الثلاثاء، 5 فبراير 2013

خطر الفاشية أم خطر الثورة الاشتراكية؟


أنور نجم الدين 




لقد ظهرت ما تسمى بالفاشية بين الحركات الاشتراكية القومية، يعود تاريخها إلى الصراع الحاسم بين الطبقات أثناء امتداد الثورة المجالسية البروليتارية من روسيا شباط عام 1917 عبر ألمانيا وهنغاريا والنمسا عام 1918 إلى إيطاليا عام 1920 (ما تسمى الفاشية الإيطالية في عهد موسولوني 1921 - 1923). فهذه التسمية للبرجوازية تأتي بعدما تبدأ حركات الشغيلة في العالم بمعارضة مصالح الطبقة السائدة وديمقراطيتها المتفسخة علنًا. وها هو اليوم يبدأ الحديث من جديد عن الفاشية في أوروبا الديمقراطية؛ بعد زعزعة أكثر الديمقراطيات عريقة في التاريخ، وهي الديمقراطية اليونانية. فبعد التفسخ التام للديمقراطية واشتداد التناقضات بين البروليتاريين والحكام الديمقراطيين في اليونان، وأمريكا، واسبانيا .. وبعدما استولى العاملون في شباط 2012 في اليونان على المستشفيات، وأقاموا لفترة قصيرة إدارتهم الذاتية، فانتهى السلم الاجتماعي ووقفت من جديد طبقتا المجتمع الرأسمالي في المستوى الأممي وجهًا لوجه، الأمر الذي لا يمكن للبرجوازية الديمقراطية قبوله بأي شكل كان، فعندما يتحول النضال ضد الكتل البرلمانية المتعاونة، ضد اليسار مثل اليمين، وعندما تتقدم معارك البروليتاريين في الشوارع، أي عندما تبدأ الطبقة الهدامة بالانتظام الطبقي وبتهديد مصالح الاقتصادية والسياسية للبرجوازيين، وتبدأ بزحف قواها المنظمة صوب عالم جديد، فآنذاك تظهر الديمقراطية وجهها الفاشية، فالبرجوازية الفاشية ليست سوى الردة، أي الثورة المضادة وفرض الديمقراطية هيمنتها من خلال عصاباتها البوليسية. فعصابات الديمقراطيين والاشتراكيين القوميين بمستطاعها إيجاد أرضية للسيطرة على القوى البروليتارية الناهضة بسهولة من خلال خلق النزاعات بينهم ونقلهم لساحات الحروب القومية. فالصراعات المختلقة بين الديمقراطية والإسلام في الوقت الحاضر مثلًا جزء من تكتيك الثورة المضادة، فقبل ظهور قوى البروليتاريا العملاقة في العالم وإعلان ثورتها علنًا، تحاول البرجوازية إيجاد أرضية لتشتيت هذه القوى بصورة مسبقة وتوجيهها من قبل الاشتراكيين المتغلغلين وسط الشغيلة بالذات نحو الصراعات الدينية والقومية. وهذه القوى الاشتراكية المزيفة، ترفع شعار التنمية القومية والدفاع عن الوطن بيدها اليسرى، وشعار النضال ضد الفاشية بيدها اليمنى، أي إصلاح الرأسمالية وقبول سيادتها خوفًا مما تسمى بالفاشية، أما الفاشية فليست سوى البرجوازية الديمقراطية ذاتها، البرجوازية الديمقراطية التي لم تتردد في إشعال مجازر الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وهكذا، فتحاول الاشتراكية القومية خدع الشغيلة بخطر الفاشية، وكأن الرأسمالية والفاشية قوتان متعارضتان، وعلى الاشتراكيين الدفاع عن البرجوازية الديمقراطية ضد البرجوازية الفاشية. أما البرجوازية الديمقراطية تمثل عصر السلم بين الطبقات، بينما البرجوازية الفاشية تمثل عصر الصراع بين الطبقات وراءه أزمة اقتصادية لا حل لها سوى الانفجارات العنيفة في العالم أجمع. فأثناء الزحف نحو صراع حازم وحاسم بين الطبقات في العالم، ترفع الاشتراكية القومية واليسار على العموم، شعار الدفاع عن الديمقراطية ضد الفاشية، فهم بهذا المعنى، قدوة الثورة المضادة. ويحاولون سحق حركة البروليتاريين بشقهم وتحويلهم في النهاية إلى الأعداء في الحروب الأهلية والحروب القومية.
إن الخطر الوحيد في العالم هو خطر الثورة الاشتراكية الأممية، لذلك فتظهر البرجوازية الديمقراطية إزاءها بوصفها أشد القوى رجعيةً للدفاع عن العالم القديم، عالم سيادة الإنسان على الإنسان، فالديمقراطية مثلها مثل الفاشية، تمثل استثمار الإنسان للإنسان، ولا يمكنها أن تمثل مصالح المجتمع كله يومًا من الأيام، فهي تمثل البرجوازية ومصالحها وسيادتها طيلة تاريخ المجتمع الرأسمالي، وليس أمام البروليتاريا حلٌّ، حسب التجارب التاريخية، سوى الانتظام الطبقي ومجابهة البرجوازية بوصفها طبقةً تظهر تارةً ممثلًا للديمقراطية، وتارة أخرى ممثلًا للفاشية، فالفاشية مثل الديمقراطية ناتجة من طبيعة النظام الرسمالي. ولا تستهدف البروليتاريا إصلاح البرجوازية الفاشية، بل إقامة حياة كومونية على أنقاض النظام الرأسمالي وديمقراطيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق