... لكي نلخص : العمل ، كونه سلعة بنفسه ، القياس بوقت العمل الذي يحتاج
اليه لانتاج عمل ــ السلعة . وماذا يحتاج لانتاج هذا عمل ــ السلعة ، يكفي عمل
لانتاج الأشياء التي يستغني عنها لايجاد عمل دائم اي لابقاء العمال احياء وفي حالة
ما ، لابقاء ذرياتهم . ان السعر الطبيعي ليس الا أقل نسبة للاجور . فاذا ارتفعت
نسبة الاجور حذف هذا السعر الطبيعي يكون لأن قانون القيمة ــ كمبدأ وضعه برودون ــ
يجب ان يخضع لنتائج تغيرات علاقة العرض والطلب . وان أقل نسبة للاجور هي المحور
الذي تدور حوله نسبة الاجور .
وهكذا فالقيمة النسبية ، اذ تقاس بوقت العمل ،
هي في الواقع القاعدة لعبودية العامل في الوقت الحاضر ، عوضآ ان تكون كما يريدها
برودون (( النظرية الثورية )) لتحرير البروليتاريا .
وننظر الآن الى أي حد يتوصل بتطبيق وةقت العمل
كمقياس للقيمة والى أي حد تتمكن هذه النظرية ان تنطبق على الصراع الطبيعي القائم
على المساواة في توزيع الانتاج بين العامل المتوسط وبين المالك للعمل المجتمع .
لنأخذ منتوجآ مثلآ الحرير . يبقى هذا المنتوج
كمية معينة من العمل . وتبقى هذه الكمية من العمل دائمآ نفس الشيء مهما يكن موقف
هؤلاء الذين يعملون على انتاج هذا الصنف مشرفآ .
لنأخذ
منتوجآ آخر : نوع من الالبسة الصوفية الذي يتطلب نفس الكمية من الحرير .
فاذا تم التابادل بين هذين المنتوجين ، يوجد
عندئذ تبادل كميات متساوية من العمل . ولدى تبادل هاتين الكميتين المتعادلتين في
وقت العمل نرى ان احدهما لايقوم مقام الآخر بالنسبة للمنتجين . وعندما نقول ان هذا
التبادل في المنتوجات التي تقاس بوقت العمل ينتج بالتساوي بالنسبة لكل المنتجين ،
هذا يعني اننا نفترض ان المساواة في الاشتراك في المنتوج وجدت قبل التباد . وعندما
يتم تبادل الحرير بالملبوسات الصوفية نرى ان منتجي الألبسة الصوفية يشتركون في
انتاج الحرير بنسبة مساوية لتلك التي اشتركوا فيها في الالبسة الصوفية .
ان خيال برودون لم يبرهن الا افتراضآ وهميآ .
والآن لنستمر في بحثنا .
هل يفترض وقت العمل ، كمقياس للقيمة ، ان
الايام متساوية وان عمل يوم رجل كعمل يوم رجل آخر ؟ كلا . لنفترض ان عمل جوهري
بيوم واحد يساوي نتاج عمل ثلاثة أيام ، قالواقع هو أن اي تغيير في قيمة الجواهر
تبقى نسبية للمواد المنتوجة الا اذا تأثرت بقانون العرض و الطلب ــ وهذا يجب ان
يكون كسبب لتنقيص أو لزيادة في وةق العمل المصروف في انتاج الصنف الواحد او الآخر
. فاذا كان عمل ثلاثة عمال مختلفين يوضع في نسب آتية : 1 ــ 2 ــ 3 ، فعندئذ يكون
أي تغيير في القيمة النسبية لمنتوجاتهم تغييرآ في نفس النسبة 1 ــ 2 ــ 3 ، وهكذا
يمكن ان تقاس القيم بوقت العمل ، بالرغم من عدم المساواة في قيمة ايام عمل مختلفة
، ولكن لكي نطبق مقياسآ كهذا يجب علينا تكون لدينا قاعدة قابلة لقياس ايام عمل
مختلفة . اها المنافسة التي تسبب هذه القاعدة .
هل ان ساعة تقوم بها لها قيمة اكثر من ساعة عمل
اقوم بها ؟ هذا سؤال تجيب عليه المنافسة .
المنافسة بنظر الاقتصاديين الامريكيين تححد كم
يومآ من العمل البسيط موجود أو متضمن في يوم واحد من العمل المركب . الا يفترض
تنقيص ايام عمل مركب ليام عمل بسيط ان العمل البسيط يؤخذ كمقياس للقيمة ؟ اذا كان
مجرد كمية العمل يعمل به كمقياس للعمل غير آخذين نوع العمل بعين الاعتبار ، ان هذا
يفترض ان العمل البسيط قد اصبح محور الصناعة . انه يفترض ان العمل قد تساوي بخضوع
الانسان للآلة أو تساةدوي التقسيم المتطرف للعمل ، ان الناس يتأثرون بعملهم ، وان
دقاق الساعة اصبح مقياسآ دقيقآ للنشاط النسبي لعاملين كما ان هذا الدقاق يعد
مقياسآ لسرعة قاطرتين . لذلك يجب ان لا نقول ان عمل رجل مدة ساعة يساوي عمل رجل
آخر مدة ساعة ، اي ان رجلآ واحدآ يستحق اثناء ساعة مايستحه رجل لعمل ساعة أخرى .
اصبح الوقت كل شيء و الانسان لاشيء واصبح ضحية الوقت . ان النوع او الكمية لايهم ،
لكن الكمية وحدها هي التي تقرر كل شيء ، ساعة مقابل ساعة ، لكن هذة المساواة في
العمل ليست نتيجة لتفكير برودون بعدله الابدي ، بل هي واقع الصناعة الحديثة .
نجد في المعمل الاوتوماتيكي ان لا فرق بين عمل
عامل وعمل عامل آخر : نميز العمال عن بعضهم بطول الوقت الذي يقضونه في عملهم .
وهذا الاختلاف الكمي يصبح بعض الاحيان كيفيآ عندما يعتمد الوقت الذي يقضونه في
عملهم على اسباب مادية بحتة مثل ــ البنية المادية ، العمر ، الجنس ، وعندما
يعتمد على اسباب اخلاقية سلبية بحتة مثل الصبر وتحمل المشقات و الانتباه .
فان هذا الاختلاف في النوع ليس مهما ويجب ان نعطيه مفهومآ خاصآ . وتتوصل الى هذا
الحد حالة الاعمال في الصناعة الحديثة . وبناء على هذه المساواة التي تتحقق في
العمل الاوتوماتيكي نجد برودون يحيك مشروعه في المساواة اذ يريد ان يتحقق مشرعه في
العالم في الايام المقبلة .
ان كل نتائج المساواة التي اقتبسها برودون عن
مبدأ ريكاردو قائمة على خطأ في الاساس . انه يخلط بين قيم السلع التي تقاس بكمية
العمل المتضمن بها وبين السلع التي تقاس بكمية العمل . ولو كانت هاتان الطريقتان
لقياس قيمة السلع متساويتين ، لكنا نقدر ان نقول ان القيمة النسبية لاية سلعة تقاس
بكمية العمل المتضمن بها ، او انها تقاس بكمية العمل المتضمن بها ، او انها تقاس
بكمية العمل التي تقدر ان تشتري بها ، او انها تقاس بكمية العمل المطلوب لانجازه .
لكن هذا ليس كما هو . ان قيمة العمل لايخدم بعد كمقياس للقيمة اكثر مما يخدم
كمقياس لقيمة أية سلعة اخرى . وهانحن نقدم بعض الامثلة التي تكفي ان تشرح ماقالناه
.
اذا كان مكيال من الحنطة يكلف عمل يومين عوضآ عن
عمل يوم واحد ، فيكون لة ضعفي قيمة الاصلية ، لكنه لا يبرهن عن أنه يستحق ضعفي
كمية العمل لانه لا يحتوي مادة مغذية أكثر مما احتواه من قبل . وهكذا فان قيمة
القمح تتضاعف اذا قيست بكمية العمل المستعمل لانتاجه . لكن اذا قيست اما بكمية
العمل التي يمكن ان تشتري به ، بناء على هذا لايمكن ان تضاعف قيمته . ومن جهة
ثانية ، اذا انتج نفس العمل مرتين اكثر من كميات الثياب فان قيمتها النسبية تسقط
الى النصف لكن هذه الكمية المضاعفة من الثياب لاتنقص الى نصف كمية العمل ، و
لايمكن لنفس العمل ان يؤدي نصف الكمية من الثياب ، لأن الثياب تقدم للعمل خدمة كما
كانت من قبل .
وهكذا تكون ضد الوقائع الاقتصادية اذا حددنا
قيمة السلع النسبية بكمية العمل ، اذا فعلنا هذا فاننا ندور في حلقة مفرغة اذ نحدد
قيمة نسبية اخرى يجب ان تتحدد .
ان برودون يخلط بين المقياسين ، بين المقياس
بوقت العمل الذي يحتاج لانتاج سلعة و بين المقياس بقيمة العمل . يقول (( ان عمل اي
انسان يقدر ان يشتري القيمة التي يمثلها )) . وهكذا بالنسبة له ، نجد ان كمية
معينة من العمل المتضمن في منتوج يساوي مايدفع للعامل ا] لقيمة العمل . انه نفس
المنطق الذي يجعله ان يخلط بين تكاليف الانتاج و الاجور .
(( ماهي الاجور ؟ انها تكاليف اثمان القمح الخ
.. انها السعر الاجمالي لكل الأشياء )) . لنذهب أبعد من هذا الحد (( الاجور هي
السبة بين العوامل التي تشكل الثروة )) . وماهي الاجور ؟ هي قيمة العمل .
ان آدم سميث يحسب العمل وقت العمل كمقياس
القيمة الذي يحتاج له لانتاج سلعة ويحسب ايضآ قيمة العمل كمقياس للقيمة . ويعرض
ريكاردو هذا الخطأ عندما يظهر بوضوح الفرق بين هاتين الطريقتين لاتخاذهما طريقآ
للمقياس . ويمضي برودون في خطأه أبعد من آدم سميث .
ان برودون يفتش عن مقياس لقياس القيمة النسبية
للسلع حتى يجد النسبة الحقة لكي يقدر العمال ان يتشاركوا في المنتوجات او حتى يحدد
القيمة النسبية للعمل . ولكي يجد المقياس لقياس القيمة النسبية للسلع فهو يقدر ان
يفكر بلا شيء احسن من يجعل المساواة في كمية معينة من العمل كحاصل مجموع المنتوجات
التي خلقتها ، وهذا لايعني الا انه افترض ان كل المجتمع يحتوي على عمال يستلمون
منتوجهم الخاص كأجور . وفي النقطة الثانية ، يفترض المساواة في ايام العمل لعمال
مختلفين . وهو يفتش عن المقياس لقياس القيمة النسبية للسلع حتى يصل الى ان يدفع
للعمال بالتساوي ، وهو يتخذ من المساواة في الاجور كدافع حقيقي حتى يقدر ان يفتش
عن القيمة النسبية للسلع ، ان هذا الحوار لهو حوار ديالكتيكي ممتاز ! .
(( لقد لاحظ ساي و الاقتصاديون الذين أتو بعده
ان العمل يخضع للقيم وان سلعة كأية سلع أخرى . ان هؤلاء الآقتضاديين اظهروا اهمالآ
كبيرآ عندما اعلنوا هذا . يقال ان العمل له قيمة ولكن ليس كقيمة السلعة نفسها . ان
قيمة السلعة تعبير صوري ، انها خزانة كخزانة انتاج رأس المال . ان العمل ينتج رأس
مال له قيمتة .. نجد شخصآ يتكلم عن قيمة العمل . العمل كالحرية .. انه شيء غامض
وغير محدود بالطبعة ، لكنه يتحدد بطريقة واضحة كيفيآ بالشيء المتعلق به ، أي انه
يصبح حقيقة بواسطة الانتاج )) ـــ الجلد 1 صفحة 61 .
(( لكن هل توجد حاجة لنعتقد بهذا ؟ في الوقت
الذي يغير فيه الاقتصادي اسم الاشياء أي الاسم الحقيقي للاشياء فانه يعترف بتقصيره
ويبرهن انه غير جدير للسبب )) . ـــ برودون المجلد 1 صفحة 188 .
لقد رأينا ان برودون يجعل قيمة العمل (( السبب
القائم المحدد )) لقيمة المنتوجات لدرجة ان الاجور بالنسبة له وهي الاسم المرسحي لقيمة
العمل ، تشكل مقرآ واحدآ لجميع الاشياء : وهذا هو السبب الذي يزعجه لاعتراض ساي
عليه . في العمل كما هو في السلعة لايرى شيئآ الا التغير اللفظي . هكذا المجتمع
كله ، المؤسس على تعبير صوري وسعري فاذا أراد المجتمع ان يخفف من عوامله التأخري
التي تمنعه عن التقدم عليه ان يخفف ويقضي على كل التعابير المرضية وعليه ان يغير
اللغة . وبعد كل هذا رأينا انه من السهل ان نرى برودون في عمله بالاقتصاد السياسي
انه صور وشعره المعاني اللغوية و السمفونية فنرى ان تحوير برودون للفيلولوجيا يلعب
دورآ كبيرآ في جدال برودون .
ان العمل بقدر مايباع ويشتري يد كأية سلعة اخرى
وله قيمة تبادل ، لكن قيمة العمل و العمل كسلعة ينتج قليلآ كقيمة القمح أو القمح
كسلعة ، تخدم كطعام .
ان العمل تكترث قيمته او تقل بالنسبة للسلع
الغذائية ان كانت غالية أو رخيصة ، وفيما اذا كان العرض او الطلب على الايدي
العاملة توجد لدرجة ما الخ ...
ان العمل ليس (( شيئآ غامضآ )) انه دائمآ عمل
محدود ، وليس العمل وحده الذي يباع ويشتري ، وليس العمل وحده الذي يحد كيفيآ
بالنسبة للشيء ، لكن الشيء ايضآ يتحدد بقيمة العمل النوعي .
فالعمل ، طالما انه يباع ويشتري ، يكون سلعة .
لماذا يشترى ؟ (( لسبب القيم التي يعترض انه يتضمنها )) لكن اذا قيل عن شيء ما انه
سلعة ، فحينئذ لايمكن أن يسأل لماذا يشترى ، يعني بالنسبة للمنفعة التي تستنتج منه
، ولنوع المفهوم الذي يقدمه . انه ( أي العمل ) سلعة اذا قسناه بشيء ما . ان كل
جدل برودون نحدده بمايلي : ان العمل لايشتريى مشيء للاستهلاك كأداة للانتاج كما
تشترى الآلة . العمل كسلع له قيمته ولكنه لاينتج . كان برودون قد قال انه لا يوجد
شيء كهذه لسلعة ، ويحصل على أية سلعة لانها تعمل كهدف نافع وليس كسلعة ذاتها .
وعندما تقاس قيمة السلعة يلاخظ برودون انه من
المستحيل ان يتخلص من مقياس العمل كسلعة . انه يشعر بالخطأ عندما يعبر عن أقل نسبة
للاجور بالسعر الطبيعي او العادي للعمل ، ولكي يتخلص من هذه النتيجة المخيفة يقول
ان العمل ليس سلعة ولايمكن ان تكون له قيمة . وهو ينسى انه قد اتخذ قيمة العمل
كمقياس ، وينسى ان طريقته كلها تقوم وتعتمد على العمل كسلعة وعلى العمل الذي
يتبادل بالمقايضة ، وعلى العمل الذي يباع ويشترى ويتبادل بالمنتوجات الخ .. وعلى
العمل الذي هوة مصدر لكل العوامل . انه ينسى كل شيء .
ولكي يخلص طريقته فانه يوافق على ان يضحي
بمبادئها .
والآن نأتي الى دراسة تحديد ثان (( للقيمة
المشكلة )) .
(( ان
القيمة هي العلاقة النسبية للمنتوجات التي تشكل الثروة )) .
دعنا نلاحظ في الدرجة الاولى ان هذه الجملة
البسيطة (( القيمة التبادلية او النسبية )) تتضمن فكرة علاقة ما بين المنتوجات
التي تتبادل . وعندما تعطي اسم (( العلاقة النسبية )) لهذه العلاقة لايحصل تغيير
في القيمة النسبية ماعدا في التعبير . ان تحقير قيمة المنتوج يهدم نوعه كونه في ((
علاقة نسبية )) مع المنتوجات الاخرى التي تشكل الثروة .
ماذا ننتفع من هذا الشلاط الجديد اذ لا يعلمنا
فكرة جديدة ؟
تقترح (( العلاقة النسبية )) علاقات اقتصادية
اخرى مثل النسبة في الانتاج ، النسبة الحقيقية بين العرض والطلب الخ .. ويفكر
برودون في كل هذا عندما يريد ان يضع قاعدة للقيمة الحاصلة في السوق .
في الدجة الاولى ، بما ان القيمة النسبية
للمنتوجات تحدد بكمية العمل المقارنة المسعملة في الانتاج كله ، فان العلاقات
النسبية التي تنطبق على هذه الحالة الخاصة تعبر عن كمية معينة من المنتوجات التي
يمكن صنعها في وقت محدد التي يتم تبادلها الولحدة مع الاخرى .
دعنا ننظر ماذا يستنتج برودون من هذه العلاقة
النسبية .
يعلم كل واحد انه عندما يتوازن ويتعادل العرض
والطلب تتحدد القيمة النسبية لأئة سلعة بكمية العمل المتضمن به ، أي ان هذه القيمة
النسبية تقوم مقام العلاقة النسبية و تحتمل نفس المعنى . ان برودون يقلب نظام
ترتيب الأشياء . يقول ، ابدأ بقياس القيمة النسبية لمنتوج ما بكمية العمل المتضمن
به تجد عندئذ ان العرض والطلب يتوازنان و يتعادلان و الانتاج يطابق الاستهلاك ،
ويكون المنتوج ردآ قابلآ للتبادل وسعره الجاري يعبر بالظبط عن قيمته الحقيقية، و
عوضآ ان نقول كأي شخص آخر ، عندما يكون الطقس جميلآ نرى كثيآ من الناس يخرجون
للمتنزهات ، فان برودون يجعل شعبه يخرج للنزهة لكي يؤكد لهم ان الطقس جميل .
ان النتائج التي يقدمها برودون عن سعر السوق
المحددة مسبقآ بوقت العمل يمكن ان تحدد كما يأتي :--
سنتبادل المنتوجات في المستقبل بنفس النسبة
لتكاليف وقت العمل . فمهما تكن نسبة العرض و الطلب فان تبادل السلع سيتم اّا انتجت
بنسبة معادلة للطلب . لنترك برودون يضع قاعدة كهذه لنفسه وسنسامحه عن ضرورة تقديم
البراهين . وذا أصر على تحقيق فكرته ــ ليس كمشروع بل كاقتصادي ــ فعله ان يبرهن
ان الوقت الذي يحتاج له ليخلق سلعة يشير بالظبط الى درجة منفعتها ويشير اى علاقتها
النسبية بالطلب ، و لعلاقتها بالكمية الاجمالية للثروة . وفي هذه الحالة اذا بيع
منتوج بسعر مساو لتكاليف انتاجه ، نرى ان العرض و الطلب يتعادلان دائمآ لأن تكاليف
الانتاج تفترض ان تعبر عن العلاقة الحقيقية بين لعرض والطلب .
يحاول برودون عادة ان يبرهن ان وقت العمل الذي
يحتاج لخلق منتوج يشير الى علاقة النسبية الحقيقية للحاجات حتى ان الأشياء التي
يكلف انتاجها اقل وقت هي الاكثر نفعآ . ان مجرد انتاج شيء للأبهة يبرهن ــ بالنسبة
لهذذ المبدأ ــ ان المجتمع عنده وقت اضافي وكاف يسمح له ان يشبع حاجة الأبهة و
الفخفخة .
يجد برودون البرهان القوي لنظريته عندما يلاحظ
ان الاشياء الاكثر نفعآ تكلف اقل وةقت لانتاجها و يلاحظ ان المجتمع يبتدىء اولآ
بالصناعات الأكثر سهولة ويتابع في انتاج الأشياء التي تلف عمل أكثر والتي تشبع و
نقابل درجة أعلى من الحاجات .
ان برودون يستعير من دوييه Dunoyer مثل الصناعة المجردة ــ جمع الفواكه و العناية
بالمراعي والصيد البري واصيد البحري الخ .. التي هي أبسط وأقل تكاليف الصناعات
والتي استعملها الانسان ثاني يوم خلق به ، ان اول يوم من ولادته موجود في سفر
التكوين Cenesis اذ يرينا اللة كصانع العالم .
تحدث الأشياء بطريقة مختلفة عن الطريقة التي
يتصورها برودون وفي اللحظة التي تبتدىء فبها المدنية يبتدىء الانتاج و يؤسس على
عملية التناقض في الانظمة وفي الملكيات وفي الطبقات واخيرآ التناقض في العمل المجتمع
وفي العمل الواقعي . واذا لايوجد تناقض لا يوجد تقدم . وهذه هي القاعدة التي
اتبعتها المدنية ليومنا هذا . والى الآن نرى ان القوى الانتاجية تمت بمساعدة هذه
الطريقة ــ صراع الطبقات ــ ولنقل الآن ان كل حاجات العمال اشبعت ــ ان الناس
كانوا يقدرون ان يكرسوا انفسهم لخلق منتوجات من نوع أعلى ــ أي لخلق صناعات أكثر
تعقيدآ ــ يعني ان تتخلى عن فكرة صراع الطبقات وان نقلب الحقائق التأريخية رأسآ
على عقب . وقولنا هذا يشبه الحلة في الامبراطورية الرومانية حيث كان الاسياد يربون
نوعآ من السمك في أحواض وهكذا كان يوجد طعام كاف ليكفي تغذية الشعب الروماني [
وهذا السمك لم يكن ليكفي الا كطعام الاسياد ] . ونرى العكس ، ان الشعب الروماني لم
يكن عنده كفاية ليشتري الخبز بنما كان الرومانيون الأرستقراطيون يملكون العبد
وكانوا يلقون عبدهم هؤلاء طعامآ للسمك في الأحواض .
يرتفع اسعار الطعام باستمرار بينما تسقط اسعار
البضائع المصنوعة والكمالية باستمرار . خذ الصناعة و الزراعة ذاتها : ان الاشياء
التي لايستغنى عنها كالقمح و اللحم الخ ... ترتفع اسعارها بينما القطن والسكر
والقهوة الخ .. تسقط اسعارها في نسبة مدهشة ، حتى بين المأكولات الممتعة مثل أراضي
شوكي الخ .. فهي الآن أرخص من الأكولات ذات الضرورة الأولية . ونجد في عصرنا هذا
ان انتاج الأشياء الثانوية الزائفة اسهل من انتاج الأشياء الضرورية . وأخيرآ وفي
فترات تأريخية مختلفة نجد ان علاقات الأسعار ليست فقط مختلفة لكنها مناقضة لبعضها
البعض . ففي العصور الوسطى كلها كانت المنتوجات الزراعية أرخص نسبيآ من المنتوجات
المصنوعة ، وفي الوقت الحاضر نجد ان النسبة معكوسة ، فهل هذايعني ان المنتوجات
الزراعية نقصت منذ القرون الوسطى ؟
ان منفعة
المنتوجات تتجدد بالأحوال الاجتماعية التي يجد فيها المستهلكون أنفسهم ، وهذه
الأحوال نفسها تقوم صراع الطبقات .
ان القطن
والبطاطا والكحول كلها اشياء ذات المنفعة العامة . لقد سببت البطاطا مرض Serofola واعطى القطن والغزل منفعة
رغم ان الصوف والغزل يكونان في كثير من الأحيان ذات نفع اكبر . و أخيرآ ظهرت
الكحول بشكل البيرة و النبيذ رغم ان الكحول تستعمل كمادة أساسية لكنها معروفة انها
مواد مسمة : وامدة قرن كامل عبثآ جاهدت الحكومات ان تكافح الأفيون الأوروبي .
لماذا تكون البطاطا و الكحول والقطن محور
المجتمع البرجوازي ، لأن هذه الأشياء تحتاج لأقل كمية من العمل لانتاجها وكنتيجة
لها أرخص الأسعار . ولماذا يحدد السعر الأقل للاستهلاك الأعلى ؟ ألانه نتيجة
للمنفعة المطلقة لهذه الأشياء ، لمنفعتها التي تقدمها لحاجات العامل كرجل وليس
للرجل كعامل ؟ كلا لأنه في مجتمع قائم على الفقر نجد ان أفقر المنتوجات تتحمل حظها
السيء المدمر لأن أكبر عدد يستعملها وحتاج لها .
ولنقل الآن
ان الأشياء التي تكلف أقل كلفة هي ذات الاستعمال الأكبر ، يجب أن تكون ذات منفعة
أكبر ، ان قوانا هذا يعني ان استعمال الكحول الكثيرة ــ بسبب تاكاليف انتاجها
القليلة ــ يعني البرهان القاطع على ضعفها : هذا يعني أيضآ اخبار البروليتاريا ان
البطاطا أصح و أحسن لهم من اللحم : انه القبول بالحالة الحاضرة انة برودون الذي
يقدم اعتذاره عن مجتمع لا يفهم هذا .
ففي مجتمع مقبل ــ حيث يبطل صراع الطبقات ــ
حيث لن توجد طبقات ــ لن يتحدد الاستعمال بالوقت الأقل لانتاجه : لكن وقت الانتاج
المعد لادوات مختلفة سيتحدد بدرجة منفعتها الاجتماعية .
ولنعد الى نظرية برودون : -- عندما يبطل وقت
العمل الضروري لانتاج اداة ، ان يكون التعبير عن درجة المنفعة ، نجد ان قيمة
التبادل لهذه الأداة ــ المحددة بوقت العمل المتضمن بها ــ تصبح غير قادرة ان تنظم
العلاقة الحقيقية بين العرض و الطلب .
ليس كل منتوج بسع تكاليف انتاجه هو الذي يشكل
(( العلاقة النسبية )) للعرض و الطلب او لكون النسبة لهذا المنتوج وفقآ لحاصل
مجموع الانتاج . ان التغييرات في العرض والطلب التي تظهر للمنتج أية كمية لسلعة
معطاة يجب ان ينتج حتى يستعيد كتبادل على الأقل تكاليف الانتاج . وبما هذه
التغيرات تحدث باستمرار ، توجد حركة دائمة السحب وتوظيف رأس المال في فروع مختلفة
في الصناعة .
(( ان نتيجة هذه التغييرات تؤدي لجعل رأس المال
ان يستثمر نسبيآ ، فانتاج سلع مختلفة ثم عندما تكون هذه السلع مطلوبة . فعند
ارتفاع السعر او انخفاضه ، ترتفع الفوائد زيادة أو تنخفض تحت مستواها العام ،
وحينئذ يشجع توظيف رأس المال او توظيفه في المسائل التي حصل فيها التغيير )) . ((
وعندما ننظر الى أسواق حديثة كبيرة ونلاحظ كيف انها مجهزة بانتظام بالبيوت و
بالسلع الأجنبية بالكميات المطلوبة ، في كل هذه الظروف بالنسبة لتغيير الطلب
العائد لانحطاط الذوق أو لتغيير في عدد السكان بدون احداث أية تأثيرات من جراء
غزارة العرض أو احداث أسعار عالمية من العرض اذا لم يكن متساوية مع الطلب ، يجب ان
نعترف ان المبدا الذي ينجز في رأس المال بالنسبة لكل تجارة بالكمية المعقولة يتطلب
نشاطآ أكثر من الشيء المفروض )) . ــ ركاردو ، المجلد 1 ، صفحة 105 و 108 .
لو يقبل برودون ان قيمة المنتوجات تتحدد بوقت
العمل ، لاصبح يقبل ان تذبذبات الحركة وحدها في مجتمع مؤسس على التبادلات الفردية
يجعل العمل ان يكون قياسآ للقيمة . لا توجد علاقة نسبية مشكلة وحاضرة لكن توجد
حركة مشكلة .
لقد رأينا بأي شكل يكون صحيحآ ان نتكلم عن ((
النسبة ) كنتيجة للقيمة المحددة بوقت العمل . وسوف نرى الآن كيف ان هذا القياس
بالوقت الذي يدعوه برودون (( قانون النسبة )) ينتقل ويصبح قانون عدم التناسب .
ان كل اختراع جديد يساعد على انتاج شيء ما
بساعة بينما كانت ينتج ف ساعتين يقلل من قيمة كل البضاعة المتشابهة في السوق .
والمنافسة تجبر المنتج ان يبيع انتاجه الذي اخذ ساعتين وقت عمل بسعر المنتوج الذي
أخذ ساعة واحدة ، ان المنافسة تحقق القاعدة التي تجعل القيمة النسبية لمنتوج ما ان
تحدد بوقت العمل الذي يحتاج له لانتاجه . فوقت العمل عندما يخدم كمقياس لقيمة
السوق يصبح بهذه الطريقة القانون المستمر لتحقير العمل سنقول شيئآ أكثر . ان
التحقير لا ينال كل السلع التي يأتي الى السوق فقط بل انه ينال ادوات الانتاج و ينال
كل المصانع . ان ريكاردو أظهر هذه الحقيقة عندما قال (( بزيادة مستمرة لتسهيل
الانتاج ، نحن ننقص باستمرار قيمة بعض السلع قبل انتاجها )) المجلد 1 صفحة 59 .
ونرى سيسموندي يقول أكثر مما قاله ريكاردو : --
(( ان القيمة المتعلقة بوقت العمل هي سبب كل التناقضات في الصناعة الحاضرة وفي
التجارة .. (( وان القيمة التجارية هي دائمآ تحدد في المدى الطويل بكمية العمل
الذي يحتاج له للحصول على الشيء المعطى قيمته : وهذا لا يكون في الواقع ما كلفت
كمية العمل لكنها تعني ما ستكلف في المسقبل لدى تحقيق وسائل كاملة وأحسن : وهذه الكمية
ــ رغم انه من الصعب اعطاء قيمة لها ــ تقوم دومآ على المنافسة ... وعلى هذا
الأساس يقوم طلب البائع وعرض المشتري . فالأول يصرح أن الشيء قد كلفه عمل عمل عشرة
أيام : -- لكن الثاني اذا تحقق ان الشيء لم يكلف الا عمل ثمانية أيام ، فبواسطة
المنافسة التي تعمل بين الفريقين المضادين ، غير ان سعر الشيء ينقص ويثبت سعر
السوق على قيمة عمل ثمانية أيام . وطبعآ فان كل فريق يعتقد ان الشيء نافع وانه
مرغوب به وانه لولا الرغبة لايتم الشراء ، لكن تثبيت السعر لايتعلق بالمنفعة )) ــ
دراسات : المجلد 2 ، صفحة 267 . طبعة بروكسل .
من المهم ان نوضح النقطة التي تقول ان ما يحدد
القيمة ليس الوقت المأخوذ لانتاج شيء و لكن أقل نسبة وقت ممكن لانتاجها ، وتؤكد
المنافسة وجود هذه ــ أقل نسبة ممكن ــ . لنفترض انه لاتوجد منافسة وهكذا لا توجد
بعض وسائل تؤكد وجود أقل نسبة وقت عمل ضروري ممكن لانتاج سلعة ، فماذا يحدث ؟ يكفي
ان نقضي عدة ساعات عمل لانتاج الشيء حتى يكون لنا الحق ـــ بالنسبة لبرودون ــ ان
نبادله بنفس الشيء الذي قضى في انتاجه ساعة واحدة .
وعوضآ أن نحصل على (( علاقة نسبية )) أصبحت
عندنا علاقة غير نسبية ، هذا اذا أردنا ان نقول عن العلاقة انها صالحة أو رديئة .
ان تحقير العمل يمثل جهة من الموضوع أي يمثل نتيجة
لتقييم السلع بوقت العمل . و أن ارتفاع الاسعار المتتابع وفائض الانتاج وكثيرآ من
المظاهر في الصناعة لها شرحها الخاص فيما يتعلق بهذا النوع التقييم .
و لكن هل ان وقت العمل بما انه يستعمل كمقياس
للقيمة يسبب ارتفاع ــ على الأقل المنتوجات النسبية المختلفة ؟ ( وهذا القول يس و
يفرح برودون ) .
على العكس ، ان الاحتكار في حركته يسطر على
المنتوجات في العالم ، وكما ان كل واحد يعلم ان الاحتكار على عالم وسائل الانتاج ،
ففي فرع قليلة من الصناعة ــ مثل صناعة القطن ــ نجد تقدمآ سريعآ . والنتيجة
الطبيعية لهذا التقدم هي ان منتوجات صنع القطن ، مثلآ ، تسقط اسعارها بسرعة : - و
لكن بما ان القطن ينخفض فان سعر الغزل يرتفع كمنتوج مقابل له . و ماذا يكون الناتج
؟ يستعاض عن الغزل بالقطن . وبهذه الطريقة نرى أن الغزل قد عدم استعماله تقريبآ في
كل أمريكا الشمالية . ونحصل ــ عوضآ عن الاختلاف النسبي للمنتوجات ــ عل تثبيت
سلطة الفطن .
وماذا يتبقى لنا من هذه (( العلاقة النسبية ))
؟ لا شيء سوى الرغبة المقدسة عند رجل نبيل يريد ان ينتج السلع بنسب تسمح بيعها بسعر
نبيل . ونجد البرجوازي الطيب في كل العصور بطبيعته ونجد الاقتصادي الانساني الرحيم
، نجدهما مسرورين للتعبير عن هذه الرغبة البريئة .
ولنستمع
مايقوله خبير هو Boisguillebert .
(( ان سعر
السلع يجب أن يكون دئمآ نسبيآ ، والتفاهم الحبي وحده يجعله ان يكون هكذا حتى يعطي
بعضه ابعض في أي وقت ( أي لتبادل ) و ليسبب ولادة الواحدة الأخرى ( أي الواحدة
تسبب وجود الثانية ) ... ولا تكون الثروة عندئذ سوى هذه الهلاقة المستمرة بين
انسان وانسان وبين صناعة و صناعة الخ .. ومن السخافة ان نفتش عن سبب التعاسة
والشقاء اينما كنا اذا لم نوقف هذه المحنة التي ادت الى فوضى في نسبة الاسعار )) ،
كتابه ــ بحث في طبيعة الثروات ــ .
ولنستمع الآن الى اقتصادي معاص :
(( ان القانون
الضروري تطبيقه على الانتاج وهو قانون النسبة الذي يقدر وحده ان يحفظ استمرار
القيمة ... يجب ان تضمن لهذا القانون شيئآ معادلآ له .. لقد حاولت كل الآمم في
فترات مختلفة من تأريخها ان تضع عدة نظم تجارية وعدة تحفظات ( أي حماية ) لكي تؤثر
، بدرجة ما ، على السيء الذي ترضاه الآن لكن الأنانية الطبيعية المخلوقة مع
الانسان ... دفعته ان يحطم كل هذه النظم و القواعد . فالانتاج النسبي هو تحقيق
الحقيقة الكلية لعلم الاقتصاد الاجتماعي )) ــ اتكنسون ، في كتابه ،، مبادىء
الاقتصاد السياسي . ــ .
Fuit Troja ( وتعني طروادة غير موجودة بعد الآن ) . ان هذه
النسبية الحقيقية بين العرض واطلب ــ التي بدأت مرة أوخرى في ان تكون مصدر رغبات
عديدة ـ وقفت عن استمرار وجودها فانتقلت الى طور الشيخوخة واهدوء ، لقد مر وقت
عندما كانت وسائل الانتاج محدودة . و عندما كانت حركة التبادل تأخذ مجراها ضمن
حدود ضيقة . وبولادة الصناعة ذات الانتاج الضخم انتهت هذه النسبة الحقيقية : وأصبح
الانتاج مجبرآ أن يمر في ممرات متتابعة ومتعرجة من الازدهار و الانخفاض والازمات
والهدوء وأخيرآ يعود من جديد الخ ..
ان هؤلاء ــ مثل
سيسموندي ــ الذين يريدون ان تعود النسبة الحقيقية في الانتاج ــ وهم يريدون ان
يحتفظوا بقواعد المجتمع الحديث ــ انهم تقدميون ولكنهم يجب ان يرغبوا ليعيوا كل حالات
الصناعة الأخرى التي كانت قائمة في الأوقات السلبقة .
وما الذي جعل
الانتاج يحتفظ بنسبة أقل أو أكثر ؟ أهو الطلب الذي تحكم بالعرض الذي أتى قبله ؟
يتبع الانتاج آثار اقدام الاستهلاك . أن الصناعة الضخمة ــ هي مجبرة بوسائلها ان
تنتج بكميات اكبر ــ لا تقدر ان تنتظر الطلب . ان الانتاج يسبق الاستهلاك والعرض
يجبر الطلب .
ففي المجتمع الكائن
ــ في الصناعة القائمة على التبادل الفردي ــ نجد ان فوضى الانتاج ، هي أساس
الشقاء و التعاسة كما تشكل أيضآ أساس الازدهار .
وهكذا يتم تبادل
الواحد بالآخر : -
فاما أنك تريد اعادة
النسبة الحقيقية التي سائد في القرون الماضية لكي تطبقها وسائل الانتاج الحاضر ــ
وفي هذه الرغبة انت متقدم طوباوي ، وأما انك تريد التقدم بدن فوضى وفي أية حال ،
حتى تستطيع ان تحفظ القوى الانتاجية ، يجب ان تهجر وتتخلى عن التبادل الفردي .
ان التباد الفردي
يناسب الصناعة الخفيفة ( ذات الانتاج القليل ) التي كانت سائدة في الماضي ، التي
كانت تسي مع رفيقتها (( القيمة النسبية )) أو انك تفضل الصناعة الضخمة ، ( ذات
الانتاج الكثير ) مع كل ما تجلبه من شقاء و فوضى .
وبعدة كل هذا ، نجد ان تحديد القيمة بوقت العمل ــ هذه
القاعدة التي يقدمها لنا برودون كالقاعدة الخلاقة في المستقبل ــ هي اذن عبارة عن
التعبير العلمي للعلاقات الاقتصادية في المجتمع الحديث ، كما قال عنه ريكاردو
وأظهره بمثل برودون ــ و لكن هل تطبيق فكرة ((التعادل أو التساوي )) بالسنة لهذه
القاعدة التي تخص برودون ؟ أكان هو أول من فكر باصلاح المجتمع في ان يحول كل الناس
الى عمال حقيقيين يتبادلون كميات متساوية من العمل ؟ أكان حقه ان يوبخ الشيوعيين
كما يلي :-- هؤلاء الناس الفرغون الذين تنقصهم معرفة الاقتصاد السياسي ، هؤلاء ((
الرجال الحمقى العنيدون )) ، (( هؤلاء الحالمون في الفردوس )) ــ أمن حقه ان يوبخ
هكذا رغم انه لم يحل مسكلة البروليتاريا ؟
ان كل شخص مطلع على سير
فكر الاقتصاد السياسي في انطلترا يعرف ان معظم اشتراكي هذه البلاد عرضوا في أوقات
مختلفة فكرة التعادل والتساوي قال بها ريكاردو . ونستطيع أن نعيد ذكر بعضهم
لبرودون :-- هودجكين Hodgkin في كتابه (( الاقتصاد
السياسي )) سنة 1827 ، و ادموندس Edmonds ، في كتابه (( الاقتصاد
السياسي الواقعي و الاخلاقي )) سنة 1828 . و وليام تومبسون Thompson في كتابه (( بحث في مبادىء توريع الثروة التي
تناسب السعادة البشرية )) سنة 1824 .
وسنفرح نحن ان نسمع
لشيوعي انكليزي براي Bray وسنقدم بعض أقوله المدهشة في كتابه ((
مساوىء العمل والواء لهذه المساوىء )) سنة 1839 . وسوف نتحدث عن هذه المقاطع لأن
براي لايزال معروفآ قليلآ في فرنسا . ولأننا نفكر اننا اكتشفنا به مفتاح الماضي
واحاضر والمستقبل لكتاب برودون :-
[ ان الطريقة
الوحيدة للوصول للحقيقة هي ان نعود حالآ الى المبادىء الاولية ... دعنا ... نعود
الى الاصل الذي انبثقت عنه الحكومات ... ولدى عودتنا الى اصل الشىء ــ غير ان كل
شكل حكومي وكل شر أو خطأ اجتماعي وحكومي يعود لخطأ في النظام الاجتماعي الكائن ــ
يعود لشكل الملكية كما هي كائنة الآن ــ وعندئذ اذا وضعنا حدآ لأخطائنا و لتعاستنا
حلآ وللأبد ، نجد ان التنظيم الحاضر للمجتمع ينقلب رأسآ على عقب ... وهكذا نحاربها
( أي الاخطاء ) على أرضها وبسلاحها ، وسوف نتجنب هؤلاء (( الخياليين الحالمين
اللاشعوريين )) و هؤلاء (( النظريين )) الذين يدعون بحق انهم يسيرو على الطريق
الحقيقي . وقبل ان نحقق هذه الخطوة أي عندما نحطم هذه الأخطاء ، يجب على
الاقتصاديين ان يتنكروا لمبادئهم التي عوها حقيقة مطلقة ] براي صفحة 17 ، 41 .
[ ان العمل وحه هو
الذي يعطى القيمة ... وكل انسان لة حق شرعي أن ينال عملة الذي قام به ، وعندما
يحصل على ثمار عمله ، لايقترف اثمآ أو خطآ ضد أي مخلوق بشري آخر ، لأنه لا يتدخل
بحق غيره ولان غيره يعمل مايشاء عمله .. كل الآراء التي تتكلم عن ــ الرئسي
والثانوي ــ عن السيد والرجل ــ يجب اهمالها بواسطة المبادىء الأولى ، ويجب ايضآ
اهمال نتائج عدم المساواة في الملكيات ، وهذه الآراء يجب ان لا تقوم لها قائمة ولا
المؤسسات المؤسسة عليها لانه لم نحطمها فان عدم المساواة والفروقات ستبقى موجودة .
ان الناس تأملو وهم عميان ان يجدوا علاجآ لحالة الأشياء الحاضرة غير الطبيعية ..
وكان علاجهم ان يحطموا الفروقات ولكنهم يتركون السبب الرئيسي الذي خلق و أوجد
الفروقات ، ولكننا سنرى قريبآ .. ان سوء التدبي الحكومي ليس هو السبب لكنه نتيجة
للسبب الرئيسي ــ وانه ليس الخالق بل المخلوق ــ وان سوء التدبير الحكومي نتيجة
لعدم المساواة أي الفروقات في الملكيات ، والفروقات في الملكيات تتصل اتصالآ وثيقآ
بنظام الاجتماعي الحاضر ] براي صفحة 33 ، 36 ، 37 .
[ ان المساواة تحقق
الحسنات الكبرى والعدالة ... وكل انسان يشكل حلقة متصلة في سلسلة الاسباب ــ
البداية لا تكون الا فكرة والنهاية ، ربما تكون انتاج قطعة ثياب . وهكذا ، رغم
اننا نشعر بمشاعر مختلفة نحو الاخزاب المتعددة ، ولكن هذا لا يعني ان شخصآ يجب ان
يقبض أو يدفع له أكثر من غيره . فالمخترع ينال ــ علاوة على مكافأته المادية التي
يحصل عليها النوابغ ــ استحساننا وموافقتنا . (( ومن طبيعة العمل و التبادل ، نجد
أن العدل لا يتطلب فقط ان على المتبادليين ان يتبادلوا بمحبة و صداقة بل يجب ان
يكونوا متساوين في المنفعة ، للناس طريقتان تجعلهم ان يتبادلوا مع بعضهم : --
العمل ونتاج العمل ... فاذا أوجدنا طريقة عادلة للتبادل فان قيم الأشياء تتحدد
بتكاليف الأنتاج العامة . ونجد أن تتبادل بقيم متساوية . فاذا استهلك صانع قبعات
يومآ لصناعة قبعة واذا استهلك صانع أحذية يومآ لصناعة حذاء ــ واذا افترضنا ان
نودع المادة التي يستعماها الاثنان لها نفس القيمة ــ واذا تبادلا هذين الشيئين مع
بعضهما . فانهما لا يتابادلان فقط محبة و صداقة بل ان منفعتهما كانت مضمونة :-
فالحسنة التي ينالها كل فريق منهما لا تكون سيئة للآخرين لأن كل واحد أعطى نفس
الكمية من العمل ، والمواد التي استعملها كانت قيمة متساوية . ولكن اذا كان على
صانع القبعات أن ينال زوجين من الاحذية مقابل قبعة واحدة ، ــ الوقت وقيمة المواد
لاتزال كما كانت ــ فان التبادل يكون غير عادل . فصانع القبعات غير صانع الأحذية
بقينة يوم عمل واحد ، واذا بقي الاول على خداعه طوال السنة فانه ينال بعمل نصف سنة
نتاج عمل شخص قام به كل السنة . وهنا لانرى الا تطبيق هذه النظرية الظالمة فيفي
التبادل ــ لقد اعطى العمال للرأسمالي عما سنة كاملة ونالوا قيمة نصف سنة فقط . ومن
هذه النتيجة ــ وليس من الافراد ــ وجدت الفروقات في الثروة وفي القوة التي نجدها
اليوم ، انها حالة مؤلمة فيما يتعلق بالفروقات التبادلية ــ الفروقات بين الشراء
بسعر و البيع بسعر آخر هذه الفروقات جعلت الرأسماليين يستمرون رأسماليين ، وجعلت
العمال ان يبقوا عمالآ ــ فالأول ظل يمثل طبقة الجبارة و الأسياد والثاني ظل يمثل
طبقة العبيد ــ وهذا الفرق يبقى للأبد اذا بقيق نفس الأحوال... وهذه المصلحة كلها
ترينا كيف ان النتيجة التي تجعل الفرق على أساس المقدرة في الجسم و الذكاء بين
الرأسماليين و المالكين لايعملون شيئآ الا أن يعطيه العامل عن عمله في هذا الاسبوع
ما كان قد عمله في اسبع مضى ــ وهذا يعني ان الرأسمالي لم يعطه شبآ في هذا الأسبوع
عن عمل قابه .. فالمصلحة كلها اذن بين المنتج و الرأسمالي هي خدمة ملموسة ، انها
مهزلة حقآ ، وهي تمثل سرقة مشروعة ] . براي صفحة ، 45 ، 48 ، 49 ، 50 .
[ ... ان ربح
المستخدم يعني دومآ خسارة المستخدم ــ حتى يصبح التبادل بين الفريقين متساويين ، و
التبادل لا يمكن أبدآ أن يكون متساويآ اذا بقي المجتمع مقسمآ ارأسماليين و منتجين
ــ ان المستخدم يعيش على عماه و المستخدم يبتلع فوائد و أرباح عمل المستخدم .
(( فمن الواضح ))
يتابع براي (( انه ولو أسسنا أي شكل حكومي نريده ... وهنا تتجرد عن الآخلاق و
المحبة ... فاننا لا توجد مساواة اذا أوجدنا تبادلآ لا يبني على المساواة . ان عدم
المساواة في التباد ــ بما انه سبب عدم المساواة في الملكيات ــ هو العدو اللدود
الذي يبتلعنا )) .
(( لقد استنتج أيضآ
من جراء اعتبار نوايا و أهداف المجتمع ان جميع الناس يجب ان يعملوا لكي يصبحوا
أصحاب تبادل ، وان القيم المتساوية يجب أن تبادل دومآ بقيم متساوية ــ واستنتج ــ
بما ان ربح رجل واحد يجب ان لا يكون نتيجة لخسارة رجل آخر ، فالقيمة يجب ان لاتحدد
بتكاليف الانتاج ، لكننا رأينا في النظام الاجتماعي الحاض .. أن ربح الرأسمالي و
ربح الرجل الغني يعني دومآ خسارة الرجل الفقير أي العامل ــ ستبقى هذه النتيجة
موجودة ــ ويترك الرجل الفقير عادة تحت رحمة الرجل الغني ــ في أي نظام أو شكل
حكومي طلما ان عدم المساواة في التبادل . يبقى ولا نستطيع ان نتأكد من تحقيق
المساواة في التباد الا في أنظمة اشتراكية يكون العمل عامآ الجميع .. فاذا كانت
التبادلات متساوية ، نجد ان ثروة الرأسماليين تنتقل تدريجيآ الى الطبقات العاملة
)) ] براي ، صفحة 53 ، 55 .
[ وطالما أن هذه الطريقة أي عدم التساوي في
التبادل تطبق فان المنتجين يكونون تقريبآ فقراء وجهالآ و سيبقون يعملون بكد وتعب
كما يعملون الآن ، وستبقى الحالة هكذا حتى ولو عملت الحكومة على تخفيف الوطأة
عليها وحتى ولو الغيت كل الضرائب ، ولا يفيد شيء الا تغيير كامل للطريقة ــ ان
المساواة في العمل و التباد ــ يقدر أن يغير هذه الحالة ... لاينقص المنتجون الا
الجهاد ... وهذا الجهاد يجب ان يكون من أحل خلاصهم وعندما يقومون بهذا الجهاد فان
سلاسلهم ستتحطم للأبد ... و كنتيجة ، نقول ان المساواة السياسية هي سبب من أسباب
فشلهم ، وكوسيلة تبقى فشلآ لهم .
(( وعندما يطبق مبدأ
المساواة في التبادل نجد ان ربح انسان لا يمكن ان يكون نتيجة لخسارة انسان آخر )) لأن
كل تبادل يكون عندئذ مجرد انتقال وتحويا ، وليس تضحية للعمل و للثروة ، وهكذا ،
رغم أنه في نظام اجتماعي قائم على مساواة في التبادل ، نجد ان رجلآ بخيلآ يمكن أن
يصبح غنيآ ، ولكن ثروته لا تكون الا النتاج المتجمع من عمله الخاص ، في امكانه ان
يبادل ثروته او يتمكن أن يعطيها للآخرين ... لكن رجلآ غنيآ لا يقدر أن يستمر ويبقى
غنيآ لمدة طويلة من الزمن اذا ترك عمله . ففي نظام يقوم على المساواة في التبادل
لا يكون للثروة أية مقدرة خالقة و مكثرة للثروة ، وهكذا عندما يستهلك هذه الثروة
لا تعود له مرة أخرى ، وما ندعوه الآن بالأرباح والفوائد لن يوجد أبدآ بالنسبة
للمساواة في التبادل ، لان المنتج والموزيع يكافآن مثل بعضهما ، وحاصل مجموع
عملهما يحدد قيمة الشيء الذي يضعونه بين أيدي المستهلك ...
ان مبدأ المساواة في
التبادل يجب أن تضمن وتؤكد بطبيعتها العمل الاجتماعي ] . براي ، صفحة 67 ، 88 ، 89 ، 109 ، 110 .
وبعد ان يكون قد دحض
آراء الاقتصاديين التي وجهوها ضد الشيوعية ، يتابع براي قائلآ : -
[ وعندئذ يجب ان توجد
صفات جديدة و ضرورية لتحل محل النظام القديم . واذا لم تجد هذه الصفات فان المجتمع
يعود على أعقابه الى نظامه القديم ، لذلك يجب ان ننهي الانسان لأحسن حلة يرغب بها
. وعلى الأقل اذا لم نفلح بايجاد الطريقة الناجعة فيحب ان نجد طريقة جديدة ــ طريقة
بين الماضي والحاضر ، ومن هذه الطريقة أو النقط ننطق الى الأمام ممتلئين بهذه
الصفات التي تدعم ركائز المجتمع القائم على المساواة ] براي ، صفحة 134 .
[ ((ان الحركة تتطلب فقط التعاون بابسط مظاهره
... فتكاليف الانتاج ستحدد القيمة لكل دقيقة )) ستتبادل القيم المتساوية بقيم
متساوية . فاذا اشبغل عامل طول الاسبوع . واذا اشتغل عامل آخر نصف الاسبوع ، فان
الأول ينال ضعف المكافأة زيادة عن الثاني ، و لكن هذه الزيادة في الدفع لا تكون
على حساب الآخر ، ولا تكون الخسارة التي تقع على عاتق الثاني نتيجة لعمل وربح
الأول . ان كل شخص سيبادل الأجور التي ينالها هو فرديآ ، سيبادلها بسلع من نفس
القيمة كأنها اموره الحقة ، ولا يكون ربح أي رجل أو لا تكون أربح أية تجارة نتيجة
لخسارة تجارة أوخرى . ان عمل كل فرد يحدد وحده أرباحه و خسائره ..
(( اننا نستطيع
بواسطة مجالس ادارة التجارة العامة والمحلية ان نحدد للأمة و لكل شركة فردية في
نظام حاجز كل كميات السلع المتنوعة المطلوبة للأستهلاك ــ نحدد القيمة النسبية لكل
سلعة بالنسبة للسلعة الاخرى ــ ونحدد عدد الايدي العاملة المطلوبة في التجارات
المختصة وفي الاعمال ، ونحدد كل الامور المتعلقة بالانتاج والتوزيع . أن توزيع
الناس في المدن و اقرى ــ بحالة الرديئة ــ لايمكن بحثا أو أن نتدخل به ــ ولكن في
النظام الحاضر يكون كل شخص مطلق الحرية أن يعمل و القسم الأكبر في المجتمع يقسم
الى اقسام صغرى وأصغر ، وكل هذه الأقسام تعمل وتنتج و تتبادل منتوجاتها على أساس
مساواة تامة .. وفي هذا النظام يكون العمل
هو تجمع المجتمع الحاضر حتى يحصل الشيوعية . ويقبل الأفراد الملكية في المنتوجات
لان الملكية عنئذ تكون جماعية وتكون لها مقدرة انتاجية واحدة ــ وسيعتمد كل فرد
على اعتابه وفي نفس الوقت يسمح له ( لأي فرد ) مشاركة عادلة ومساوية في كل عمل تقدمه
الطبيعة و الفن ــ وهكذا يكون الفرد جاهزآ لان يتقبل المجتمع كما هو وان يحضر
الطريق لتغيير افضل )) ] براي ، صفحة 185 ، 160 ، 162 ، 168 ، 194 .
اننا بحاجة الآن ان
نجيب براي بكليمات قليلة اذ لولانا لكان مساعدآ لأخطاء برودون ، ولكن براي يقترح
قياسات يفكر انها صالحة لفترة الانتقال بين المجتمع الكائن و المجتمع الشيوعي .
ان عمل ساعة تخص بطرس
تتبادل بساعة من عمل بولس . هذه هي فرضية براي الأساسية .
دعنا نفترض ان بطرس
عليه اتمام 12 ساعة عمل ، وعلى بولس ان يتم 6 ساعات . فبطرس يقدر ان يعمل تبادلا
مع بولس بست ساعات مقابل ست ساعات . ويكون لبطرس ست ساعات عمل بقيت له ، فماذا
يعمل بعمل هذه الساعات الستة ؟ .
اما انه لا يعمل
شيئآ ــ اي انه يكون قد عمل ست ساعات مقابل لاشيء أو انه يبقى باظلآ عن العمل ست
ساعات حتى ينال قيمة ست ساعات عمل ، ويكون عندئذ قد بادل بولس 12 ساعة بعمل ست
ساعات .
وماذا يكون بطرس قد
ربح في النهاية من بولس ؟ بعض ساعات عمل ؟ كلا ، يكون قد ربح فقط بعض ساعات من
الفراغ ، سيكون مجبرآ يلعب دور العاطل عن العمل لمدة ست ساعات .
لنعود اى مثالنا ،
لو كانت هذه الساعات الفراغ التي ربحها بطرس زيادة عن بولس ربحآ حقيقيآ ! ان بولس
مبتدىء بعمل ست ساعات سيصل بعمله المتواصل والمنظم الى نفس النتيجة التي توصل لها
بطرس في مدة أطول . وكل واحد يتمنى ان يكون بولس . وستوجد منافسة لملء أو
احتلال مركز بولس ، هذه المنافسة هي التعطيل عن العمل . حسنآ ، وماذا يأتي بعد
ذلك ؟ وماذا جلبت لنا نظرية تبادل كميات متساوية من العمل ؟ جلبت لنا انتاجآ فائضآ
، تخفيضآ في القيمة ، زيادة العمل تتبعه البطالة ، بكليمة تكون العلاقات الاقتصادية
كالتي نراها اليوم في مجتمعنا قد حذفت منها المنافسة في العمل .
كلا : نحن مخطئون !
هناك حل يمكن ان يخلص مجتمعآ مؤلفآ من أناس أمثال بطرس و بولس . ان بطرس سيستهلك
بنفسه نتاج ساعات الستة التي تركها . ولكن بما أنه ليس عنده أي شيء أكثر للتبادل
لأنه انتج فلا يكون بحاجة لينتج للتبادل ، ولكن هذه الفرضية القائمة على مجتمع
مؤسس على التباد ستجد خلاصها في الواقع الذي يبرهن لنا أن التبادل سيصل الى نهايته
و يقف : ان بولس وبطرس سيصلان الى حلة روبسون .
وهكذا اذا افترضنا
أن كل اعضاء المجتمع عمال واقعيون ، فان تباد كميات متساوية من ساعات العمل ممكن
بشرط ان تصرف عدد الساعات على انتاج مادي يتفق عله قبل العمل . لكن هذه الاتفاقية
تنفي التبادل الفردي .
ونحن لا نزال نأتي
الى نفس النتيجة اذا أخذنا كنقطة للبدء ليس توريع المنتوجات المخلوقة بل عملية
الانتاج . لا يكون بطرس في الصناعة الضخمة حرآ في ان يثبت لنفسه وقت عمله ، لأن
عمل بطرس لا يعد شيئآ الا بتعاونه مع الف بطرس غيره و مع الف بولس ، وهؤلاء جميعآ
يؤلفون المعمل . وهذا يشرح لنا لماذا قدم أصحاب المعامل الانكليز لائحة العشر
ساعات عمل . لقد عرفوا ان تنقيص ساعتين عمل للنساء و الأولاد يؤدي الى تنقيص عمل
ساعتين للرجال البالغين . فمن طبيعة الصناعة ذات الانتاج الضخم ان يكون عدد
ساعات العمل متساوية للجميع . فماذا يكون اليوم نتيجة رأس المال ــ ومنافسة العمال
مع بعضهم سيكون غدآ اذا أفسحنا العلاقة بين العمل و راس المال ــ اتفاقآ واقعيآ
مبنيآ على العلاقة بين مجموع القوى الانتاجية ومجموع الحاجات الموجودة .
لكن اتفاقية كهذه
تكون حكمآ مبرمآ ضد التبادل الفردي ، وهكذا نعود الى نتيجتنا الاولى .
كمبدأ ، لايوجد
تبادل منتوجات ــ لكنه يوجد التبادل في العمل الذي ساعد على الانتاج . ان طريقة
تباد المنتوجات تعتمد على طريقة تبادل القوى المنتجة . وعلى العموم ، نجد ان شكل
تبادل المنتوجات يقابل شكل الانتاج . وعلى العكس في الثاني أي الانتاج نرى ان
الاول أي تبادل المنتوجات يتغير . وهكذا في تأريخ المجتمع نرى ان طريقة تيادل
المنتوجات تنظم بطريقة انتاجها . ان التبادل الفردي يقابل أيضآ نوعآ محددآ من
الانتاج الذي بدوره يقابل صراع الطبقات . وهكذا لا يوجد تبادل فردي بون صراع
الطبقات
.
ان الضمير ((
المحترم )) يرفض ان يرى هذه الحقيقة الواضحة ، وطالما ان الشخص بورجوازي فلا يقدر
ان يرى في هذه العلاقة بين المتناقضات الا علاقة وانسجامآ للعد الأبدي ، هذه
العلاقة أو الانسجام الذي لا يجعل أحدآ ان يربح على حساب الآخر ، و بالنسبة
للبورجوازيين يوجد التبادل الفردي دون الصراع بين الطبقات وهو يرى ان هذين
العاملين لا علاقة لهما مع بعضهما . ان التبادل الفردي ، كما يراه البورجوازي ،
لايشبه التبادل الفردي كما يحدث ويطبق كواقع
.
ان براي يقلب وهم
البورجوازي المحترم اى مثالية يريد ان يصلها . ففي نظام يقر بتبادل فردي صاف ــ
هذا النظام المتحرر من كل عوامل الصراع الموجود و الكائن به ــ يرى علاقة او
تعادلآ او مساواة ، ويريد ان يتبناها المجتمع ، ان يتبنى هذه العلاقة .
ان براي لايرى ان
العلاقة (( المساوية المتعادلة ))هذه المثالية الصحيحة التي يريد ان يطبقها العالم
، لايرى ، ان هذه العلاقة تشكل الا انعكاس العالم الواقعي ، اذن ، يكون من المستحيل
ان نؤسس المجتمع و نقيمه على أساس ، وليس هذا ألأساس الا ظلآ مزخرفآ . وهذا الظل
ــ نسبيآ ــ يتخذ شكل جوهرة ، ونحن ندرك ان هذا الجوهر هو الحلول الذي حكم به ــ
هو الهيكل الواقعي للمجتمع الكائن ..
بؤس الفلسفة / من صفحة 50 الى صفحة78
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق