مجتمع لا طبقي بالنسبة لمجموع البشرية: وبها فهو يشكل المرحلة الأخيرة في دورة المجتمعات الطبقية، لا فإن دماره هو بالتحديد نهاية مرحلة ما قبل التاريخ بالنسبة للبشرية.

*

6ــ تتميز الرأسمالية عن جميع أنماط الإنتاج الأخرى السابقة عليها بجوهرها الكوني(العالمي) الي هو شرط توحد البشرية كلا، وكلك عبر تبسيطها واحتدادها للتناقضات الطبقية:مجتمع منقسم إلى معسكرين كبيرين متعاديين، إلى طبقتين مشتبكتين مباشرة هما البرجوازية والبروليتاريا. ومن جهة توسعها، فإن الرأسمالية تنجب شروط نفيها الخاص، ليس فقط عبر خلقها الأسلحة التي ستكنسها من مسرح العالم، إنما أيضا، وخصوصا، عبر إنتاجها ومركزتها للأفراد الين سيستعملون هه الأسلحة: أي البروليتاريا.

*

7ــ البروليتاريا هي وريثة كافة الطبقات المستغلة في الماضي ولك لأن ظروفها الحياتية هي روة الوحشية من حيث تجسيدها لظروف حياة تلك الطبقات ، ولأنها تمركز في اتها الخاصة جميع الدوافع العميقة لنضالها. لكن مع لك فإن البروليتاريا تتميز عن تلك الطبقات المستغلة في الماضي لأن هه الأخيرة لم تمتلك مشروعا اجتماعيا خاصا بتا ولأن نضالها كان ماديا في نقطة استحالة تجاوز إطار ردود الفعل البحتة غير تاريخية وطوباوية في إعادة إحياء المجتمع القديم المفقود.

أما مع البروليتاريا، فإن النضال الملموس ضد الإستغلال وضد تجريد الإنسان من إنسانيته وضد إخضاع حياة الإنسان لديكتاتورية القيمة، يجري الاضطلاع هبه وللمرة الأولى في التاريخ من قبل قوة ثورية، قوة ات مشروع اجتماعي خاص يصلح لجميع البشرية وفي قطيعة تامة مع حضارة التقدم: تدمير الرأسمالية ومعها الطبقات

فها النضال إا ليس مجرد ردة فعل من قبل الطبقة المستغلة، إنما هو أيضا وبالات نشاط طبقة ثورية مرغمة تاريخيا على الاضطلاع ببرنامجها وعلى بنيان نفسها كحزب شيوعي عالمي.

*

8ــ إن الطبقات لا توجد سلفا"باتها" (لاتها محددة عبر الإقتصاد أو الإنتاج) ومن ثم "تناضل"(عبر ممارسة السياسة). إنما هي موجودة فقط كقوى عضوية متعارضة ومتضادة. إن فهي تتحدد في مجرى الممارسة عبر حركتها في المعارضة والنضال الملازم ضد علاقات "الإنتاج" والمصالح المتناقضة التي تترتب عنها. و"الإنتاج" هنا ليس بمعناه الآني الدال بشكل قاطع على إنتاج الأشياء، إنما الشامل وبإعتباره إعادة إنتاج النوع، إعادة إنتاج النوع، إعادة إنتاج الإستغلال ، وإعادة إنتاج المعسكرين اللين لا يمكن التوفيق بينهما، وهما المستغلين والمستغلين، ومضاعفة الملكية الخاصة للبعض والحشود المتزايدة دائما للبعض الآخر والمجردة من كافة الوسائل الضرورية لضمان شروط وجودها. وأخيرا إعادة الإنتاج (المدافعين عن عالم الملكية الخاصة) وبين أولئك الين يتعارض وجودهم اته وفي جميع حياتهم الفعلية مع لك العالم. وهكا إا فالبروليتاريا والبرجوازية تتحدان من خلال تناحرهما المتبادل: البرجوازية مجسدة لعلاقات الإنتاج الرأسمالي وكحزب محافظ وكقوة رجعية، والبروليتاريا كنقيض لكل مجتمع حاضر وكحزب للتدمير وحامل للشيوعية.

*

9 ــ يتواجد التناقض الخاص بالمجتمع البرجوازي في نطاق الرأسمال اته الي حقق احتواء مجموع الإنسانية. فالرأسمال لا يحقق جوهره الخاص ـ بصفتها قيمة تزيد على نفسها ـ إلا بتطوير وتصوير قوى الإنتاج، الأمر الي يترتب عليه تخفيض وقت العمل الضروري اجتماعيا لإنتاج جميع البضائع أو بكلمة أخرى، إنه ما يثير تخفيضا عاما في القيمة (لكل المنتجات ولقوة العمل ولكل الرأسمال المنتج...) وها الأمر يعني أن نقطة الإنطلاق وهدف الإنتاج اته ــ رفع قيمة الرأسمال اتيا ــ برفع قيمة الرأسمال يدخلان في تناقض لا يمكن تجاوزه بات الوسائل التي يضعها موضع الإستعمال (تطوير قوى الإنتاج= خفض القيمة) مما يتجلى في غضون كل أزمة عبر التدمير الهائل للقوى المنتجة، ويظهر للعيان الطابع الرجعي بلا تغير لعلاقات الإنتاج الرأسمالية، ولك عبر تفجير التناقض مع القوى المنتجة ( ها التناقض الي لا تستطيع سوى البروليتاريا الثورية وحدها أن تدفعه إلى أقصى حدوده).*10 ــ إن الرأسمال عاجز موضوعيا عن إلغاء الفوضى الإقتصادية (قانونه الخاص !) مثلما هو عاجز عن إلغاء البروليتاريا( حاملة الشيوعية!) المنتج الوحيد للقيمة، تلك القيمة التي ينتفي بإنتفائها وجوده هو اته. فالرأسمال لا يقدر إلا أن يبحث عن رفع كل قيمة رأسمال خاص على حدة، لكن ها لا يتحقق إلا بخفض الوقت اللازم لرفع القيمة بشكل عام، الأمر الي بصورة متعاظمة تقود إلى أزمات اقتصادية وإجتماعية وأيديولوجية تهدد وجود النظام برمته.

*

11 ــ لقد ولدت الديمقراطية نتيجة لتدمير وانحلال الوحدة البدائية، ومن تطور التبادل والبضاعة والملكية الخاصة والمجتمع الطبقي والمخاض التاريخي للفرد وإنفصال الإنسان عن اته وعن إنتاج حياته. إن تطروها هو تطور دكتاتورية القيمة على الإحتياجات الإنسانية وتطور إرهاب الدولة ضد الطبقات المستغلة. ومع الهيمنة الكلية للقيمة الباحثة عن الازدياد، والهيمنة الكلية لطابع تقديس البضاعة والإرهاب الرأسمالي... فإن الديمقراطية تصل إلى أوجها. والأمر لا يتعلق بمجال خاص أو بشكل بسيط من الهيمنة إنما بالجوهر الدائم الي يديم بقاء المجتمع الرأسمالي ــمن خلال تفكيكه وتوحيده على أسس وهمية ــ وعبر احتوائها لجميع جوانب الحياة، فإن الديمقراطية تنكر عمليا وجود طبقات ات مصالح متضادة بشكل دائم، معترفة فقط بالمجتمع الخاص بها: مجتمع النقد، مجتمع الفردــ المواطن الحر والمتنافس ــ الإنسان القومي الي يجد تجسيده الطبيعي في الشعب، حيث الجميع محيطين في إطارات الأحزاب والنقابات التي تشكلها الدولة.

*

12 ــ إن الحقوق والحريات الديمقراطية ما هي إلا العقلنة القانونية للعلاقات الإجتماعية الرأسمالية التي تجعل الناس يدخلون في علاقات بين بعضهم البعض كبائعين ومشترين للبضائع ولبضاعة قوة العمل بشكل خاص. وهه العقلنة هي إا النقيض العملي للبروليتاريا كطبقة. فمالكو البضائع يلتقون بإعتبارهم أفراداَ أحراراَ ومتساوين قضائياَ. لكن علاقة الحرية والمساواة بين المالكين هه لا تعني سوى علاقة مجسدة للعلاقات بين البروليتاريا والبرجوازية، للعلاقات بين البعض كمالكين محتكرين لوسائل الإنتاج والبعض الآخر المجرد من كل شيء إلا من قوة عمله. فسيادة الملكية الخاصة بالنسبة للبرجوازية تعبي فقداناَ كاملاَ لكل شيء بالنسبة للبروليتاريا.

إن الحقوق والحريات الديمقراطية ليست سوى آليات أيديولوجية تعزز عملية تشتيت البروليتاريا وتجعلها واقعا فعلياَ إ تفرض على العمال صفة المواطنين الأحرار البائعين لقوة عملهم التي لا يجدون من يشتريها إلا وفقط إا كان رأس المال بحاجة لها في سعيه لرفع قيمته. إ أن الحقوق والحريات الديمقراطية تفرض التنافس الحر والعام بين البروليتاريين المضطرين إلى بصق الدم أكثر فأكثر بموازاة بصق القيمة، أو الهلاك. وهي بالتالي أدوات للقهر والعنف والإستبداد لأنها تشكل سلاحاَ جوهرياَ للديمقراطية، أي الهيمنة البرجوازية.

*

13 ــ إن الأيديولوجيات البرجوازية التي هي تعبير عن الفهم المغلق للبرجوازية والتي لا يتجاوز أفقها أفق نظامها الاستغلالي ــ تحجب دائماَ البعد الحقيقي لاستقطاب المجتمع بين البرجوازية والبروليتاريا. وهكا فإن البرجوازية تنطلق من وجهة نظرها الخاصة في شرح الديمقراطية. إنها تنطلق من وجهة نظر آنية، لا تاريخية لشرح المجتمع، مغطية بهه الطريقة الطابع الانتقالي لنمطها الإنتاجي. إن ما تطمسه البرجوازية بشكل خاص هو القوة الثورية القادرة وحدها على إلغاء ها المجتمع: البروليتاريا. وعلى العكس من لك إن البروليتاريا لا تخشى الصيرورة التاريخية، مما يجعلها لا تدعو ولا تحتاج إلى أي إيديولوجية من أي صنف يكن. إنها تؤكد دكتاتوريتها الطبقية بإعتبارها نقيضا للمجتمع الطبقي وسيرورة لنفيها الاتي. فوجودها الخاص هو نفي المجتمع الرأسمالي، والطبيعة الكارثية لها المجتمع تجبرها على تشكيل نفسها في قوة عالمية.

* َ

14 ــ إن تطور الديمقراطية اته يتكفل بستر الأهمية الحالية لعملية تبسيط أو تشديد التناقضات الرأسمالية عبر مسحه الدائم للحدود بين الطبقات. ويتحقق ها من قبل أشكال الإيديولوجية الخاصة التي تقوم بخلط الأكمل، خصوصاَ تلك المؤسسة على مجموعة معقدة من النظم الشكلية والقضائية التي تشق المجتمع ــ ليس إلى طبقتين متناقضتين ــ إنما إلى عدد غير محدد من الأصناف الفضفاضة والمطاطة إلى ها الحد أو اك.

وهكا، مثلاَ في إحدى قطبي المجتمع، يميل مجموع من الأشكال القانونية المزعومة أجارية إلى ستر الطبيعة البرجوازية لبنى دولية بكاملها. وها هو مثلا حال ضباط الجيش والشرطة وكبار الموظفين في الإدارة أو المشاريع والبيروقراطيين في كل المجالات... الين وتحت ها الغطاء يجري إدراجهم في أصناف محايدة وبدون انتماء طبقي محدد، أو وهو الأسوأ، يجري اعتبارهم بمثابة"شرائح عمالية".

في الطرف الأقصى الآخر من المجتمع، يجري إنتاج ظاهرة تكميلية، حيث يقوم مجموع من الأشكال القانونية لملكية خاصة وهمية ــ تعاونيات"فلا حية " وإصلاحات زراعية وحرفيات...ــ بستر موضوعي لوجود حشود هائلة من البروليتاريين المترابطين عن طريق الرأسمال لإنتاج فائض القيمة( أي تلك التي ات طابع أجوري مقنع).

إن هه إواليَة، والعديد غيرها، تعرض لنا الشرائح المختلفة من البروليتاريا كما ولو كانت متناقضة فيها وبينها وات مصالح خاصة متضادة:مدينة/زراعية، عامل/بلا عمل، رجال/نساء، "عمال"/موظفين، عملة يدوية/ مثقفين... فهه الصيرورة الأيديولوجية المعقدة تساهم في المحافظة على نظام الإستغلال والاضطهاد البرجوازي. إنها تخفي وتجعل عدونا مستتر وغير واضح وطبقتنا ككيانا مجزئا وقليل العدد. وهكا فإن كل مظاهر الهيبة في دوام الهيمنة البرجوازية يمكن أن يختصر مصدرها في الصعوبة التي يواجهها البروليتاريون لإدراك حقيقتهم الفعلية والإدراك بأن نضال أشقائهم الطبقيين (في أي جزء من العالم، ومهما كانت الأصناف التي تقسمهم البرجوازية إليها) هو نضالهم الخاص. فها الإدراك هو الشرط اللازم لتشكيل القوة التاريخية للبروليتاريا.

لكن، وفي كل مرّة، فإن الحلقة الشنيعة للخضوع للإيديولوجيات البرجوازية تتعرض للإنقطاع ، هه الإنقطاعات المتعددة والمتلاحقة تعبر وتجسد عن الطبيعة الهدامة للنظام. وإن نضال البروليتاريا من أجل تعميم وتوحيد ساعة الثورة يكشف ويؤكد أكثر فأكثر وحدة نقيض مجموع المجتمع الرأسمالي( إن ها النقيض موحد عبر وحدة المصالح ووحدة المشروع التاريخي أكثر مما موحد عبر الوعي بالمتناحرات المقتصر دائما على الأقليات الشيوعية). *

15ــ في فترة الأزمة الثورية تقوم كل من هاتين الطبقتين بتوحيد نفسها ضد الأخرى على أساس تناحرهما المتقابل.

* تتصارع الفصائل البرجوازية بلا كلل من أجل تأكيد مصالحها الخاصة في إعادة توزيع مصادر الإنتاج والأسواق. كلن وحالما تظهر البروليتاريا وبيدها السلاح وحالما ينتصب شبح الشيوعية، تتراجع جميع النزاعات داخل البرجوازية إلى الخط الثاني تاركة المكان للبرجوازية العالمية الملتفة حول فصيلتها الأكثر متانة وقوة تصميماَ والقادر بشكل أفضل من غيره على خوض الحرب الطبقية. ها الشكل الي تستخدمه الثورة المضادة عموما للتصدي لعدوها التاريخي لا يستبعد بداهة إمكانية ربطه مع أشكال خاصة أخرى من بينها إعادة استقطاب المجتمع في عصابتين ضمن البرجوازية وقد تسعى كل منها احتواء البروليتاريا.

إن وقائع الثورات المضادة المتوالية،تؤكد على تمتع البرجوازية بالمرونة، ليس فقط في قدرتها على تحقيق وحدتها على الرغم من استقطابها الداخلي،إنما أيضاَ في قدرتها على اختلاق مراكز استقطاب في داخلها(استقطاب وهمي مقارنة مع لك الموجود بين طبقة مضادة لأخرى) من أجل مواجهة الثورة.

أما بالنسبة للبروليتاريا، فإنها وحالما تحطم قيود المنافسة، تؤكد نفسها كقوة موحدة في النضال ضد عدوها التاريخي، عبر مركزة نفسها في حزب بالالتفاف حول مجموعاتها الأكثر تماسكاَ وقوة وتصميماَ والمتمتعة بأفضل القدرات في التصادم مع الرأسمال. بها المعنى يصبح مما لا ريب فيه وجود قطاعات من البروليتاريا مهمة إستراتيجيا ولك بفعل قدرتها على شل المراكز الحاسمة لتراكم رأس المال (قطب تكديس رأس المال، الصناعات الضخمة، المناجم والنقل والمواصلات...) وهه القطاعات البروليتارية ليست بالضرورة ودائماَ هي الأكثر تصميما والأكثر قدرة على تأمين (أكبر) تعميم للثورة. كما توجد أيضا قطاعات أخرى ك ــ "البطالة" وبشكل عام وخصوصا الشباب البروليتاري ممن لم يعثروا بعد (أو الين يعرفون بأنهم لن يعثروا) على من يشتري قوة عملهم (قطاعات يجري سترها غالبا وراء تسميات ى طبقية ك ـ "الشباب" و"الطلاب") . فهه القطاعات يمكن أن تلعب دورا حاسما في القفزة النوعية للحركة. إ أن تطور الثورة الشيوعية يقتضي القطيعة بشكل دائم مع محدودية الإطار المغلق للمعامل ولك عبر النزول لاحتلال الشوارع، وعبر التعميم الفعلي للنضال وعبر الانتقال إلى مبدأ الجمعيات الإقليمية الي لا تستطيع البرجوازية ضده القيام بعد بتقديم الإصلاحات لا جزئية ولا حرفية، والي يفرض قضية من يحكم المجتمع. لكن هه الطاقة الثورية الكبرى لا تشكل قوة بالمعنى التاريخي للكلمة إلا إا نظمت نفسها في حزب ممركز(فبدون لك ستتعرض هه الطاقة على يد الثورة المضادة إلى التبدد والكنس وإلى التحويل نحو الاتجاه المعاكس ). بيد أن هه الحركة لا تستطيع أن تتشكل في حزب شيوعي كليا من دون أن تضمن لنفسها قيادة ثورية حقا. وبدورهما، فإن البرنامج والقيادة الشيوعية لا يشكلان نتائج آنية للحركة، حتى إا كانت هه واسعة وقوية، إنما بالتحديد نتيجة لكل التجربة السابقة المتراكمة والمتحولة إلى قوة حية في كيان قيادة الحزب والثورة في مجرى نضال تاريخي طويل وشاق، واع وإرادي، تخوضه الجماعات الشيوعية.

*

16 ــ إن تطور الرأسمالية يحمل في أحشائه تطور حفار قبرها التاريخي ويحدد الشروط الجوهرية الملازمة لنضال ها الأخير. ليس بالمعنى الي يكون فيه نضال البروليتاريا متساوياَ أو مماثلا لنضال البرجوازية، إنما بالمعنى الي يؤدي فيه تطور رأس المال إلى خلق الشروط اتها الخاصة بها النضال وبتحديده كنضال تناحري، الأمر الي يجعل الثورة البروليتارية ثورة فريدة ومتميزة عن كافة الثورات التي سبقتها.

*

17 ــ وهكا، فإن الرأسمالية تحمل طبقة ثورية هي في نفس الوقت طبقة مستغلة، وهي إا تخلق واقعاَ لا نظير تاريخيا له من قبل. فأية طبقة ثورية في الماضي وات برنامج إجتماعي خاص، لم تكن طبقة مستغلة في نفس الوقت.

*

18 ــ على ها الأساس إن، إن المجتمع البرجوازي يطور كياناَ خاصاَ ــ البروليتاريا ــ وهو في تضاد مع كل كيان خاص. فالمجتمع الرأسمالي يخلق طبقة مصممة على أن تشكل نفسها كطبقة وعازمة على التحول إلى طبقة مهيمنة بهدف تدمير كافة الطبقات . إن، إن البروليتاريا تشكل الكائن الي يكون تحققه التام معادلاَ لزواله الاتي. في حين أن الطبقات الثورية في الماضي كانت تؤكد نفسها كسلطة وككيانات خاصة تهدف إلى إقامة شكل جديد من الهيمنة، شكل يقودها الدفاع عنه إلى التحول إلى قوة رجعية. أما البروليتاريا فعلى العكس من لك، حيث أنها لا تتأكد كطبقة إلا من أجل تصفية كل هيمنة وكل إستغلال وكل دولة.

*

19 ــ هكا إن، إن الطابع العالمي للرأسمالية يخلق البروليتاريا كـ طبقة عالمية لا تمتلك أية مصالح محلية وإقليمية وقومية تدافع عنها. وعلى نقيض البروليتاريا، فإن البرجوازية لم تحقق ثورتها بالتأكيد على مصالحها الخاصة فقط، بل أن جوهرها الخاص ـ التنافس ـ يجبرها بشكل دائم على الإنقسام داخلياَ بعنف وعلى خوض النزاعات فيما بينها على جميع المستويات من أجل اقتسام وسائل الإنتاج والبضائع. وإن الوحدة بين البرجوازية (الشركات المتعددة الجنسية، والاتفاقيات بين الاحتكارات والدول القومية والتكتلات بين الدول...والدولة العالمية) يتم دائما من أجل توفير أفضل الشروط الممكنة لخوض الحرب التجارية/ والحروب الطبقية. ووحدة كهه يمكن أن تنفجر في أية لحظة وأن تتناثر مختلف أجزائها الخاصة. ولها فكلما كان نشاط البرجوازية"موحدا"و"معمما" أكثر كلما تضمن فكرة الانقسام أكثر فأكثر، كما أن كل سلم ما هو إلا مرحلة تحضير للحرب القادمة. أما بالنسبة للبروليتاريا، فالحال هو العكس، حيث أن كل نشاط من نشاطات طبقتنا، حتى إا كانت إقليميا أو محليا يتضمن التأكيد على وحدة مصالحنا في كافة أنحاء العالم وعلى النضال من أجل الثورة الإجتماعية العالمية.

.. *

20 ــ هه العناصر الأساسية غير قابلة للتجزئة (لم نعرضها مجزأة هنا إلا بهدف التوضيح)، تشكل جوهر النضال الثوري للبروليتاريا وتحدد كامل مضمون نشاطها. وعلى هه القاعدة تقوم العناصر الأكثر تصميما في الطبقة بتنظيم نفسها وحل المشاكل الكبرى التي طرحها ويطرحها وسيطرحها النضال. وإن أي قرار تكتيكي ينبغي بشكل لازم أن يعتمد على ها المجموع الإستراتيجي الثابت، كوحدة لا تنفصم لكامل الحركة ولأهدافها ووسائلها. إن أي تكتيك يبتعد عن هه الأسس هو في أحسن الأحوال، خطأ ترتكبه الطبقة العاملة، وفي أغلب الأحيان، أداة لتحقيق سياسة الرأسمال المضادة للثورة.

*

21 ــ ليس البرنامج الشيوعي سوى مجموع من المترابطات العملية الناتجة عن تحديدات التناحر الاجتماعي وتطوره حتى تحقق الثورة البروليتارية العالمية وحتى إقامة الشيوعية كمجتمع. إلا أن الواقع يسبق الوعي الي يستطيع البشر إكتسابه. ولها فإن صياغة ها البرنامج، البعيدة عن التحقق دفعة واحدة، هي نتيجة تتابع سلسلة من الإنتفاضات الإجتماعية. وإن كل مرحلة من مراحل الثورة المضادة( الأعمق فالأعمق لغاية الثورة العالمية) تسمح بإدراك أفضل للنتائج المتمخضة عن التحديدات الجوهرية للنضال الثوري، حيث تسمح كل مرحلة بالوصول نظريا إلى صيغة أكثر فأكثر اكتمالا وحسما في تحديد المتر تبات والمقتضيات التي تتضمنها عمليا وسلفا هه التحديدات الثابتة.

'ن بقية عرضنا ها سيتم على نفس القاعدة أي أنه سيهتم أساسا بتقديم الصيغ ألأكثر عمومية لبرنامجنا، ثم القيام فور لك، وعلى أساس الدروس الضرورية المستمدة من أعلى مراحل الثورة والثورة المضادة، بدعمها بما ينبغي من الواقعية، الملموسة والدقة من ناحية واقعها التاريخي الراهن والمقبل.

22 ــ إن هدف البروليتاريا والشيوعيين إن (كما سبق وإن وضعه نظام رابطة الشيوعيين في 1847) هو"قلب البرجوازية وتحقيق هيمنة البروليتاريا وإلغاء المجتمع البرجوازي القديم القائم على المتناحرات الطبقية وتشييد مجتمع جديد بلا طبقات ولا ملكية خاصة". (أو كما يؤكده إنجلز) " إن برنامج حزبنا... وهو ليس إشتراكيا بشكل عام فقط، إنما هو شيوعي تحديدا، مما يعني بأنه حزب يجعل من إلغاء كل دولة وبالتالي الديمقراطية هدفه النهائي".

*

23 ــ أن ها يتطلب بالضرورة تنظيم العمال في طبقة وبالتالي في حزب عالمي، أي في قوة عضوية وممركزة مناقضة لمجمل النظام الاجتماعي القائم.

إن فعل التنافس الي يخوضه البروليتاريون بين أنفسهم كبائعين أحرار ومتساوين لبضاعة قوة العمل، يعرقل مسيرة تنظيم البروليتاريا في طبقة بشكل دائم. وتقوم مجموعة من القوى الإيديولوجية ــ السياسية ــ العسكرية بتعزيز ها التنافس الي يستند عليه السلام الاجتماعي والنظام البرجوازي. وفي وضعية كهه، ورغم أن البروليتاريا هي في جوهرها الخاص،خصم لا يساوم وتهديد دائم للبرجوازية، فإن ها الخصم، أي البروليتاريا، لا يعود يحتفظ إلا بمشاعر غامضة عن تناحرها الاجتماعي مع النظام الرأسمالي. فهو ينزع إلى التحول إلى ملحق سياسي له عبر وبانه/اضمحلاله ضمن الشعب. وعلى ها الصعيد تزدهر الجبهات الديمقراطية والاتحادات القومية أو القومية الإشتراكية أو الإشتراكية القومية... وهي تعبيرات عديدة عن نفي البروليتاريا كطبقة من قبل البرجوازية، تعبيرات تؤدي في مستويات عليا، إلى المجازر في الحرب الرأسمالية.

*

24 ــ لكن المتناحرات الطبقية تعود حتما إلى الظهور من جديد. حيث تنبثق البروليتاريا كطبقة وكحزب أكثر قوة وصلابة وتصميما، كاشفة عبر جوهرها اته، أن وجودها ليس ممكنا إلا باستبعاد أية جبهة وأي تحالف طبقي. وحتى في الفترة المسماة بـ "الثورة " البرجوازية فإن البروليتاريا تثبت نفسها كطبقة عبر محاولاتها لتنظيم إرهابها الثوري ودكتاتوريتها الطبقية. وهو برنامج ترتد بمواجهته البرجوازية معورة، بما فيها أقسامها الأكثر" تقدمية" ومنسحبة نحو القطاعات الأكثر"رجعية" من المجتمع للتأكيد معا على وحشية الثورة المضادة. إن إنه من المؤكد كما حصل أكثر من مرة، إن نضال البروليتاريا يتزامن على الصعيدين الزمني والمكاني مع نفس عدو ها الجزء أو اك من البرجوازية( نضال " ضد أعداء أعدائها" كما يدعوه ماركس) وها ما هو إلا حدث جزئي ومحدود سياسيا. إن إن تناحرها الاجتماعي ضد مستغليها هو تناحر دائم، كما أن ها النضال بالنسبة للبروليتاريا هو نضال يقودها حتميا إلى إثبات نفسها بإعتبارها قوة تهدد بتدمير البرجوازية ككل، ها الكل الي بجميع أجزائه، على حد سواء، يعتمد ات ونفس سياسة الإرهاب المضاد للثورة.

*

25 ــ الرأسمالية بإعتبارها نظاما عالميا، تطور البروليتاريا كطبقة عالمية وتجعل الشيوعية ممكنة على نطاق الأرض. وتقوم في نفس الوقت بتحديد الجوانب البرنامجية الجوهرية المتعلقة بإنتشار الثورة وطابع الكيانات البروليتارية.

* إن الثورة الشيوعية (التي تحقق إنتصاراتها الثورية الأولى في بعض مناطق الأرض اضطرارا) هي ثورة عالمية بالضرورة :إما تمتد وإما أن تدمر !

إن البروليتاريا لا يمكن أن تبلغ أهدافها على أي مستوى آخر غير لك، سواء على صعيد المصنع أو المنطقة أو البلد أو حتى مجموعة من البلدان... كما أن أي طريقة من تلك المسماة تاريخيا بـ "الرقابة العمالية" أو "التسيير الاتي للإنتاج " في واحد أو جميع مشاريع البلد، لا يكفل تدمير العلاقات الرأسمالية ولا هو السبيل نحو ها التدمير بأي حال من الأحوال. فالشيوعية، كحركة، تتناقض من بداياتها مع البلد والأمة والنضال مباشرة إلغاء كافة الحدود وكافة الكيانات القومية.

أن تشكيل البروليتاريا ككيان فعال موحد على المستوى العالمي يتطلب تمركزا عضويا لضمان مصالح الحركة بعمومها ضد كافة السمات الخاصة والمحلية والآنية وتناضل ضد الأيديولوجية الفئوية والفدرالية وإيديولوجية التسيير الاتي التي، جميعا،لا يمكن أن تخدم سوى الثورة المضادة. وها الأمر يصدق بداهة على كافة الهيئات الطبقية(كالجمعيات والأحزاب والدولة...) وفي جميع مراحل النضال(طبقة مسودة، طبقة سائدة).

*

26 ــ العمال بلا وطن، الأمر الي يعني أنه من غير الممكن سلبهم ما لا يملكون، وعليه، فإن كل دفاع على الأمة، تحت أي ريعة، يمثل عدوانا على الطبقة العاملة العالمية. وإن كل الحروب التي تجري في ضل البرجوازية هي حروب أمبريالية سواء اشتبك فيها طرفان أو أكثر أو تكتلات لمصالح الرأسمال العالمي. فالبروليتاريا لا تخوض ولا تطالب بخوض أي حرب سوى حرب واحدة:الحرب الإجتماعية ضد كامل البرجوازية. وبغض النظر على النوايا المباشرة للأطراف المتناحرة، فإن الوظيفة الأساسية للحروب هي تعزيز رأس المال والتدمير الموضوعي والاتي للطبقة الهدامة داخل ها المجتمع. وبها الاتجاه فإن الحروب هي في جوهرها حروب الرأسمال ضد الشيوعية حتى إا أخت طابع حروب "بسيطة" بين دول قومية مختلفة أو بين "محرري الوطن" و"الإمبرياليين" أو حروب في ما بين الإمبرياليات اتها. ومقابل جميع المتناحرات داخل البرجوازية ، بين فصائل "تقدمية ورجعية" أو"فاشية ومعادية للفاشية" أو"يسارية ويمينية"... والتي تجد مداومتها المنطقية في الحروب الإمبريالية، لا تمتلك البروليتاريا إلا ردا واحدا ممكنا هو النضال الصارم ضد جميع التضحيات(ضد كل هدنة وكل تضامن قومي)، وهو الانهزامية الثورية وهو إدارة الأسلحة ضد مستغليها ومضطهديها المباشرين(برجوازيتـ "ها"). إن هدف البروليتاريا هو تحويل الحرب الرأسمالية إلى حرب ثورية للبروليتاريا العالمية ضد البرجوازية العالمية من أجل بلوغ المركزة الأممية لها التجمع النضالي ضد رأس المال.

*

27 ــإن تقسيم العالم إلى ثلاث عوالم "رأسمالي" و "إشراكي" و"وغير متطور" أو "عالم الثالث" الناتج عن اندحار البروليتاريا ينزع إلى تقوية وإدامة ها الإنقسام بهدف تدمير الوحدة العضوية لمصالح وأهداف البروليتاريا الأممية.

وحتى عندما توظف هه الأيديولوجية بشكل " بريء" وكـ "مجرد وصف للواقع"، فإنها تتضمن عمليا سعيا لتدمير البروليتاريا العالمية ولك لأن جميع الأشكال الأيديولوجية تقوم على فكرة أن على البروليتاريا، أن تضطلع بمهام مختلفة في كل واحد من هه "العوالم المختلفة". ففي ما وراء ما تدعمه هه الأيديولوجيات أو لا تدعمه بشكل مستهدف( ضرورة تعميق الديمقراطية في"العالم الأول" وضرورة أحداث الإصلاحات السياسية أو إقامة "الثورة السياسية" في "العالم الثاني" وضرورة النضال من أجل تحقيق مهمات الديمقراطية البرجوازية والتحرر الوطني في"الثالث"). فإن هه الأيديولوجية تقود البروليتاريا وبشكل لا مفر منه إلى نفي نفسها كطبقة أممية، وتعني عمليا، تحت أي ريعة كانت، المشاركة في الحروب الرأسمالية الهادفة إلى تقسيم العالم.

*

28 ــ إن نضال التحرر الوطني، والحروب الشعبية ضد الإمبريالية... الخ هي تعبيرات خاصة عن الأيديولوجية التي تستعمل العمال كوقود للمدافع في الحرب الرأسمالية. فالإمبريالية ليست ظاهرة خاصة بهه القوة أو تلك أو بهه الدولة أو تلك، إنما هي ظاهرة ملازمة وثابتة وخاصة بالرأسمال اته: كل رة من القيمة تتضمن مستلزمات رفع القيمة الرأسمالية وبالتالي تلك الخاصة بالإرهاب الإمبريالي. ولها فإن كل برجوازية هي إمبريالية وهي على المستوى العملي، مرتبطة بلا إنفصال بالفصائل الأكثر قوة من فصائل الرأسمال العالمي،ليس فقط عبر مشاركتها المباشرة ضمن الشركات المغفلة والرأسمال المالي، بل أيضا عبر ألف رابطة أخرى خفية أو علنية.

وأبان الحروب الإمبريالية،تقوم البروليتاريا على الضد بتصعيد نضالها الخاص بمواجهة المستغلين. وعندئ تتهم بلا تفريقية أو التخريب، لكن لا يجب رؤية شيء أخر في لك أكثر من الانسجام الاتي للرأسمال العالمي. فبمواجهة استغلالها الخاص ليست البروليتاريا لا مبالية ولا تستطيع تحت أية ريعة كانت أن تقبل المهادنة مع مستغليها الخاصين. بل على العكس من لك، فإن استمرارية وتطور نضالها ضد مضطهديها يدفعها إلى الإلتحام في مجرى النشاط مع إخوانها الطبقيين في كل أنحاء الأرض وإلى الانصهار معا في تجمع نضالي ضد الرأسمال العالمي، تجمع يرتكز عليه التنظيم العالمي والأممي للبروليتاريا.

*

29 ــ وكما عرضنا في الأطروحة الحادية عشرة، فإن الشيوعية سواء في تطورها التاريخي أو في أهدافها هي النقض الحي للديمقراطية( بحقوقها وبمواطنيها، وبتنظيماتها... ). إ أن تحقيقها يفترض القضاء على جميع التقسيمات للبضاعة التي تتأسس عليها الديمقراطية. فالشيوعية إن تفترض تدمير الديمقراطية. وعن مبدأ هه الأطروحة ينتج درس جوهري للبروليتاريا. ومهما كانت مرحلة النضال التي تمر بتا البروليتاريا، إا قبلت بالديمقراطية ـ سواء كجبهة(عبر التحالف مع فئة تعتبر أكثر"ديمقراطية" أو" مناهضة للفاشية" أو "مناهضة للإمبريالية ") أو كهدف انتقالي (عبر النضال من أجل انتزاع أو حماية "الحقوق الديمقراطية" أو كلاهما) أو كمبدأ لمنظمتها الخاصة(في مجرى البحث عن ضمانات سياسية في الإنتخابات والجمعيات والأغلبية والتحالفات التكتيكية والمؤتمرات... )وأخيرا كهدف نهائي(عبر استهداف إقامة مجتمع ديمقراطي حقا) فإن البروليتاريا في كل هه الأحوال لا تتخلى فقط موضوعيا وكليا عن هدفها وتشكيلها الخاص في حزب فحسب، وهو النموج المسبق للمجتمع الشيوعي العالمي، إنما تتخلى معا وفي نفس الوقت أيضا عن وجودها الخاص كبروليتاريا وعن مصالحها الخاصة وبالتالي عن ماهيتها ونكران نفسها كطبقة. فإنها تعزز من قوة مضطهديها وتستبعد نفسها بإعتبارها كقوة مضادة ــ وهو دليل وجودها الوحيد ــ للنظام الاجتماعي القائم وتيب نفسها في العالم غير الطبقي الي هو عالم المواطن:

*في حالة الجبهة الديمقراطية تغرق نفسها في الأكثرية وفي المواطنة وفي" المقاومة ضد الفاشية"، مساهمة بلك في تصفية إستقلالها الطبقي ومانحة الشرعية لما سيشهده الغد من عمليات تجديد في قمة الدولة.

*في حالة النضال من أجل الحقوق الديمقراطية، تقوم بتعزيز أسلحة الدولة التي هي عدوها الخاص.

*في حالة المركزية الديمقراطية،تقوم بالإنتحار عبر إعطائها صفة مبدئية لأشكال التنظيمات القائمة على الانفصال بين الأفراد( الانفصال فيما بينهم وبين النظرية والممارسة وبين القرارات والنشاطات وبين التشريع والتنفي وبين الفرد والمجتمع...).

* وأخيرا فإنها تتبرجز أيديولوجيا عندما تجعل هدفها النهائي ليس شيء آخر سوى مثال المجتمع الرأسمالي اته ــ الديمقراطية البحتة.

*

30 ــ إن الديمقراطية "العمالية" (أي حكومة الشعب العامل") تحافظ على كافة الوسائط، بين السياسة ة والاقتصاد،بين الإنسان والمجتمع... الخاصة بالرأسمال. إنها محل عبادة البرلمان وحريات الفرد المعزول، تحل تلك الخاصة بـ "السوفيتات الديمقراطية"و"النقابات الحرة" و"الهيئات العامة ات السيادة" لـ "العامل الحر".

إن المضمون واحد: ففي الحالتين لا يعود الموضوع موضوع طبقة هدامة ات قيادة وبرنامج ثوريين، إنما هو الفرد الحر سواء كان "عاملا" أم لا. محل خرافة لا طبقية المواطن، والشعب، والأمة،التي هي صيغة"ديمقراطية برجوازية"،تحل خرافة برجوازية هي الأخرى، حول "العمال" و"جموع البروليتاريا"(بالمعنى السوسيولوجي) و"الأكثرية المستغلة"...الخاصة بصيغة"الديمقراطية العمالية".مرة أخرى لتمرير موضوع المجتمع الرأسمالي كما لو كان عنصرا عماليا.

*

31 ــ إن الفصل الاشتراكي الديمقراطي بين ما هو "نضال إقتصادي" و"نضال سياسي" وبين"نضال نقابي" و"نضال ثوري" وبين"نضال مباشر" و"نضال تاريخي"...هو الطريقة البرجوازية لتشتيت النضال العمالي وللقضاء عليه، وإن المنظمة العمالية تتبنى ها التمييز، هي منظمة تنشر التشويش داخل صفوف البروليتاريا وتساهم بهاــ بغض النظر عن إرادتهاــ في خلخلة وإرباك الحركة وتشوه الجوهر الشمولي للحرب الطبقية. إ أن خلط الحركة الإجتماعية بالعلم الي يخفق فوق رؤوس المشتبكين في الصراع، وخلط تأكيد مصالح ومطالب البروليتاريين بالمقترحات الإصلاحية للرأسمال، يعني القبول بترجمة الصراع الطبقي بعبارات برجوازية، كما جرى وضعها من قبل النقابيين والاشتراكيين الديمقراطيين الآخرين طوال تاريخ البروليتاريا.

فحتى إا كان نضال البروليتاريا مازال مندلعا على أساس تناقضات جزئية( نضال ضد إرتفاع الأسعار أو ضد توسيع أو تكثيف العمل أو ضد الإجراءات التي تحرم حشودا من البروليتاريا من العمل، أو ضد الإجراءات الإقتصادية أو القمعية للدولة...)، فإن ها النضال من جهة مضمونة، يبقى نضالا ضد شدة الإستغلال والإستغلال اته ( معدلات فائض القيمة ). غير أن وحدة نضال البروليتاريا ( كطبقة مستغلة وثورية) تبدو جلية خلال الأزمات. حيث يقتضي أصغر مطلب إقتصادي عندئ هجوما مباشرا ضد معدلات إستغلال وأرباح الرأسمال وضد قدرة تنافس الإقتصاد القومي. وهكا يصبح التصادم بين البروليتاريا والرأسماليين المتحدين في الدولة أمرا لا مناص منه.

أما القيام بإظهار إصلاح رأسمالي ما كـ"هدف" للنضال، فإن لك لا يمثل كبة برجوازية فحسب ( فكب أيضا القول بأن البروليتاريين يمكن أن يتابعوا أجبار نضال إخوانهم الطبقيين في المناطق الأخرى من العالم عبر مصفاة أجهزة الأعلام البرجوازي، ولو صدقنا ما يقال فإن النضال الطبقي لم ولن يوجد حيث سيصبح كل شيء مجرد نضال قومي أو ديني أو عرقي أو ديمقراطي ) بل هي رؤية البرجوازية الخفاقة، كما أنه قوة موضوعية لها بإعتباره ضعفا فعليا للحركة البروليتارية ويؤثر سلبيا على الحركة اتها.

إن الإستخفاف بها الواقع، وعدم تطوير النضال المطلوب ضد ها الضعف الموضوعي لطبقتنا يعكس جهلا بالتأثير السلبي للإيديولوجية السائدة بإعتبارها إيديولوجية الطبقة المهيمنة.

وفقط بالإعتماد على هه الفصائل الطليعية( التي هي أقليات بالضرورة خلال فترة الصيرورة السابقة على الانتفاضة بل وحتى بعدها مباشرة)، تستطيع الحركة الهدامة في ها المجتمع أن تعبر عما هي عليه فعلا، ناهضة عندئ مع شعارات،"إلغاء العمل المأجور" وما شابه التي تنفي المجتمع الحالي صراحة. *

32 ــ وهناك أيضا تقسيمات إشتراكية ــ ديمقراطية من طراز تلك تفصل مابين "الإقتصاد" و"السياسة"وما بين "النظرية" و"الممارسة"... وتصب هه جميعا في تقسيم الصيرورة الثورية للتمكن في الواقع من تصفية وتدمير وحدتها الهدامة. وها متأت أصلا كبديهية من الإنتاج الرأسمالي نفسه، ونقصد هبه لك المفهوم الي ينقسم بموجبه نمط الإنتاج الرأسمالي إلى فترة/مرحلة "صعودية"، "تقدمية" و بـ "مرحلة هيمنة الشكلية"... وأخرى كـ "نزولية" "إنحدارية" و"رجعية" و"إمبريالية" و"بهيمنة فعلية"... والحال إن التطور الخاص بالرأسمال باته يتطلب إصلاحات متواصلة، وتغيره المستمر وتحوله الضروري سواء كميا أو نوعيا (إنه قيمة تتطلب دائما أن تقيم بشكل أكبر) وها الأمر لا يتم عبر مرحلتين متضادتين ــ "صعودية/نزولية"، إنما عبر تعاقب في المستويات هو (الأساس الوحيد لتقسيم نمط الإنتاج الرأسمالي على فترات أو مراحل) تعاقب توجد فيه جميع التناقضات (ومنها الأساسي تناقض رفع/ وخفض القيمة) وكل مرة أكثر حدة.أن كل النظريات التدهورية تنفي وتنكر عالمية نمط الإنتاج الرأسمالي (على صعيد الزمان أو المكان أو كلاهما)، وتقود حتميا إلى تصفية ثبات مصالح وحاجات البروليتاريا الثورية، ناكرة بها في التحصيل النهائي، أن البروليتاريا هي المحطم الأوحد والوحيد للعالم القديم، والعامل الفعال الأستثنائي في الانهيار الفاجع للنظام. هه النظريات تقود التدهوريين وبكل حتمية إلى الوقوع في أحضان الآنوية والتدريجية والتطورية والقدرية... وغيرها من الفخاخ الكثيرة المنصوبة لتهديم النضال الطبقي. وإن كل النظريات التدهورية (علاوة على كونها ليس سوى نظريات اقتصادية بحتة، أي برجوازية) تتوصل إلى هه النتيجة، وها بغض النظر عن إختلافات حججها. في التطبيق كل هه النظريات التدهورية تتطلب ممارسة إصلاحية تعبر عن نفسها أيضا بشكل منظم عبر تبرير/تبني منطقي لكل ممارسة مضادة للثورة من الإشتراكية ــ الديمقراطية (كشمولية تاريخية فإنها تتضمن الفوضوية الرسمية أيضا)، وبها فإن النضال خصوصا تحت الريعة الخداعة القائلة بأن هدف البروليتاريا خلال ما يسمى بالفترة الصعودية ليس هو الشيوعية إنما نضال من أجل الإصلاحات( النضال البرجوازي إن) هو نضال من أجل تعزيز موقعها كمادة اقتصادية في إطار النظام (أي "طبقة" للرأسمال).

فالنظريات التدهورية تستند على فكرة أن البرجوازية تصنع نفسها بنفسها:فكرة التقدم، التطور، والحضارة... كأنها محايدة ولا طبقية، كما لو أن التقدم في ظل البرجوازية يمكنه أن يكون شيئا آخر غير التقدم البرجوازي( إن أكبر تقدم برجوازي هو الحرب البرجوازية دائما). وكما لو أن التطور في ظل البرجوازية يمكن أن يكون شيئا آخر غير تطور الإستغلال البرجوازي... إن فالتدهوريين يرون أن التقدم والنمو والحضارة... يمكن أن تتطور حتى تاريخ ما (وحتى في أجواف جغرافية ــ سياسية ما بالنسبة للبعض منهم)لغاية الوصول إلى درجة مقدرة يفسرها كل حسب مدرسته الخاصة(ستالينية أو تروتسكية أو روزالوكسمبورغية ...) تبدأ بعدئ بالإنحصار والإنهيار " موضوعيا" وكل ها يرفق بالتردد المعروف عن التدهور " الإخلاقي" والفني... ( ترديد تشترك فيه جميع هه التيارات مع الطوائف المتعددة الدينية والفاشستية ). يبدأ أن كل ها ليس إلا جزءا من إيديولوجية الثورة المضادة التي ستقوم البروليتاريا بالقضاء عليها بشكل محتم.

*

33 ــ إن الثنائية الإشتراكية ــ الديمقراطية والإيديولوجية التدهورية اللين ينكران على الرأسمال صفته ككل عضوي، يقودان إيديولوجيا وبشكل محتوم إلى خلق مجموعة من الأصناف التي، يتخيل فيها ورثة الإشتراكية الديمقراطية أن العالم مجزأ. لكن هه الأصناف الإيديولوجية، وبالقدر الي تصبح فيه مفاهيم ، تصبح أيضا أسلحة قوية لتقسيم البروليتاريا.

وهكا فعلاوة على الأشكال البرجوازية الأكثر تقليدية في تصنيف وتقسيم البلدان، كما على سبيل المثال تقسيم العالم إلى العوالم الثلاثة التي سبق لنا كرها، أو تقسيم البلدان إلى "متطورة" و"غير متطورة"، وإلى "مركزية"و "علم ثالث"، بإضافة تقسيمات أخرى أكثر مهارة لكنها تؤدي نفس الوظيفة التي هي نشر الإضطراب فيما يتعلق بوحدة الرأسمال العالمي وبعثرة وإرباك تنظيم البروليتاريا عبر القيام بتقديم مشاريع أو أهداف مختلفة لها تبعاً للمناطق. وبها الصدد فإن إيديولوجية "رأسمالية الدولة" ضارة بشكل خاص. وبالفعل فحسب هه الإيديولوجية يجري الزعم بوجود أنواع مختلفة من الرأسماليات أو،ما هو أكثر سوءا ، بوجود مجتمعات "نصف ــ نصف"، أي لا رأسمالية حقاً ولا إشتراكية فعلاَ ، وعليه فإن "رأسمالية الدولة" تكون مرحلة من مراحل الثورة. لكن كل هه الإيديولوجيات المتكونة من أشكال متنوعة من الكاوتسكية أو اللينينية... والتي ليست شيئاَ آخر سوى الخرافة الستالينية ــ التروتسكية عن"الخصوصية" الروسية المعممة على مجموع العالم، لها هدف مركزي واحد وهو نكران أو ستر وطمس التناحر الحقيقي بين الدولة الرأسمالية العالمية والبروليتاريا الأممية .

*

34 ــ إن قوة الثورة المضادة تستند اليوم على إستغلال كافة نقاط ضعف الموجة الثورية الأممية الكبرى لسنوات 1917 ـ 1923 . كما أن ها الإستغلال أصبح ممكناً بفضل التدمير السياسي/التنظيمي للفصائل الشيوعية التي بدأت تتلمس نتائج هه الفترة. وهكا فعلى جثة البروليتاريا الثورية، قامت الثورة المضادة بإقامة خرافة "الدولة العمالية في بلد واحد"( وخرافة" بناء الإشتراكية في بلد واحد" ليست سوى أحد الصيغ التي قدمها اليمين). هه الخرافة التي سمحت بإستخدام ملايين البروليتاريين طعاماً للمدافع في الحرب الرأسمالية. والحال أن هه "الدولة العمالية" شأنها شأن كل هؤلاء الين وعلى نفس هه الأسس تبنوا ها النمط من التسميات (كأوروبا الشرقية وكوبا والصين وأن غولا ولفيتنام والجزائر ونيكاراغوا ... )ما هي إلا دولاً رأسمالية لا أكثر ولا أقل تستعير إيديولوجياتها ظاهرياً بعض العبارات الماركسية ولك للتمكن بشكل أفضل من أخفاء طابعها البرجوازي. إن العالم كله رأسمالي والثورة الشيوعية إما أن تكون عالمية أو لن تكون.

*

35 ــ إن كل إيديولوجية تدعم تحت أي شكل كان، نقديا أو غيره، أية دولة أو (حكومة) موجودة اليوم في العالم (ستالينية أو تروتسكية أو ماوية أو عالم ثلاثية أو "فوضوية"...) ما هي إلا أشكال معصرنة للإشتراكية البرجوازية التي كانت الإشتراكية الديمقراطية نموجها كقوة تاريخية. فعلى الصعيد العملي ، وإضافة إلى دعمها لأجهزة الدولة البرجوازية (حكومات ونقابات وبرلمانات...) ومساهماتها في الحروب الرأسمالية، فإن كل هه القوى تلعب دورا حاسما في تحويل حاجات البروليتاريا إلى إصلاحات للرأسمال. وها ما يقودها حتميا إلى التصرف في أية لحظة كقوى صداميه للرأسمال من أجل المحافظة على بقاء النظام البرجوازي.

*

36 ــ من برودون إلى كاوتسكي، ومن هتلر إلى فيدل كاسترو، ومن ستالين إلى موسوليني، ومن برنشتاين إلى بيرون، ومن موتستنغ إلى خميني، ومن عرفات إلى غورباتشوف وكافة المصلحين الآخرين... وجدت دائما فصائل برجوازية تقدمية، تدعو إلى إجراء إصلاحات كبيرة وتوظف خطابية شعبية وعمالية "ضد الثروة" و"ضد الإحتكار" و"ضد الأوليغارشية" و"ضد العائلات المعدودة المالكة في البلاد"و"ضد تسلط الأغنياء"...وإلى جانب تطوير المؤسسات "الإشتراكية". بيد أن هه الفصائل تقوم في لك بالإنحياز مع النزوع التاريخي الدائم للرأسمال نحو إصلاح نفسه اتيا ونحو التغير المستمر لقاعدته الإنتاجية وبنيته الإجتماعية من أجل المحافظة بداهة على الأساس الي هو نظام العمل المأجور وإستغلال الإنسان من قبل الإنسان. وإن وظيفتها التي تتميز بتا هي تقديم نفسها كبدائل جديدة للأشكال التقليدية للهيمنة(وهي وظيفة حاسما لأستقطاب المجتمع نحو قطبين برجوازيين ) وتقديم الإصلاحات كهدف لكل نضال، وللظهور في مجرى الإشتباكات ضمن الرأسمالية، بمظهر القطاعات الجرية في المجتمع. وإن أهميتها كبيرة إلى ها الحد أو اك حسب الفترات أو البلدان، تأتي من قدرتها على إمتلاك رصيد بنظر البروليتاريين، أي من قابليتها على فرض سيطرتها على العمال والقضاء على كل إستقلالية لدى الطبقة العاملة عن طريق الإصلاحات (أو الوعود بالإصلاحات) التي تهدف إلى جعل العبودية للأجور أقل بروزاً وجعل البؤس "الفعلي" أكثر قبولا، في حين أنها تعزز، على الصعيد الفعلي، الدكتاتورية الإجتماعية للرأسمال. لكن ومهما كانت الإصلاحات التي تقوم بتا، فإن البرجوازية تظل العدو اللدود للبروليتاريا ومهما كانت إدعاءاتها فإن جميع فصائلها لا تتردد في اللجوء إلى الإستخدام المنظم والمكشوف للإرهاب (الي هو ليس حكراً على اليمين والفاشيين) ضد البروليتاريا عندما تقتضي المحافظة على النظام لك. بمواجهة هه الفصائل، فإن برنامج البروليتاريا لا يتغير قيد شعرة :ففي مواجهة كل أنواع المدافعين النقديين، تجد البروليتاريا نفسها مضطرة إلى الإنتظام في قوة تهدف إلى سحقهم وتصفيتهم في الوقت نفسه مع جميع الفصائل الأخرى.

*

37 ــ إن هدف الدولة البرجوازية، أي الدولة الديمقراطية، هو الإبقاء على البروليتاريا غير منظمة وملغاة كطبقة، أو وهو الأفضل لها، التمكن في إطارها وتعبئتها في خدمة البرجوازية. فما هو جوهري في كافة الآليات الديمقراطية هو تدمير الوحدة"العضوية" للبروليتاريا ومصالحها ومن ثم"تنظيمها" على أساس "المصالح" الجزئية المتطابقة مع الفرد، مع المواطن، أي المختزل إلى مجرد كائن إقتصادي، أي مجرد مشتر وبائع للبضائع. وعلى ها الأساس فالنقابات هي الأجهزة الحيوية التي تستخدمها الدولة لتأدية وظيفة كهه. إنها تمثل في الواقع"عالم العمل" ضمن الرأسمال، أي البروليتاريا مقضي عليها كطبقة ومجزأة إلى قطاعات، ومدمرة مقلصة إلى مجرد بروليتاريين يتفاوضون كأي أفراد آخرين في المجتمع البضاعة حول ثمن بيع بضائعهم ــ قوة العمل ــ ثمن البيع الي يؤمن بدوره عبر المفاوضات تحقيق معدل فائدة"معقولة" كما ويضمن السلم الاجتماعي، بمواجهة مثل هه الأجهزة، تناضل البروليتاريا من أجل تنظيم نفسها خارج وضد النقابات التي بإعتبارها عقبة على طريق الثورة الشيوعية، ينبغي أن يتم تدميرها كلياً. لها السبب فإن جميع الأيديولوجيات التي تنادي بإصلاح النقابات وتسعي للسيطرة عليها أو العمل في نطاقها (حتى إا قيل بأنه من أجل تدميرها) هي أيديولوجيات تنشر التشويش، وتبقي البروليتاريين أسرى في إطار أجهزة الدولة هه، في حين أنهم يشعرون عبر حدسهم بالدور الرجعي للنقابات (الأمر الي يساعدها بشكل عبر على تحسين رصيدها) وهي بالتالي أيديولوجيات تخدم الاتجاه المضاد، والواقع أننا نجد في أصل هه الأجهزة منضمات عمالية حقا، لكن ها لا يعني إلا تأكيد لقدرة البرجوازية على احتواء الأشكال التنظيمية المخلوقة من قبل العمال وإستعمالها لأغراضها الخاصة. ليست"المسألة النقابية" مسألة التسمية فقط، إنما هي الممارسة الإجتماعية الخاصة بها بالتحديد. والتناحر الفعلي ليس هو لك القائم بين المصالح الإقتصادية والمصالح السياسية، بين المصالح الآنية والمصالح التاريخية ، كما الزعم بلك. فالنقابات بإعتبارها أجهزة للدولة لا تدافع حتى على المصالح "الإقتصادية" والمباشرة للعمال (التي هي من جهة أخرى لا تنفصل عن التأكيد الثوري للبروليتاريا كما كرنا لك سابقا). إن التناحر الفعلي هو بالأحرى ما يلي:الجمعية العملية والبناء العضوي لنضال ومصالح البروليتاريا ضد أجهزة الدولة الديمقراطية التي تخدم في المفاوضة البضاعية. وها بغض النظر عن الإسم الي يتبناه ها البعض أو اك. وهكا فإن كانت تسمية"النقابة" تعبر بشكل قاطع وعالمي عن أجهزة الدولة تلك (حتى إن من غير المحتمل جدا أن تستطيع الجمعيات الطبقية الحقيقية إستعمال هه التسمية) فإن التسميات الأخرى الأكثر جرية(المجالس العمالية والسوفيتات... الخ) يمكنها هي أيضا أن تخفي أجهزة الدولة، أجهزة ستتطور الجمعيات العمالية خارجها وضدها هي أيضا بالضرورة.

*

37أ ــ إن مشكلة الثورة ليست في صيغة التنظيم، إنما في مشكلة المضمون الاجتماعي الفعلي لمنظمة الثورة، وهي في آخر المطاف إما مشكلة تتعلق بأجهزة نضال العمال ضد الرأسمال وإما بأجهزة تستعملها الدولة البرجوازية لتدمير القوة الثورية. وفي هه الحالة الأخيرة ، فإن الغطاء الإيديولوجي الي تعتمده للقيام بوظيفتها المضادة للثورة بأحسن ما يمكن، أمر لا يغير شيئا من طابعها البرجوازي.

فمن البديهي، أن البروليتاريا ستقوم في مجرى الصيرورة الفعلية للنزوع الترابطي العمالي المتنامي، بتطوير أشكال تنظيمية أكثر فأكثر شمولية وتتوازي مع تطورها الاتي كطبقة. وهكا فإن الأشكال التنظيمية الحرفية أو ات السمات الفئوية سيجري تجاوزه عبر تنظيم النضال على أساس مواقع العمل وفروع الإنتاج. وهه الأشكال الأخيرة اتها ستصبح عرضة للتجاوز عبر التنظيمات الإقليمية التي تتمركز وتشارك فيها كافة البروليتاريا (الموجودة في البطالة منها أو في العمل، الشباب أو الكهول...).

الأمر الي سيمثل بدوره قفزة حاسمة نحو إعطاء الخطوط أشكالا أممية في النضال ضد الانتماء القومي الي تقوم البرجوازية عبرها ببعثرة عدوها التاريخي. وهه الصيرورة من تعاقب مختلف أشكال التجمع العمالي، والمطابق لمختلف مستويات الصدام مع الرأسمال، لا تسير في خط مستقيم ومتدرج.

إنما وعلى العكس تماما، هي صيرورة مطبوعة بقفزات نوعية وطفرات إلى الأمام، وكلك عبر تراجعات وحيث تبدو كلها في التحصيل النهائي محكومة بعلاقات القوى بين البروليتاريا والبرجوازية. وهكا فالمجالس العمالية والسوفيتات والإتحادات وحلقات القطاعات الصناعية والتنظيمات الطبقية...والخ، هي إا الأشكال التي تتطابق مع تلك الصيرورة الفعلية لتطوير البروليتاريا، وقدرتها على تجاوز التقسيمات المفروضة من قبل الرأسمال، وها يتم بشكل أساسي بالحدود التي يكون فيها النضال في النطاق الفئوي أو في موقع العمل قد جرى تجاوزه( حتى إا كانت تلك المجالس والسوفيتات والإتحادات... الخ، ما يزال تستطيع الإعتماد على التجمعات الفئوية) وإن ها يتعلق بفترة الأزمات السياسية والإجتماعية المفتوحة التي تجعل البروليتاريا قادرة على أن لا تصدق بالحلول الجزئية والتجزيئية. لكن، حتى في نطاق هه الصيرورة، فإن الأشكال ليست باتها أبداً ( كما يعتقد المجالسون) من يستطيع ضمان مصالح البروليتاريا( ولا تضمنها كلك أكثر من أي نمط آخر من أنماط الضمان الشكلي الي يريد دعاة الديمقراطية العمالية فرضه: كالمجالس المستقلة ونواب العمال والقابلة للإلغاء في أية لحظة...). فحتى في هه الصيرورة الفعلية لتنظيم البروليتاريا كقوة، سيعتمد كل شيء على الممارسة العملية لهه المنظمات وبالتالي على نواياها الفعلية. إن ما هو حاسم عندئ، هو نضال الطبقة داخل تلك التجمعات بالتحديد التي ستواصل الثورة المضادة ضمن نطاق نشاطها لتكون حاضرة ومنظمة، وستستمر في سعيها لتحويل تلك التجمعات إلى أجهزة للدولة البرجوازية. لمواجهة كل ها، فإن الضمان الوحيد يتمثل في العمل المقرون بالعزيمة والتصميم لفصائل الطليعة البروليتارية التي تفرض الخضوع لأي نوع من أنواع الآليات الديمقراطية التي ستحاول الثورة المضادة فرضها في نطاق تلك المنظمات. إ أن الشيوعيين المنظمين سيعارضون بكل قواهم أية إيديولوجية تسعى لتصفية هه القيادة الحقيقية للبروليتاريا التي هي قيد التكون في إطار مجموع العمال المنخرطين في النضال(أو الأسوأ من لك في إطار مجموع العمال كفئة سوسيولوجية) فهم لا يقبلون في إطار تلك المنظمات العمالية الواسعة وتحت أية ريعة كانت، أية إنضباطية تهب في تجاه مضاد للبرنامج التاريخي للبروليتاريا. وسيخوضون النضال إلى أقصى حد وعبر جميع الوسائل ضد أية محاولة لوضع قيادة مضادة للثورة على رأس تلك الجمعيات. وسيواصلون قيادة النضال حتى النهاية وبكافة الوسائل من أجل منح الحركة اتجاها ثورياً حقاً.

*

38 ــ إن البرلمانات والإنتخابات والانتخابات هي الأشكال الخاصة التي تتجسد فيها الديمقراطية والتي تعبر في كافة الأحوال عن ات الضرورة البرجوازية لبعثرة البروليتاريا بين جميع المواطنين، وعملياً لإنكار حقيقة وجود طبقة مضادة لكل النظام القائم، ولك للتمكن من فرض هيمنتها الخاصة. فالوظيفة المتميزة للبرلمانات والإنتخابات هي إبعاد العمال عن معركتهم اليومية ضد الرأسمال، وتطوير وإعادة إنتاج الوهم الداعي لإمكانية التغيير السلمي لحالة البروليتاريا( أطروحة"الإنتقال السلمي إلى الإشتراكية"هي التعبير الأعلى عن ها الوهم) بفضل بطاقة التصويت وحدها. والحال أن الإنتخابات لا تقوم بشيء إلا بتحديد أولئك الين من بين فصائل وممثلي البرجوازية المختلفين، سيتكلفون مباشرة بأخ السلطة التنفيية وإدارة القمع ضد النضال البروليتاري. إن العمليتين البرلمانية والانتخابية تديران الظهر بلا مناص لطرق وأهداف النضال العمالي ولا يمكن بأي شكل كان أن يجري إستخدامها من قبل البروليتاريين المنخرطين في النضال. كما أن إضفاء صفة"الثورية"على العملية البرلمانية والزعم بإمكانية إستخدامها لإدانة الهيمنة البرجوازية لا يؤدي(كما ثبت لك تاريخياً) إلا إلى المساهمة في تعميق التشويش في صفوف البروليتاريا، كما أنه يشكل على الصعيد العملي أداة فعالة لتصفية الحزب الطبقي(كسب الشرعية وسياسة الرؤساء وعبادة الفرد...)، وها لا يخدم سوى الثورة المضادة. وللك فالرد البروليتاري الوحيد على قيام البرجوازية بشن هه الهجمات، أي الإنتخابات، بشكل منظم هو المقاطعة الشيوعية، ورفض لأية هدنة انتخابية، ومواصلة النضال من أجل مصالح البروليتاريا وحدها، وإدانة الإنتخابات، والتخريب عبر العمل المباشر حسب الإمكانيات( التي يسمح بتا توازن القوى بين الطبقات).

*

39 ــ الإضطهاد العنصري والإضطهاد الجنسي وتدمير البيئة...هي ظواهر ملازمة لكل المجتمعات الطبقية، إلا أنها لا تبلغ في أي منها هه الدرجة من البشاعة والإنتظام التي تبلغها في ظل سيادة الرأسمالية وخصوصا في ظل التطور الحالي لدكتاتورية التقدم الخاص بالحضارة الرأسمالية. إن النضال الشامل هو وحده الي يستطيع تدمير الأساس الفعلي الي ينتج إغتراب ــ إستلاب ــ الإنسان وجميع ظواهر الغير إنسانية ومن البشعات التي تطبع العلاقات الإجتماعية الرأسمالية. وإن البروليتاريا هي وحدها الطبقة الإجتماعية التي تحمل في كيانها اته ها المشروع وتحقيقه، أي الثورة الشيوعية.

على الضد من ها المشروع، فإن تبديد النضال عبر تجزئته وخلق حركات متميزة ــ نسائية وضد عنصرية وبيئوية ... يهدف إلى ستر واحدة أو أخرى من هه المشاكل كما لو كانت ميداناً معزولاً، دون السعي في نفس الوقت إلى مجابهة أسبابها العميقة والمشتركة. الأمر الي يجعلها نهائياً مجرد محاولات هامشية لتحسين وإصلاح و(ترميم) النظام، ولتعزيز دكتاتورية رأس المال عبر لك. عملياً إن ها الصنف من الحركات لم يخدم ولا يستطيع أن يخدم إلا في تبديد الطاقة الثورية للبروليتاريا، وجعلها تصب في عملية تحسين آليات الهيمنة والأضطهاد والسماح عبر لك بتصعيد معدلات إستغلال البروليتاريا.

*

39 أ ــ إن وصول طبقة ما إلى فرض حالة كونية من الإستغلال تشمل كافة الأعراق و"التصالب المختلفة" الممكنة، وهو الي أعطى لمفهوم النوع الإنساني ولأول مرة كل معناه وشرعيته وها انطلاقاً من المصالح الخاصة بالبروليتاريا والنضال الي تجد نفسها مرغمة على تطويره لغاية فرض ثورتها الإجتماعية والكونية. ففي هه الثورة الشيوعية يمكن الحل الإنساني الوحيد والنهائي للإضطهاد العرقي وللعنصرية. إن ففي الجهة الأخرى من المتراس يوجد المستغلون هؤلاء المدافعون عن النظام الإجتماعي وممثلوه، الي ، رغم شموله لكل الأعراق، يتصرف بطريقة موحدة عبر إستخدام الخطاب العنصري أو المضاد للعنصرية أو كلاهما.

لكن العنصرية و(ضد العنصرية) هما أكبر جداً من مشكلة أيديولوجية. فواقع أن الرأسمال يشتري أرخص قوة عمل عرق ما بالمقارنة مع آخر، وواقع أن شروط إستغلال وحياة قسم من البروليتاريا أسوأ بالمقارنة مع الأقسام الأخرى، يعكس حقيقة الرأسمال الي يرى أن إنتاج الكائن الإنساني بصفته عبداً أجيراً لا يعطيه أية أهمية مطلقاً ككائن إنساني. فالأهمية التي يجدها الرأسمال في الإنسان تنحصر(كما بالنسبة لأية بضاعة أخرى) في العمل الاجتماعي الكامن فيه. هه الحقيقة العنصرية للرأسمال يترتب عليها (بنفس الطريقة التي تكون فيها قيمة قوة العمل لدى عامل ماهر أعلى من قيمة مثيلتها لدى عامل غير ماهر)إن قيمة العمل للعامل" المحلي" مثلاً أعلى قيمة من مثيلتها للعامل "المهاجر"( حيث يجري الإفتراض بالفعل أن الأول يقدم عملاً إنسجامي على الصعيد الاجتماعي والقومي والنقابي، أكثر مما يقدمه الآخر).

بيد أن العنصرية لا تستطيع أن تبدو، في نطاق تنظيم دولي للهيمنة البرجوازية العالمية، إلا بشكل هامشي جداً كما هي عليه فعلياً (المواقف العنصرية الصريحة للحكومات والأحزاب البرجوازية نادرة جداً نسبياً!). بيد أن العنصرية وفي معظم الأحوال تتطور على أرضية معاداة العنصرية. ولها فإن معاداة العنصرية تشكل قوة إيديولوجية أكثر فأكثر فاعلة في إعادة إنتاج الإستغلال وها المجتمع العنصري.

إن كل نضال ضد عنصرية ها المجتمع،الي لا يتجه بهجومه ضد المجتمع الرأسمالي، أي ضد مصدر العنصرية، وكل نضال إن غير نضال البروليتاريا العمالية ضد البرجوازية العالمية مؤهل أن يتحول إلى مكون إيديولوجي أساسي في خدمة الدولة والمجتمع البرجوازي. إن التعبير الأكثر تقدماً عن معاداة العنصرية هه موجود في البرجوازية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والي يشكل عنصراً إيديولوجياً حاسماً لكل القوى العالمية الكبرى الحالية. ومن هنا فإن معاداة العنصرية هي الشكل الأكثر نقاء لإعادة إنتاج المجتمع العنصري ــ وتمثل دولة إسرائيل المبنية على قاعدة تجمع وهمي للنضال اليهودي المعادي للعنصرية نموجاً لامعاً بشكل خاص لمعاداة العنصرية تخدم في الواقع الإستغلال الرأسمالي العنصري مرفوعاً إلى أقصى درجاته في ميدان إستغلال البروليتاريا في هه المنطقة.

*

39 ب ــ إن تقسيم العمل على أساس الجنس (أو على أساس العمر)هو حالة ملموسة في التقسيم الرأسمالي للبروليتاريا والي لا يمكن أن ينتهي إلا بالقضاء على الرأسمال والزوال الاتي للبروليتاريا.

فالبروليتاريا رجالا ونساء وشباباً وكهولاً... يعيدون إنتاج حياتهم كقوة عمل لحاجة ولصالح الرأسمال.

وإن إعادة الإنتاج المباشرة للقيمة الفائضة في مراكز عمل الرأسمال (كالمصانع والمناجم والحقول ) من غير الممكن تأمينها إا لم يجر إنتاج قوة العمل اتها. إن الرأسمال، وريث المجتمع الأبوي، هو الي طور قوة العمل هه، وعند الحاجة فإنه لم ولن يتردد في إستعمال الرجال والنساء ومن كافة الأعمار لإنتاج القيمة الفائضة بشكل مباشر. إلا أنه جعل المرأة البروليتارية مدانة بشكل خاص بأن تكون العنصر الأساسي في الإنتاج المنزلي لقوة العمل(وهو إنتاج يشكل جزءا من الإنتاج الشامل لبضاعة قوة العمل). وحتى إا قام الرأسمال، عند شرائه لقوة العمل، بدفع كل قيمة هه البضاعة، أي كامل العمل الضروري لإعادة إنتاجها(منزليا وتربويا وقمعيا...)فإن الي يقبض الأجرة هو المنتج المباشر لفائض القيمة وليس من يقوم بالعمل المنزلي. وها العنصر مضافا إلى العناصر الأخرى، يشكل عاملا حاسما في الإخضاع والإضطهاد الخاصين الين تتعرض لهما المرأة البروليتارية من قبل الرأسمال.

إن النسوية هي الجواب البرجوازي على هه الحالة الخاصة. إنها تحدد نقطة إنطلاقها من واقع إستعمال كل ما هو خاص في إستغلال المرأة البروليتارية لتجعل منه شرطا أجماليا للمرأة بشكل عام. وهكا فهي تحول النهضة البروليتارية للمرأة وللرجل إلى حركة لكل الطبقات حيث يصبح شعار الانضمام هو "أن الرجل بشكل عام يستغل المرأة بشكل عام". وعلاوة على دور النزعة النسائية الي يصب إجمالا في الثورة المضادة لكونها قوة تفتيت وحرف وستر للتناقضات والحلول الفعلية للنضال الطبقي، فإن النزعة النسوية كانت أيضا أداة حاسمة بيد الرأسمال في مضاعفة إستغلال البروليتاريا. فبفضل المساواة في الحقوق، تقود النزعة النسائية المرأة البروليتارية الآن إلى تحمل أن تكون هي أيضا منتجة مباشرة لفائض القيمة وأن تشارك، إضافة إلى الرجل، بشكل أكثر فأكثر مباشرة في الحرب الإمبريالية. وهكا فبدءا بنضالها من أجل زج النساء في العمل وحتى المطالبة بحق التصويت ومرورا بالحملات الحالية من أجل مشاركة المرأة في الحياة الفعلية للأمة، كانت النزعة النسائية دائما قوة لدعم الرأسمال ضد البروليتاريا، قوة تتجسد منجزاتها الأكثر بروزا في ظاهرة النساء الشرطية، وفي تجنيد النساء بشكل واسع في الجيوش القومية( حاجة الرأسمال لإشراك السكان المدنيين في الحرب بشكل أوسع فأوسع) وفي ظاهرة النساء البرلمانيات والنساء الجنرالات ورئيسات الوزراء...

*

39 ت ــ إن الإيديولوجيات التفتيتية للرأسمالية العمالية في صيغة معاداة العنصرية والنزعة النسائية تهدف إلى محاربة وحدة البروليتاريا الأممية. وإن أهمية هه الإيديولوجيات لا يمكن فهمها إلا عندما نأخ بنظر الإعتبار كون كل واحدة من هه الحركات التابعة للدولة جرى تنظيمها بهدف جر أغلبية السكان البروليتاريين في العالم إلى الإبتعاد بشكل ما عن الأهداف الطبقية والثورية. وهكا فإن دعاة النزعة النسوية الأكثر راديكالية لا ينسون أبدا الإشارة إلى أن مطالبهم موجهة فقط إلى النساء اللواتي يشكلن أكثرية سكان الأرض. وهه النوايا تمتلكها أيضا حركة معاداة العنصرية، لأن البروليتاريا الملونة الجلد ومن مهاجرين وأبناء مهاجرين المتعرضين بالفعل إلى أشكال خاصة من الإستغلال على يد الرأسمال، تمثل ومن بعيد الأغلبية الكبرى من البروليتاريا العالمية. ومن هنا أيضا تأتي أهمية النقد الثوري لمثل هه الإيديولوجيات التي سيجري كنسها في مجرى النضال التوحيدي للبروليتاريين بغض النظر عن لون بشرتهم وأجناسهم وأعمارهم والمنتمين إلى جميع أنحاء العالم وكافة الأطراف... ضد الرأسمال العالمي. ففي التجمع النضالي الفعلي ها وفي مجرى تطوره سيقضي على العنصرية وعلى معاداة العنصرية وسيقضى على ما يسمى بـ "مشكلة المرأة" وعلى النزعة النسوية وكل ما سوى لك. *

39 ث ــ إن تطور الرأسمال وطغيان معدلات الربح على حساب وضد البيئة الضرورية لتطور الحياة الإنسانية بلغ من الشدة درجة لا تقترن فقط بتعرض أجزاء متسعة دائما من الإنسانية إلى المجاعات المستمرة بسبب زحف التصحر (أو غيره من الأسباب الأخرى التي مهما كانت "طبيعتها" فإنها ناتجة عن رفع قيمة رأس مال)، إنما تقترن أيضا بأن إستمرارية الحضارة الحالية أصبحت على المدى المتوسط غير متماشية مع شروط الحياة على الأرض، ولك بسبب الدمار الي ألحقه الرأسمال بالأجواء وبمصادر المياه... ودون التطرق إلى "تفاصيل" أخرى تشكل أدوات كامنة كفيلة بكارثة نووية شاملة، والتلوث الشامل للهواء والبحار (لاحظ التضخم المتصاعد للمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبقي في البيئة، وتدمير جدار غلاف الأوزون اللازم للحياة وتراكم عنصر أكاسد الكربون مسببة حالات الاختناق وظاهرة وبان المناطق الجليدية وبالتالي خطر إنغمار الأرض اليابسة المعمورة حاليا...الخ) و"الحوادث" الصناعية الكيماوية والنووية المتزايدة الحدوث، والنتائج المتعاظمة الأضرار، والتدهور التام للمستلزمات الطبيعية للعيش بالمعنى الأكمل للعبارة، ولكل إمكانية حياة في المراكز الحضرية الكبرى على الكرة الأرضية...الخ.

إن الثورة الشيوعية تشكل البديل الوحيد لبربرية الحضارة الحالية بالقدر الي تقوم فيه بأزالة مصادر التلوث المعمم وأسباب الدمار وحماية الشروط البيئية الضرورية لحياة النوع الإنساني حقا.

إن الحركة البيئية هي الجواب البرجوازي على ها التدهور المعمم لكل شروط الحياة. فسواء كانت برلمانية أو ضد برلمانية، إصلاحية صراحة أو بقناع... فإن البيئية تهاجم النتائج وحدها دون أسس ــ أي أسباب ــ التلوث المعمم. فوظيفتها الإجتماعية الرئيسية هي تجزئة النضال الي تشنه البروليتاريا ضد التدهور المتفاقم لجميع الشروط الخاصة بإعادة إنتاج حياتها، عندما تقوم بوعي أو بلا وعي، بمهاجمة كل أسس المجتمع ( معدلات الإستغلال ومعدلات الربح وتنافس المشاريع والإقتصاد...الخ). أما البيئيون فيستهدفون تحويل النضال البروليتاري إلى مجرد نضال ضد تجاوزات نظاما يدافعون عن أسسه.

أما البيئيون المنظمون، فيقومون عبر دعوتهم للعودة إلى الطبيعة وإقتراحاتهم الخاصة حول محطات التنقية ورقابة الدولة على التلوث وغيرها، بالدفاع ليس فقط عن الأسس العامة للنظام البضاعي المعمم ( القائمة في أصل كل تلوث) إنما يهبون أيضا وبشكل صارخ إلى حد تقديم دعمهم لحملات التقشف التي تفرضها الدولة ضد البروليتاريا. وما أن البروليتاريا ليس بائسة بما فيه الكفاية، علاوة على لك يقترح البيئيون عليها أن تكون أكثر تقشفا وأكثر "طبيعية" حيث يمثلون أفضل الوكلاء التجاريين في عملية بيع بضاعة "الطبيعة" حيث يقدمون للبروليتاريا برامج التقشف والقبول برفع الإستغلال بشكل لا يجرؤ أي فصل برجوازي آخر على تقديمه. فالنسبة للبيئيين إا كان من الممكن إطعام البروليتاريا عشبا بدلا من اللحم فلا شك في أن لك أفضل. ومستندين على الوهم الكبير الي يعرف ها المجتمع بموجبه كمجتمع إستهلاكي (بدلا من تعريفه الحقيقي كمنتج للقيمة) يبدو البيئيون بمثابة المدافع الأكثر وقاحة عن التقشف وشد الأحزمة على البطون...

وهكا حيث النتائج التدميرية للإنتاج البضائع والتصحر تؤدي إلى معدلات أعلى فاعلي في الوفيات وفي وقت أصبح فيه التطور الرأسمالي سبباً جوهرياً لخلق تشويهات جسدية لا علاج لها وأمراض يتصاعد عددها بإستمرار بفعل استهلاك محيط مريض، فإن ثورة البروليتاريا ضد ها النظام هي ثورة لا وقفة فيها، وستواجه في مجرى تطورها كافة أصناف البيئيين كعقبة إضافية لا بد من كنسها كلياً من أجل أن تستطيع الثورة أن تفرض نفسها.

*

39 ج ــ إن الرأسمال لا يعيد إنتاج الإنسانية البروليتارية إلا بالقدر الي تكون فيه أداة للعمل ومصدرا لخلق القيمة. إن "المصانع" التي تجري فيها إعادة إنتاج البروليتاريا كعمال، و"المؤسسات" التي تجري فيها إعادة إنتاج النوع الإنساني كمجرد قوة عمل للرأسمال،هي العائلة، المدارس والكنائس، ومراكز الرعاية الإجتماعية والسجون... الخ. إن كافة هه المؤسسات هي، ومن كل الجوانب، مخصصة من أجل إعادة إنتاج العبد المأجور وليس الكائن الإنساني، وللك ستقوم الثورة البروليتارية بإلغاء المجتمع الي انبثقت عنه.

وبمواجهة استحالة إنكار التناحر البديهي القائم بين الثورة الإجتماعية وبين إعادة إنتاج كافة هه المؤسسات، التي هي في اتها إعادة إنتاج للملكية الخاصة وللمجتمع الرأسمالي، فإن الوظيفة التقليدية التحريفية والإشتراكية الديمقراطية هي الإعتراف بشكل مقنع( في برنامجها الأقصى بعد الثورة)بوجود ها التناحر، في نفس الوقت الي تخرب فيه كل نضال فعلي وملموس ضد هه المؤسسات(عندما لا تمتلك الجرأة للدفاع عن وجود "العائلة البروليتارية" أو المدرسة المهبة من إنحرافاتها... في ضل الشيوعية!). بيد إن ما لا شك فيه هو أن كل النضال الفعلي للبروليتاريا هو وقائع متضادة مع هه المؤسسات وتتصادم معها تحت كافة الأشكال. ففي جميع الثورات البروليتارية العميقة، نرى ظهور ليس فقط تعارضا لا هروب منه ضد هه المؤسسات كالكنائس والسجون، إنما أيضا ضد العائلة والمدارس... التي تجسد في جوهرها إعادة إنتاج كل من الملكية الخاصة والدولة في حين تهدف بنيتها إلى إعادة إنتاج الفرد المنتج للقيمة الفائضة والإبقاء على " الأبناء" كملكية عائلية وصيانة التقسيم حسب الجنس أو حسب العمر للعمل الضروري لإعادة إنتاج الإنضباط اللازم لإدامة الإستغلال ونظام الأجور... والخ. إن النضال ضد العائلة والمدرسة، السجون والكنائس مثلها مثل النضال ضد مراكز الرعاية الإجتماعية أو أية أصناف أخرى من مؤسسات الرأسمال، هو نضال أساسي لا ينفصل عن أي نضال شيوعي ضد ها المجتمع. إنه لمن غير الممكن أن نترك جانبا مشكلة كمشكلة النقابية لأننا سنصطدم بتا في كل النضال . ومن هنا فإن تأجيل الكلام عن النضال ضد المدرسة وضد العائلة... الخ.،إلى فترة لاحقة على التمرد يصب ضمن الثورة المضادة.

*

39 ح ــ لكن النضال البروليتاري هو وحده القادر على الإضطلاع بها النوع من النضال. وفقط في إطار تجمع نضالي حقيقي يستطيع البروليتاريون التوصل إلى وضع أسس التدمير والنقد الشيوعي للعائلة والمدرسة... مؤكدين ومحددين عبر لك مشروعهم الخاص. وإن أي بحث عن بدائل موضوعية في إطار المجتمع الرأسمالي لا بد أن يسقط بشكل محتم في الإصلاحية والإشتراكية البرجوازية، لأن البديل الحقيقي لكافة هه المؤسسات الإجتماعية كالعائلة والمدرسة... لا يمكن أن ينبثق إلا بتطور نقيضها في النمو أي من تأكيد الشيوعية بإعتبارها الحركة العامة لنقض مجموع المجتمع الحالي.

في ا النقص محققا بالفعل، من البديهي أن الشيوعيين المتميزين عن باقي البروليتاريين بإمتلاك منظور شمولي عن الحركة وأهدافها، في كل الجوانب العملية من النضال في مقدمة البروليتاريا، الشيوعيون إن يطورون بكل قواهم ها النقص الملموس ضد العائلة والمدرسة... والخ، لكنهم لا يتوهمون ولا لحظة واحدة إمكانية تدمير هه المؤسسات دون تدمير الملكية الخاصة الفعلية المنبثقة منها. وكما النزعة النسوية هي الجواب البرجوازي على "مسألة المرأة"، وإن المهب البيئي هو الجواب البرجوازي على مسألة شروط الحياة الإنسانية... فإن هناك مجموعة معقدة من الأجوبة البرجوازية على مسائل العائلة والمدرسة... وبين هه، نستطيع أن نشير إلى أيديولوجيات العائلة البديلة و"المعاشرة الحرة" والثورة على المستوى اليومي والمدارس "الحرة" أو البديلة... الخ. وكما بالنسبة للأحوال الأخرى ف'ن الأمر لا يتعلق فقط بمجرد بعثرة للنضال البروليتاري إنما هو التصفية العملية لها النضال على أساس مجموع من المشاريع الإصلاحية والأيديولوجيات التي تشترك جميعا في سعيها لتحسين إعادة إنتاج الحياة الضرورية لإدامة نظام الأجور.

وحدها البروليتاريا المتشكلة في طبقة، وفي حزب، كمجتمع إنساني مناقض لكل النظام السائد، تحمل الجنين الي، في تطوره وفي علاقاته الإنسانية، ينتج في مجرى النظام الشامل، نقض العائلة والمدرسة والأبوة والعلاقات التخصصية ... وإن التطور الفعلي لها النقيض سيجد أن كافة المشاريع الإصلاحية للمدرسة أو للعائلة هي عقبة يتوجب تدميرها لغرض ثورته عبر القضاء عليها نهائيا في مجرى ات الصيرورة التي تحطم الملكية الخاصة والمدرسة والعائلة وغيرها.

*

40 ــ إن العمل هو النقيض للنشاط والراحة واللة الإنسانية. فالعمل يجعل الإنسان غريبا عن اته وعن إنتاجه ونشاطه الخاص والنوع الإنساني، إنه ليس إلا النشاط المكبوت ضمن نطاق المجتمعات الطبقية والضرورة الخاصة بالطبقات الأخرى. إن الرأسمال بتحريره ــ أي بعزله ــ المستغلين، عن وسائطهم في الحياة والإنتاج وبتدميرها الأشكال الإنتاجية القديمة، فرضت العمل المأجور وعممت العمل الحر على مجموع الكوكب الأرضي، مقلصة الإنسان بها، وفي كل مكان، إلى مجرد مشتغل معب (مفردة"العمل" الفرنسية التي تعني "العمل" مشتقة من المفردة اللاتينية "تريباليوم" التي تعني أداة التعيب").

وفي العمل فإن البروليتاري محروم من إنتاجه بصفة مطلقة، ومستلب وغريب عن اته ومنفي عن جوهره في حياته وفي لته غريب بالنسبة لناتج نشاطه الخاص. فعلاوة على أنه ينفق عرقه ودمه وحياته في نشاطه حيث البؤس واللامعقول، فإنه مقطوع من الروابط المباشرة مع غيره من الكائنات الإنسانية ومقطوع كلك من حياته الجنسية الخاصة وعن الجنس الإنساني.

للك ففي النضال ضد لعمل، ضد النشاط الي يرغمون على أدائه وضد من يرغمهم عليه، يستطيع البروليتاريون، الانبثاق من جديد ككائنات إنسانية، وهكا، وعبر تعميم ها النضال، وما يترتب عن لك من ردع مجمل المجتمع، يضعون الأسس الأولى للمجتمع الشيوعي حيث يصبح النشاط الإنساني أخيرا إنسانيا ومن أجل الإنسان.

*

40أ ــ لقد جعل الرأسمال العمل بمثابة النشاط الي يخضع له الجميع (حيث لم يعد يعتبر الإنسان إنسانا لأنه كلك، إنما تبعا لـ "عمله في حياته" وهو ما يعني بالنسبة لها المجتمع :"المهنة" أو "العمل" ). ولا شيء أكثر إنسجاما بعدئ من أن ترى الأيديولوجيات البرجوازية جميعا، أن العمل هو جوهر الكائن الإنساني، وأن تجري إعادة إنتاج هه الأيديولوجية ليتحمل نتائجها ملآيين المواطنين الين يفقدون حياتهم يوميا "من أجل ضمان الربح لها".

وبإنسجام تام مع ها، فإن كل أيديولوجيات المجتمع الرأسمالي مستندة على التضحية ونكران الات وكبت كافة الإنفعالات والأحاسيس والمشاعر... وحيث يتطابق العمل مع التضحية، والتضحية مع الدين ( بما قي لك الين الماركسي ــ اللينيني للدولة!) لتبرير قمع كل تفجر للعواطف واللة الإنسانية الطبيعية والجسدية.

وهكا، فمن وعاظ اليسار والمتصدقين على البروليتاري الفقير، إلى دغمائي رجال الدين من كل صنف،نجدها تقترح جميعا "عالم الغيب" و"المجتمع القادم" أو الموت كتعويض وكميادين لتحقق الإنسان الي يجب عليه في "الحياة الحاضرة" أن يرزح تحت وطأة التضحية والتخلي عن كل متعة والقبول بقمع كل لة لديه.

*

41 ــ تحت هيمنة الرأسمال يجري التنكر لكل ما هو حيوي بما في لك الحياة نفسها التي لا تبدو أكثر من تضحية. والكائن الإنسان يبدو مفصولا عن جسده ومعزولا عن لته وعن طاقته الحيوية. قرن بعد قرن، بني الحضارة نفسها من اللحوم والأجساد.

أنها العمل والشرطة والعائلة والدين والمدرسة والتلفزيون والسجون والمستشفيات العقلية والنفسية... (وبإختصار الدولة) التي هي أكبر من مجرد السياق الي يعاد فيه إنتاج وتشويه وقتل إنسانية ها الي يجري الزعم بأنه كائن إنساني، إنها تعيد تشكيل (وهي جزء من) هه الأجساد المقموعة والمفصولة عن بعضها والمتعارضة فيها بينها التي تسمى بالكائنات الإنسانية. فتحت سيادة الرأسمال يصبح الكائن الإنساني عاجزا عن أن يحب الكائن الإنساني قط: إنما يحول الإنسان إلى عدو للإنسان ويهب هبه الأمر إلى حد قمع إنسانيته الخاصة وإنفعالاته الخاصة وطاقاته الاتية. إن المجتمع البضاعي يسعى إلى حرمان الناس من العلاقات فيما بينهم إلا عبر وساطة الأشياء وإلا بإعتبارهم يمتلكون الأشياء كملكية خاصة. كما أن الحياة الجنسية المستلبة كونيا والعجز عن اللة المعمم هي التجسد الملموس لغياب العلاقات الإنسانية الحقة كجسد وكشمولية.

فالكائنات الإنسانية لا تعيش حياتها الجنسية بشكل مباشر وعبر حياتها وطاقاتها، إنما عبر تشويه وحرف ه الوسائط وتحويلها إلى كتلة من البني والصور المثيرة المفروضة من قبل المجتمع، أي عبر تحويل هه الوسائط إلى أسلحة وأدوات وصور لم يعد فيها الإنسان إلا ئبا ينهش الإنسان.

لقد طور المجتمع البرجوازي مكوناته الخاصة عن طريق ألخصي اللازم للمواطن بشكل دائم وعن طريق القمع الحي الي يكفل تدمير طاقة الحياة لديه ويشوهها على الدوام. إن هه العملية تتمثل في تحويل كل ما هو جنسي إلى مجرد بضاعة، وحيث كل شيء يباع: وحتى الأعضاء الجنسية للرجل وفرج المرأة صارت تباع مصنوعة من البلاستيك...

إن كل انبثاق ثوري للبروليتاريا، وفي نفس الوقت الي سيجعل صروح الدولة البرجوازية موضع تهديد وتدمير، سيتعرض أيضا مجموع العلاقات الإنسانية للتهيج حيث تبدأ عندئ عملية النقد العملي الحق لتعميم تدمير اللة، ها التدمير الضروري يتاح للمجتمع البرجوازي مواصلة البقاء بشكل أقوى. لكن، بالمقابل، وفي كل إنتصار للثورة المضادة وفي كل مرحلة إنحسار للثورة فإن العزلة الفردية ودمار اللة الحقيقية سيخيمان بحضورهما.

وكما في الجوانب المركزية الأخرى في الثورة الشيوعية، فإن العدو المركزي للثورة هما الإصلاحية ومجموع الترميمات الصغيرة التي توضع موضع التطبيق من أجل أن يظل الأساسي باقيا هو. ولها فإن إيديولوجيات"المعاشرة الحرة" وحرية التبادل الجنسي وتحقيق اللة في مجمل المجتمع الرأسمالي، وحتى عندما تكون أكثر من مجرد وسائل دعائية لبيع شيء أو خدمة ما... فإن كل هه الإيديولوجيات ليس لها هدفا مركزيا سوى إعاقة وحرف تدمير الطاقة الثورية للبروليتاريا.

إن اللة الإنسانية الحقة لا علاقة لها بتاتا بهه الأمور الكاريكاتيرية البضاعية. وإن الشيوعية في تحققها التاريخي تحرر وتطلق كل ما هو كامن من ملات النوع الإنساني، وعبر قيامها بتدمير كل نوع من أنواع الإستعباد فإنها ستقيم مجتمعا تتطور فيه اللة الجسدية والجنسية، اللة الجنسية والشهوة، إلى مستويات لا يمكن حتى تخيلها اليوم، تتحقق فيها العلاقات الإنسانية الحقة وإنسانية الإنسان ويتحقق فيها النوع الإنساني اته.

*

42 ــ لقد أدى تطور التبادل إلى أحداث تصدعات ومتباعدات مضاعفة في نطاق النشاط الإنساني، ونتيجة للك، جرى وضع كل جانب من الجوانب المتعلقة بها النشاط تحت الصيرورة القبضة الأكثر تعسفا لقانون القيمة. ولقد هضم رأس المال هه الصيرورة بإحتوائه كل جزء من أجزاء الممارسة الإنسانية، عبر تملك كل ظاهرة خلاقة لدى الإنسان وحرفها لتخدم حاجته الخاصة في تحقيق التراكم. حيث عزل عملية الخلق عن باقي النشاط الإنساني بشكل نهائي، وقام بتعريف الفن كما لو كان الحقل الوحيد للتعبير والخلق والمكان والزمان الوحيدين لكل ما يمكن من المعاني، لأن الحياة نفسها لم تعد تملك أي معنى. أصبح الفن كحجرة للتنفس أو "مجبر" أو كجرح متقيح يتخلص النظام الرأسمالي عبره من عفونة الداخلية. إ أن الرأس المال لا يتردد في تشجيع النشر وعلى قول ورسم أي شيء مادامت هه المنتجات الفنية تظل مقتصرة على ميدان تمثيل ما هو معاشي وما هو مشاهد دون الهاب أبدا إلى حد تجاوز الحدود بغرض تحويل الحياة، وضمن هه الحدود، فإن تلك المنتجات ليست إلا بضاعة ككل البضائع.

إن الفن الشعبي والفن العبثي والفن "البروليتاري" وفرعه البائس المسمى بـ "العمالي"... ليست بالنسبة لنا سوى إقتراحات إصلاحية وديمقراطية مختلفة تهدف إلى إضافة بعض البهاء على الجوانب الأكثر بؤسا وفظاعة في الواقع البروليتاري بهدف جعل البروليتاريا تقبل البقاء كطبقة مستغلة ولك عبر عدم رؤية أية بديل للبؤس سوى البؤس نفسه.

إن وعلى العكس مما يدافع عنه جميع هؤلاء الإصلاحيين الجريين، فإن الإغتراب في الفن لا يقيم في كون الفن يقوم بتصوير تجريدي للبؤس (الفنانون اليساريون يسدون ها الفراغ بالتحديد!) إنما يقوم في كونه، وبصفته هه، كخلق مغرب وكاغتراب لعملية الخلق عصرا من عناصر الدولة البرجوازية يساهم في تقوية وإعادة إنتاج المجتمع الرأسمالي.

إن الثورة الشيوعية ستدمر الفن (بما في لك الفن البروليتاري) كإنتاج للمجتمع الطبقي وكنشاط للإنسان المجزأ والمصنف في ظل رأس المال. فالثورة الشيوعية ستحقق الطموحات الخلاقة للإنسان التي يزعم الفن أن يلبيها بشكل إستلابي.

ها التدمير البروليتاري للفن وبشكل أكثر شمولا، لها التقطيع لشتى الأنشطة في ظل الرأسمال، يجد اليوم بالات تعبيراته الجنينية في التخريب الخلاق (وهو تقليد عمالي قديم) لوسائط الهيمنة والإرهاب البرجوازي ، وفي تخريب كمائنه وفي تحويل أسلحته إلى غير إتجاهاتها، وفي الطرق المطورة للإفلات من رقابة الدولة أو تزويرها والتحايل عليها، وفي التغيب... وبشكل أوسع في كل إبتكارات المخيلة والخلق التي أثبتت عبقرية طبقتنا في مشروعها لتدمير ها العالم.

إن التمرد الثوري المعمم واقعا خلاقا بشكل عميق و"فنيا" وشعلة رائدة في ها التدمير الثوري للفن.

*

43 ــ إن البروليتاريا تعد بمجتمع بدون طبقات وبدون العنف الملازم للمجتمعات الطبقية. إ أن المجتمع الي تنبثق منه، هو بالنسبة لها مجتمع مستند على الإرهاب البرجوازي بغض النظر على هه الدرجة أو تلك من الإنفتاح (الإعتدال) التي تعتمدها البرجوازية في ممارسة دكتاتوريتها. فوحشية الثورة المضادة، والإرهاب الأبيض الحكومي و"شبه الحكومي" يرغم (ويعين) البروليتاريا على الرد على ها الإرهاب عبر العنف الثوري أو العنف الأحمر.

إن تنظيم ها العنف الي ينبثق تلقائيا من التربة اتها الخاصة بها المجتمع الإرهابي، والقرار بممارسته، هي عناصر حاسمة لتلافي المجازر المعممة ولتقليص واختصار آلام أنجاب المجتمع الجديد، لها السبب فإن الشيوعيين ليسوا فقط لا يعارضون ها العنف، إنما على العكس، يأخوا الرئاسة لقيادته. فالنزعة السلمية، أي تلك الرافضة للإرهاب بشكل عام ، وبنفس طريقة التمييز الاشتراكي الديمقراطي بين عنف الطبقة العاملة"بمجموعها" وفعاليات العنف"الفردية" أو التمييز بين"العنف" و "الإرهاب" ليست ولا يمكن أن تكون سوى ظاهرة وقحة من ظواهر الإيديولوجية المضادة للثورة.

*

43أــ بيد أنه إا كان صحيحا أن إدانة الإرهاب أو العنف العمالي (بالضرورة من فعل الأقلية في مراحله الأولى) هو ممارسة عامة لدى الإصلاحيين والثورة المضادة، فإن الاستنتاج بأن العنف أو العمل المسلح هو عمل ثوري باته، يشكل وهما أ, حماقة إيديولوجية هدفها الرئيسي عزل وتصفية القطاعات المقاتلة من البروليتاريا عبر جعلها تخدم مشروعا إصلاحيا وبرجوازيا. إ أن اعتبار العمل المسلح متضمنا باته إما قيما ثورية أو "سلوكا شاا" واعتبار الإرهاب حسنا أو سيئا وبشكل معزول عن البرنامج الطبقي الي يطوره، بشكل مستقل عن المشروع الاجتماعي المرفوع من قبل هه الطبقة التي لا بد أن تحدد شكل ها العنف ومضمونه الفعلي، كل لك ليس ألا منظورا أخلاقيا مماثلا للك الخاص بالقسس والمثاليين عشاق الدعوات الخيرية من كل الأنواع، منظورا يتعارض كليا مع المفهوم المادي للتاريخ ويمثل عقبة بوجه الممارسة الثورية. من المؤكد أن الثورة الإجتماعية ستكون عنيفة بالضرورة، إلا أن من السخف التام بالمقابل الزعم بأن العنف يقود بالضرورة إلى الثورة. إن الإصلاح والثورة لا يتميزان بشيء عبر إستخدام أو عدم إستخدام العنف، إنما بالتحديد عبر الممارسة الشاملة الموضوعة في خدمة أو ضد إعادة إنتاج النظام بصفة محسنة. فالبرجوازية ستخدم العمل المسلح في حروبها. وفصائل المعارضة الإصلاحية والقومية من كل صنف... قاموا على الدوام بإستخدام العنف أو العمل المسلح بهدف الدفاع عن مصالحهم الخاصة لأخ الدولة أو للمشاركة في توجيهها، أو لتغير شكلها، أو لغرض تغييرات في شكل أ,نوع التراكم الرأسمالي، تغييرات شتى تضمن لهم حصة أعلى من فائض القيمة... وهكا فمهما كانت مسلحة ومهما كانت"ثورية" في تأكيدات قادتها، فإن ها النضال لا يشكل بأي حال من الأحوال دعائم للثورة ضد الإصلاح. إنما هي على الأرجح بالمقابل دعائم للحرب الرأسمالية ضد البروليتاريا وضد الثورة.

*

43ب ــ إن فمن وجهة نظر البروليتاريا، إن من الوهم تصنيف نضال ما إجتماعيا لمجرد إستخدام السلاح فيه، كما أنه زعم باطل أيضا تصنيفه نضالا فكريا لمجرد إصدار منشورات وكتيبات أو لأن الأطراف المتناحرة تعقد إجتماعات وتصدر دوريات. بيد أن ها الخلط موجود في نطاق البروليتاريا ويلعب دورا مهما كلما برزت البروليتاريا على المسرح التاريخي. إن رفض البروليتاريا للإصلاحية وللسلمية، ها الرفض غير المتبلور في إتجاه ثوري حقيقي، ينزع هكا إلى المطابقة بين ما كل هو مسلح وعنفي وبين ما هو ثوري، وتقوم الإصلاحية بداهة بإستخدامه (مسلحة كانت أم لا). وما دامت البروليتاريا وطليعتها لم تتوصل بعد إلى مركزة قوتها وإلى تطوير فعالياتها وآفاقها وما دامت لم تتوصل بعد إلى تقديم الحل الثوري للمسألة العسكري، فإن ها النمط من الخلط وإستغلاله سيظلان ممكنين. علاوة على لك، ونظرا لتغاير أوضاع الإستغلال والنضال ومستويات الوعي... ونظرا أيضا للقطيعة الواسعة العضوية والنظرية التي عرفتها البروليتاريا في تاريخها الخاص (قطيعة ناتجة عن عقود لا إنقطاع فيها من الثورة المضادة المنتصرة)، ونظرا كلك لنشاط الرأسمال الهادف إلى مهاجمة البروليتاريا وإلى القضاء عليها "جزءا فجزءا" فإن من البديهي، في فترات قيام البروليتاريا بتأكيد نفسها، إن أقليات شديدة التباين ومتنافرة، ومنطوية على نقاط ضعف أيديولوجية ضخمة، هي التي وزعم ها الضعف، تضطلع بمجموعة من الفعاليات العنيفة، وهي التي تشق المجالات أمام تطور وتوسع النضال البروليتاري المقبل. وبمواجهة هه الفعاليات فإن أجهزة الدولة والمجموعات الإصلاحية المسلحة (المهيمن عليها أم لا) تستغل نقص المركزة والقيادة وجوانب الضعف الفكرية وغيرها الموجودة في نطاق تلك الأقليات للقيام فور لك بتحويلها إلى قوى تخدم في إصلاح النظام. إنها تسعى وغالبا ما تتوصل عبر لك إلى تشتيت هه الأقليات البروليتارية عبر فرض حرب"جهاز ضد جهاز". هه الأيديولوجيات المثالية في نزعتها العسكرية (أسطورة الفعل "النموجي" وتقديس "العنف باته" و"عصمة الجماهير" و"الدعاية المسلحة"...) تشكل واسطة أو "جسر" إنفصال هه الأقليات عن البروليتاريا وعن مصالحها ونضالها، حيث أنها تسمح عبر ها بشلل هه الأقليات في وعبر الحرب الرأسمالية، على قاعدة بعض المفاهيم (كالمفهوم القائل بـ "الحرب الشعبية الطويلة الأمد") التي هي على الصعيد المباشر، التخلي الكلي والكامل عن البرنامج التمردي البروليتاري.

*

43ج ــ إن هه التصفية للأقليات البروليتارية، وها الإستعمال وها الحرف للطاقة المنبثقة عن التفسخ الكارثي للمجتمع الرأسمالي وتحويلها لصالح الإبقاء عليه، هه الحروب المحلية التي تحول البروليتاريا إلى طعام للمدافع الإصلاحية من كل صنف، وإلى متفرج مسلم وإلى رأي عام لحرب "جهاز ضد جهاز"، كل ها يصبح مرة أخرى ممكنا بفعل عدم وجود قيادة ممركزة تستند على مجموع التجارب والبرنامج الشيوعي، القيادة التي تستطيع وحدها تكثيف ومركزة هه القوى المنبثقة من جديد وهه الأقليات البروليتارية في النضال ضد كامل رأس المال. لكن رأس المال، مع تطور الأزمة ورغم إهتمامه التكتيكي ببعثرة البروليتاريا وتفتيتها،مجبر على مجانسة سياسته (لا توجد إلا سياسة واحدة للأزمة وواحدة فقط هي رفع معدلات الإستغلال وقمع من يقاوم عبر كافة الوسائل)، الأمر الي ينتج شروطا موضوعيا تصب في صالح التجانس الأممي في الردود العمالية. وهه الحالة هي شرط ضروري ولازم إلا أنها لا تكفي لتحقيق الإنتصار.

لها، فإن الأمر يتعلق بمركزة هه القوى البروليتارية وبأعطائها نفس القيادة التي تعرف عمليا وبشكل خلاق أن تجمع سلاح النقد مع نقد السلاح وتعرف أيضا أن تجابه النزعة السلمية على كافة الأصعدة وأن تكافح الإصلاحية بجميع تعبيراتها. إن، إن هه القيادة ستنبثق ليس فقط ضد النزعة السلمية ورفض الإرهاب بشكل عام، إنما أيضا ضد الإصلاحية تحت كافة أشكالها وخصوصا ضد الإصلاحية المسلحة ولك لأنها، بإعتبارها بديلا "شديد الجرية" مكلفة بالتحديد بمهمة احتواء وتصفية البروليتاريين الأكثر صلابة في مجرى المقاومة وهؤلاء الين في قطيعة تامة مع الأحزاب والقوى التي تفرض رقابتها عليهم تقليديا.

*

44 ــ إن الحركة الشيوعية الحقيقية، بصفتها كائنا واعيا وبإعتبارها حزبا،تميزت في نضالها الطويل التاريخي عن جميع قوى وإيديولوجيات الثورة المضادة، ولك عبر تأكيدها بشكل واضح على الوحدة التي لا تنفصم بين دكتاتورية البروليتاريا وإلغاء العمل المأجور. إن تدمير علاقات الإنتاج الرأسمالية هو بالضرورة ممارسة إستبدادية (إستبدادية الحاجات الإنسانية ضد قانون القيمة) للقوة المنظمة والممركزة للبروليتاريا بغرض فرض هيمنتها الطبقية: الدولة البروليتارية العالمية، دولة بروليتاريا العالم، هي ليست بدولة حرة ولا بدولة شعبية ولا بإتحاد لمختلف الطبقات ولا بتجمع لـ "مختلف" شرائح الشعب. هه الدولة هي حصرا، دولة البروليتاريا المنظمة في حزبها. فهي لا تقام على أساس مصلحة الحرية، إنما على أساس ضرورة قمع جميع قوى الرجعية عبر الإرهاب الثوري. وإن مختلف التيارات بإسم معاداة التسلط بشكل عام، تنكر كل ضرورة للدولة العمالية أو تزعم إمكانية جعل هه الدولة المؤقتة دولة"حرة" و"شعبية"و "ديمقراطية" أو دولة تساهم فيها قوى غير بروليتارية، إن مختلف هه التيارات إن لا تساهم فقط في بث التشويش بين البروليتاريين إنما تخدم الثورة المضادة عمليا.

*

45 ــ إلا أن الدولة البروليتارية لا علاقة لها بالدولة البرجوازية الحالية ات الحكومة "العمالية"... فهدف نضال البروليتاريا هو ليس "أخ السلطة السياسية للدولة ووضعها في خدمتها"، لأن الدولة البرجوازية (مهما كان هؤلاء الين يقودونها) ستواصل وبشكل لا بد منه، إعادة إنتاج رأس المال . وإن كل محاولة لإستعمال الدولة البرجوازية لخدمة البروليتاريا هي وهم "رجعي" وواحدة من أفضل الطرق التي تستعملها الثورة المضادة لحرف التأثيرات التخريبية للتمرد العمالي ضد الدولة البرجوازية وضد طغيان القيمة المتطلعة إلى رفع قيمتها وعلى العكس من لك، فإن هدف نضال البروليتاريا هو تدمير وإلغاء الدولة البرجوازية وسلطتها الإقتصادية والإجتماعية وقلبها رأسا على عقب. فالدولة البرجوازية لا تتلاشى لوحدها ولن تتلاشى أبدا، للك من الضروري إلغائها وتدميرها عبر العنف، بشكل مصاحب لإلغاء دكتاتورية البضاعة والديمقراطية التي تنبثق عنها، والتي بالمقابل تعيد إنتاجها : وبالعكس ف'ن الدولة الوحيدة التي ستتلاشى لوحدها هي دولة البروليتاريا ("شبه الدولة") التي يقود تطورها وتعزز قوتها وتوسعها إلى تحطمها ضمن ات الصيرورة التي تقود إلى تصفية رأس المال.

*

46 ــ إن، فالثورة البروليتارية لا علاقة لها قطعا بإحتلال قيادة الدولة بهدف إنجاز "إصلاحات اجتماعية". فما تهدف له الثورة البروليتارية بالمقابل من وجهة نظرها الإجتماعية، ومن وجهة الضرورة الإجتماعية لتدمير السلطة بشكل كامل وكلي ( عسكرية وإقتصادية وإيديولوجية وسياسية...) هو إقامة المجتمع الشيوعي. إنها تنطلق من فصل الإنسان الفعلي عن كيانه الاجتماعي هادفة إلى إقامة جماعية حقيقية للإنسان : الكائن الإنساني. ومن البديهي أن الثورة الإجتماعية، وبالقدر الي تحقق قلب السلطة القائمة وتضع تدميرها وحلها كضرورة لها، تتضمن النضال السياسي. لكن وحيثما تبدأ نشاطها الاجتماعي التنظيمي، وحيثما ينبثق الهدف والمضمون الخاصين بتا، فإن الشيوعية تتخلص من غلافها السياسي.

لها السبب أيضا، فإن الثورة البروليتارية، ليست ممكنة التقليص إلى مجرد قضية اقتصادية لإدارة الإنتاج وللرقابة العمالية...الخ. فمن أجل أن تحقق الأنشطة التنظيمية للمجتمع حتى الشيوعية، فإن الثورة البروليتارية تتطلب على العكس التدمير العنيف لكل المؤسسات والأجهزة الخاصة بالثورة المضادة التي تؤمن وتضمن ديمومة دكتاتورية القيمة ضد الحاجات الإنسانية.

*

47 ــ التحريفية السياسية القائلة بأن البروليتاريا تحتل دولة المجتمع الرأسمالي لإصلاحها والتحريفية الإقتصادية القائلة بأن المشكلة تنحصر بإحتلال، ورقابة، وإدارة الإنتاج والتوزيع، تشكل في أكثر الأوقات، بإعتبارها تحريفات مترادفة،"نظرية" واحدة ومتكاملة. إن هه التحريفات تشكل بالأساس الإيديولوجيات المضادة للثورة، التي في اللحظات الحاسمة إستخدمت وتستخدم كعقبات قصوى في المحافظة على المجتمع الرأسمالي. لها السبب سيتوجب على البروليتاريا مجابهتها ودفنها.

*

48 ــ من البديهي جدا، أن على البروليتاريا إن قبل وأثناء كل الفترة الثورية أن تسيطر على وسائط الإنتاج (مصانع ومراكز وإتصالات ومناجم وحقول...) وأن تستخدمها لحاجاتها الخاصة (الأمر الي يؤدي عمليا إلى "إرباك" آليات رفع قيمة رأس المال ويتعين أصلا على طرق إعادة التوجيه الكلي للإنتاج والتوزيع على أسس أخرى) لكن ها النشاط كله يجب أن يكون هدفه المركزي الإنتصار المعمم الأممي للثورة وأن يرفض بشكل قاطع جميع الأوهام الهادفة إلى إدارة المجتمع بدون تدمير قوى الثورة المضادة المنظمة. من أجل لك، فإن المركزية، التنظيم الضروري الممكن إنجازه في أعلى صورته للبروليتاريا في حزبها أمر لا بد منه. وحده الحزب الشيوعي المتمسك بقوة ببرنامجه التاريخي يستطيع أن يتطور فعلا ممركزا ومتمركزا الي يمنع التبعثر المحلي والأوهام الإدارية والفدراليات (الإتحادات) الديمقراطية والتبادل بين وحدات الإنتاج المستقلة (مصدر الموقف الزاعم بوجود التضاد بين العمل الخاص والعمل الاجتماعي، الي في الحقيقة لا ينتج إلا إعادة التنظيم البضاعي) . إن الحزب الشيوعي وحده بنشاطه الممركز يعطي لجميع البروليتاريين قيادة واحدة ويضمن التكثيف الأقصى للقوى من أجل السحق الاجتماعي، الإقتصادي والسياسي للثورة المضادة.

*

49 ــ التمرد(الإنتفاضة) المسلح يشكل قفزة نوعية في النضال، لكن هه القفزة ليست في اتها إرادة غير قابلة للقلب الإنتفاضة المسلحة لحودها لا تدمر الدولة البرجوازية. فهه الأخيرة لا تدمر فعليا إلا عبر تصفية كافة الأسس التي تشكل ركائزها التحتانية، وها الأمر ليس ممكن على نطاق بلد واحد، أو حتى داخل جماعة من البلدان. لها السبب، في الحصون البروليتارية حيث سينتصر التمرد، سينبغي على البروليتاريا إستعمال السلطة التي ستمتلكها على ها الجزء من المجتمع الرأسمالي العالمي لإعادة السيطرة والإشتباك مع الرأس مال على جميع المجالات (السياسية،العسكرية،الدعائية،الإقتصادية...الخ)، وستضع مباشرة موضع الإستخدام جميع الوسائط الممكنة لتوجيه الإنتاج والتوزيع بشكل متوافق مع حاجاتها وضروراتها الطبقية، أي بالتوافق مع الحاجات والضرورات الإنسانية، وها يتطلب تدمير المجتمع البضائعي والعمل المأجور. لكن جميع هه الإجراءات ينبغي أن تكون خاضعة بشكل صارم للهدف المركزي مد الثورة على المستوى العالمي، عبر رفض كل وهم متعلق بإمكانية بناء وحدة (أو أكثر) "دولة عمالية" في قلب الإقتصاد العالمي المنتج للبضائع، أو، وهو الأسوأ، وهم بناء إشتراكية في بلد واحد أو مجموعة من البلدان، لها الغرض، إن المركزية والقيادة الفعلية للحركة الشيوعية لا بد أن تكون واحدة وعالمية. وإن أي مصالح إقليمية وقومية(البرجوازية دوما) يجب أن تجري مقاومتها بحسم، والقيام هكا بالإخضاع كل شيء إلى المصالح العامة للحركة. وحدها المركزية المحكمة والعضويةللبروليتاريا العالمية، المشكلة في كيان طبقي كحزب، وحين المعارك الإنتفاضية ستكون معززة برنامجيا، عدديا، تنظيميا، وعسكريا ستمكن مجابهة جميع محاولات الترميم.

*

50 الثورة البروليتارية لا يجمعها أي جامع من "الثورات" السياسية البرجوازية، لا في أهدافها ولا في مراحلها التوسطية، إلا بداهة في إستعمال الأسلحة.

*"الثورات" البرجوازية ينبغي عليها أن تغير أفراد الحكومي أو شكل الدولة القومية بشكل آخر. على العكس من لك يتوجب على الثورة البروليتارية، تدمير الدولة القومية كما عليها تصفية كل أمة ووطن

*"الثورات" البرجوازية تجري بإسم سعادة الشعب وتعيد إنتاج العبودية المأجورة للقسم الأعظم من المجتمع، إنها ستعمل عبارة الاجتماعي من أجل أن تواصل بشكل أفضل نواياها السياسية الضيقة. إنها ستعمل الخطاب الكوني من أجل تأكيد المصالح الخاصة للأقلية. الثورة البروليتارية بالمقابل مهما تكن محلية من حيث نقطة إنطلاقها، ومهما كانت أقلية الجزء البروليتاري الي يباشر النضال، ومهما كانت فقيرة ومحددة سياسيا لغتها... فإنها تمتلك باتها مضمونا إجتماعيا كونيا

*"الثورات" البرجوازية تستند على الديمقراطية وعلى حقوق المواطنين، نظرا لأنها تنطلق من حاجة إحدى الفصائل البرجوازية إلى تخلي مؤقتا عن كونه حلقة منفصلة عن الكائن الجماعي للرأسمال، عن الدولة، ويطعم عندئ، أما على فرض الرقابة عليها أو إلى تقاسم السلطة السياسية في إطارها الديمقراطي. الثورة البروليتارية تنطلق من حقيقة مختلفة كليا نظرا لأن الكائن الجماعي المفصول عنه العامل هو كائن جماعي لواقع ومضمون مختلف جدا عن المجموع السياسي، ها الكائن الإجتماعي، ها المجموع الي (العامل) مفصول عنه عبر عمله الخاص، هو الحياة اتها، الكائن الإنساني. الثورة البروليتارية لا تطمح إا إلى تقاسم السلطة ديمقراطيا إنما على العكس تنبثق من الضرورة القصوى لتصفية هه السلطة، هه الديمقراطية، وكل ما يفصل البروليتاريا عن إنسانيتها، عن وجودها الجماعي "الكائن الإنساني هو الإنسانية الإجتماعية الحقيقية للإنسان".

*

51 ــ كخاتمة، يبدو ضروريا هنا الإشارة إلى الضرورة الحاسمة للحزب الشيوعي. إن البروليتاريا لا توجد كطبقة وقوة تاريخية من دون تشكيلتها الحزبية.

فاليوم، المطالبة بالحزب تعني في نفس الوقت إسترجاع وإستحوا المفهوم الأصلي الثابت له، والقطيعة مع جميع الديمقراطيين عبر التشديد على واقع أن هه القضية المركزية للبرنامج ليست مشكلة معزولة، وأن الطبقة والحزب ليس بكيانين تاريخيين منفصلين عن بعضهما لكي يدخلا بعدئ في علاقة، إنما هما على العكس، تعبيران عن ات ونفس الكائن التاريخي: الشيوعية.

إن التحديدات الجوهرية للحزب لا تستطيع إن أن تفهم إنطلاقا من حقائق طارئة أو ضرورات عابرة بدون الوقوع بشكل لا مفر منه في مفاهيم آنوية جاهزة (لينينية أو ضد لينينية) تحدد بشكل جامد"الطبقة" من جهة(كما لو أن هه تستطيع أن تحدد بدون تشكلها في حرب) ومن جهة أخرى"الحزب" (محدد عموما بعبارات حتمية الوجوب المثالي) للقيام بعدئ بمحاولة التوفيق بين المفهومين، أي القيام بـ "ربط" ما كان قد جرى فصله آيديولوجيا.الإستقطابات في داخل ها المفهوم الديمقراطي ـ المثالي تتحرك بعدئ في البحث عن تحديدات، عن مفاهيم للتعبير عن "علاقات" بين "الطبقة" و "الحزب". فإن التحديدات التاريخية الأساسية للحزب لا يجمعها أي جامع مع وجود هه الزمرة أو تلك التي تعلن نفسها "حزبا" أو التي تزعم الإمساك بـ "الوعي"، كما لا يجمعها جامع مع عملية الإضافة (الحسابية) الإقتصادية ــ السوسيولوجية للبروليتاريين. على الضد، أن الحزب بالنسبة لنا هو الشيوعية المشكلة في قوة ممركزة أميا إن ها هو في نفس الوقت الشرط اللازم لأر ساء المجتمع الشيوعي والكيان الي يمثله في الحياة.

*

52 ــ إن الحزب الشيوعي هو منظمة الطبقة الثورية الحاملة للشيوعية. وتحديداتها الجوهري هي التي تجعل من البروليتاريا طبقة: تنظيمية مركزية وقيادة تاريخية واحدة . بدون تأكيد الحزب حتى بهيئة جنينية لا توجد البروليتاريا. "الطبقة العاملة هي ثورية أو لا توجد". لكن كل هه الصيرورة للإنتظام في حزب، غير ممكن إلا بفضل عمل نضالي طويل وضروري للتأكيد البرنامجي، والممارسة المترتبة والتحضيرات الثورية المبولة من قبل الشيوعيين. واضح أن الحزب (تماما كالثورات) لم يخترع أو يخلق من قبل الثوريين، إن الحزب هو النتاج الضروري والإرادي للمجتمع الرأسمالي نفسه، لكن هه الضرورة التاريخية لا تصبح ملموسة بين ليلة وضحاها كوجود تام وكامل للحزب العالمي. الحزب ينبثق بصورة لا إرادية بالقدر الي يتطور حتميا على أرضية كيان إجتماعي موضوعي ي مصالح وأهداف معينة، وجودا جماعيا حقيقيا من النضال البروليتاري. ها الواقع الي لا مفر منه، لا يمكن أن يتجسد إلا عندما، في إطار ها الكيان اته، تتأكد فيه الشيوعية كبرنامج وكقيادة في آن واحد، مثلا هكاالكيان الأممي للقيادة الثورية. لك يعني أن ها التحديد التاريخي لا يصبح ملموسا متميزا في فعل واع، إرادي ومنظم إلا عندما تقوم أقلية من المناضلين الثوريين الملتزمين والمنظمين بشكل متين "الشيوعيين" بالمعنى اته الي يعبر عنه بيان الحزب الشيوعي بتأكيد البرنامج التاريخي البروليتاري وتضطلع ليس فقط بالمهمة الضرورية التي لا بد منها للقيادة فيما يتعلق بأهداف الحركة (كمخطط لحياة النوع الإنساني) بل تضطلع أيضا بالوسائط الإستراتجية والتكتيكية من أجل إنتصار هه الأهداف. الثورات والحزب لا يخلقان. إن وظيفة الثوريين هي قيادة الثورات والحزب. هه الأقلية من الشيوعيين التي هي نتاج ضروري وعفوي (بالمعنى التاريخي وليس الآني لهه الكلمة) لإنتظام البروليتاريا في قوة وحيدة وممركزة في نفس الوقت، المحور الي تتحقق حوله عملية القلب بالممارسة بما يسمح بالعبور من مجرد موضوع لهه التلقائية إلى ات واعية للثورة القادمة.

*

53 ــ لها السبب لا يشكل الشيوعيون حزبا على وحدة بمواجهة جمعيات بروليتارية أخرى وبالأحرى لا لتنظيم البروليتاريا. ولا يملكون مصالح متميزة تفصلهم عن باقي البروليتاريا. الشيوعيون لا يتميزون عن البروليتاريين الآخرين في ها المجتمع النضالي الي يشكلون هم أنفسهم جزءا منه، إلا بالقدر الي، من جهة، يقومون بإبراز وتوكيد أولوية المصالح المشتركة لمجموع البروليتاريا في مختلف النضال، بغض النظر عن القومية (إن تاريخ الأممية كان نضالا مستمرا للمجلس العام ضد الفروع القومية)، ومن جهة أخرى، وبالقدر الي يمثلون بثبات وفي مختلف المراحل التي يجتازها النضال بين البروليتاريا والبرجوازية، مصالح الحركة الشيوعية بمجموعها. عمليا، إن الشيوعيين هم الفصيلة الأكثر تصميما ضمن مجموع المناضلين البروليتاريين في كافة البلدان، إنهم العنصر الي يدفع القطاعات الأخرى أكثر فأكثر إلى الأمام، ونظريا لهم على باقي البروليتاريا ميزة الفهم الواضح للشروط والمجرى والأهداف العامة للحركة البروليتارية. إن المنظمة المتميزة للشيوعيين لا علاقة لها مع لك بتشكيل حزب منعزل، إنما على العكس هي التوكيد، العملي للنزوع العام للبروليتاريا المشكلة في حزب لإعطاء نفسها كيانا مركزيا.

من البديهي أن ها المفهوم للحزب ولنشاط الشيوعيين يتعارض جريا وكليا مع كامل الإيديولوجيات الديمقراطية التي من بينها ما يستحق الكر هنا

*النظرية القائلة بأن الشيوعيين هم مالكو وحاملو الوعي.

* نظرية(ضد الإستبدال) القائلة بأن الشيوعيين لا يجب عليهم الإضطلاع بالمهام العملية في إطار الحركة(تنظيم وقيادة النشاط).

* وأخيرا، جميع النظريات التي تتبنى بشكل أو بآخر، حل المنظمة المميزة للشيوعيين في الهيئات والمجالس العمالية.

*

54 ــ في الفترة الحالية،فترة تنامي الأزمة الإقتصادية، الإجتماعية والسياسية لرأس المال على المستوى العالمي وعودة الإنبثاقات غير المنتظمة والعسيرة للبروليتاريا على المستوى العالمي، في هه الحالة إن، يتأكد النزوع إلى التنظيم العالمي للبروليتاريا. لكن إا كان ها النزوع موجودا فعلا، فإنه لا يستطيع إلا بصعوبة هائلة أن يؤكد نفسه، صعوبة ناتجة عن الثورة المضادة اللا منقطعة من عدة عقود، المتصدعة بالإنفجارات الكبيرة التي ستتكرر كل مرة أكثر فأكثر.هه الفترة هي أيضا الفترة التي لا تشكل فيها المجموعات المنظمة بوعي وإرادة على أساس تأكيد البرنامج الشيوعي، إلا أقلية جدا ضئيلة. هه الفترة هي إضافة لتلك الفترة التي تبرز فيها العلاقات ألا سياسية الخاصة بالمراحل العصبوية التي تسبق مراحل التأكيد الفعلي للبروليتاريا. فترة يكون فيها مجموع النضال البروليتاري على المستوى العالمي ضد الرأس المال غير واع بعد لأهدافه إلا بالقدر الي يوجد النشاط المنجز من قبل بعض النوتات من المناضلين الشيوعيين المبعثرين بعد في مختلف أنحاء العالم.

إن عمل التنظيم والمركزية لها المجموع النضالي سيضل هو العمل الحاسم والمركزي الي يسمح بنشاط الطليعة الفعلية للطبقة على مستوى أممي أن يصبح واعيا لقوته وأهدافه وآفاقه الخاصة. ها النزوع للتنظيم العالمي للبروليتاريا، لحد تأكيدها البرنامجي وتمركزها العضوي يجابه وسيجابه بالكثير من العنف جميع قوى وأيديولوجيات الثورة المضادة التي بيناها، ولو جزئيا في هه الأطروحات، لكن مع الإهتمام بإبراز جوهرها المشترك. ها النزوع سيجابه بشكل خاص جميع "حاملي ومستوردي الوعي للطبقة" وكلك مع كل خالق الأحزاب والأميات التي تعبر أن "الشروط الموضوعية" ناضجة وأنه يكفي توفر عامل "وعي وإرادة" لإنشاء "الحزب" و"الأممية" والين يتصرفون عمليا في تضاد صارخ مع جماعية نضال البروليتاريا الثوري.

*

55 ــ بالفعل، فرغم كوننا نعيش مرحلة التكوين الجنيني للبروليتاريا (فترة هيمنة الشيوع) ورغم اللا كافيات، الثغرات، التجارب الجزئية والجهل بمنجزات الفصائل الشيوعية، فإننا نحس اليوم في كل مكان من العالم وإن بشكل الجنيني، ضرورة وجود مركزية أممية، ضرورة بناء طليعة عالمية وأممية شيوعية. بمواجهة ها يتطور مرة أخرى مجموع من ألإيديولوجيات التي كما نراها اليوم، تشكل العقبة الرئيسية أمام هه النزوع. إنه يبدو مهما بدرجة أولى أن نميز أنفسنا عن كل ما تعتبر"الأممية" القادمة كما لو كانت تجمعا من الأحزاب القومية أو المحلية الموجودة مسبقا، وعلى نفس المسار نلتقي بسلسلة كاملة من "خالقي الأميات" التي، بشكل عام، لا تمتلك أي علاقة مع جماعية النضال البروليتاري الأممي الفعلي، والي في النقاشات النظرية اللا منتهية تتخيل مجموعة من المبادئ الصورية التي تنزع إلى أن تجعل الحركة ملصوقة بتا، بل تهب إلى تصور مجموعة من الأعراف الإيديولوجية (الأسفار المقدسة) التي تشكل حسب رأيهم ضمانا ضد الإنحرافات.

إن المنظمة، النابعة من الطبقة العاملة والتي ستخدم الثورة الإجتماعية لا يمكن أبدا أن تنظم على هه الأسس.

يشكل ها مسارا كلاسيكيا للتنظيمات الإيديولوجية الرأسمالية بداء بالكنائس حتى الأحزاب البرجوازية. إن كل خالقي الأميات هؤلاء يتابعون بشكل أو بآخر الخط التاريخي للأممية الثانية ومركزها الرسمي.

المنظمة العالمية للبروليتاريا ستكون الناتج التاريخي (وليس الآني) للتنظيم ومركزية جماعية النضال ضد الرأسمال، خارج وضد جميع هؤلاء الين يزعمون تكيف الحركة عبر إطلاقهم من أعلى منصات خطاباتهم مجموعة من المبادئ الإيديولوجية. إن النموج المسبق الفعلي للحزب العالمي المقبل، موجود اليوم في النشاط الواقعي لفصائل لا تزال غير ممركزة للأقليات البروليتارية، والتي في مجرى النضال الفعلي وعبر قطيعتها المتلاحقة توجد في الحزب والخط التاريخي للبرنامج الشيوعي غير القابل للتغير.

*

56 ــ أن مجموعتنا الصغيرة هي تعبير عن ها التجمع النضالي للبروليتاريا، وهي شعاع من ها النزوع لإعادة إمتلاك برنامجي لكل التجربة الملموسة المتراكمة من قبل البروليتاريا العالمية، وتعبير عن إعادة تشكيلتها الأممية وتمركزها العالمي.

بعبارات ملموسة، إنها نتاج مركزة مجموع المتضادات والقطائع والتجارب النضالية وموازنة الإخفاقات، المحققة من قبل مختلف الرفاق من شتى المناطق، والمحولة، على أساس النظرية الشيوعية وعلى أساس التجربة المتراكمة من قبل أجيال الثوريين في العالم أجمع وعلى أساس عمل جماعي منظم وواع، إلى قوة حية وفعالة للمركزية الأممية للبروليتاريا. وبصفتها هه، فإن الفصيلة الشيوعية العالميةتتصرف بشكل واع وإرادي على أساس البرنامج الشيوعي الثابت والي تمثل الأطروحات المعروضة هنا احد تعايره، هه المهمة التاريخية الضخمة، التي تتمثل في الإضطلاع بشكل واع وإرادي بالتحديدات المادي التي تساهم في تطور تجمع النضال البروليتاري والتي تشكل المقدمات اللازمة للحزب وللثورة المقبلة، سيكون نتاج العمل الجماعي لآلف العناصر الثورية. هه المهمة بدأ الإضطلاع بتا، اليوم بالات مناضلون ومجموعات ثورية في مختلف أنحاء العالم. ونظرا للشروط التي ينبثق فيها تجمع العمل الثوري ها، بعد عقود من الثورة المضادة، ينتج اليوم بشكل أكثر بداهة في أي وقت مضى إن ها هو تجمع عملي لحاجات ومصالح البروليتاريين، مؤكدة ومنتجة من الصدام ضد رأس مال ومتبلورة في نشاط الأقليات الطليعية قبل أن تصبح تجمعا للوعي (حتى فيما يتعلق بهه الأقليات). إن تنظيم ومركزية ها التجمع التي تنبثق على أساس تنسيق العمل ضد رأس المال(عمل يتطور في اليوم أصلا تحت أشكال لا تزال غير منتظمة) سيناقض الضرورة جميع معايير التمايز (وضع الحدود) الإيديولوجية. إن تنظيم ومركزة ها التجمع ستكون تمايزا عمليا جديا على مستوى النضال. وفي إطار ها التجمع نفسه بتطوير وتثبيت التباينات النظرية في كل مجموعة من المناضلين الين يسعون من أجل قيادة هه الصيرورة( حتى في إطار فصيلتنا الخاصة أيضا) فإن الخلافات حتى المهمة من تظهر وستظهر بصورة حتمية. لكن الشكل الوحيد لحلها سيكون في داخل ها التجمع نفسه، بإعتباره المجال السياسي الوحيد الي يجري التناقش فيه بين الرفاق.

*

57 ــ إن الموقف اليوم في الخط التاريخي للحزب ( الواضح بالقدر الي تسمح هبه قوانا الضعيفة) يعني العمل كعناصر أكثر تصميما من أجل تقدم حركة البروليتاريا إلى الأمام.

الموقف اليوم في الخط التاريخي للحزب، يعني التصرف أكثر ما يمكن من المسؤولية في إطار تمركز النضال الفعلي ضد الرأسمال من أجل محاولة جعله واعيا لوجوده الخاص لقوته وفاقهن ومن أجل محاولة تنظيمه وقيادته.

الموقف اليوم في الخط التاريخي يعني، مع نفس الحزم القاطع والي يشتبك مع العدو، مهما كانت صيغته المتنوعة (وضمنه الإنتهازية والوسطية) والوقوف متضامنا مع جميع البروليتاريا المنخرطة في النضال ضد الرأسمال في كافة أنحاء العالم.

الموقف اليوم في الخط التاريخي للحزب يعني، مواصلة العمل التاريخي الي بدأته الفصائل الشيوعية ومواصلة حصيلة التجارب والهزائم المنصرمة ويعني العمل على إعداد الكيانات الثورية.

الموقف اليوم في الخط التاريخي للحزب، هو إدراك أن مجموعتنا وكلك كافة المجموعات الثورية الأخرى الموجودة في العالم، هي تعبير وبنية ضرورية لا غنى عنها لتشكيل الحزب. لكن ها التعبير هو ليس الحزب اته. ففي تطور الحزب، مأخوا في مداه التاريخي، إن فصيلتنا، كالمجموعات العديدة الأخرى، ليست أكثر من فصول وقتية عابرة في حياة الحزب، وفي محاولاته لتشكيل بنية قيادية أممية.

وكما كانت رابطة الشيوعيين والأممية الأولى فصولا(لا غنى عنها!) في حياة الحزب، فإن عملنا وإرادتنا موجهة صراحة وبشكل واع في إتجاه تجاوز الشكل الحالي الضيق حتى إا كان ها يشكل بلا أدنى شك حلقة وسيطة لا غنى عنها من أجل تجاوز ها الوضع. فإن الحديث عن الحزب التاريخي، دون تقديم شيء ودون الإضطلاع بها العمل الصغير، هو بالضرورة مثالية ورجعية. لكن يجب أن يكون واضحا للكل هنا: إن وجودنا كفصيلة، ليست هدفا إنما هي بالتحديد واسطة لتجاوزها، إن ها أمر أساسي وقاطع.

*

58 ــ على أساس هه الأطروحات المسجلة هنا، ندعو جميع المناضلين والمجموعات الثورية إلى مركزة جهودهم مع جهودنا في النضال نحو دكتاتورية البروليتاريا لإلغاء العمل المأجور. في داخل التجمع النضالي الي نعتبر أنفسنا جزءا معينا منه لا يتعلق الأمر بإضافة نقاط الإختلافات والإتفاقات الإيديولوجية، إنما السعي بالتحديد إلى تنسيق فعلي للممارسة المشتركة التي نحققها فعلا والتي ستعزز عبر ها التنسيق. إن الأمر لا يتعلق أيضا بحل كل واحد من جهته الثغرات ونقاط الضعف التي عندنا جميعا، وهو أمر مستحيل، لكنه على العكس تماما، بناء ومركزة الممارسة المشتركة التي توحدنا والتي تشكل الإطار الملائم للنقاش النضالي ألرفاقي، الإطار الملائم لحل المشاكل الكبيرة التي توجد بيننا. أيها الرفاق، إنه في مجرى الممارسة الثورية المترتبة وفي الرد على كل مستويات وعلى كل الأصعدة على هجمات الرأسمال ستبنى القيادة الثورية التي نحتاجها. أن "الثورات" التي تقوم إيديولوجياتها الخاصة كل مرة بموجب مبادئ تنوي بمساعدتها تغيير إتجاه الحركة. هه"الثورات" لا علاقة لها قطعا مع الثورة الشيوعية المنبثقة من الضرورة الأكثر واقعية والأكثر عمقا للإنسان الفعلي الملموس، للبروليتاريا المؤكدة على مصالحها والتي تنطلق إلى حياة إنسانية حقيقية. فإن الثورة التي نناضل من أجلها هي وستكون في قطيعة كلية مع أية إيديولوجية، مع أي علم، مع أي فكر حتى الي يدعي التقدم.

أيها الرفاق، إننا نضطلع بما نحن عليه فعليا ولها إنبثقنا. إننا نضطلع بالممارسة الثورية المترتبة على الشيوعية والحزب الشيوعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق