الجمعة، 24 يونيو 2011

أناركيون تحت الشمس ( 1 )

مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 3405 - 2011 / 6 / 23
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع

أناركيون تحت الشمس ( 1 )
سيرة حياة بعض المناضلين الأناركيين

مقدمة المترجم
الحقيقة هي أن الأناركيين مثلهم مثل كل المضطهدين في هذا العالم لا يعيشون حتى اليوم تحت الشمس , من كان يفعل ذلك منهم , كباكونين و تولستوي و كروبوتكين , ابتعد فورا عن الامتيازات التي ورثها بمجرد أن أصبح أناركيا , إن الأناركيين لن يعيشوا تحت الشمس إلا إذا أصبح كل البشر دون استثناء يعيشون جميعا تحت الشمس أي في مجتمع يتألف من بشر أحرار و متساوين , العنوان هنا مجازي فقط , أيضا لا يعني العنوان أن من سقط مثلا في النضال ضد الطبقات السائدة أو ضد التيارات السلطوية في الحركة العمالية و الشعبية هو من طبيعة مختلفة عن أي إنسان مضطهد قرر أن يقاوم من يضطهده , هذا غير صحيح فمصير الإنسان تقرره الكثير الكثير من المصادفات و الأحداث الخارجة عن إرادته و شجاعته أو "بطولته" لا تتحدد فقط بأن يقتل مثلا في خضم هذا النضال , إذن ما الذي يعنيه العنوان الذي يفترض أن يطل عليكم كل عدة أيام و تحته سيرة مناضل أناركي ما , إنه يعني شيئا واحدا , أننا , نحن الأناركيون العرب , الذين خرجنا للتو من رحم الناس و الحياة لننخرط على الفور في نضالات هؤلاء البشر هذه النضالات التي تشهد هذه الأيام صعودا هائلا , حيث ترتفع رايات الأناركية الحمراء و السوداء في مصر و المغرب و لبنان و حتى في بعض الشوارع السورية المنتفضة , و في بعض الأحيان من أناركيين لا نعرف عنهم أي شيء بعد سوى أنهم يرون في هذه الراية تعبيرا عن العالم الذي يتوقون لخلقه و العيش فيه , أي عالم من بشر أحرار و متساوين , إن ما يعنيه العنوان ليس أكثر من أن نقرأ كيف عاش و صمد أشخاص آخرون قادتهم ثورتهم على أوضاعهم و على انعدام الحرية و العدالة في العالم لأن يصبحوا أناركيين و لأن يناضلوا تحت الراية الثورية للأناركية ضد الطغيان و الاستغلال و الاستلاب , إننا فقط نقرأ "بطولاتهم" ( التي هي مجرد حالة إنسانية رائعة ) لأننا نحتاج إلى مثال كهذا لنستمد منه القوة أيضا , فقط لأننا نحتاج لهم لكي نخلق نحن أيضا "بطولاتنا" القادمة .....

كونستانتيونس سبيراس 1893 – 1943

سيرة حياة كونستانتيونس سبيراس , و هو نقابي أناركي يوناني و أحد رواد حركة الطبقة العاملة النقابية في اليونان . قضى الجزء الأكبر من حياته في السجن و المنفى حتى قتل في عام 1943 على يد الأنصار اليونانيين الذين يقودهم الشيوعيون أثناء احتلال قوات المحور لليونان في الحرب العالمية الثانية .
ولد كونستانتينوس سبيراس في لوتازيا الغربية على جزيرة سيريفوس . كان والده جيورجيوس , بحارا بالمهنة . والدته بوليكسيني ني بيلوبونيسوس ...
سنوات عمره المبكرة
نشأ سبيراس في جزيرة سيفيروس , ثم انتقل إلى الاسكندرية بمصر في عام 1907 و هو في عمر الرابعة عشرة . في القاهرة درس في كلية الأخوة الفرنسية . تذكر ابنته الثالثة أرتيميسيا – نيفيلي قصتين من تلك المرحلة في حياة والدها . الأولى أنه قد ربح مسابقة لسباحة المراهقين , لكن المدير منح الجائزة لابن عائلة بارزة في المجتمع اليوناني في الاسكندرية . الثانية أنه سبيراس اتهم بالغش أثناء امتحانات المدرسة , و كان رده أن رمى بمحبرة على المدير ليشج له رأسه .
أصبح سبيراس في مصر عامل تبغ و بدأ بالاتصال مع اللاسلطويين ( الأناركيين ) و الأناركيين النقابيين الذين كانوا في الغالب مهاجرين إيطاليين و يونانيين , و كانوا نشيطين جدا في تلك المرحلة بين عمال التبغ في الاسكندرية و القاهرة . سافر سبيراس إلى الكثير من الدول الأوروبية و كان يتقن الفرنسية و العربية . عندما عاد إلى سيريفوس أجبرته الضائقة المالية على أن يبيع إرثه من والدته و سرعان ما سينخرط في نشاط نقابي و سياسي هائل . كان سبيراس من بين الأعضاء المؤسسين للمركز العمالي في أثينا في عام 1910 , كما أصبح عضوا في المركز الاشتراكي في أثينا في وقت أيد فيه اشتراكيون من عدة اتجاهات هذه المنظمة التي أسسها نيلكولاس جيانيوس .
في آذار مارس 1914 وجد نفسه في كافالا , حيث شارك في إضراب كبير لعمال التبغ , اعتقل أثناءه و أرسل إلى السجن في تريبولي ( طرابلس ؟ ) .
إضراب عمال مناجم سيريفوس 1916
في عام 1916 استجابة لطلب عمال المناجم المحليين عاد سبيراس إلى سيريفوس , حيث أسس نقابة محلية , نقابة العمال و عمال المناجم في سيريفوس و أصبح أول رئيس لها . و وضع أيضا مسودة "للقرار التأسيسي" للنقابة الذي اعتبر الأكثر ثورية و راديكالية في تلك الفترة . كرئيس للنقابة قام بالدفاع عن حقوق العمال ضد طغيان شركة المناجم التي حافظت على علاقات قريبة جدا مع حكومة أثينا .
عندما أدرك العمال أن احتجاجاتهم المستمرة إلى سيروس و صحف أثينا لم تجد نفعا , انفجر إضراب عمال المناجم التاريخي في عام 1916 . لكن الإضراب قمع بوحشية من قبل الجندرما الملكية , الذين جاؤوا لمساعدة أصحاب المناجم . أدت الصدامات بين عمال المناجم ( تساعدهم عوائلهم ) و بين قوات ( الجندرمة الملكية ) لمقتل 4 عمال و 4 من الجندرمة و عشرات المصابين . كان العمال القتلى هم : ميكائيل زويلوس , ثيميستوكليس كوزوبيس , ميكائيل ميتروفانيس و لوانيس بروتوباباس .
على إثر الإضراب اعتقل سسبيراس و سجن إلى جانب مضربين آخرين في سجن سيروس . هناك كتب سجلا عن أحداث الإضراب نشر عام 1919 تحت عنوان "الإضراب في سيريفوس , هذه قصة المشاهد الدموية للحادي و العشرين من أغسطس آب 1916 في مناجم ميغالو ليفادي في سيريفوس". في عام 1917 نقل إلى سجن في قعلة فيركا في تشانيا . بينما كان هناك تقدم بطلب إلى مركز العمال في تشانيا طالبا دعمهم .
في أغسطس آب 1918 أسس سبيراس بالتعاون مع كوستاس باستونوبولوس , و هو اشتراكي معتدل , و آخرون جمعية لتثقيف العمال في بلدة إيرموبولي في جزيرة سيريفوس . ساعدت الجمعية على إصدار جريدة العامل , لسان حال مركز العمال في سيكلاديس .
المؤتمر الأول للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين
GSEE
شارك سبيراس بفعالية في العملية التي أدت لتأسيس الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين , ممثلا عن التيار اللاسلطوي ( الأناركي ) النقابي . ضم هذا التيار عددا كبيرا من المندوبين و كان أبرز ممثليه , سبيراس , جيانيس فانوراكيس , سافروس كوتشتسوغلو . كوتشتسوغلو كان واحدا من أبرز اللاسلطويين ( الأناركيين ) اليونانيين في تلك المرحلة . و هو إنسان علم نفسه بنفسه و كان ناشطا جدا في مصر و اليونان و تركيا و كتب كراسات و مقالات عدة و كان قد التقى إيريكو مالاتيستا شخصيا .
عقد المؤتمر الأول للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين بين 21 و 28 أكتوبر تشرين الأول 1918 . كان سبيراس أول من ذكر مبدأ الصراع الطبقي في خطابه أمام المندوبين . حث سبيراس على أن تبقى الكونفيدرالية مستقلة عن تأثير كل الأحزاب السياسية و عبر عن دعمه للأعمال المناهضة للبرلمانية لأعضاء الكونفيدرالية . كانت هذه المواقف على اتفاق تام مع مواقف النقابيين اللاسلطويين ( الأناركيين ) الأوروبيين التي تبنوها بعد 5 سنوات أثناء مؤتمر برلين , الذي عقد بين 22 ديسمبر كانون الأول 1922 حتى 2 يناير كانون الثاني 1923 .
طرح ممثلو التيارات الاشتراكية المختلفة في المنطقة مواقفا تعارض مواقف سبيراس و بقية اللاسلطويين ( الأناركيين ) النقابيين . و دافعوا عن علاقات وثيقة جدا بين الكونفيدرالية و بين الحزب الاشتراكي – الذي كان قد أسس قبل عدة أسابيع . و عرضوا في هذا السياق مسودة قرار , تبقى فيه الكونفيدرالية مستقلة فقط عن أي تاثير برجوازي . جرى نقاش مطول و شاق حول هذه القضية أثناء المؤتمر و دافع ممثلو كلا التيارين عن مواقفهم بإصرار . خاطب إي . ديلازانوس – أحد المندوبين من فيدرالية ( التقدم ) و حليف مقرب من الاشتراكي ز . جيانيوس – المؤتمر قبل التصويت بوقت قصير قائلا : "احذورا ايها العمال ! لا تقعوا فريسة الكلمات الجميلة للأناركيين ! يجب سحق الأناركية في المقام الأول . "خارج السياسة" هو شعار أناركي , يخدم في الحقيقة مصالح البرجوازية" .
في التصويت الذي جرى صوت 158 إلى جانب قرار الاشتراكيين السلطويين مقابل 21 . فتح هذا التصويت طريقا ماساويا أمام حركة الطبقة العاملة في اليونان , التي استدرجت لكي تلتصق ( تلحق ) بنفوذ الدولة أو الأحزاب السياسية – خاصة الحزب الشيوعي – و بأهدافها , بحيث أنه يمكننا الآن أن نجيب بشكل أكيد على سؤال "لماذا كانت ( هذه الحركة ) تخدم في الممارسة الفعلية مصالح البرجوازية ؟" .
لكن سبيراس كان عضوا منتخبا في اللجنة المشرفة على الكونفيدرالية و أكد انتخابه دينامية التيار اللاسلطوي ( الأناركي ) النقابي في تلك الفترة .
تأسيس حزب العمال الاشتراكي في اليونان
بعد عدة أسابيع في 4 نوفمبر تشرين الثاني 1918 شارك الممثلون الأبرز للتيار اللاسلطوي النقابي في المؤتمر التأسيسي لحزب العمال الاشتراكي في اليونان الذي أصبح فيما بعد الحزب الشيوعي في اليونان .
بالحكم على مواقفهم في الفترة بين المؤتمر التأسيسي للمنظمة و حتى المؤتمر الثاني من الواضح أن النقابيين اللاسلطويين لم يعارضوا تشكيل جهاز ( أو منظمة ) اشتراكي مستقل و متنوع . لكن لم يمر وقت طويل حتى وصلت الخلافات بين التيارين المتعارضين إلى الذروة .
في مارس آذار 1920 شارك كوستاس سبيراس كسكرتير خاص في مؤتمر عمال المناجم و عمال مناجم الفحم الذي عقد في أثينا , بغرض تأسيس فيدرالية لعمال المناجم .
في أبريل نيسان 1920 عقد حزب العمال الاشتراكي مؤتمره الثاني . و طرد فيه كونستانتينوس سبيراس و جيانيس فانوراكيس من الحزب كعناصر معادية للحزب . تحدثت جريدة الراديكالي – الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي اليوناني – أيضا عن محاولة لطرد سبيراس من الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين . لكن تبين أن هذا كان مستحيلا , بسبب تأثيره الكبير على الطبقة العاملة الأثينية و على عدد كبير من المندوبين . في 17 مايو ايار 1920 اعتقل سبيراس و قالت جريدة العلم الأحمر , لسان حال المنظمة الشيوعية في أثينا : ".. هذا شرف لنا لأن رفيقنا قد سجن بسبب إيديولوجيته العمالية .." .
المؤتمر الثاني للكونيفدرالية العامة للعمال اليونانيين
في 1920 عقد المؤتمر الثاني للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين بين 30 سبتمبر أيلول و 3 أكتوبر تشرين الأول . شارك فيه سبيراس كسكرتير لاتحاد عمال تبغ أثينا , و اتضح أن التيار اللاسلطوي النقابي كان قويا و تألف من ثلث المندوبين .
ما أن افتتح المؤتمر حتى اقترح سبيراس انسحاب الكونفيدرالية من أممية أمستردام النقابية , و هي منظمة اشتراكية ديمقراطية . جاءت المعارضة لهذا الاقتراح من جزء من حزب العمال الاشتراكي . يجب أن نذكر هنا أنه في تلك الفترة كانت كل فيدراليات الطبقة العاملة اللاسلطوية النقابية الرئيسية تشارك بفعالية في عملية إقامة الكومنترن ( الأممية الثالثة ) .
كانت القضية الأساسية للمؤتمر هي تعاون الكونفيدرالية و علاقتها مع حزب العمال الاشتراكي . دافع سبيراس و أعضاء آخرون من التيار اللاسلطوي النقابي عن استقلالية الكونفيدرالية , بينما أصر أعضاء حزب العمال الاشتراكي على التعاون بينهما . جاء التصويت لصالح وجهة النظر الثانية 157 مقابل 54 .
المسألة الثانية في المؤتمر كانت مسألة المساواة ( المعادلة ) بين الكونفيدرالية و حزب العمال . دعا اللاسلطويون النقابيون من خلال جيانيس فانوراكيس إلى أنه يجب أن تمثل المنظمتين بعدد متساوي من المندوبين , الذين يجب أن يكونوا متساوين في كل المسائل السياسية . بينما أصر مؤيدو حزب العمال الاشتراكي على أن يتولى الحزب دورا موجها و أكدوا هيمنتهم في التصويت الذي تلى هذا النقاش ب 104 مقابل 40 . في خطابه أمام المؤتمر خصص ن . ديميتيريوس ( أحد مؤيدي حزب العمال ) الدور السياسي الموجه لحزب العمال الاشتراكي و المسؤولية عن الحركة النقابية للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين . كان رد سبيراس حادا . و هو يقرأ تعميما مشابها صادرا عن الكومنترن تمسك بالطبيعة الموحدة و الجماهيرية للكونفيدرالية و رفض "أولئك الذين يريدون تقسيم" الطبقة العاملة .
دعم سبيراس في خطابه العمل الديمقراطي المباشر للنقابات . مؤكدا على أنه يجب على العمال أن يشاركوا مباشرة في عملية اتخاذ القرارات من خلال جمعيات الكوادر . هكذا أصبح سبيراس في مواجهة مباشرة مع قيادة حزب العمال الاشتراكي التي تمسكت بأنه هذا الحق هو حصري بالعمال الصناعيين .
كانت مشاركة المجموعة النقابية اللاسلطوية في تعديل قواعد معينة لعمل الكونفيدرالية مهمة على نفس الدرجة . اقترحت المجموعة لامركزية عملية اتخاذ القرارات بنقلها من مستوى الفيدرالية إلى المراكز المحلية للعمال . و دعا سبيراس أيضا إلى أنه يجب على العمال أن يتنظموا ليس في فيدراليات نقابية لكل مهنة بل في فيدراليات موحدة في أماكن العمل , و هو مبدأ تتمسك به حتى الآن المنظمات اللاسلطوية النقابية .
منظمة الحياة الجديدة و حزب العمال المستقل
رغم طرده من حزب العمال الاشتراكي في اليونان حافظ سبيراس على تأثيره بين جماهير الطبقة العاملة . فقد انتخب سكرتيرا لفيدرالية عمال التبغ النشيطة و نجح في جعل الكثيرين فيها يتخلون عن حزب العمال الاشتراكي ليشكل معهم فيما بعد مجموعة الحياة الجديدة التي أصدرت في مارس آذار 1921 جريدة شيوعية مرتين أسبوعيا بنفس الاسم . بينما كانت مجموعة الحياة الجديدة مجموعة شيوعية فإنها لم تكن ماركسية أو لينينية حصرا . كان معظم أعضائها نقابيين لاسلطويين أو مناهضين للسلطوية و لم تكن تتبع الحزب الشيوعي "الأورثوذوكسي" الخ . دعمت المجموعة عند تأسيسها الأممية الثالثة لكنها فيما بعد سحبت تأييدها هذا كما فعل الكثير من اللاسلطويين و اللاسلطويين النقابيين في تلك الفترة .
مارست المجموعة تأثيرا هاما على الطبقة العاملة في أثينا , و شارك سبيراس و فانوراكيس في إدارة مركز العمال في أثينا لفترة طويلة من الوقت . كما تعاونت المجموعة مع مجموعات و منظمات أخرى تشكلت عقب طرد اليسار الراديكالي من حزب العمال الاشتراكي في اليونان , كمجموعة ( الشيوعية ) و ( الشبيبة الشيوعية المستقلة ) , و كلاهما من أنصار العقائد البلشفية .
في نوفمبر تشرين الثاني 1921 بعد دعوة فيدرالية عمال الترامواي إلى الإضراب اعتقل سبيراس ثانية و سجن في سجن سيغورو .
في شتاء 1922 أسست منظمة الحياة الجديدة حزب العمال المستقل . و جرت تحركات مشابهة بعد عدة سنوات في أوروبا بما في ذلك تأسيس الحزب النقابي في إسبانيا من قبل أنخيل بيستانا , و هو عضو سابق إصلاحي في الكونفيدرالية العامة للشغل في إسبانيا .
كان غالبية أعضاء الحزب الجديد من العمال . ذكرت جريدة ( غازيتا العمال ) أن العمال انضموا بكثافة إلى الحزب الجديد على امتداد اليونان . انعكست طبيعته العمالية إضافة إلى بعده عن عقائد الكومنترن في "إعلان أهدافه و مبادئه" : يمكن للعمال من خلال كونفيدراليتهم الموحدة أن يتجاوزوا خلافاتهم السياسية و أن يدافعوا عن مصالحهم .
انحل حزب العمال المستقل فيما بعد في عام 1925 نتيجة للقمع تحت ديكتاتورية ثيودوروس بانغالوس .
الطرد من الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين
في بعد ظهر رابع يوم من المؤتمر الثالث للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين , يوم الثلاثاء 30 مارس آار 1926 طرد سبيراس من الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين رغم احتجاج الكثير من المندوبين . تلى ذلك معارضة قوية من تزيماس , أحد مندوبي الحزب الشيوعي في اليونان . لكن أفرام بينارويا خصم سبيراس الرئيسي منذ المؤتمر الأول للكونفيدرالية أدلى بشهادة وصف فيها سبيراس ب"عدو الطبقة العاملة" و أن طرده كان "منصفا" .
في دفاعه قال سبيراس أن الهجوم ضده تم تنظيمه من قيادة الحزب الشيوعي اليوناني ( حزب العمال الاشتراكي سابقا ) , و بدأه في اليوم الثاني من المؤتمر مندوبو الحزب الشيوعي غياكوماتوس , مارنيروس , و إيفاناغيلوس . أدان سبيراس الحزب الشيوعي أيضا لأنه أطلق ضده حربا شعواء , لم يعد قادرا نتيجة لها أن يجد عملا حتى . السبب وراء هذه الحرب كانت , كما قال سبيراس , معارضته لارتباط الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين بالكومنترن . دافع سبيراس عن نفسه كمعادي للعسكريتاريا و وقف ضد اتهامه بأنه "عميل للدولة" . و شجب إيفانغيلوس ( أحد قادة الحزب الشيوعي ) لمحاولته شق طريقه بالرشوة إلى منصب الأمين العام للكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين بخمسين ألف دراخما وعد بها تحالف الطبقات العاملة ( مجموعة اشتراكية ) من خلال فوروس الذي يعمل صحفيا .
سنواته الأخيرة
يعرف القليل فقط عن حياة سبيراس بعد طرده من الكونفيدرالية العامة للعمال اليونانيين . من عام 1930 فما بعد عمل كقاطع للتذاكر في سكك حديد أثينا – بيرايوس الكهربائية . و لفترة قصيرة سكن في منطقة كولوكينثو , ثم انتقل بعدها إلى ميتاكسورغيو , في 68 شارع كونولوس , في الطابق الأرضي لمنزل يتألف من طابقين . تألف منزله من غرفة نوم , صالة و مطبخ . في 1931 تزوج ثانية من مارينا ستاماتاكي و رزق بابنة ثالثة , أرتيمسيا – نيفيلي .
من الأكيد أنه قد شارك في حركة عمال السكك الحديدية و في الإضرابات الكبرى التي اندلعت أثناء تلك الفترة . و من الأكيد أيضا أنه قد اختلف مع مجموعة قيادة هذه النقابة ( تحت قيادة د . ستراتيس ) .
كتب سبيراس تاريخ حركة الطبقة العاملة , لكن هذا العمل سرقه لسوء الحظ د . ستراتيس في عام 1957 و هو مقفود منذ ذلك الوقت .
أثناء حياته تعرض سبيراس للاعتقال , السجن أو النفي 109 مرات . آخر فترة قضاها داخل السجن كانت تحت ديكتاتورية إيوانيس ميتاكاس , حيث قضى بعض الوقت في سجن جزيرة سكوبيولوس . أطلق سراحه و هو نصف ميت , بعد إعلان الحرب اليونانية الإيطالية بوقت قصير . أنقذ حياته أحد أطباء سيريفوس الذي عالجه مجانا . أثناء احتلال قوات النحور لليونان , كان يعيش مع عائلته في ميتاكسورغيو .
موته
في 14 سبتمبر أيلول 1943 استدعاه الكابتن أورستيس إلى اجتماع في قرية ماندرا , التي تقع بعيدا خارج أثينا . "أوستيس" هو الاسم الحركي لخريستوس مودريهاس , و هو كادر كبير في الحزب الشيوعي اليوناني و أحد قادة قوات المقاومة التي يودها الشيوعيون . و قد أحس بالخطر ودع سبيراس أسرته و توجه إلى اللقاء . بعد وقت قصير قام مودريهاس و أتباعه بقطع رأسه ثم نثروا بقايا جسده في مكان ما من أتيكا الغربية . لم يعرف المكان الدقيق لدفن جثته أبدا . في 28 أكتوبر تشرين الأول 1943 نشرت جريدة الراديكالي – الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي اليوناني حتى وقتنا هذا – السطر التالي : "لقد اعتقلنا سبيراس ال.. "
في مذكراته كتب أغيس ستيناس أن اسم سبيراس كان على قوائم الإعدام أو الموت التي وضعتها قوات الأنصار اليونانيين التابعة للحزب الشيوعي اليوناني إضافة إلى اسماء مناضلين آخرين من مناضلي الطبقة العاملة , و أعضاء من المعارضة الشيوعية اليسارية أو أناركيين عارضوا الحزب الشيوعي اليوناني .
كان كونستانتين سبيراس أحد رواد الحركة النقابية للطبقة العاملة في اليونان . و قضى الجزء الأكبر من حياته في السجن و المنفى . و حارب بكل قوته في سبيل انعتاق الطبقة العاملة , و في سبيل حركة نقابية مستقلة ذاتيا , في سبيل مجتمع من دون عبيد أو سادة . و كان يمثل النقابية الثورية و بالنتيجة كان عليه أن يتحمل غضب الدولة و الحزب الشيوعي . و تعرض أيضا للافتراء , و جرى تشويه أعماله و كتاباته و اخيرا تم قتله , إلى جانب الكثير من مناضلي الطبقة العاملة , باسم الطريقة الوحيدة و الواحدة "الأورثوذوكسية" للاشتراكية .

نقلا عن http://libcom.org/library/constantinos-speras

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق