ليورانزو
كمبوا إرفن
ترجمة : سامح
سعيد عبود
_________________________
تاريخيا ،هناك
ثلاث أشكال رئيسية من الاشتراكية،الاشتراكية التحررية (اللاسلطوية)،الاشتراكية
السلطوية(الشيوعية الماركسية)،الاشتراكية الديمقراطية (الديمقراطية الاجتماعية
الانتخابية) .اليسار السلطوى يردد صدى التصوير البورجوازى ل اللاسلطوية
كأيديولوجية للفوضى والعبث والجنون .لكن اللاسلطوية وخاصة اللاسلطوية الشيوعية ليس
لديها و ما يجمعها وهذه الصورة
. الزائفة و المصنوعة من قبل أعدائها أيديولوجيا
الماركسيين اللينينين. إنه من الصعب جدا على الماركسيين اللينينين تقديم نقد موضوعى
ضد اللاسلطوية الشيوعية بسبب طبيعتها التى تدك كل المزاعم الأساسية للماركسية
اللينينية ، طالما ظلت الماركسية اللينينية تتمسك بكونها فلسفة الطبقة العاملة وأن
البروليتاريا لا تستطيع أن تدين بتحريرها لأى أحد سوى للحزب الشيوعى ،فأنه يكون من
الصعب الاستناد إليها والقول أن الطبقة العاملة حتى الآن ليست مستعدة لإعفائها من
التسلط عليها، لينين أتى بفكرة الدولة الانتقالية، والتى ستذوى بعيدا بمرور الزمن
، أو لتمضى بعد فترة "ديكتاتورية البروليتاريا" لماركس ، الللاسلطويون كشفوا
هذا الخط الأيديولوجى كثورة مضادة ، وكانحراف لانتزاع السلطة من يد الناس ، وبعد
75 عاما من الممارسة الماركسية اللينينية التى برهنت على صحة وجهة النظر تلك ، حيث
رأينا جميعا ما تسمى بالدول الاشتراكية المؤسسة على مفاهيم الماركسية اللينينية و
قد أنتجت فقط الدولة الستالينية البوليسية ،حيث العمال لا يملكون أى حقوق ، بينما
تملكها الطبقة الحاكمة الجديدة من التكنوقراطيين وساسة الحزب الصاعدين ، ورأينا
كيف استمرت التفاوتات الطبقية بين هؤلاء الذين ميزتهم الدولة النطاق و بين
الجماهير المحرومة بخلقها الحرمان واسع النطاق بينهم ، و من ثم فقد دشنت صراع طبقى
آخر بدلا من أن تلغى كل صراع طبقى كما سبق ووعدت . لكن الماركسيين اللينينيين بدلا من
توجيه انتقادات رئيسية للفكرة اللاسلطوية ، فقد ركزوا هجماتهم ليس على مفهوم
اللاسلطوية بل على الرموز التاريخية للاسلطوية و بشكل خاص على باكونين (المعارض الأساسى
لماركس فى الأممية الأولى). اللاسلطويين هم الثوريين الاجتماعيين الذين يهدفون إلى
اللا دولتية ،اللا طبقية ، الاتحادات التعاونية الطوعية لمجتمعات لا مركزية مؤسسة
على الملكية الاجتماعية ، الحرية الفردية ، والإدارة الذاتية المستقلة للحياة
الاقتصادية والاجتماعية. اللاسلطويون يختلفون عن الماركسيين اللينينيين فى كثير من
القضايا ، و بشكل خاص فى البناء التنظيمى ، و هم يتميزون عن الاشتراكيين السلطويين
فى ثلاث مفاهيم أولية ، هم يرفضون المفاهيم الماركسية اللينينية ، حول الحزب
الطليعى ، المركزية الديمقراطية ، ديكتاتورية البروليتاريا ، و اللاسلطويون لديهم
بدائل لكل هذه المفاهيم ، ولكن المشكلة هى أن معظم المنتمين لليسار (بما فيهم بعض
اللاسلطويون) جاهلين بشكل كامل بالبدائل البنيوية الملموسة لتلك المفاهيم الماركسية وهى
الجماعة الدعائية ، والديمقراطية المباشرة ، و المشتركات (الكوميونات )الجماهيرية. البديل اللاسلطوى
للحزب الطليعى هو الجماعة الدعائية
. الجماعة الدعائية بشكل مجرد تتكون كاتحاد شيوعى
لاسلطوى بين أفراد و جماعات متقاربة فى عملها ورؤاها ،و هى تقام على قواعد تنظيمية
أو ضرورية فحسب ، وهى تعتمد على توافق إرادات و رغبات الأعضاء فى التعاون فيما
بينهم وإلحاح الظروف الاجتماعية التى تفرض عليهم النضال سويا ، و الاتحاد
اللاسلطوى الثورى يقام بواسطة ممثلين عن جماعات دعائية متجانسه ، (أو الجماعة
المتجانسة نفسها عند نموها لحد يسمح لها بالانقسام لجماعات دعائية فرعية ) .وفى كل
الأحوال يتم الإلتزام بمبدأ ضمان الحقوق و الامتيازات والمسئوليات التصويتية
الكاملة لكل عضو . الجماعة الدعائية واتحاداتها تضع كل من السياسات و خطط الأعمال
المستقبلية و تؤدى وظائفها وفق هذا المبدأ ، أنها تربط بين كل من النظرية الشيوعية
اللاسلطوية والممارسة الاجتماعية . عقيدتها هى الانخراط فى الصراعات الطبقية و
الاجتماعية من أجل نفى النظام الرأسمالى والسلطوى ، أنها تنتظم سواء فى التجمعات
البشرية المختلفة أو فى أماكن العمل ، و هى فى النهاية جماعة ديمقراطية تخلو من أى
رموز للسلطة مثل زعماء الحزب و اللجنة المركزية وخلافه. و لأن الثورة لابد وأن تحدث على نطاق
واسع يتجاوز نطاق عمل الجماعات واتحاداتها المحلية فأن العمليات التنسيقية بين هذه
الجماعات واتحاداتها المحلية تصبح ضرورة ملحة ، و تشكيلها لا يمكن أن يكون فى طريق
معاكس لمبادىء اللاسلطوية ، فما يعارضه اللاسلطويون تحديدا هو التراتبية فى
التنظيم ، سلطة القيادة المعرقلة للعمل ، و التى تكبح الدافع الخلاق للكتل
المنخرطة فى العمل وتطبق بقرارتها البيروقراطية على رقابهم ، حيث يكون الأعضاء فى
مثل هذه الجماعات التراتبية مجرد خدم وعبيد لقيادة الحزب ، لكن برغم أن
اللاسلطويون يرفضون مثل هذه القيادة المركزية المتحكمة فى تابعيها ، فهم يقرون أن
هناك بعض الناس يكونون أكثر خبرة أو أفصح أو أكثر مهارة من آخرين ، وهؤلاء الأشخاص
لابد وأنهم سيلعبون أدوار القيادة فى العمل ، هؤلاء الأشخاص ليسوا رموز مقدسة
للسلطة ، ويمكن ببساطة أن ينحوا عن مسئولياتهم حسب إرادة عضوية التنظيم ، كما يوجد
هناك أيضا وعى بأهمية تداول المسئوليات بين الأعضاء بشكل متواتر لإكساب الآخرين
المهارات المختلفة عبر ممارسة المسئوليات ، و بشكل خاص النساء والمنتمين للأقليات
العرقية والثقافية فى المجتمع الذى تنشط فيه الجماعة الدعائية ، والذين لا يحصلون
عادة على هذه الفرص بحكم انتماءاتهم والعادات والتقاليد والأعراف السائدة المحيطة
بهم . خبرة هؤلاء الأشخاص الذين يكونون عادة نشطاء محنكين أو مؤهلين على نحو
أفضل من الغالبية فى لحظة ما تجعلهم يستطيعون المساعدة على تشكيل وقيادة و تطور
الحركة ، و المساعدة على بلورة الإمكانية من أجل التغيير الثورى فى الحركة الشعبية
. ما لا يستطيعوا أن يفعلوه هو تولى السلطة فوق مبادرة هذه الحركات الشعبية نفسها. الأعضاء فى هذه
المجموعات الدعائية ينكرون الأوضاع التراتبية (تمتع أى شخص بسلطة رسمية أكثر من
الآخرين ) وهى الأوضاع المشابه للأحزاب الماركسية اللينينية الطليعية ،كما أن المجموعات
الدعائية اللاسلطوية لن تسمح بإدامة قيادتها من خلال الديكتاتورية بعد الثورة
.فبدلا من ذلك فأن الجماعات الدعائية واتحاداتها سوف تحل نفسها فور انتصار الثورة
، وعضويتها السابقة عندئذ ستكون مهيئة للذوبان فى عمليات اتخاذ القرارات فى تجمعات
المجتمع الجديد .ومن ثم سيكون هؤلاء اللاسلطويون بعد الثورة بلا قيادات بل مجرد
أفراد أكثر وعيا يعملون كمرشدين و كمنظمين لحركة الجماهير فى عملية بناء المجتمع
الجديد . ما لا نريده ولا نحتاجه بالفعل هو مجموعة من السلطويين تقود الطبقة
العاملة ، و تقيم من نفسها قيادة مركزية لصنع القرارات و بدلا من "ذبول"
دول الماركسية الللينينية الموعود فأننا رأيناها جميعا وقد أدامت الأوضاع التسلطية
(البوليس السرى، سادة العمال ، الحزب الشيوعى) للحفاظ على سلطتهم التى انتزعوها .
الفعالية الظاهرة لمثل هذه المنظمات التى تخدع البعض بضرورتها ، تحجب الطريقة التى
يحتذى بها الثوريين أنفسهم المؤسسات الرأسمالية ( الدولة والشركة) التى يكافحونها
، فمنظماتهم المحاكية للنمط البورجوازى القائم على الانقسام بين البشر ، بين من
يأمرون ومن يطيعون الأوامر ، تصبح ممتصة بالقيم البورجوازية والسلطوية برغم خطابها
الشيوعى التحررى، ومعزولة تماما عن الاحتياجات الواقعية ورغبات الناس العادية. مقاومة
الماركسيين اللينينين لقبول التغيير الاجتماعى الثورى الذى يحطم الانقسام بن البشر
بين آمرين ومأمورين ، أيما كان يكمن فى فوق كل ما رأيناه فى مفهوم لينين للحزب .
فرضية ضرورة انتزاع السلطة السياسية ووضعها فى يد الحزب الشيوعى كشرط للتحرر
الاجتماعى .الحزب الذى يخلقه اللينينين اليوم ،مثلما يعتقدون سوف يصبح الحزب
الوحيد للبروليتاريا و الذى يمكن للطبقة العاملة من خلاله أن تنتظم وتحوز السلطة
وأن تحرر نفسها. فى الممارسة أيما كانت ،هذا يعنى الديكتاتورية الشخصية
والحزبية، والتى تعطي الحزب الفائز والقائد الحق والواجب لمحو كل الأحزاب و
الأيديولوجيات الأخرى المهزومة و المقودة . كل من لينين وتروتسكى و ستالين ، قد
قتلوا الملايين من العمال والفلاحين، كما نكلوا بمعارضيهم الأيديولوجيين فى الجناح
اليسارى للثورة ، وحتى بالألاف من أعضاء حزبهم البلشفى. دموية هذا التاريخ الخيانى تفسر كل هذه
العدائية والمنافسة البالغة الحدة بين الأحزاب الماركسية اللينينية و التروتسكية
حتى اليوم ، وتفسر لماذا نرى فى كل دول العمال سواء فى كوبا أو فى الصين أو فى
فيتنام أو فى كوريا تجسم بيروقراطية طغيانية فوق شعوبها. ويفسر أيضا لماذا رأينا
أنه فى معظم البلاد الستالينية بشرق أوربا قد تم إسقاط حكوماتها بواسطة
البورجوازية الصغيرة والناس العاديين فى عقد الثمانينات ، و ربما نشهد خسوف شيوعية
الدولة بشكل كامل ، فهؤلاء لم يصبح لديهم شىء جديد ليقولوه وأنهم لن يمكنهم
استعادة حكوماتهم مرة ثانية.البديل عن المركزية الديمقراطية هى الديمقراطية
المباشرة بينما تصل المجموعات اللاسلطوية لقراراتها عبر مناقشة لاسلطوية بين
أعضاءها ،نجد أن الماركسيين اللينينين ينتظمون خلال ما يسمى بالمركزية الديمقراطية
.المركزية الديمقراطية تقدم كشكل من ديمقراطية الحزب الداخلية ، لكنها فى الحقيقة
محض تراتبية استبدادية ، حيث كل عضو فى الحزب وأخيرا فى المجتمع بعد نجاح الحزب قى
الوصول للسلطة يكون خاضعا للعضو الأعلى حتى نصل للجنة المركزية للحزب كلية القدرة
والجبروت ثم رئيسها صاحب الحق الوحيد فى التفكير وإصدار الأوامر . و هذا إجراء غير
ديمقراطى بشكل كامل وهو يضع القيادة فوق مستوى النقد حتى لو لم تكن فوق مستوى
اللوم .أنها طريقة تفسد و تفلس العمليات الداخلية للمنظمة السياسية ، أنك لا تملك
صوتا فى الحزب ويجب أن تخاف من قول أى تعليقات ناقدة للقيادة أو حول القادة حتى لا
تتناولك الشكوك والاتهامات. القرارات فى المجموعات اللاسلطوية تتخذ من قبل كل الأعضاء
(والذين لا يملك أحد منهم سلطات فوق ما يملكه عضو أخر) الأقلية المخالفة تحترم ، و
مساهمة كل فرد تكون طوعية . كل عضو له الحق فى الموافقة أو عدم الموافقة على أى
سياسة أو فعل ، وأفكار كل عضو تعطى نفس الوزن والاعتبار ،لا قرار يمكن أن يتخذ حتى
يكون لكل عضو فرد أو مجموعة منضمة يمكن أن تتأثر بهذا القرار ،الفرصة ليعبر عن
رأيه فى الموضوع محل القرار .الأعضاء الأفراد والجماعات المنضمة للاتحاد تحتفظ
بحقها فى رفض دعم أنشطة جماعية أو اتحادية معينة .هذه هى الديمقراطية الحقيقية
،القرارات التى تخص الاتحاد ككل يجب أن تتخذ بواسطة أغلبية أعضاءه . فى معظم القضايا
لا يكون هناك احتياج حقيقى لاجتماعات رسمية من أجل اتخاذ القرارت ، ما نحتاج إليه
هو تنسيق أعمال المجموعة أو الاتحاد .بالطبع ،هناك أوقات يجب أن يتخذ فيها قرار عاجل ، وأحيانا
بسرعة جدا.وهذا يكون أمر نادر لكن أحيانا لا يمكن تفاديه ،القرار فى هذه الحالة
يمكن أن يتخذ بواسطة حلقة أصغر من العضوية العامة المكونة من مئات أو آلاف . ولكن فى الأحوال
العادية كل هذا يحتاج لتبادل المعلومات والحقائق بين الأعضاء و الجماعات من أجل
اتخاذ قرار يعيد تناول القرار الأصلى الذى تم اتخاذه فى ظرف الطوارىء. بالطبع خلال
هذا النقاش سوف يبذل جهد لتوضيح أي اختلافات أساسية بين الأعضاء حول القرار المتخذ
، و اكتشاف الطرق البديلة للفعل الذى تم اتخاذ القرار بشأنه. وهناك دائما محاولات للوصول عبر النقاش
لتوافق متبادل على القرارات بين وجهات النظر المتعارضة ،بينما لو كان هناك مأزق أو
عدم وجود إمكانية للوصول للتوافق المتبادل مع القرار ، فيأخذ القرار طريقه للعرض
على التصويت ، وحينئذ يقبل أو يرفض أو يلغى بأغلبية الثلثين . و هذا على العكس
كليا من ممارسة الأحزاب الماركسية اللينينية حيث اللجنة المركزية من جانب واحد تعد
السياسات والقرارات لكل المنظمة على نحو تحكمى وتسلطى اللاسلطويون يرفضون مركزة
السلطة ومفهوم المركزية الديمقراطية .كل المجموعات الدعائية هى اتحادات حرة مشكلة
وفق احتياج عام و ليسوا ثوريين مروضين بالخوف من السلطة ،بينما يتسع نطاق مجموعات
العمل (والذى ممكن أن تتشكل بين العمال أو حركة مكافحة العنصرية ،أو حقوق المرأة
،أو التمويل أو التغذية والإسكان ..الخ) و تصبح منظمات ضخمة يصعب معها ممارسة
الديمقراطية المباشرة ، فأنه يمكنها حينئذ أن تنقسم لمجموعتين أو أكثر تتمتع
بالاستقلال الذاتي بلا مركزية مع استمرارها متحدة فى اتحاد واحد واسع .و هذا
يجعلها قادرة على الاتساع بلا حدود بينما تحتفظ بشكلها اللاسلطوى المتميز بكل من
الإدارة الذاتية و اللامركزية. أنها نوعا ما تشبه النظرية العلمية للخلية الحية فى
الانقسام وإعادة الانقسام لكن بالمعنى السياسى. المجموعات اللاسلطوية لا تنتظم بشكل
ضرورى على نحو محكم ، نظرية التنظيم اللاسلطوية مرنة والبنية التنظيمية يمكن أن لا
توجد عمليا أو توجد على نحو محكم جدا وهذا يعتمد على نمط المنظمة المطلوب فى ظل
الظروف الاجتماعية التى تواجهها الحركة اللاسلطوية ،على سبيل المثال المنظمة يمكن
أن تكون محكمة خلال العمليات العسكرية أو خلال القمع السياسى المشدد.المشتركات
الجماهيرية (الكوميونات) بديل عن ديكتاتورية البروليتاريا اللاسلطويون الشيوعيون يرفضون
المفهوم الماركسى اللينينى عن ديكتاتورية البروليتاريا ،وما يسمى ب"الدولة
العمالية" مفضلين المشتركات الجماهيرية (الكوميونات). بما لا يشبه أعضاء الأحزاب اللينينية
والذين يعيشون يوميا على نحو مشابه بوجه عام لنمط الحياة البورجوازى الحاضر، فأننا
اللالطويون يحاولون العيش وفق أنماط الحياة والبنية التنظيمية التى تحاول أن تعكس
المجتمع التحررى للمستقبل و ذلك من خلال الترتيبات الحياتية التشاركية، الجماعات
المتقاربة... اللاسلطويون بنوا كل أنواع المشتركات الجماهيرية والتجمعات خلال الحرب
الأهلية الأسبانية فى عقد الثلاثينات من القرن الماضى ، لكن تم تحطيمها من
الفاشيين والشيوعيين. ولأن الماركسيين اللينينين لا يبنوا تنظيمات تعاونية ( أنوية
المجتمع الجديد) مفضلين الانغماس فى عالم البورجوازية ، فأنهم لا يستطيعوا رؤية
العالم إلا فى المصطلحات السياسية البورجوازية فقط. هم يريدون الاستحواز على سلطة الدولة
ويحلوا ديكتاتورياتهم فوق الشعب والعمال بدلا من إزالة سلطة الدولة واستبدالها
بالمجتمع التعاونى الحر. أنهم يؤكدون أن الحزب يمثل البروليتاريا و التى لا احتياج لها
لتنظيم نفسها خارج الحزب ،وحتى فى الاتحاد السوفيتى السابق ،فأن عضوية الحزب
الشيوعى لم تشكل إلا خمسة فى المئة من السكان. هذه أسوء أنواع النخبوية و التى جعل
الأحزاب الرأسمالية أكثر ديمقراطية بالمقارنة بها. ما كان يقصده الحزب الشيوعى بتمثيل
سلطة العمال لم يكن واضحا ،إلا أن النتائج كانت 75 عاما من القهر السياسى وعبودية
الدولة بدلا من عهد من الحكم الشيوعى المجيد ، أنهم يجب أن يخضعوا للحساب سياسيا
من جراء جرائمهم ضد الناس،ويجب أن نرفض نظريتهم و ممارستهم السياسية الثورية ،أنهم
جللوا الاشتراكية والشيوعية بالعار، و أجلوا إمكانية تحققهما الفعلى لمدى زمنى
طويل. أننا نرفض ديكتاتورية البروليتاريا ، كونها قهر غير مقيد ، والماركسيين
اللينينين و الستالينين مصممين على تحقيقه ، الملايين قتلهم ستالين باسم مكافحة
الصراع الطبقى الداخلى ، وملايين أكثر قتلتهم الحركات الشيوعية فى الصين و بولندا
و أفغانستان وكمبوديا وبلاد أخرى حيث اتبعت فرضية كل من تروتسكى و ستالين بضرورة
الإرهاب الثورى . نحن نرفض شيوعية الدولة كأسوأ انحراف وطغيان حدث باسم التحرر مما
اضر بقضية التحرر .و نجزم أننا نستطيع أن نصنع ما هو أفضل منها مع المشترك
الجماهيرى (الكوميون) . كوميون الجماهير اللاسلطوى (أحيانا يطلق عليه مجلس العمال بالرغم من
بعض الاختلافات بين المفهومين) يمكن أن يكون قومى أو قارى أو اتحاد متعدد القوميات لتعاونيات
سياسية واقتصادية و تشكيلات تشاركية محلية . اللاسلطويون يتطلعون لعالم ومجتمع
يكون فيه صنع القرار عمل كل شخص والذى ينخرط فيه مع باقى أعضاء التشاركية أو الكوميون
المنضم إليه ، و من ثم فهو ليس عمل قلة تروض الآخرين وفق نزواتها وتحركهم كالتروس
فيما يسمى ديكتاتورية البروليتاريا.
إن أى ديكتاتورية وكل ديكتاتورية هى أمر سيئ حتى ولو تمت
باسم البروليتاريا ، و أنها لا يمكن أن تعيد لنا الأشكال الاجتماعية الحرة بعد أن
سلبتها ، بالرغم مما يخبرنا به اللينينون بأنها تحمينا من الثورة المضادة .فطالما
الماركسيين اللينينين يدعون أن هذه الديكتاتورية ضرورية لكى تضرب أى ثورات مضادة
بورجوازية تقودها الطبقة الرأسمالية أو رجعيو الجناح اليمينى فأنهم أبعد ما يكونوا
عن المشروع التحررى . اللاسلطويون يشعرون أن هذا الإدعاء نفسه جزء من مدرسة التخريف
الماركسى. فجهاز ممركز مثل الدولة يكون هدف أسهل للمعارضين فى معسكر الثورة
المضادة من تنظيم اتحادى مكون من التشاركيات اللامركزية. هذه التشاركيات سوف تبقى
مسلحة ومدربة للدفاع عن الثورة ضد أى جيش يهاجمها عسكريا . مفتاح حركة الناس نحو
الدفاع والحراسة والكفاح ووحدات الاستعدادات العسكرية الأخرى للحفاظ على ما
اكتسبوه بأنفسهم من تشاركيات حرة ، وليس قهرهم بأجهزة الأمن وغسيل العقول . موقف اللينينين
من ضرورة الديكتاتورية لحماية الثورة لم يكن مبرهنا عليه فى الحرب الأهلية ، و
التى تلت الثورة الروسية ؛ فى الحقيقة بدون الدعم من اللاسلطويين وقوى الجناح
اليسارى الأخرى و عبر الشعب الروسى حكومة البلشفيك كانت ستهزم لا محالة . والحقيقة أن
الديكتاتورية انقلبت على داعميها ، وطاردت الحركات اللاسلطوية الأوكرانية والروسية
وحتى المعارضين أيديولوجيا فى الحزب البلشفى حيث واجهوا السجن و القتل و النفى . ملايين من
المواطنيين الروس قد قتلهم لينين و تروتسكى حقا بعد الحرب الأهلية بينما كانوا
يشددون من سلطة الدولة وهو ما سبق حكم ستالين الدموى. الدرس هو أننا لن نخدع لكى نسلم سلطة
الشعب المتجذرة لديكتاتورين يقودونا كأصدقائنا وقادتنا. نحن لا نحتاج الحلول الماركسية
اللينينية فهى خطيرة ومضللة .هناك طريق آخر ، لكن عند كثير من اليساريين و الناس
العادييين الاختيار الوحيد يظهر ليكون بين الفوضى اللاسلطوية أو الأحزاب الشيوعية
الماركسية مهما كانت دوجمائية و ديكتاتورية . هذه هى النتيجة الأولية لعدم الفهم
والدعاية. اللاسلطوية كأيديولوجية تقدم بنيات تنظيمية ملائمة ،بمقدار ما هى بديل
صالح للنظرية الثورية ، و التى لو استخدمت يمكن أن تكون أساس لتنظيم بصلابة
التنظيم الماركسى اللينينى (أو حتى أكثر منها )، هذه المنظمات ستكون مساواتية و
واقعية لمنفعة الناس فقط أكثر من القادة الشيوعيين. اللاسلطوية غير مقيدة بأفكار نظرى فرد،
ومن ثم فهى تسمح بالإبداع فرديا ليتطور فى شى التجمعات بدلا من الدوجمائية المميزة
للماركسيين اللينينيين ،ولكونها ليست عقيدة دينية فهى تشجع التعامل الواسع مع
الإبداع والتجريب والارتقاء بمؤيديها ليجيبوا واقعيا على متطلبات الظروف المعاصرة. هى مفهوم لصنع
أيديولوجيا صالحة لمتطلبات الحياة بدلا من محاولة صنع حياة صالحة لمتطلبات
الأيديولوجيا، ومن ثم فاللاسلطويون يبنون منظمات لتبنى عالم جديد لا لتديم سلطتها
فوق الجماهير . يجب أن نبنى حركة أممية تنسيقية منظمة تهدف إلى تحويل الكوكب
إلى تشاركية ستكون وثبة كبرى فى التطور الإنسانى وخطوة ثورية عملاقة .أنها تغير
العالم الذى نعرفه وتنهى المشاكل الاجتماعية التى طالما اجتاحت الجنس البشرى ،أنها
بدأ عصرا جديدا من الحرية والإنجاز.
دعنا نتفق معه لنحصل على عالم نكسبه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق