الحرب الباردة..(وأمراض العصر)!
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
سالم اسماعيل نوركه salim_esmael1967@yahoo.com الحوار المتمدن - العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28
4.8 / 5 Rate this article More from same author -->قبل التطرق إلى ما سميت بالحرب الباردة أود التطرق إلى نقطتين ،الأولى هي:لا تمر الأحداث التاريخية العالمية دون أن تترك تبعات ومخلفات في حاضر ومستقبل العالم تلك التي تؤثر في صنع الأحداث اللاحقة مع عوامل مستجدة بصورة أو بأخرى ف(القنابل)التي تنفجر اليوم هي من صنع الأمس والتي تنفجر في الغد من صنع اليوم،فالإمبراطوريات التي سقطت تركت بصمات قوية لها في الأحداث التي أعقبت سقوطها،فالإمبراطورية العثمانية على سبيل المثال لا الحصر سقطت مع الحرب العالمية الأولى(1914-1918)وبقيت تبعاتها تتحرك هنا وهناك وخصوصا ونحن نعلم بأنها حكمت المنطقة أكثر من أربعة قرون والحربين العالميتين الأولى(1914-1918)والثانية(1939-1945)انتهتا بإحداثهما الجسام لكن آثارهما والترتيبات والاتفاقيات التي نتجت عنهما إلى الآن تلقي بثقلهما في أكثر من منطقة من مناطق العالم وألحقتا غبنا تاريخيا ببعض الشعوب .والنقطة الثانية هي:درسنا التاريخ إلى وقت قريب بحذر شديد وخوف في عهد النظام الاستبدادي وتطرقنا إلى الأحداث والوقائع التاريخية بشكل مبتور من الحقائق وأحيانا تحضر دراسة بعض الأحداث لغاية في (نفس يعقوب)والبعض الأخر درست كما يشتهي السلطان وطلب من المؤرخين إعادة كتابة التاريخ لحذف ما يطلب السلطان حذفه وتحريف أو إضافة ما يطلب إضافته بعيدا عن الحقائق والوقائع والمطلوب اليوم إعادة قراءة وفهم وتحليل ودراسة التاريخ بموضوعية وجعل الجيل الجديد يطلع على الماضي بكل حرية وجعله يطلع على أحداث مضت لفهم الأحداث الحالية والمستقبلية.الحرب الباردة:هي الحرب التي كانت ساخنة بنتائجها وتبعاتها أكثر من كثير من الحروب الساخنة في التاريخ حيث خلفت وضعا بائسا وأنظمة بائسة ديكتاتورية ومستبدة في المنطقة والعالم،أيام كان العالم يدور في فلك القطبين وحتى الدول التي سميت بدول عدم الانحياز كانت الكثير منها منحازة إلى هذا المعسكر أو ذاك وحتى الإرهاب والانفلات الحالي في العالم من نتائج تلك الحرب بصيغة أو أخرى وأكثر المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العالم اليوم هي من مخلفاتها بصيغة أو أخرى .أدعو ذوي الاختصاص في كل حقول المعرفة ومنها السياسة والتاريخ والاقتصاد التطرق إلى أحداث الماضي لفهم حركة الحاضر وتحرره من تبعات الماضي بقدر المستطاع لصنع الأحداث والتحرر من قيود ثقل الماضي علينا أن نحرك الأشياء من حولنا لا أن تحركنا كيفما تشاء.تشكلت حالة سياسية عالمية كانت قائمة على التنافس بدون حرب أو صراع عسكري مباشر بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وبين الإتحاد السوفيتي السابق وحلفائها وسميت بالحرب الباردة وهي مصطلح أستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي دارت بين القطبين العالمين منتصف الأربعينات حتى أوائل الستينات خلال هذه الفترة ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والتجسس وتطوير الأسلحة والدعاية والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي ،وفي أنفاق كبير على الدفاع العسكري والترسانات النووية وحروب غير مباشرة ،باستخدام وسيط في أكثر من منطقة من مناطق العالم والملفت للنظر إن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كانا حلفاء ضد فوات المحور إلا إن القوتين اختلفتا في كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم وصاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة حصار برلين 1948_1949 والحرب الكورية 1950_1953 وأزمة برلين عام 1961 وحرب فيتنام 1959_1975 والغزو السوفيتي لأفغانستان وأزمة الصواريخ الكوبية 1962 وكثيرا كان العالم يشعر أنه على حافة الانجراف إلى الحرب العالمية الثالثة وبأسلحة أكثر فتكا هذه المرة.إن الحدث التاريخي لا تنتهي بانتهاء الحدث ،وهو ليس من صنع عامل واحد وإن برز ذلك العامل ولا يمكن تكرار الحدث بنفس الصيغة أو العودة إليه ،فالبعض يتساءل تعود الحرب الباردة أو لا تعود؟ثمة حنين قومي وعاطفي لدى القادة الروس والسياسيين والعسكريين للعودة إلى مرحلة الدولة العظمى،واستدراك الجرح والهزيمة التي لحقت بالاتحاد السوفيتي وإن كنت شخصيا لا أرى منتصرا في هذه الحرب ،لأن النتائج المترتبة عن نهاية الحرب الباردة لا حقا أتعبت أمريكا وتلقت وتتلقى وتتفاعل مع أزمات العالم في أكثر بقاع الأرض كونها القطب الأوحد وإن كان الأخر لا يخفي عدم قبوله بتزعم قطب واحد للعالم وهذا بوتين يقول:لا أحد يشعر بالأمان في عالم أحادي القطب ،إن عالما أحادي القطب تقوده الولايات المتحدة الأمريكية أمر لا يمكن القبول به،وقد أدى إلى المزيد من الحروب والصراعات في مختلف أنحاء العالم.أول استخدام للحرب الباردة لوصف الاضطراب السياسي بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قام به المالي الأمريكي ومستشار الرئيس الأمريكي بيرنارد باروش في 1947 القى باروش خطبة في كارولينا الجنوبية قال فيها (دعونا لا نخدع أنفسنا نحن اليوم في حرب باردة ) كما أعطى الصحفي والتر ليبمان شهرة كبيرة للمصطلح عندما نشر كتابه بعنوان الحرب الباردة عام 1947.لا يوجد توافق بين المؤرخين فيما يتعلق ببداية الحرب الباردة ، فبينما يقول معظم المؤرخين أنها بدأت في نهاية الحرب العالمية الأولى ،على الرغم من أن المشاكل بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر ،إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين الشيوعية والرأسمالية يعود إلى عام 1917 ،عندما أنطلق الاتحاد السوفيتي من الثورة الروسية كأول دولة شيوعية في العالم ،هذا أدى إلى جعل العلاقات الروسية الأمريكية مصدر قلق ومشاكل لفترة طويلة أدت العديد من الأحداث إلى نمو الشك وعدم الثقة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مثل :التحدي البلشفي للرأسمالية من خلال عمليات إسقاط عنيفة للنظم الرأسمالية واستبدالها بنظم شيوعية ،وانسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى عن طريق عقد معاهدة بريست ليتوفسك مع المانيا ،وتدخل الولايات المتحدة في روسيا لدعم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهلية الروسية ،ورفض الولايات المتحدة الاعتراف بالاتحاد السوفيتي حتى عام 1933 .أحداث أخرى حدثت في الفترة بين الحربين أدت إلى تعميق مناخ عدم الثقة المتبادل مثل معاهدة رابللو والاتفاق على عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي.والبعض يستنتج إن القنبلة الذرية أنهت حربا كونية عندما رفعت اليابان رايات الاستسلام بعد أن قصفت الطائرات الأمريكية مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بهذه القنابل ،ولكنها فتحت بنفس الوقت مرحلة جديدة من تاريخ الإنسانية ، مرحلة (الحرب الباردة)التي ساد فيها سلام الرعب إي السلام تحت ظل قناعة ثابتة أن القوى النووية تستطيع تحقيق الدمار المتبادل والبعض يربط بين التفجيرات النووية الأولى وبدايات الحرب الباردة وبأن القنبلة الذرية لم تدفع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق إلى التعاون الحقيقي وإنما إلى الدخول في منافسة بل وفي مواجهة ثنائية لا هوادة فيها ,ساد لدى جوزيف ستالين الزعيم السوفيتي آنذاك الاعتقاد بل والقناعة ،إن الولايات المتحدة سوف تلجأ إلى استخدام السلاح النووي ضد بلاده كما فعلت ضد اليابان ،وإنها تريد تدمير المنظومة الاشتراكية التي تدور في فلك الاتحاد السوفيتي ولذالك كان رد ستالين هو السعي الحثيث من أجل تزويد بلاده بالسلاح النووي أيضا ووضع حد للتفوق الأمريكي والغربي عامة ،في الميدان النووي .قاد (منطق القنبلة) إلى منظومة الحرب الباردة ألتي انبثقت كناتج فرعي من الحرب العالمية الثانية.أمتلك الاتحاد السوفيتي قنبلة الذرية وكان على علم بمسيرة الأبحاث الذرية الأمريكية منذ عام 1932 بفضل جواسيسه فوق الأرض الأمريكية.الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ونهاية الحرب الباردة:في عام 1985 وبعد رحيل ثلاثة زعماء تولوا القيادة السوفيتية خلال الفترة من عام 1964 إلى 1985 _بريجنيف 1964-1982،وأندربوف 1982-1984 ،وشيرنينكو1984-1985_جاء زعيم شاب 54 عاما حينئذ هو ميخائيل جورباتشوف ليتولى زعامة الحزب وقد كان اختيار السريع من جانب زملائه في المكتب السياسي ،ولم يكن أكبرهم سنا ولا مكانة في سلم القيادة ،يعكس تفهما واقتناعا من جانبهم إن الاتحاد السوفيتي يواجه تحديات جديدة تتطلب رجلا ذا رؤية وإرادة مختلفة.أستخلص جورباتشوف من إن السياسات الخارجية التي أتبعها الاتحاد السوفيتي في تحدي الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عسكريا ،وتأكيد ذاته في المناطق الإقليمية وتوسيع ارتباطاته فيها قد أتى برد فعل عكسي على المصالح السوفيتية الحقيقية ،فعلى المستوى العسكري أدى نشر الصواريخ السوفيتية ss-20 في أوربا إلى قرار الناتو عام 1979 بنشر الصواريخ الأمريكية برشينج وكروز ،ما أدى إلى زيادة القوى العسكرية الأمريكية الأمر الذي تبلور في برنامجها الدفاع الإستراتيجي s d i والذي مثل تصعيدا خطيرا لسباق التسلح ،وتحديا جديدا له في هذا السباق إذا ما صمم على مواجهته ،كما فعل في تحديات سابقة،فأن هذا يعني استنزافا جديدا لطاقته وموارده الاقتصادية لم يعد يتحمله،وعلى المستوى الدبلوماسي فشلت الحملة الدبلوماسية والسياسية التي شنها الاتحاد السوفيتي وحاول بها مخاطبة واستنفار المجتمعات الأوربية لمنع نشر الصواريخ الأمريكية ونفذ هذا القرار في سنة 1983.وقد كان الإطار العام ،الذي أعاد فيه جورباتشوف صياغة مفاهيم السياسة الخارجية والأمن السوفيتي ،هو إن برامجه في إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي لا يمكن أن تتم بشكل سليم ومستقرا إلا في بيئة دولية وإقليمية سليمة ،تخلو من مجابهات وتوترات الحرب الباردة وشكوكها وانعدام الثقة بين القوى الدولية الرئيسية ويفرض قيودا على إمكانيات التعاون الدولي في العالم رأى جورباتشوف إن الاقتصاد العالمي فيه أصبح كيانا واحدا لا تستطيع دولة خارجة عنه أن تتطور تطورا طبيعيا بغض النظر عن النظام الاجتماعي الذي تنتمي إليه ،وأهم من هذا إن جورباتشوف أكد إن برامجه في إعادة البناء لا يمكن أن تتم إلا في بيئة تخلو من سباق التسلح بأعبائه الباهظة ،وكذالك من التوترات والصراعات الإقليمية التي أثبتت إنها تسمم علاقات الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتفرض الوقت نفسه أعباء لم يعد في قدرة الاتحاد السوفيتي المادية تحملها,أما في الجانب الأخر ونقصد الولايات المتحدة الأمريكية فأن ظروف أدت إلى نجاح مرشح الرئاسة الجمهورية رونالد ريجان (1980-1984)الولاية الأولى ،(1984-1988)الولاية الثانية للفوز بالرئاسة ونذكر منها :*سقوط شاه إيران،وتداعيات سقوطه*قضية الرهائن وفشل محاولة إنقاذهم وتعرض الهيبة الأمريكية إلى الاهتزاز*ارتفاع نسبة التضخم وأسعار الفائدة ،وإدارة ريجان حاولت إعادة ترتيب الأولويات وعلى المستوى العسكري فقد رأى أنصار مدرسة ريجان إن المواجهة العسكرية والإصرار على البناء العسكري ،وخاصة برنامج الدفاع الإستراتيجي كان مقدمة ضرورية لما تلا ذلك من سلام ووفاق ،فعندهم (أنصار مدرسة ريجان)إن الاتحاد السوفيتي وقادته لم يحترموا إلا القوة ،وإن إعادة تسليح أمريكا كان ضرورة لإقناعهم إن الغرب لم يكن في مرحلة تدهور أو ضعف ،وأنه ما زال مستعدا لبذل التضحيات المطلوبة لضمان الصمود ضد أي ضغط أو تهديد سوفيتي.وتلخص مدرسة ريجان رأيها في تأثير البناء العسكري الأمريكي لا سيما مبادرة الدفاع الإستراتيجي على التطورات السوفيتية بالقول بأنه قد وضع الاتحاد السوفيتي وقادته أمام مأزق ،وخيارين كلاهما صعب أما مجاراة البناء العسكري إلى حد الإفلاس ،أو عدم مجاراته،وبذلك يكون الاتحاد السوفيتي قد فقد إدعاءه الوحيد الذي يجعل منه قوة أعظم وهي القوة العسكرية .باختصار إن نهاية الحرب الباردة لم تأتي نتيجة لسياسات ريجان أو لسياسات جورباتشوف فحسب وإنما نتيجة لأسباب عديدة فالتحولات السياسية والتاريخية الكبرى ،عموما من الصعب أن تحدثها قوة واحدة حتى لو كانت قوة عظمى وإنما هي مرحلة تفاعل عدد من العوامل والتطورات التي تحدث عادة على جانب الصراع وإن كانت بنسب متفاوتة مهما كانت أسباب انتهاء الحرب الباردة بسبب فشل النظام السوفيتي ذاته أو بسبب القوى الخارجية أو بسبب جملة عوامل متداخلة كما نراها فأنها قد انتهت ولكن تبعاتها لم تنتهي بعد وأشعر إن العالم قد تتمخض عاجلا أم أجلا عن نظام دولي جديد ،فأمريكا كقطب وكما نفسر ونحلل ونقرأ وكما يصرح ساسة أمريكا بأن إدارة العالم أصبح صعبا على أمريكا لوحده كقطب كما إن أوربا لوحدها لا تقدر إدارته ويبدوا إن الولايات المتحدة الأمريكية قد حقق نصرا أجوف في الحرب الباردة لأنها شاء ت أم أبت عليها أن تذوق مع حلاوة تزعم العالم مرارته فالمشاكل في العالم أصبحت أعظم وتشعبت وتراكمت سلبيات الحلول القسرية والمشاكل الاقتصادية تعاظمت والجبهات تعددت وأساليب الأمس تبدوا لا تنفع اليوم كما إن الحلول العسكرية مثل دواء لا تنفع مع (أمراض العصر)السياسية وغيرها
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
سالم اسماعيل نوركه salim_esmael1967@yahoo.com الحوار المتمدن - العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28
4.8 / 5 Rate this article More from same author -->قبل التطرق إلى ما سميت بالحرب الباردة أود التطرق إلى نقطتين ،الأولى هي:لا تمر الأحداث التاريخية العالمية دون أن تترك تبعات ومخلفات في حاضر ومستقبل العالم تلك التي تؤثر في صنع الأحداث اللاحقة مع عوامل مستجدة بصورة أو بأخرى ف(القنابل)التي تنفجر اليوم هي من صنع الأمس والتي تنفجر في الغد من صنع اليوم،فالإمبراطوريات التي سقطت تركت بصمات قوية لها في الأحداث التي أعقبت سقوطها،فالإمبراطورية العثمانية على سبيل المثال لا الحصر سقطت مع الحرب العالمية الأولى(1914-1918)وبقيت تبعاتها تتحرك هنا وهناك وخصوصا ونحن نعلم بأنها حكمت المنطقة أكثر من أربعة قرون والحربين العالميتين الأولى(1914-1918)والثانية(1939-1945)انتهتا بإحداثهما الجسام لكن آثارهما والترتيبات والاتفاقيات التي نتجت عنهما إلى الآن تلقي بثقلهما في أكثر من منطقة من مناطق العالم وألحقتا غبنا تاريخيا ببعض الشعوب .والنقطة الثانية هي:درسنا التاريخ إلى وقت قريب بحذر شديد وخوف في عهد النظام الاستبدادي وتطرقنا إلى الأحداث والوقائع التاريخية بشكل مبتور من الحقائق وأحيانا تحضر دراسة بعض الأحداث لغاية في (نفس يعقوب)والبعض الأخر درست كما يشتهي السلطان وطلب من المؤرخين إعادة كتابة التاريخ لحذف ما يطلب السلطان حذفه وتحريف أو إضافة ما يطلب إضافته بعيدا عن الحقائق والوقائع والمطلوب اليوم إعادة قراءة وفهم وتحليل ودراسة التاريخ بموضوعية وجعل الجيل الجديد يطلع على الماضي بكل حرية وجعله يطلع على أحداث مضت لفهم الأحداث الحالية والمستقبلية.الحرب الباردة:هي الحرب التي كانت ساخنة بنتائجها وتبعاتها أكثر من كثير من الحروب الساخنة في التاريخ حيث خلفت وضعا بائسا وأنظمة بائسة ديكتاتورية ومستبدة في المنطقة والعالم،أيام كان العالم يدور في فلك القطبين وحتى الدول التي سميت بدول عدم الانحياز كانت الكثير منها منحازة إلى هذا المعسكر أو ذاك وحتى الإرهاب والانفلات الحالي في العالم من نتائج تلك الحرب بصيغة أو أخرى وأكثر المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العالم اليوم هي من مخلفاتها بصيغة أو أخرى .أدعو ذوي الاختصاص في كل حقول المعرفة ومنها السياسة والتاريخ والاقتصاد التطرق إلى أحداث الماضي لفهم حركة الحاضر وتحرره من تبعات الماضي بقدر المستطاع لصنع الأحداث والتحرر من قيود ثقل الماضي علينا أن نحرك الأشياء من حولنا لا أن تحركنا كيفما تشاء.تشكلت حالة سياسية عالمية كانت قائمة على التنافس بدون حرب أو صراع عسكري مباشر بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وبين الإتحاد السوفيتي السابق وحلفائها وسميت بالحرب الباردة وهي مصطلح أستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي دارت بين القطبين العالمين منتصف الأربعينات حتى أوائل الستينات خلال هذه الفترة ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والتجسس وتطوير الأسلحة والدعاية والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي ،وفي أنفاق كبير على الدفاع العسكري والترسانات النووية وحروب غير مباشرة ،باستخدام وسيط في أكثر من منطقة من مناطق العالم والملفت للنظر إن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كانا حلفاء ضد فوات المحور إلا إن القوتين اختلفتا في كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم وصاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة حصار برلين 1948_1949 والحرب الكورية 1950_1953 وأزمة برلين عام 1961 وحرب فيتنام 1959_1975 والغزو السوفيتي لأفغانستان وأزمة الصواريخ الكوبية 1962 وكثيرا كان العالم يشعر أنه على حافة الانجراف إلى الحرب العالمية الثالثة وبأسلحة أكثر فتكا هذه المرة.إن الحدث التاريخي لا تنتهي بانتهاء الحدث ،وهو ليس من صنع عامل واحد وإن برز ذلك العامل ولا يمكن تكرار الحدث بنفس الصيغة أو العودة إليه ،فالبعض يتساءل تعود الحرب الباردة أو لا تعود؟ثمة حنين قومي وعاطفي لدى القادة الروس والسياسيين والعسكريين للعودة إلى مرحلة الدولة العظمى،واستدراك الجرح والهزيمة التي لحقت بالاتحاد السوفيتي وإن كنت شخصيا لا أرى منتصرا في هذه الحرب ،لأن النتائج المترتبة عن نهاية الحرب الباردة لا حقا أتعبت أمريكا وتلقت وتتلقى وتتفاعل مع أزمات العالم في أكثر بقاع الأرض كونها القطب الأوحد وإن كان الأخر لا يخفي عدم قبوله بتزعم قطب واحد للعالم وهذا بوتين يقول:لا أحد يشعر بالأمان في عالم أحادي القطب ،إن عالما أحادي القطب تقوده الولايات المتحدة الأمريكية أمر لا يمكن القبول به،وقد أدى إلى المزيد من الحروب والصراعات في مختلف أنحاء العالم.أول استخدام للحرب الباردة لوصف الاضطراب السياسي بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قام به المالي الأمريكي ومستشار الرئيس الأمريكي بيرنارد باروش في 1947 القى باروش خطبة في كارولينا الجنوبية قال فيها (دعونا لا نخدع أنفسنا نحن اليوم في حرب باردة ) كما أعطى الصحفي والتر ليبمان شهرة كبيرة للمصطلح عندما نشر كتابه بعنوان الحرب الباردة عام 1947.لا يوجد توافق بين المؤرخين فيما يتعلق ببداية الحرب الباردة ، فبينما يقول معظم المؤرخين أنها بدأت في نهاية الحرب العالمية الأولى ،على الرغم من أن المشاكل بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر ،إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين الشيوعية والرأسمالية يعود إلى عام 1917 ،عندما أنطلق الاتحاد السوفيتي من الثورة الروسية كأول دولة شيوعية في العالم ،هذا أدى إلى جعل العلاقات الروسية الأمريكية مصدر قلق ومشاكل لفترة طويلة أدت العديد من الأحداث إلى نمو الشك وعدم الثقة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مثل :التحدي البلشفي للرأسمالية من خلال عمليات إسقاط عنيفة للنظم الرأسمالية واستبدالها بنظم شيوعية ،وانسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى عن طريق عقد معاهدة بريست ليتوفسك مع المانيا ،وتدخل الولايات المتحدة في روسيا لدعم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهلية الروسية ،ورفض الولايات المتحدة الاعتراف بالاتحاد السوفيتي حتى عام 1933 .أحداث أخرى حدثت في الفترة بين الحربين أدت إلى تعميق مناخ عدم الثقة المتبادل مثل معاهدة رابللو والاتفاق على عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي.والبعض يستنتج إن القنبلة الذرية أنهت حربا كونية عندما رفعت اليابان رايات الاستسلام بعد أن قصفت الطائرات الأمريكية مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بهذه القنابل ،ولكنها فتحت بنفس الوقت مرحلة جديدة من تاريخ الإنسانية ، مرحلة (الحرب الباردة)التي ساد فيها سلام الرعب إي السلام تحت ظل قناعة ثابتة أن القوى النووية تستطيع تحقيق الدمار المتبادل والبعض يربط بين التفجيرات النووية الأولى وبدايات الحرب الباردة وبأن القنبلة الذرية لم تدفع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق إلى التعاون الحقيقي وإنما إلى الدخول في منافسة بل وفي مواجهة ثنائية لا هوادة فيها ,ساد لدى جوزيف ستالين الزعيم السوفيتي آنذاك الاعتقاد بل والقناعة ،إن الولايات المتحدة سوف تلجأ إلى استخدام السلاح النووي ضد بلاده كما فعلت ضد اليابان ،وإنها تريد تدمير المنظومة الاشتراكية التي تدور في فلك الاتحاد السوفيتي ولذالك كان رد ستالين هو السعي الحثيث من أجل تزويد بلاده بالسلاح النووي أيضا ووضع حد للتفوق الأمريكي والغربي عامة ،في الميدان النووي .قاد (منطق القنبلة) إلى منظومة الحرب الباردة ألتي انبثقت كناتج فرعي من الحرب العالمية الثانية.أمتلك الاتحاد السوفيتي قنبلة الذرية وكان على علم بمسيرة الأبحاث الذرية الأمريكية منذ عام 1932 بفضل جواسيسه فوق الأرض الأمريكية.الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ونهاية الحرب الباردة:في عام 1985 وبعد رحيل ثلاثة زعماء تولوا القيادة السوفيتية خلال الفترة من عام 1964 إلى 1985 _بريجنيف 1964-1982،وأندربوف 1982-1984 ،وشيرنينكو1984-1985_جاء زعيم شاب 54 عاما حينئذ هو ميخائيل جورباتشوف ليتولى زعامة الحزب وقد كان اختيار السريع من جانب زملائه في المكتب السياسي ،ولم يكن أكبرهم سنا ولا مكانة في سلم القيادة ،يعكس تفهما واقتناعا من جانبهم إن الاتحاد السوفيتي يواجه تحديات جديدة تتطلب رجلا ذا رؤية وإرادة مختلفة.أستخلص جورباتشوف من إن السياسات الخارجية التي أتبعها الاتحاد السوفيتي في تحدي الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عسكريا ،وتأكيد ذاته في المناطق الإقليمية وتوسيع ارتباطاته فيها قد أتى برد فعل عكسي على المصالح السوفيتية الحقيقية ،فعلى المستوى العسكري أدى نشر الصواريخ السوفيتية ss-20 في أوربا إلى قرار الناتو عام 1979 بنشر الصواريخ الأمريكية برشينج وكروز ،ما أدى إلى زيادة القوى العسكرية الأمريكية الأمر الذي تبلور في برنامجها الدفاع الإستراتيجي s d i والذي مثل تصعيدا خطيرا لسباق التسلح ،وتحديا جديدا له في هذا السباق إذا ما صمم على مواجهته ،كما فعل في تحديات سابقة،فأن هذا يعني استنزافا جديدا لطاقته وموارده الاقتصادية لم يعد يتحمله،وعلى المستوى الدبلوماسي فشلت الحملة الدبلوماسية والسياسية التي شنها الاتحاد السوفيتي وحاول بها مخاطبة واستنفار المجتمعات الأوربية لمنع نشر الصواريخ الأمريكية ونفذ هذا القرار في سنة 1983.وقد كان الإطار العام ،الذي أعاد فيه جورباتشوف صياغة مفاهيم السياسة الخارجية والأمن السوفيتي ،هو إن برامجه في إعادة البناء في الاتحاد السوفيتي لا يمكن أن تتم بشكل سليم ومستقرا إلا في بيئة دولية وإقليمية سليمة ،تخلو من مجابهات وتوترات الحرب الباردة وشكوكها وانعدام الثقة بين القوى الدولية الرئيسية ويفرض قيودا على إمكانيات التعاون الدولي في العالم رأى جورباتشوف إن الاقتصاد العالمي فيه أصبح كيانا واحدا لا تستطيع دولة خارجة عنه أن تتطور تطورا طبيعيا بغض النظر عن النظام الاجتماعي الذي تنتمي إليه ،وأهم من هذا إن جورباتشوف أكد إن برامجه في إعادة البناء لا يمكن أن تتم إلا في بيئة تخلو من سباق التسلح بأعبائه الباهظة ،وكذالك من التوترات والصراعات الإقليمية التي أثبتت إنها تسمم علاقات الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة الأمريكية. وتفرض الوقت نفسه أعباء لم يعد في قدرة الاتحاد السوفيتي المادية تحملها,أما في الجانب الأخر ونقصد الولايات المتحدة الأمريكية فأن ظروف أدت إلى نجاح مرشح الرئاسة الجمهورية رونالد ريجان (1980-1984)الولاية الأولى ،(1984-1988)الولاية الثانية للفوز بالرئاسة ونذكر منها :*سقوط شاه إيران،وتداعيات سقوطه*قضية الرهائن وفشل محاولة إنقاذهم وتعرض الهيبة الأمريكية إلى الاهتزاز*ارتفاع نسبة التضخم وأسعار الفائدة ،وإدارة ريجان حاولت إعادة ترتيب الأولويات وعلى المستوى العسكري فقد رأى أنصار مدرسة ريجان إن المواجهة العسكرية والإصرار على البناء العسكري ،وخاصة برنامج الدفاع الإستراتيجي كان مقدمة ضرورية لما تلا ذلك من سلام ووفاق ،فعندهم (أنصار مدرسة ريجان)إن الاتحاد السوفيتي وقادته لم يحترموا إلا القوة ،وإن إعادة تسليح أمريكا كان ضرورة لإقناعهم إن الغرب لم يكن في مرحلة تدهور أو ضعف ،وأنه ما زال مستعدا لبذل التضحيات المطلوبة لضمان الصمود ضد أي ضغط أو تهديد سوفيتي.وتلخص مدرسة ريجان رأيها في تأثير البناء العسكري الأمريكي لا سيما مبادرة الدفاع الإستراتيجي على التطورات السوفيتية بالقول بأنه قد وضع الاتحاد السوفيتي وقادته أمام مأزق ،وخيارين كلاهما صعب أما مجاراة البناء العسكري إلى حد الإفلاس ،أو عدم مجاراته،وبذلك يكون الاتحاد السوفيتي قد فقد إدعاءه الوحيد الذي يجعل منه قوة أعظم وهي القوة العسكرية .باختصار إن نهاية الحرب الباردة لم تأتي نتيجة لسياسات ريجان أو لسياسات جورباتشوف فحسب وإنما نتيجة لأسباب عديدة فالتحولات السياسية والتاريخية الكبرى ،عموما من الصعب أن تحدثها قوة واحدة حتى لو كانت قوة عظمى وإنما هي مرحلة تفاعل عدد من العوامل والتطورات التي تحدث عادة على جانب الصراع وإن كانت بنسب متفاوتة مهما كانت أسباب انتهاء الحرب الباردة بسبب فشل النظام السوفيتي ذاته أو بسبب القوى الخارجية أو بسبب جملة عوامل متداخلة كما نراها فأنها قد انتهت ولكن تبعاتها لم تنتهي بعد وأشعر إن العالم قد تتمخض عاجلا أم أجلا عن نظام دولي جديد ،فأمريكا كقطب وكما نفسر ونحلل ونقرأ وكما يصرح ساسة أمريكا بأن إدارة العالم أصبح صعبا على أمريكا لوحده كقطب كما إن أوربا لوحدها لا تقدر إدارته ويبدوا إن الولايات المتحدة الأمريكية قد حقق نصرا أجوف في الحرب الباردة لأنها شاء ت أم أبت عليها أن تذوق مع حلاوة تزعم العالم مرارته فالمشاكل في العالم أصبحت أعظم وتشعبت وتراكمت سلبيات الحلول القسرية والمشاكل الاقتصادية تعاظمت والجبهات تعددت وأساليب الأمس تبدوا لا تنفع اليوم كما إن الحلول العسكرية مثل دواء لا تنفع مع (أمراض العصر)السياسية وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق