الخميس، 18 أغسطس 2011
جرثومة رأسمالية (اميركية؟) جديدة تضرب موسما زراعيا آخر في اوروبا
جورج حداد
الحوار المتمدن - العدد: 3390 - 2011 / 6 / 8
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
جرثومة رأسمالية (اميركية؟) جديدة تضرب موسما زراعيا آخر في اوروبا
صوفيا ـ جورج حداد*
افاد الخبراء المختصون ان المضادات الحيوية لا تقتل جرثومة (اي. كولي) التي اكتشفت مؤخرا في الخضراوات في المانيا، وانها ذات مناعة استثنائية ضد المضادات الحيوية. وهذا ما أكده علماء البيولوجيا الجرثومية في المستشفى الجامعي في مدينة هامبورغ، كما نقلت عنهم وكالات الانباء العالمية. وحتى الان لم يستطع الاختصاصيون ان يكتشفوا لماذا لا تتأثر هذه الجرثومة بالادوية، علما انه يجري الحديث عن نوع جديد أعطي رقما مختبريا هو: 0104:Н4. وتتميز هذه الجرثومة بأنها تلتصق بجدار الامعاء وتطلق انواعا من السموم تتسبب بالاسهال، والسكتة الدماغية، وانهيار الكليتين. وحسب رأي علماء البيولوجيا الجرثومية في اميركا حيث وقعت 3 اصابات بالعدوى، فإن العلاج بالمضادات الحيوية هو خاطئ، لانه ليس فقط لا يفيد بل انه يضر.
وفي حين يتابع العلماء البحث عن سبب هذا الوباء الجديد، فإن الوباء يشق طريقه في 11 بلدا اوروبيا واميركا (حتى الان). وقد وقعت الاصابات الاكبر عددا في المانيا، حيث بلغ عدد حالات الوفاة 17 حالة، وبلغ مجمل الاصابات 1750 اصابة. وبما ان المرض يترافق مع نزيف دموي، فإن المصحات الالمانية وجهت نداءات للتبرع بالدم.
وبالرغم من عدم معرفة السبب المباشر لانتقال الجرثومة القاتلة، فإن برلين حذرت السكان من تناول الخضراوات النيئة ـ الخيار والخس والبندورة. وحتى الان فإن العدوى بالجرثومة 0104:Н4 هي الاخطر منذ تسعينات القرن الماضي. وهي اكبر بكثير من العدوى التي وقعت في 1993 حينما تسبب تناول الهمبرغر بوفاة 4 اشخاص واصابة 700 شخص اخرين، حسبما يقول خبير الاغذية الدكتور روبرت توكس.
XXX
وبالاضافة الى الآثار الصحية لهذه العدوى، هناك ايضا الاثار الاقتصادية على الموسم الزراعي المعين وكل الدورة التجارية والاقتصادية والمالية المرتبطة به.
في البدء اعلنت المانيا انها تشك في ان العدوى انتقلت اليها من الخيار الاسباني. ولكنه لم يتم تقديم البراهين على ذلك. الا ان مجرد التصريح بهذه الشكوك وجه ضربة الى المزارعين الاسبان، وطالبت مدريد بتعويضات عن خسائر مقدارها 200 مليون يورو اسبوعيا.
وقد احتجت اللجنة الاوروبية (شبه الحكومة الاوروبية الموحدة) بشدة على قرار روسيا بمنع استيراد الخضار من بلدان الاتحاد الاوروبي. وقالت بروكسل ان القرار "غير متناسب"، وطالبت بسحبه فورا، واشارت انه يتعارض مع القواعد المتبعة في منظمة التجارة العالمية، التي تسعى روسيا للانضمام اليها. ووعد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بأن يتحقق من قانونية قرار المنع، الا انه اضاف "انه لن يسمح بتسميم المواطنين الروس بسبب طلب الانضمام الى منظمة التجارة العالمية".
واعلنت قطر منع استيراد الخضراوات من اسبانيا والمانيا. اما روسيا ولبنان فمنعا الاستيراد من دول الاتحاد الاوروبي. واما الامارات العربية المتحدة فمنعت استيراد الخيار من اسبانيا، المانيا، الدانمارك وهولندا.
XXX
وفي الوقت نفسه طرحت فكرة ان سبب العدوى ربما يكون ناتجا عن "هجوم بسلاح بيولوجي". وقد طرح هذه الفرضية المخيفة عالم الفيروسات البرليني كلاوس ـ ديتر تساشتو الذي يعمل في المجمع الطبي المشهور "فيفانتيس".
وقال هذا الخبير " ليس من المستبعد ان احد فاقدي الضمير قال لنفسه انني سوف اتسبب بموت عدة افراد، ولماذا لا اتسبب بالاصابة بالديزنطيريا لـ10000 شخص؟ لا يمكننا ان نقلل من شأن مثل هذا التفكير الاجرامي". ومن الممكن جدا ان الجرثومة الخطيرة قد جرى ايجادها من قبل ارهابيين في ظروف مخبرية.
وتستند هذه الفكرة الى واقع ان الامر يتعلق بنوع جديد معدل الجينات من جرثومة (اي.كولي). وحسب رأي الدكتور تساشتو ينبغي البحث عن مصدر العدوى المميتة في مطاعم مواقف السيارات على الاوتوبانات وفي المطارات (وفي ذلك تلميح واضح ان "الاجانب" هم الذين نقلوا العدوى). وانتقد هذا الخبير بشدة التسرع في الاعلان ان مصدر العدوى هو من الخيار. وهكذا جرى تنويم الاهتمام بالبحث عن السبب الحقيقي. والواقع انه تم اكتشاف جرثومة اي. كولي في اربع خيارات اسبانية، ولكن ليس من النوع الخطر. ولكن قبل التأكد من اين تأتي العدوى، فإن السلطات الصحية تنصح المواطنين بأن يمتنعوا عن تناول الخضار النيئة.
وقد جرى تنبيه المنتجين والتجار في بريطانيا بأن اعمالهم ربما تكون مهددة من قبل مجموعات ايديولوجية او سياسية، تريد ان توقع الضحايا والهلع عن طريق العدوى بواسطة الاغذية. واعلنت جريدة "صانداي تايمز" ان مركز الدفاع عن البنية التحتية الوطنية، الذي يعمل كجزء من الاجهزة السرية، طلب من منتجي الاغذية والمشروبات، والتجار والسوبرماركيتات ان يشددوا تدابير الامن في المعامل والمستودعات.
XXX
بعد وباء "جنون البقر" ثم "انفلونزا الطيور"، ها هو ثالث وباء يصيب اوروبا ويهدد العالم، خلال سنوات قليلة.
فهل هذا محض صدفة، او قضاء وقدرا. ام ان هناك فعل فاعل؟!
يجمع الخبراء الفنيون انفسهم ان هذا الحدث وامثاله ليس صدفة او قضاء وقدرا. بل ويذهب بعضهم الى طرح احتمال الفعل الجرمي، من قبل معتوه حاقد او حتى من قبل مجموعة ارهابية. وتبقى خطوة واحدة كي تقوم بعض السلطات باتهام "الارهاب العربي ـ الاسلامي" لتبرير حملات التمييز العنصري ضد الجاليات العربية والاسلامية في البلدان الاوروبية والاميركية، ولتبرير الحروب العدوانية ضد البلدان العربية والاسلامية.
تجاه ذلك نجد، من جهتنا، انه من الضروري طرح الملاحظات والاحتمالات التالية:
ـ1ـ ان تكرار هذه الاحداث المأساوية يؤكد انها صفة ملازمة لاسلوب الانتاج الرأسمالي. ومنذ القرن التاسع عشر استنتج كارل ماركس ان الرأسمالية باستغلالها للطبقة العاملة والجماهير الكادحة لا تسيء فقط الى الكائن الانساني والعلاقات الاجتماعية الانسانية، بل وتسيء الى الطبيعة وتشوهها وتدمرها. وهذا يعني ان وجود الرأسمالية، وان كان ظاهرة "ضرورية" في تاريخ العملية الانتاجية، الا انها ظاهرة معادية للطبيعة الانسانية بشكل خاص، ومعادية للطبيعة بشكل عام.
ـ2ـ في ابسط الاحتمالات يمكن ان يعود مثل هذا الحدث الى الاهمال الجرمي، غير المقصود، اي عدم اتخاذ الاحتياطات الصحية والعلمية والامنية الضرورية، بدافع الجهل وتوفير النفقات واجور المختصين الضروريين.
ـ3ـ ولا يستبعد ايضا احتمال الاهمال المقصود، من قبل بعض الموظفين الحاقدين لاي سبب كان.
ـ4ـ ومن اخطر الاحتمالات هو احتمال خروج الجرثومة من بعض المختبرات العلمية، بعد تعديل جيناتها كي تقاوم المضادات الحيوية، كما ذكر احد الخبراء، لاستخدامها كـ"سلاح بيولوجي"، اي كأحد الاسلحة الجرثومية وهي من اسلحة الدمار الشامل التي هناك شبه اجماع على تحريمها دوليا.
ـ5ـ ان المضاربات، وحرب الاسعار، وتشويه السمعة، والايذاء، والقتل، والتخريب والحرائق الخ، وصولا حتى الى شن الحروب، بين الافراد والمؤسسات والشركات والدول، هي بعض اشكال "المزاحمة" الرأسمالية، منذ ان وجدت الرأسمالية، سواء كانت دكتاتورية او "دمقراطية".
ـ6ـ ان الرأسمالية "طلقت بالثلاث" ومنذ زمن بعيد، ولا سيما في مرحلتها الامبريالية، جميع القيم والضوابط الاخلاقية الانسانية والاجتماعية والعلمية. وهذا ما يفسر الانتشار الوبائي للمخدرات والدعارة والسرقات والمافيات والرشوات والفساد والجريمة المنظمة و"الاموال القذرة" التي اصبحت تمثل العصب الرئيسي للاقتصاد العالمي الرأسمالي، بحيث اصبح العديد من البلدان المركنتيلية (مثل لبنان) ليست اكثر من "مغاسل تبييض" للاموال القذرة التي تنضح بدماء الشعوب المظلومة، وهذا ما يفسر "اعجوبة" صمود النظام المالي اللبناني مع الانهيار شبه التام للاقتصاد اللبناني الفعلي، اي الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات الحرفية والانسانية (الصحية والتعليمية والثقافية الخ).
ـ7ـ ومن زاوية النظر الجنائية "البسيطة" ذاتها، ينبغي حكما "البحث عن المستفيد".
ـ8ـ وجوابا على السؤال: من هو المستفيد من هذه الاوبئة وغيرها، كانتشار الايدز وغيره من الامراض، يأتي في طليعة المرشحين للتهمة: الامبريالية الاميركية خاصة وبالاخص الصهيونية العالمية بما تحمله من احتقار وحقد يهوديين على جميع البشر. فالامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية تسعيان، بجميع الوسائل "المشروعة" وغير المشروعة، اولا، لتدمير الاقتصادات والقطاعات الانتاجية للبلدان الاخرى وخاصة البلدان "الحليفة"، بهدف اخلاء الساحة للانتاج الاميركي. وثانيا، لتشجيع ورفع اسعار واسهم شركات الادوية والادوية البيطرية والزراعية الاميركية. وثالثا، لزعزعة الاسواق المالية وتحفيز سوق القروض المالية ودفع الدول "المصابة"، ولاجل سد العجز في ميزانياتها، نحو اصدار المزيد من "سندات الدولة" بكميات كبيرة وفوائد عالية، وهي السندات التي تشتريها العصابات المالية اليهودية خاصة، كي تسيطر اكثر فأكثر على اقتصادات تلك البلدان وعلى الاقتصاد العالمي بمجمله.
كل ذلك يدفعنا الى القول (وبالاذن من "الرفاق الاجلاء" كريم مروة وفخري كريم وفؤاد النمري ويعقوب ابراهامي وامثالهم، الذين ينصبون انفسهم مدافعين عن الرأسمالية والامبريالية الاميركية كل من وجهة نظره الستالينية والنيوستالينية):
ـ تسقط الرأسمالية والامبريالية العالمية!
ـ الموت لاميركا واسرائيل والصهيونية، القلاع الاكبر والاخطر للرأسمالية والامبريالية العالمية، واعداء الانسانية جمعاء!
ـ والموت لجميع حلفاء اميركا و"اصدقائها" وكلابها واذنابها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق