مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
ترجمة لوثيقة هامة في تاريخ اللاسلطوية الأرجنتينية و التفكير اللاسلطوي فيما يتعلق بأخلاق الحب . "أريد للجميع ما أريده لنفسي : حرية الفعل , الحب , التفكير . أي أنني أريد الأناركية لكل البشرية" .
كلمة للمترجم
يجب أن أعترف أنني بترجمة هذه الرسالة – الوثيقة أعلن استعدادي لتلقي النار , ليس فقط من الآخرين , بل من وعيي الخاص أيضا , لكني أعتقد أيضا أنه على وعيي الذكوري , كما وعيكم الذكوري حتى لو كنتم إناثا ما دمتم تقبلون وضعية المرأة كجنس مقهور , عليه أن ينظر خاصة اليوم بشكل مختلف إلى ذاته كما إلى الآخرين , هذه المرة كمتساوين , و أحرار مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك قاسية على وعينا التقليدي , صحيح أن هذا الشعار الجميل الذي يداعب أحلام الملايين اليوم قد يصبح مرعبا إذا هدد وضعية الثوار أنفسهم كجنس قاهر أو إذا هدد امتيازات بعضهم أو معظمهم , لقد انتصرنا في وعينا الفردي و الجمعي حتى الآن على حجج الاستبداد السياسي و الفكري , هكذا فقط صنعنا ثوراتنا , لكن الاستبداد الاجتماعي و الأخلاقي ذا جذور أكثر عمقا , و هي قد تبدو اليوم كما كان الاستبداد السياسي و الفكري يبدو حتى الأمس فقط , ضرورة لا بد منها لاستمرار الحياة الإنسانية و قد تبدو حرية المقهورين , النساء هنا , و إنهاء علاقة السيد / العبد بين المرأة و الرجل إيذانا بالفوضى و السقوط الأخلاقي , تماما كما كان الاستبداد السياسي يعتبر سقوطه نهاية للمجتمع ككل .. حتى نحن , الأقلية التي تحدثت في الماضي أيضا عن الحب الحر كنا ذكوريين بمعنى من المعاني , حتى عندما كان بعضنا يردد بكثير من الإعجاب ما ذهب إليه مزدك و بعده بابك و بعض فرق الهراطقة من المسلمين و المسيحيين و غيرهم , من فرق الغلاة في الأغلب , عن اشتراك الجميع في النساء و المال , لا أخفيكم أن هذا الشعار ذكوري أيضا , إنه لا يعني في الواقع تحرير المرأة , و لا مساواتها بالرجل , فالمرأة الحرة و الند للرجل ليست ملكا لأحد , لا ملكية خاصة و لا ملكية جماعية , إنها ليست وسيلة إنتاج , و لا أداة للمتعة , إنها كائن إنساني كامل الأهلية , له كامل الحرية في تقرير مصيره بل و في رسم المصير المشترك للبشر ناهيك عن أن تحدد مع الرجل , مع شريكها في الحب و الجنس , شكل العلاقة بينهما بحرية ... هنا يجب التوقف أمام نقطة هامة جدا , نحن هنا أيضا لا نخترع , لقد مارس البشر حريتهم فعلا حتى في هذا المجال في إطار الحب بل خاصة في هذا المجال , فالحب حالة شعورية جسدية معقدة ترتبط بالحرية و تقتضي في كثير من الأحيان شعور الطرفين بالحرية أو أنها هي التي تنتج شعور العاشقين بالحرية أو تكون الشكل الوحيد لممارسة هذه الحرية حتى في أشد المجتمعات محافظة و انغلاقا , هذا نسبيا فقط بالطبع فالحب أحيانا ينتج عن أو يعيد إنتاج مشاعر التبعية و الخضوع , قد يكون طاقة محررة أو قد يكون إضافة إلى آليات التدجين و القهر السائدة , لنعد إلى ماضينا القريب , فيجب أن نعترف أن ترديدنا لهذه الكلمات كان في معظم الأحيان أشبه برفع العتب أو بروتين سطحي و أنه كان بلا معنى تماما في نهاية الأمر , كنا و بقينا , في الغالب ذكوريين , أنا و أنتم , في معظمنا , كأبناء لعائلة تقليدية , عادية في تقليديتها , و لمجتمع تقليدي ذكوري و بطريركي , لم تتغلغل هذه الكلمات في وعينا , بقي مثل كل الكلام عن أن هدف الشيوعية البعيد هو تدمير التبعية و الخضوع و الاستغلال و القهر و الاستلاب كأساس لعلاقة الإنسان بالإنسان بما يعنيه ذلك من تدمير لأي شكل من أشكال الإكراه أو القسر أو الفرض من الخارج و إعادة تأسيس الحياة الاجتماعية على أساس حرية الجميع و مساواتهم , بقي هذا مجرد كلام يلاك و يجتر دون معنى , كان تحول الشيوعي إلى عضو في حزب شيوعي و هو الشكل الأساسي من الالتزام السياسي في السابق يعني دخوله في شكل معدل من الممارسة البيروقراطية الروتينية هي "الثورية" الاحترافية حيث كان يمارس بشكل منافق التنظير دون أن يمارسه في الواقع , بقي كأي مثقف آخر يعيش حالة الفصام بين النظرية و الممارسة , كان الروتين يستحوذ عليه و لكن مع تحول النضال إلى حالة روتينية احترافية مملة كان هذا الروتين يدمر كل ما هو حي و ثوري و تحرري في الكلام الذي كنا نردده , كان الكلام عن تحرير أنفسنا و الآخرين يستنفذ طاقته التحررية و كان يتحول , مثل باقي الحلم الشيوعي , بنظر الشيوعي إلى يوتوبيا بعيدة , أشبه بجنة المتدين , و تدريجيا مع تراجع النضالات الشعبية في الشارع و خاصة بمشاركة القوى اليسارية في احتواء هذا الحراك الشعبي و استبداله بحراك و مساومات فوقية و في القصور , أي بتراجع مجال العمل الفعلي في الشارع و سيطرة الروتين الداخلي الحزبي على الشيوعيين الذين كانوا يفقدون حيويتهم و ارتباطهم بالواقع , أصبح المطلوب من هذا الشيوعي أيضا أن يقوم بما يطلب من المتدين تماما , أي الالتزام بأقصى ما يمكن بروتين و طقوس و عقائد الفرقة الناجية ( الأصولية جدا هي أيضا ) لكي يستحق الدخول لتلك الجنة ذات يوم , لكن إذا أصبح بمقدوري عندما أصبحت أناركيا أن أتخيل عالما من رجال أحرار و متساوين , فإن الخطوة التالية الأهم في وعيي الآن ستكون هي أن أتخيل عالما من بشر متساوين و أحرار , نساءا و رجالا , أطفالا و شبابا و كهولا ... لقد اعتدنا أن نخفي حقيقة موقفنا من حرية الآخرين , خاصة الآخرين المنتمين إلى الطبقة أو العرق أو القومية أو الجنس المقهور , خلف ستار من التفوق المزعوم , المادي أو الأخلاقي أو "الطبيعي" أو الفيزيولوجي الخ , دائما كانت حرية هذا المقهور تعني بالنسبة للقاهر و حتى بالنسبة لجزء كبير من المقهورين انحطاطا و فوضى ( انظر دفاع البعض عن أنظمة بشار الأسد و القذافي و صدام و ستالين و بوش و الخ ) , دائما كانت حرية المقهورين تساوي الفوضى , و حرية القواعد الحزبية تعني التحريفية , و حرية التفكير تعني الكفر بالنسبة لرجال الدين من كل الأديان , لكن قد فات الوقت الآن , لقد أصبح القسم الكبير من جيلنا أيضا , جيل هذه الثورات , مهرطقا و كافرا و محرفا و خارجا على السائد و عدوا للسلطة بشكل من الأشكال , هذه فرصة استثنائية لنمارس حريتنا , و لو بكل تطرف كما يقول كل من يكره الحرية , هذا التطرف الذي يعني في حقيقة الأمر أن نمارسها بحقيقتها و بدون أية مساومة مع أي شكل من الإكراه و القسر و القمع و الاضطهاد ... أدرك جيدا أن رجال الدين و المثقفين سيستغلون أي شيء لتخويف البرجوازية الصغيرة و حتى الفقراء و المضطهدين من حريتهم , و أن كلمة مثل الحب الحر ستستخدم كبعبع لتشويه الحرية أمام الجمهور العريض , لكن فكرة إثارة الرعب عند هؤلاء مغرية بحد ذاتها , أعتقد أن تملق رجال الدين و المثقفين السلطويين ليس سياسة مناسبة , في الماضي كان هذا هو الذي ينتج الطغاة أو يساعدهم في الاستمرار على الأقل , كم احتجنا من الوقت لندرك أن نير الاضطهاد و العبودية الذي قبلنا به عقودا أو قرونا ليس ضروريا كما زعم أزلام الطغاة , اليوم ألا تقول الحقيقة كاملة عن الحرية بكليتها كحلم و كقاعدة وحيدة ضرورية للاجتماع الإنساني حقا في هذه اللحظة التاريخية , لحظة الانقلاب الثوري العارم , يعني خيانة للناس و للمضطهدين و لقضية الحرية أيضا , إن الحرية كالحياة , تعني أساسا التغلب على الخوف , هذا الخوف الذي يدفعنا لتقبل القيود على أنها جزء من طبيعة الأشياء , و لأنه فيما يخص الحرية بالتحديد لا توجد أنصاف حلول , يجب أن نعرف جميعا , أنه ما لم نحطم جميع قيودنا , فهذا سيعني شيئا واحدا فقط , هو أن نبقى عبيدا , بشكل أو بآخر .. على الناس أن تبدأ أيضا و هي تحارب اليوم في سبيل حريتها , أن تبدأ بمحاولة فهم كل ما يتعلق بحريتها و بالحرية عموما , حرية الإنسان و كل إنسان , قد لا أتفق تماما مع ما كتبته الشابة الأرجنتينية أمريكا قبل 85 عاما ( أنا شخصيا كنت أعتقد أيضا أنه لتكون أجسادنا حرة يجب أن نكون متحررين فعلا من الاستغلال , و من الندرة , من الحاجة , من ضغط الوصفة السائدة للأخلاق و من ضغط السلطة التي تدعمها و من ضغط القانون الذي يشرعها , لقد كنت مثل كل الستالينيين أعتقد أن الحرية هي مشروع مؤجل إلى وقت غير محدد , و أنا أيضا أتغير ببطء كما نفعل جميعا ) , اليوم عندما نثور نحدد هدفا مختلفا عن كل هذا الهراء و الثرثرة النخبوية الطليعية الفوقية و المعادية للناس العاديين : إننا نريد الحرية الآن و هنا , و فورا !! عندما نتحدث عن الحرية اليوم يعني بالضرورة أننا نتحدث عن الإنسان الحر , عن الفكر الحر , عن العمل الحر من الاستغلال , عن العقل الحر و عن الجسد الحر أيضا , و أيضا من دون شك , الحب الحر , قد نختلف على ما هو الحب الحر , لكن هذا ليس إلا جزءا من عملية إبداع الحياة الحرة نفسها , هكذا فقط يمكن أن نكون أحرارا , هذا ليس رطانة أو بديع لغوي , إنه واقع حقيقي جدا , البشر الأحرار وحدهم لا يخافون من ممارسة الحرية , العبيد وحدهم يقنعون بالقيود , و الأحرار هم وحدهم أيضا من يستطيع أن يحب بحرية ....
رسالة أمريكا سكارفو إلى إيميل أرماند
بوينس آيرس 3 ديسمبر كانون الأول 1928 , إلى الرفيق إيميل أرماند
أيها الرفيق العزيز
الهدف من رسالتي هو أولا أن أطلب منك النصيحة . علينا أن نتصرف في كل لحظات حياتنا بما يتوافق مع طريقتنا في رؤية و فهم الأمور , بتلك الطريقة التي يجد فيها توبيخ الناس و انتقادهم فرديتنا محمية بأكثر الأفكار عن المسؤولية و الحرية صحية , التي تشكل جدارا منيعا يضعف هجماتهم . لهذا السبب علينا أن نتصرف بما يتوافق مع أفكارنا .
قضيتي , أيها الرفيق , هي النظام العاطفي . أنا طالبة شابة أؤمن بحياة جديدة . أؤمن أنه بفضل أعمالنا الحرة , الفردية و الجماعية , يمكننا أن نصل إلى مستقبل من الحب و الإخاء و المساواة . أريد للجميع تماما ما أريد لنفسي : حرية الفعل , الحب و التفكير . أي أنني أرغب بالأناركية لكل البشرية . أعتقد أنه لكي نحقق هذا علينا أن نقوم بثورة اجتماعية . لكني أيضا أرى أنه لكي نصل إلى تلك الثورة من الضروري أن نحرر أنفسنا من كل أنواع المواقف المسبقة ( المجحفة ) , و المواقف التقليدية , و الأخلاق الكاذبة و القواعد السخيفة . و بينما ننتظر اندلاع هذه الثورة العظمى علينا أن نقوم بهذا العمل في كل أعمال وجودنا . و بالفعل لكي نجعل هذه الثورة تندلع لا يمكننا أن نقنع أنفسنا بالانتظار فقط بل نحتاج لأن نعمل في حياتنا اليومية . علينا متى كان ذلك ممكنا أن نتصرف من موقع أناركي , أي من موقع إنسان .
في الحب مثلا لن ننتظر الثورة , سنوحد أنفسنا بحرية , دون أن نلتفت إلى المواقف المسبقة ( المجحفة ) , أو الحواجز أو الأكاذيب التي لا تحصى التي تقف في وجهنا كعوائق . لقد تعرفت على رجل , رفيق في الفكر . إنه متزوج بحسب قوانين البرجوازية . لقد ربط نفسه بامرأة نتيجة لظرف طفولي , من دون حب . في ذلك الوقت لم يكن قد تعرف على أفكارنا بعد . لكنه عاش مع هذه المرأة لعدد من السنين , و لديهما أطفال . إنه لم يجرب الإشباع الذي كان يجب أن يشعر به مع إنسانة يحبها . أصبحت الحياة مضجرة , الشيء الوحيد الذي وحد بينهما كان الأطفال . و هو ما يزال مراهقا ( شابا ) تعرف هذا الرجل على أفكارنا , و ولد داخله وعي جديد . تحول إلى مناضل شجاع . و كرس نفسه للدعاية بحماسة و ذكاء . كل الحب الذي لم يوجهه نحو إنسان آخر وجهه عوضا عن ذلك نحو مثاله الأعلى . في تلك الأثناء استمرت الحياة في المنزل بنفس الرتابة التي خفف منها فقط سعادة أطفالهما الصغار . حدث أن الظروف جمعتنا معا , أولا كرفاق في الفكر . تحدثنا , تعاطفنا مع بعضنا البعض , و تعلمنا كيف يتعرف كل منا على الآخر . هكذا ولد حبنا . لقد اعتقدنا في البداية أنه مستحيل . هو , الذي كان قد أحب فقط في أحلامه , و أنا , التي بالكاد أدخل إلى الحياة . استمر كل منا بالحياة بين الشك و الحب . القدر – أو ما هو أفضل , الحب – تكفل بالباقي . فتحنا قلوبنا و بدأ حبنا و بدأت سعادتنا تغني أغنيتها , حتى وسط النضال , في ظل المثل الأعلى , الذي منحنا في الواقع حافزا أكبر حتى . و عبرت عيوننا , شفاهنا , قلوبنا , عن نفسها في سحر القبلة الأولى . لقد كان الحب مثلنا الأعلى , لكننا كنا نحوله إلى واقع . الحب الحر , الذي لا يعرف حواجز , و لا عوائق . القوة المبدعة التي تنقل الاثنين عبر حقل من الأزهار , مفروش بالورود – و أحيانا بالأشواك – لكن حيث وجدنا السعادة دائما .
أليست هذه الحالة التي يتحول فيها الكون برمته إلى جنة حيث يعشق فيها الاثنان أحدهما الآخر ؟
زوجته أيضا – رغم معرفتها المحدودة نسبيا – تتعاطف مع أفكارنا . فيم يتعلق بها فقد برهنت على كراهيتها للقتلة المأجورين للنظام البرجوازي عندما بدأ البوليس بمطاردة صديقي . هكذا أصبحت أنا و زوجة صديقي أصدقاء . إنها تدرك تماما ما الذي يعنيه الرجل الذي يعيش إلى جانبها بالنسبة لي . شعور التعاطف الأخوي الذي وجد بينهما سمح له بأن يبوح لها , و قد أعطاها حريتها لتتصرف كما تريد , بطريقة أي أناركي واعي . حتى هذه اللحظة كي أقول الحقيقة لقد عشنا كما في الحكايات . أصبح حبنا أقوى مع كل يوم . لا يمكننا أن نعيش معا , بسبب الوضع السياسي لصديقي و بسبب حقيقة أنني لم أنهي دراستي . إننا نلتقي , عندما يمكننا ذلك , في أماكن مختلفة . أليست هذه أفضل طريقة لدفع الحب , بإبعاده عن مستلزمات الحياة المحلية ( المشتركة ) ؟ رغم أنني أكيدة أنه عندما يكون هذا حبا حقيقيا فالشيء الأجمل هو أن نعيش معا .
هذا ما أردت شرحه . بعض الأشخاص هنا تحولوا إلى قضاة . و هؤلاء لا يوجدون فقط بين الناس العاديين بل أيضا بين رفاق الفكر الذين يرون أنفسهم على أنهم متحررين من الأفكار المسبقة لكن الذين هم في أعماقهم عديمي التسامح . أحد هؤلاء قال أن حبنا جنوني , آخر أشار إلى أن زوجة صديقي تلعب دور "الشهيدة" , على الرغم من حقيقة أنها تعرف كل شيء عنا , و رغم أنها سيدة نفسها و أنها تستمع بحريتها . ثالث طرح العقبة الاقتصادية السخيفة . أنا مستقلة , تماما مثل صديقي . سأخلق على الأغلب وضعا اقتصاديا لنفسي سيحررني من أي قلق في هذا الصدد .
هناك أيضا مسألة الأولاد . ماذا سيفعل الأطفال بالمشاعر التي في قلوبهم ؟ لماذا لا يستطيع الرجل الذي لديه أطفال أن يحب ؟ هذا يشبه القول بأن الأب في أسرة ما لا يستطيع أن يعمل لصالح فكرة , أن يقوم بالدعاية الخ . ما الذي يجعلهم يعتقدون أن هؤلاء الصغار سينسون لأن والدهم يحبني ؟ إذا كان الأب سينسى أطفاله فإنه يستحق احتقاري و لن يوجد أي حب بيننا .
هنا في بيونس آيرس , رفاق لديهم أفكار ضئيلة جدا عن الحب الحر . إنهم يتخيلون أنه يكمن فقط في المعايشة ( المساكنة ) دون أن يكون أحد الشريكين متزوج قانونيا , و في تلك الأثناء , في بيوتهم , يمارسون كل الحماقات و السخافات التي يمارسها الجهلة . هذا النوع من الاتحاد الذي يتجاهل السجل المدني و الكاهن يوجد أيضا في المجتمع البرجوازي . هل هذا هو الحب الحر ؟
أخيرا إنهم ينتقدون اختلافنا في العمر . فقط لأني أبلغ 16 عاما أما صديقي فهو في 26 من عمره . يتهمني البعض بأنني أدير علاقة تجارية , آخرون يقولون أني أفعل ذلك دون تعمد ( دون وعي ) . آه لأحبار الأناركية هؤلاء ! يجعلون مسألة السن تتدخل في الحب ! كما لو أن الدماغ لا يكفي لوحده ليكون الشخص مسؤولا عن أفعاله ! من جهة أخرى , إنها مشكلتي أنا , و إذا كان الفارق في السن لا يعني أي شيء لي , لماذا يجب أن يشغل أي شخص آخر ؟ ما أقدره و أحبه هو شباب الروح , الذي هو أبدي .
هناك أيضا من يعاملنا كمنحطين أو مرضى و أوصاف أخرى من هذا القبيل . لجميع هؤلاء أقول : لماذا ؟ لأننا نعيش الحياة بمعناها الحقيقي , لأننا نعترف بالطائفة الحرة للحب ؟ لأنه , تماما كما تجلب الطيور المرح إلى الشوارع و الحدائق , فإننا نحب دون أن نلق أي اهتمام لوصفات الأخلاق المزيفة ؟ أ لأننا مخلصين لأفكارنا ؟ إنني أزدري كل من لا يستطيع أن يفهم كيف يعرف أن يحب .
إن الحب الحقيقي بريء . إنه الشمس التي تمتد أشعتها إلى أولئك الذين لا يستطيعون بلوغ ارتفاعها . الحياة شيء علينا أن نعيشه بحرية . إننا نقبل على الجمال , على متع الروح , على الحب , هذه هي الطائفة التي نستحقها .
هذا كل شيء أيها الرفيق . أرغب بسماع رأيك في حالتي . أعرف جيدا ما الذي أفعله و لا أحتاج إلى موافقة أحد أو تصفيقه . فقط أنني و قد قرأت الكثير من مقالاتك و اتفق مع الكثير من نقاطها , سيشعرني بالرضا أن أعرف رأيك .
كانت أمريكا سكارفو في 16 من عمرها عندما كتبت رسالتها هذه , الحبيب الذي أشارت إليه لم يكن سوى سيفيرنو دي جيوفاني . عن العلاقة بين الاثنين انظر كتاب أوزفالدو باير عن سيفيرنو دي جيوفاني . يقول باير أنه قبل الرسالة "تعرضت علاقة سيفيرنو و أمركيا لعاصفة قوية . أدت انتقادات الرفاق و العوائق التي كان من شبه المستحيل حلها أمام استمرار العلاقة و وضع أسرتها , إلى أزمة عند أمريكا , التي تخاصمت مع سيفيرنو و أخبرته أنها تنهي هذه العلاقة . كما في كثير من خلافات العشاق أنهى لقاء تالي كل هذه المشاكل و أعاد العلاقة بينهما أقوى مما سبق . رسالة أمريكا إلى L EN DEHORS ( جريدة إيميل أرماند ) جاءت بعد عودتهما معا . كانت بمعنى من المعاني تهدف لجعل تلك المشاعر التي أبقوها حتى تلك اللحظة فيما بينهما معروفة للآخرين" .
نشرت الرسالة في L EN DEHORS في 29 يناير كانون الثاني 1929 تحت عنوان "تجربة" إلى جانب جواب إيميل أرماند التالي :
أيتها الرفيقة : رأيي لا يهم في قضيتك التي أرسلتها إلي عما تفعلينه . هل أنت منسجمة أم لا مع مفهومك الشخصي عن حياة أناركي ؟ إذا كنت تشعرين أنك منسجمة , تجاهلي إذن تعليقات و إهانات الآخرين و واصلي مشوارك الخاص . ليس لأحد الحق في الحكم على طريقتك في التصرف , حتى لو كانت زوجة صديقك عدائية تجاه علاقتكما . كل امرأة تربط حياتها بأناركي ( أو العكس ) تعرف جيدا أنه لا يجب عليها أن تمارس عليه , أو أن تقبل منه , أي نوع من أنواع الهيمنة" .
نقلا عن http://libcom.org/history/letter-am%C3%A9rica-scarf%C3%B3-emile-armand
نبذة عن حياة إيميل أرماند ( 1872 – 1963 ) كان أول شبابه ناشطا مسيحيا , تعرف على الأناركية ( اللاسلطوية ) من خلال ليو تولستوي , حيث أصبح أناركيا مسيحيا و مسالما في الأول , ثم أناركيا شيوعيا ثم فردانيا .
الخميس، 18 أغسطس 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق